بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟
قبل حوالي السنتين شنت القوى الصهيونية في أوروبا وأمريكا حملة شعواء على الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وحاولت منع دخوله إلى بريطانيا لإلقاء محاضرة في مركز ويمبلي للمؤتمرات، وطالبت جماعات يهودية بريطانية بطرد الشيخ، مؤكدة أن وجوده يهدد العلاقات بين أصحاب الديانات المختلفة في بريطانيا. وقدم مجلس نواب اليهود البريطانيين لائحة اتهامات بحق الشيخ القرضاوي.
وبالأمس القريب شنت وكالة 'مهر' للأنباء الإيرانية هجمة شرسة وظالمة على فضيلة الشيخ، على خلفية تصريحات منسوبة للشيخ القرضاوي نشرتها صحيفة 'المصري اليوم' حول تنامي المد الشيعي في المجتمعات السنية، وقال فيها إن 'خطرهم يكمن في محاولتهم غزو المجتمع السني، وهم يهيئون لذلك بما لديهم من ثروات بالمليارات، وكوادر مدربة على التبشير بالمنهج الشيعي في البلاد السنية، خصوصاً أن المجتمع السني ليست لديه حصانة ثقافية ضد الغزو الشيعي'. وقد تضمن التعليق الإيراني الغاضب دعوة إلى القرضاوي بان يترك 'العصبية الجاهلية ضد الشيعة'!!، معتبراً أن توجه الشباب العربي إلى المنهج الشيعي الثوري 'يأتي ضمن معجزات أهل البيت عليهم السلام التي لا يدركها إلا أولو الأبصار'.
لقد تجاوزت الحملة الإيرانية الأخيرة على فضيلة الشيخ القرضاوي كل حدود الأدب واللياقة والعلمية، متناسية أن الشيخ القرضاوي ورغم تحفظ بعض المراجع السلفية عليه، هو أكبر مرجعية شرعية في العالم الإسلامي السني، وبالتالي فإن الهجوم عليه هو تصعيد عملي ضد علماء أهل السنة، والذين يتبنى معظمهم آراءً أكثر تشدداً حيال الشيعة من القرضاوي نفسه، بينما لا يتورع بعض السلفيين منهم عن إخراجهم من الملة. إن ما ذهبت إليه الوكالة الإيرانية تجاه فضيلة الشيخ ووصفته بأنه 'يتحدث بلغة تتسم بالنفاق والدجل وتنبع من أفكار طائفية'، وقالت إن 'كلامه يصب في مصلحة الصهاينة وحاخامات اليهود الذين يحذرون من المد الشيعي بعد هزيمة الجيش الإسرائيلي عام 2006 أمام حزب الله'. وادعت الوكالة الإيرانية أن القرضاوي أهان الشيعة حين امتدح المعدوم صدام ووصفه بالشهيد!.. وعلى أثر الهجوم الإيراني فقد شنت المنابر الشيعية (المنقولة عبر الفضائيات العراقية) هجوما عنيفا ضد الشيخ القرضاوي ووصفوه بأقذع الأوصاف وطالبوا الجماهير بالتظاهر ضد الشيخ القرضاوي استنكارا لتهجمه على الشيعة!
أنا وغيري ممن قرأ تصريحات الشيخ القرضاوي، والبيان التفصيلي الذي أصدره سماحته لتوضيح الحقائق، لم نجد أن الشيخ يكفر الشيعة كما يدعون، ولم يتهجم على عقائدهم، وإنما انتقد سياسة 'التبشير بالمنهج الشيعي' بين الشباب السني باستغلال المال والحاجة، والمعلوم للقاصي والداني أن إيران تنفق سنويا مليارات الدولارات على ما تسميه 'تصدير الثورة' الذي هو في الحقيقة منهج منظم لنشر التشيّع في الدول المسلمة (من عربية وأفريقية) ودول أخرى آسيوية وأوربية. كما أن 'حوزة قم' تستقبل سنويا الآلاف من الطلاب الشباب المغرر بهم (معظمهم من الفقراء والمحتاجين) من مختلف الأقطار العربية بحجة الدراسة في معاهد قم لنيل الدرجات الدراسية العالية، لكنهم في الحقيقة يعبئونهم بالأفكار الشيعية المتطرفة وكراهية السنة وسب الصحابة، ويحولونهم من منهج السنة إلى المنهج الشيعي، أو يتم تجنيدهم للانضمام إلى حركات متمردة معينة كما يحصل مع الشباب اليمني الذي يتم تجنيدهم للالتحاق بتمرد الحوثيين في صعدة وهو ما ثبت من خلال تحقيقات الأمن اليمني مع الشباب المغرر بهم العائدين من معاهد إيران وأعلن ذلك صراحة وزير الداخلية اليمني.
إن الشيخ القرضاوي انتقد سياسة التبشير الشيعي صراحة وعلنا في حواره المفتوح مع رفسنجاني قبل حوالي العامين من خلال قناة الجزيرة،(رفسنجاني قلل من أهميتها في المناظرة التي نظمتها الجزيرة بينه وبين القرضاوي العام الماضي). وبذلك فهو لم يأت بجديد، أما اتهامهم للشيخ بأنه يمالئ القاعدة فالمعلوم أن الشيخ القرضاوي لم يتردد لحظة واحدة في استنكار جرائم تنظيم القاعدة في كل مكان سواء بالمغرب والجزائر أم في العراق ومصر ام في السعودية، وكان موقفه صريحا في استنكار الأعمال الدموية بحق المدنيين الأبرياء، ووصفها بالعدوان الغاشم على 'مدنيين أبرياء لم يرتكبوا ما يوجب هدر دمائهم'، وقد اعتبرهم 'شهداء عند الله، لأنهم قتلوا ظلما'، وقال إنه لا يسعه السكوت ولا يسع أي عالم مسلم أن يسكت علي ما جرى من جرائم وحشية وتساءل مستنكراً': أي قلوب يملكها هؤلاء ويهون عليها أن تقتل العشرات وتهدم البيوت علي أصحابها الآمنين المسالمين'، و'كيف يستبيح هؤلاء قتل المسلمين المسالمين الآمنين بلا موجب ولا جريرة؟ ويسمون عدوانهم هذا للأسف: (غزوة)! وهل كانت غزوات الرسول حربا على المصلين إلى القبلة والناطقين بالشهادتين؟؟ وقال الشيخ القرضاوي: 'نحن نستنكر أن يتم قتل الناس بالجملة باسم الإسلام، وتحت عنوان الجهاد. والإسلام أحرص ما يكون على حقن الدماء، واحترام حق الحياة لكل إنسان، بل للحيوان '.
إن هذا الموقف الواضح من الشيخ القرضاوي، جاء ليؤكد المواقف المشهودة له في نبذ العنف واستنكار الأعمال الإرهابية التي تلبس لبوس الجهاد والدين منها براء. ووصف القرضاوي منفذي التفجيرات ومن يقفون ورائهم بـ 'الشباب المفتونين' ، وناشدهم 'أن يتوبوا إلى رشدهم، ويراجعوا فهمهم المغلوط، ويخرجوا من سراديبهم، ويجالسوا العلماء ويناقشوهم، ويَدََعوا فكر الخوارج الذي استباح دماء المسلمين'. ودعا القرضاوي 'إلى توحيد قوى الأمة كلها حكاما ومحكومين، مؤيدين ومعارضين، وأن يتحاوروا بالكلمة والحجة لا بالقنبلة المفخخة، وقد حذرهم رسولهم فقال: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)'.
لقد صار الشيخ القرضاوي يعرف خلال السنوات الأخيرة، بالمدرسة الإسلامية الوسطية (أو التيار الوسطي) التي يقف هو علي رأسها. والوسطية مصطلح ذو جذور قرآنية، يدلل علي رؤية الشيخ للإسلام والمسلمين والعالم في زمن شديد القلق والاضطراب. لاشك ان الشيخ القرضاوي هو في النهاية وليد الحاضنة السلفية الإصلاحية. وإن كانت الأجيال الأولي من الإصلاحيين قد نجحت في كسر قبضة الجمود والتقليد وإعلاء قيم الدين العليا، فإن الجيل الذي يمثله المرحوم الشيخ محمد الغزالي والشيخ يوسف القرضاوي قد أوصل هذه القيم إلي الساحات الجامعية وغرف جلوس الأسر العربية المسلمة علي السواء. ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، إغفال الدور الذي لعبته الفضائيات وبالأخص (قناة الجزيرة) في هذا المجال؛ وهو ما يؤكد من جديد قدرة الإسلام على استيعاب قوي الحداثة وامتلاك وسائلها. بيد ان الموقف الذي سيظل يذكر لهذا العالم والفقيه والداعية الكبير هو موقفه الصلب من القضية الفلسطينية، في وقت أصبح هذا الموقف باهظ التكلفة عليه. ولعل هذا الموقف وحده يكفي للتذكير بالشروط التي أهلت العلماء لاحتلال موقعهم في حراسة الدين وقيادة الجماعة المسلمة عبر تاريخ الاجتماع الإسلامي الطويل.
ويمكننا القول إن الشيخ يوسف القرضاوي هو من أكثر العلماء المعاصرين تأثيراً وشعبية، وهو حامل لواء الإصلاح والاعتدال والوسطية والعصرنة، في الإسلام المعاصر، وقد استطاع بجهده الخاص ومثابرته من أن يخرج هذه المدرسة إلى الفضاء الواسع لجمهور المسلمين والعرب.
من يدافع إذن عن الشيخ؟
لقد سبق وان أصدَر خمسة وأربعون من علماء قطر وقضاة محكمة الاستئناف بها وأساتذة الجامعة والوعاظ والخطباء والمفكرين ـ أصدروا بياناً أدانوا فيه الحملة التي يتعرض لها العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ووصفوه صادقين ـ بأنه أصبح 'رمز التوازن والوسطية ورائد الاعتدال'. ورأوا أن وقوفهم مع الشيخ القرضاوي في مكانته العلمية ودعوته، وجهاده في خدمة الإسلام والمسلمين استجابة لما أمر الله به من نصرة الدين وأهله ووجوب الدفاع عن عرض المسلم، ولاسيما إذا كان من العلماء الذين جعلهم الرسول صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء، ووزن الموروث الثقافي الإسلامي مدادهم بدماء الشهداء. واعتقد أن الحملة الشعواء الظالمة التي تشن ضد القرضاوي تستوجب تنظيم حملة شاملة للدفاع عنه يشارك فيها العلماء وطلبة العلم والوعاظ والمفكرين، فالشيخ القرضاوي هو ثروة للأمة في هذا الوقت العصيب، وأملنا أن يتسع نطاق وعدد العلماء المنصفين المعتدلين الذين يؤكدون منهج الوسطية والاعتدال، ويدينون الأعمال الخارجة عن الإسلام. كما نتمنى أن يكون علماء الدين أداة لوأد الفتنة الطائفية وكبح جماحها، بدلا من أن يكونوا أداة لإشعالها، وبالتأكيد فإن مسؤولية العلماء اليوم مسؤولية ضخمة وكبيرة.
كاتب من العراق