آخر الاخبار

الإعلام الأمريكي يكشف عن أوجه الاختلاف بين إستراتيجيتي بايدن وترامب الموجهة ضد الحوثيين؟ الإفتراض الخاطئ الحوثيون يجددون تحديهم للإدارة الأمريكية وترسانتها العسكرية في المنطقة.. عاجل أول أديب يمني تترجم قصصه للغة الكردية وتشارك في معرض أربيل للكتاب وكيل قطاع الحج والعمرة ينهي الترتيبات النهائية بخصوص موسم الحج لهذا العام مع نائب وزير الحج السعودي وزارة الأوقاف اليمنية تعلن صدور أول تأشيرة حج لموسم 1446هـ منصة إكس الأمريكية تتخذ قرارا بإيقاف حساب ناطق مليشيا الحوثي يحيى سريع قرابة ألف طيار ومتقاعد إسرائيلي يقودون تمردا بصفوف جيش الاحتلال.. رسالة تثير رعب نتنياهو   سفير جديد لليمن لدى أمريكا بلا قرار جمهوري مُعلَن موانئ عدن تعلن جاهزيتها الكاملة لاستقبال السفن تزامناً مع القرار الأمريكي بحظر دخول النفط إلى الحديدة اللجنة الأمنية بحضرموت تتوعد كل من يتعاطى مع التشكيلات العسكرية خارج إطار الدولةوتحذر المساس بأمن المحافظة

الشرعية الثورية
بقلم/ د: عبد الملك منصور
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و يوم واحد
الثلاثاء 10 مايو 2011 06:30 م

حين يحصل إحتقان في مجتمع ما فإن جسم المجتمع كله يغلي، يفور، يتفاعل، حتى إذا ازداد الإحتقان رفع الناس المطالب يرجون بحلها زوال تلك المظاهر المؤلمة، فإذا اتسعت دائرة التضرر والشكوى من الفساد المصاحب له البطالة وتعالت وتائر الإحباط من عدم أداء أجهزة الحكومة لواجباتها فإن النفوس في هذه الحالة تختزن رصيداً هائلاً من الحنق والغضب، وتتجه إلى البحث عن حلول.

يبحثون مع الحكومة مشاكل الناس، يتجهون إلى رئيس الدولة يشكون إليه نفسه وولده والذين من حوله يضيقون بأكل المال العام وتشير أصابعهم إلى الأثرياء الجدد الذين أصبحوا أغنياء من غير إرث ورثوه أو عصامية أكسبتهم ثراء ً هائلاً.

حين يقابل الناس بأن شكواهم لم تُسمع، والفاسد لم يُردع ولم يعد للناس في صلاح الأوضاع مطمع.

هنا يغادرون منطقة الشكوى إلى الجهر بها، يخرجون إلى الشوارع، يرفعون لافتات يكتبون فيها مطالبهم ( لا للفساد، لا للسرقة ، لا للتوريث، لا للتمديد، لا للتأبيد) ثم يتجهون بعد ذلك إلى القعود في أماكن محددة اعتصاماً بكلمة الحق يرجون من الله أن يحقق مطالبهم، فهي مطالب عادلة، يرتفع سقفها كلما تَعّنت الحاكم في عدم الإستجابة.

هكذا بدأت أزمة، لكنها تطورت إلى مظاهرات واعتصامات وإذا كان هذا التحرك في محافظة واحدة، فذلك غضبٌُ شعبي، أما إذا عَمَّ كل محافظات الجمهورية وأصبحت ميادين التحرير وساحات التغيير في كل المحافظات مُجْمِعَةً على هدف واحد وممسكة بشعارات مهما اختلف صيغها فهي تذهب إلى هدف واحد، وتصبُ في مصبٍ واحد (إرحل) والسؤال هنا، هذا المدّ الشعبي الهائل الملاييني أزمة أم ثورة؟

وبمراجعة المراجع العلمية نجدها تصف الثورة بما يمكن تلخيصه بـ مَدٌ واسع ويزداد توسعاً بمرور الزمن له هدف محدد ورؤية واضحة في السعي إلى التغيير الجذري مرفود بقطاعات كبيرة من الشعب وكلما ازداد انضمام قطاعات جديدة إلى التحرك تأكد وصفها بالثورة فإذا كانت تمثل الأغلبية فهي ثورة حقيقية .

وجاء في المعجم الوسيط : (الثورة تغيير أساسي في الأوضاع السياسية والإجتماعية يقوم به الشعب في دولة ما).

إنها ثورة بكل معايير السياسة والإجتماع، إجماع جماهيري على هدف ورؤية وإلتفافٌ، خلف قيادة الشباب التي لا ينتاب أحداً من الناس في إخلاصها إرتياب.

إنها ثورة فجرت في الداخل ولم تأت مستوردة، ولا متأثرة بغيرها، ولا مقلدة لغيرها، ثورة يمنية محلية على أوضاع فاسدة محلية.

إذا اتسعت دائرة الثورة مثل حال الثورة الشبابية اليمنية الآن، فإن الحديث عن الدستور، وحل الأزمة من خلال الدستور، أو مواجهة مطالب الثوار بالدستور يغدو عبثاً ومضيعة للوقت لسببين:

السبب الأول أن الثورة بقيامها وإكتمال القيام تكتسب شرعية، تنسخ الشرعية الدستورية وتلغيها إلغاءً تاماً، لذلك فعلى كل الثوار أن يتحدثوا فقط عن الشرعية الثورية، وبعد نجاح الثورة عليهم أن يكتبوا دستوراً جديداً.

السبب الثاني أن الرئيس خلال فترة حكمه الماضية الطويلة إتخذ من الدستور قميصاً يضيقه مرة ويوسعه أخرى بحسب مصالحه.

وإذا كان كذلك ولم يبق الدستور في مثابة الإحترام التي ينبغي أن يكون فيها دوماً، وإذا أصبح الدستور لعبة الحاكم فإنه لا يصح ولا يحق للحاكم أن يحتج به أو أن يستند إليه.

والأمر الأهم هو أن الشعوب حين تتحرر من غاصبٍ (محلي) أو من مُسْتَعمِر (أجنبي) فإنها تتجه إلى تأكيد الشرعية، وتحديد الهوية، وتحديد المرجعية، وهي قضايا يتناولها دستور كل أمة، ويضيق المستبدون، الغاصبون بالدستور فيعدلون في الهوية، ويعبثون بالمرجعية، وبأعمالهم يفقدون الشرعية .

لقد بدّل المستبد جوهر الشرعية إلى أن جعل من نفسه، وأهوائه وأمزجته شرعية تعلو كل شرعية.

وإذا كانت الدولة جمهورية، فقد حولها إلى وراثية، وإذا كانت العملية السياسية تقوم على التداول السلمي للسلطة، فقد ألغى هذا التداول ليحل محله الإمساك الغاصب بالسلطة.

أما الشرعية فقط حولها من الشرعية الدستورية المحددة لبداية خدمة الرئيس ونهايتها إلى شرعية تقوم على فرض الأمر الواقع، ومن رفضه أو ناقش فيه قال عنه أنه خارج عن الشرعية الدستورية، وهو دستور لو أعطي له النطق اليوم لسالت دموعه ، وعلا نحيبه من كثرة ما خُرقَ، وأخترق، وعُدل من قبل الرئيس، لقد أصبح مرقعاًً، مهلهلاً، يرثى له الناظر.

أيها الشباب، أيها الثائرون، ما أنتم فيه ثورة لا تعالج بمنطق الدستور وإنما تعالج بمنطق الفعل الثوري ، الرشيد، السلميّ.

ما أنتم فيه أيها الشباب، ثورة يمنية، أصيلة، لا تعالج بمبادرات الخارج مهما قيل عن أصحابها من كلام جميل، فكل مبادرة إنما تحمل صفات مصدرها، وبالتالي تحقق مصالحه، أنتم وحدكم من مصلحتكم سلامة اليمن، واستقراره، فــ (لا) ارفعوها عريضةً في وجه كل من يحاول القول أنه أدرى بمصلحة بلدكم منكم، إلى الإمام حتى تنتصر الثورة.