بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟
مأرب برس - غمدان الدقيمي
خرجت مع شقيقتها وعمتها لتجلب الماء من إحدى الآبار في القرية لبقية أفراد أسرتها وأثناء العودة للمنزل سارت خلفهن وأوهمت شقيقتها وعمتها أنها ما زالت برفقتهن -حسب أقوالهن- لكنها في الحقيقة تأخرت في الطريق وعادت إلى حيث جلبت الماء ورمت بنفسها إلى داخل البئر لتبدأ الصاعقة التي هزت مضاجع أقربائها وجميع أفراد قريتها والقرى المجاورة..
أوردت صحيفة "السياسية" تحققا حول موضوع الانتحار ..أسبابه، خصوصا وأنه بات يشكل مصدر قلق نتيجة لتزايد عدد الحالات في اليمن.
** طريقة مأساوية
"و.ع" هي التي تحدثنا عنها في مقدمة هذا الموضوع وكان الوقت حين ذاك بين الرابعة والخامسة من صباح الرابع والعشرين من شهر رمضان الماضي، وبدأ بعدها صياح أفراد أسرتها يعلنون أن "و. ع" اختطفت أو ما شابه ذلك بعد أن تأخرت في العودة إلى المنزل، ولم ترافق شقيقتها وعمتها أثناء العودة ولم يكونوا في بداية الأمر على علم بأنها قد فارقت الحياة (وموجودة داخل البئر)، ومن ثم بدأ البحث عنها من قبل أقربائها وجميع أبناء القرية، وبعد أن طفح الكيل بادر أحد الشباب بالنزول إلى داخل البئر بعد أن سمع القصة من آخر شخص كان معها لعله يجدها هناك، وكانت الساعة حينها بين السابعة والثامنة صباحا، وفعلا وجد الشاب الفتاة داخل البئر (غاطسة في الماء) محتشمة بملابسها ولثامها وكأنها -كما وصف لي من تواجدوا أثناء الحدث- توفيت مباشرة بعد أن رمت بنفسها قبل أن تلامس الماء داخل البئر.
بعد ذلك وبمساعدة الموجودين تمكن الشاب من إخراج "و.ع" وسط تجمع هائل لأبناء القرية والقرى المجاورة، وصياح أقاربها ومحبيها ودهشة وبكاء البقية بصوت خافت، ومن ثم أجريت لها إسعافات أولية ونقلت إلى أحد الأطباء علّها تكون في غيبوبة، ولكن للأسف ودّعت "و.ع" الحياة بطريقة مأساوية (انتحرت) وانتقلت إلى رحمة الله.
** أول حادثة انتحار
"و.ع" فتاة لم تتجاوز العشرين عاما أكملت تعليمها الثانوي في العام الدراسي 2007 – 2008، وحصلت على نسبة 73 بالمائة وهي من أبناء قرية المشاوز عزلة الأعبوس بمديرية حيفان محافظة تعز، وهي يتيمة الأم والتي سقطت قبل عدة سنوات داخل بئر عن طريق الخطأ -حسب قول أبناء القرية- أما والد "و.ع" فهو مصاب بخلل دماغي منذ عدة سنوات.
أسباب حالة الانتحار التي نتحدث عنها حاليا لم تتكشف خيوطها حيث أوضح عدد من أبناء القرية لـ"السياسية" أن أسرة الفتاة قالت إنها انتحرت بسبب حصولها على نسبة متدنية في اختبارات الثانوية العامة /73 بالمائة/ إلى جانب تلميحات من أبناء القرية ببعض الأسباب، لكنها غير مؤكدة. وما يؤكده من تلك الأسباب -حد قولهم- الظروف الاقتصادية المتدنية التي تعانيها الأسرة. وأشاروا إلى أن القرية لأول مرة تشهد مثل هذه الحادثة، ويتمنون عدم تكرارها مستقبلا من قبل أي شخص.
** أسباب غير واضحة
في المقابل بدأت ظاهرة الانتحار تنتشر خلال السنوات الأخيرة في قرية "السبد" إحدى القرى المجاورة لقرية المشاوز عزلة الأعبوس، حيث تتحدث المصادر المحلية (أهالي المنطقة) عن وقوع أكثر من ثلاثين حالة انتحار منذ التسعينيات. ويؤكد لنا في هذا الشأن الكاتب الصحفي أنور نعمان راجح -أحد أبناء قرية السبد- أن عدد المنتحرين في هذه القرية تعدى عشرين حالة، وأن القائمة مفتوحة للمزيد من الضحايا.
مشيرا إلى أن المنتحرين يتوزعون على مختلف الشرائح الاجتماعية (أطفالا، نساء، رجالا) من مختلف الأعمار، وأن الأسباب غير واضحة، ولكن في مقدمتها قضية الوعي بشكل عام والوعي الديني تحديدا، وأن الظروف الاقتصادية سبب مؤكد لعدد من الحالات.
وأوضح راجح أن هناك عددا من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها تفاديا للإجراءات الرسمية أثناء التبليغ، وأن التقليد أحد أسباب الانتحار، حيث استسهل البعض هذه العلمية وبالأخص الأطفال، والدليل أنه لا يوجد سبب يفسر انتحار طفل سوى أنه يقلّد الكبار فيما يعملون.
منوها إلى أن أغلب حالات الانتحار في قرية "السبد" تحدث في فترة الليل، وبالأخص قرب الفجر. وتتوزع الحالات بين الانتحار شنقا ثم غرقا ثم حرقا ثم السلاح الناري -وهذا نادر جدا- وأن هناك العديد من المحاولات لم تنجح في الانتحار؛ لكنها الآن مهددة به.
** انتحار 292
وفيما يخص التقارير الرسمية التي تناولت قضية الانتحار فقد كشف تقرير وزارة الداخلية أن 292 يمنيا أقدموا على الانتحار خلال العام الماضي 2007 من أصل 473 حالة شروع في عملية انتحار، مسجلة بزيادة طفيفة عن حالات الانتحار للعام 2006، بحسب تقرير لوزارة الداخلية من بينهم 54 أنثى و26 من الأحداث.
ولفت التقرير -بحسب مواقع إخباريه محلية- أنه بلغ عدد المصابين نتيجة تلك الحوادث 170 شخصاً بينهم 62 شخصاً من الإناث و31 من الأحداث. وبحسب الإحصائية فإن وسائل الانتحار تتعدد، فالكثير من المنتحرين انتحروا بواسطة أسلحة نارية، وآخرون استخدموا وسائل أخرى كالسموم والشنق وغيره.
وكشفت تقارير أخرى -حسب المصادر نفسها- أن حالات الانتحار خلال عامي 1995 و2006 تزيد عن 2612 شخصا، ونؤكد هنا أنه لا يتم الإبلاغ عن جميع حالات الانتحار التي تحدث، وبالذات في المناطق الريفية هروبا من الروتين المتبع لدى بعض الجهات الرسمية والتحقيقات، مما يعني أن العدد غير المسجل رسميا يفوق الرقم الرسمي أضعافا مضاعفة.
** رأي الشرع
أحد أئمة المساجد في مديرية حيفان - محافظة تعز، قال: إن الدين يحرم قتل الإنسان لنفسه مدللا على ذلك بقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وفي أية أخرى قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) صدق الله العظيم.
وأضاف نصيب ردمان سعيد: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا} رواه البخاري.
ويرى ردمان أن قضية الانتحار باتت تؤرق هم الكثير من الأسر والمهتمين، وتنتشر بشكل ملحوظ، خصوصا في الريف حيث تعاني معظم المناطق والقرى من سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وانعدام الخدمات الأساسية (الماء والكهرباء والهاتف والطرقات وغيرها) ولاحتواء القضية أقترح أنه من الضروري تثقيف المجتمع بجوانب الدين والتمسك به وبطاعة الله ومساعدة الأسر الفقيرة حتى لا يكون الفقر دافعا للانتحار إلى جانب مساعدة المواطنين والشباب الفاشلين من أجل الوصول إلى نجاح نسبي يبعدهم عن القيام بالانتحار، وإخراج الإنسان من صفتي الانطواء والانزواء وتوفير ما تحتاجه المناطق النائية من خدمات.
** ظاهرة على مر العصور
من جانبه يقول عالم النفس العربي (الأستاذ الدكتور عبدالجليل التميمي) أستاذ علم النفس في كلية الآداب جامعة صنعاء: الانتحار ظاهرة اجتماعية على مر العصور، وفي جميع المجتمعات، ولا يمكن أن نقرر من الناحية الموضوعية بأنها محصورة في مجتمع واحد، ولكن الوقائع والدراسات العلمية تشير إلى أن هذه الظاهرة المؤسفة تزداد وبأعداد أكبر في المجتمعات المعاصرة، وبخاصة المجتمعات التي تعاني من أزمات اقتصادية تترب عليها أزمات اجتماعية وأسرية.
مشيرا إلى أن نتائج الدراسات العلمية منذ عقود تشير إلى أن ظاهرة الانتحار أكثر انتشارا في المجتمعات الغربية التي تحكمها الأنظمة الرأسمالية التي فيها طبقات ثرية ثراءً فاحشا، وطبقات أخرى معدمة أو مسحوقة.
وأوضح الدكتور التميمي أن اللجوء إلى الانتحار -كما تشير الوقائع والدراسات- يرجع إلى الضغوط الكثيرة التي يتعرض لها المقدم على الانتحار أو المنتحر فعلا, وأن المشكلات الاقتصادية تقع في أول قائمة الأسباب دائما، وهي المتعلقة بتلبية احتياجات الإنسان من مأكل ومشرب وملبس ومأوى و.. الخ، وأن قلة هذه الاحتياجات أو انعدامها تؤدي إلى مشكلات اجتماعية (سوء توافق اجتماعي وسوء توافق أسري) وحالة من حالات الاضطرابات النفسية، كالقلق والمخاوف والوساوس وغيرها، بما في ذلك سوء التوافق الانفعالي والعاطفي والاجتماعي.
** عوامل الانتحار
ويضيف عالم النفس العربي: هناك علاقة جدلية قوية بين سوء الحالة الاقتصادية وسوء الحالة الاجتماعية والأسرية, فالشخص الذي يعاني من الناحية الاقتصادية إلى العدم غالبا ما يشعر باليأس والإحباط وقد يبحث عن منافذ لكي يفرج عن حالته، ولكنه لا يجد هذه المنافذ, البعض منهم يضطر إلى أفعال غير شرعية وغير قانونية كالسرقة والرشوة والابتزاز والاحتيال والنصب والبعض الآخر حتى هذه الوسائل غير قادر على اتباعها فتسد في وجهة كل السبل المشروعة وغير المشروعة فينغمس في حالة الشعور بالإحباط واليأس والشعور العميق بالفشل، وغالبا ما يرافق هذا ضعف الإيمان؛ لأن المؤمن الحقيقي بمبادئ ديننا الإسلامي الحنيف يعرف جيدا بأن قتل النفس جريمة يحاسب عليها الإنسان، وإذا كان الشخص مؤمنا مهما كانت ضايقته الاقتصادية والاجتماعية يظل صبورا ومؤمنا يردد آيات قرآنية كثيرة مؤمنا بمضامينها من قبيل قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}, لكن كثيرا لا يتمثلون مضامين هذه الآيات ولا يتقون ولا يحتسبون فيقدمون على الانتحار شعورا بالفشل والإحباط والهزيمة والانكسار.
** لا يمكن حصر الظاهرة
ولفت الدكتور التميمي إلى أنه -حسب الدراسات العلمية والوقائع- لا يمكن حصر ظاهرة الانتحار على الأشخاص الذين ينتمون إلى الطبقات الاقتصادية والاجتماعية المسحوقة. وأنه ظهر مؤخرا انتحار كثير من المترفين والأثرياء لكنها قليلة وليست بالحجم السابق نفسه.
منوها إلى أن من أسباب انتحار الأثرياء التعرض إلى الضغوط الاجتماعية وكثرة متطلبات الحياة واضطراب الحياة الاجتماعية والأسرية والعاطفية، وأن قسما كبيرا من الأسباب يرجع إلى كثرة التهافت على جمع المال (فالذين يجمعون المال يريدون المزيد وعندما يدخل بصفقات تجارية ويخسر يشعر بالانكسار وقد يقدم على الانتحار).
موضحا أن هناك أشخاصا ينتحرون بسبب الفشل العاطفي على الرغم من ترفهم وثرائهم الاقتصادي، والبعض يقدمون على الانتحار نتيجة معاناتهم لمشكلات نفسية (القلق والكبت الشديد والمخاوف و،..) ومن هؤلاء ينتمون إلى الطبقات الاقتصادية والاجتماعية المسحوقة.
وأكد التميمي أن حالات الانتحار تمثل حالات غير سوية لكنها -حسب قوله- تمثل حالات انهزام أمام الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والأسرية والعاطفية، وأن الأسباب الاقتصادية تقع بداية الأسباب المؤثرة أو الأكثر تأثيرا -كما ذكرها سابقا- ومن بعدها تتدرج الأسباب الأخرى. مدللا على ذلك بحالات انتحار عديدة شهدها العالم مؤخرا (خلال الأسابيع القليلة الماضية) بسبب الأزمة المالية العالمية.
** مؤشر يدفع للبحث
وتؤكد في هذا الجانب الدكتورة عفاف الحيمي (أستاذ مساعد في قسم علم الاجتماع كلية الآداب بجامعة صنعاء) : أنها تفاجأت قبل سنة تقريبا حين جاء أحد الصحفيين يطرح عليها هذه القضية التي لم تكن تتصور أنها تتواجد في مجتمعنا اليمني، باعتباره مجتمعا إسلاميا، ولا يوجد هذا الشيء ضمن حياته الاجتماعية.
موضحة أن هناك ظروفا اجتماعية واقتصادية وأسرية تدفع الإنسان إلى أن يحكم على نفسه بالقتل، منها مثلا: اليأس الشديد سواء كان سياسيا أم اقتصاديا أم اجتماعيا، وبأن المنتحر دائما كاره النفس بدليل أن الإنسان يخاف من وخز الإبرة، فما بالك بالانتحار رغم علمه الشديد أن ديننا الإسلامي حرم قتل النفس.
وزادت الدكتورة الحيمي: "الأرقام التي وردت بخصوص هذا الموضوع معناها تنامي الانتحار، ولا يمكن حاليا أن نطلق عليها مشكلة, لكننا نخاف أن تتحول مستقبلا إلى مشكلة تصيب الشباب نتيجة للواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشوه، والأرقام تعد مؤشرا يدفعنا للبحث عن الأسباب لإيجاد الحلول المناسبة".
** هروبا من الواقع
وأضافت الحيمي: "من وجهة نظري بأن التعليم حاليا لم يعد يلبي احتياجات سوق العمل فعندما يتخرج الشاب من الجامعة لا يستطيع الحصول على فرصة عمل ولا وظيفة التي لم يعد الحصول عليها بطريقة سهلة إلى جانب الشعور بضياع العمر بدون فائدة (لا تأمين للمستقبل) لأن الشاب دائما لديه هدف في الحياة يريد تحقيقه، وبهذا لا يستطيع لعدم توفر فرص العمل إلى جانب أن المجتمع ووسائل التنشئة بمختلف اتجاهاتها لا تغرس مفهوم المسؤولية الاجتماعية في الشباب، أو كيف يبحث عن فرصة عمل بعد تخرجه من الجامعة, ونظرا لأن معظمنا اتكاليون على الأسرة، في الوقت الذي لم تعد فيه كثير من الأسر قادرة على تلبية هذه الاحتياجات، إضافة إلى أن تنشئتنا في معظمها بسيطة ولا زالت تهتم بالغرائز ولا تهتم بالعقل ولم نربِ في الشباب الجانب العقلي والإنساني، وبالتالي هذه الغريزة (قاتلة) إذا لم تشبعها تحبطك وتدفعك إلى عمل غير إنساني (مع أن الشاب أو المنتحر يعرف أن قتل النفس حرام) ... لذا نتيجة لليأس والتنشئة السيئة والخاطئة لا يستطيع الإنسان أو الشاب العيش في ظل هذه المنظومة، ومعظم شبابنا يتجه إلى الانتحار هروبا من الواقع".
** مرض اجتماعي
ونوهت الحيمي إلى أن القهر الاجتماعي أحد الأسباب التي تدفع بالنساء بشكل خاص والرجال والشباب بشكل عام للانتحار، خصوصا وأن الكثير من النساء أميّات ويجدن صعوبة كبيرة في إدارة حياتهن المنزلية والاجتماعية، وتلافي أي موقف أسري أو غيره.
مؤكدة أن الأرقام التي وردت حول هذا الموضوع حسب إحصاءات عام 2007 مخيفة ومرعبة ومقلقة، وأنها تؤثر على أسرة المنتحر والشباب والمجتمع بشكل عام، وأنه إذا تمت دراسة الحالات أو عدد منها سنجد أنها غير طبيعية وتعاني من أوضاع اجتماعية واقتصادية متدنية إلى جانب القهر وبالذات قهر المرأة التي تعيش في وضع سيئ داخل المجتمع اليمني, وتعتقد الحيمي أن معظم المنتحرين غير قادرين على حل مشاكلهم؛ لأن الشخص عندما لا يستطيع حل مشاكله ولا يجد أحد يستمع إليه من المؤكد أنه سيقوم بالقضاء على نفسه بأي طريقة كانت، حد قولها.
وأشارت إلى أن هناك مرضا اجتماعيا داخل المجتمع اليمني يوضحه "الانتحار"، وأنه لا بد من حله ومعالجته، وأن الكل مسؤول أمامه بدءا بالدولة والمجتمع ووسائل التنشئة (المنزل والمدرسة والمسجد والجامعة والإعلام و، .. غيرها).
ودعت الحيمي إلى ضرورة الاهتمام بالشباب (من الجنسين) في التعليم والرعاية الصحية وتربيتهم تربية سليمة وتوفير فرص العمل لهم، وأن الغريزة -حد قولها- يجب أن إشباعها لدى الشباب (لا خلاف عليه)، ولكن لا بد من تهذيبها أيضا، ورفع مستوى التعليم إلى مستوى الإنسانية لكي يستفيد الوطن مستقبلا من هذه الشريحة المهمة.
كما دعت إلى توفير وسائل الترفيه للشباب في مختلف بقاع الأراضي اليمنية التي لا تتوفر حاليا حتى داخل الجامعات لكي يبتعد الشباب عن القات والمعاكسات ويبدأ بإخراج طاقاته الكامنة والمواهب المخزونة، حيث لم تجد طريقها للشهرة لدى الكثير من الشباب وطلاب الجامعات، والتي قالت الحيمي إنها إذا لم تُستغل معناها إهدار المجتمع للشباب وقتله بشكل أو بآخر. ونصحت الشباب بتطوير أنفسهم؛ لأن الله تعالى يقول: {إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم}.
** حلول مقترحة
وفي ردها عن الحلول المقترحة لتلافي "الانتحار" واحتوائها قبل أن تكون مشكلة وظاهرة يستحيل معالجتها، قالت الدكتورة الحيمي: "يجب أن تتنبه الدولة بشكل عام لمعالجة هذا الموضوع، وتتجه إلى الشباب، وتفتتح نوادي وتوفر فرص عمل للخريجين وتضع التخطيط السليم للتعليم لإخراج الشباب إلى سوق العمل مؤهلين، وإيجاد مخارج لإشغال الشباب، وأن تغيِّر الجامعات من سير برامجها، وأن لا تترك الشباب بدون نشاط (ثقافي أو سياسي أو اجتماعي و،.. غيره) ويجب أن نخرج إبداعات الشباب إلى الوجود واستثمارهم بدلا من الفراغ الذي يعيشوه حاليا.
كما لا بد من سوق العمل أن يستوعب الشباب لكي لا يشعر الشاب باليأس، كما لا بد من إشراك المرأة مع الرجل في كل متطلبات الحياة، ويجب أن تتعلم لتخرج من القوقعة التي تعيش فيها، وتدفعها إلى أعمال غير سوية كـ"الانتحار".
** الهدف المطلوب دائما
وفي رده عن سؤال كيف يمكن حل المشكلة، يقول عالم النفس العربي الدكتور التميمي: الحل ليس بالأمر اليسير "نظريا نستطيع أن نضع الحلول" ولكن عمليا تحتاج المسألة إلى صبر وتعاون المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والأنظمة السياسية، والمعروف أن النظام السياسي في أي بلد هو الذي يضع دائما القواعد الصحيحة (اقتصاديا واجتماعيا) لتحديد فرص العمل وتوزيعها وتوفير الضمانات الاجتماعية والاقتصادية للفقراء واليتامى والأرامل والعجَزة والمقعدِين، وكافة الشرائح الاجتماعية والاقتصادية، وهذه كلها تؤسس لحلول جذرية.
وزاد: "صحيح أن ما يسمى بالتكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء والضعفاء عن طريق التبرعات تسهم إلى حد ما بالحد من التعقيدات والمضاعفات التي تفضي إلى مثل هذه الظواهر السلبية، بما فيها الانتحار، لكنها لا تعالج جذريا. ودائما الأنظمة التي تعالج الظواهر الاجتماعية والاقتصادية معالجة جذرية تقوم على فلسفة واضحة وتتجسد بجملة من الإجراءات الفعلية في كافة النواحي، وهذه كفيلة بحل كل المظاهر السلبية التي قد تحدث في أي مجتمع أو الحد منها إلى أدنى حد ممكن، وهذا هو الهدف المطلوب دائما".
* السياسية