الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار مؤسسة وطن توزع الملابس الشتوية لمرابطي الجيش والأمن في مأرب هكذا تغلغلت إيران في سوريا ثقافيا واجتماعيا.. تركة تنتظر التصفية إيران تترنح بعد خسارة سوريا ... قراءة نيويورك تايمز للمشهد السياسي والعسكري لطهران إحباط تهريب شحنة أسلحة هائلة وقوات دفاع شبوة تتكتم عن الجهة المصدرة و المستفيدة من تلك الشحنة الحوثيون يجبرون رجال القبائل جنوب اليمن على توقيع وثيقه ترغمهم على قتال أقاربهم والبراءة منهم وتُشرعن لتصفية معارضي المسيرة القوات المسلحة تعلن جاهزيتها لخوض معركة التحرير من مليشيا الحوثي
لا أحد يصدق أن أحد أهم وأشهر برنامج تحقيقي استقصائي يبثه التلفزيون السويدي، قد لا تصل أهدافه المخطط لها أهداف أبسط برنامج في فضائية تنتمي لدولة من دول العالم الثالث.
فصاحب البرنامج المحقق الصحفي نلز هانسون جعل نصب عينيه أربعة أهداف بسيطة، فهو يطمح ان يشاهد برنامجه المسمى( أبدراغ غرانسننغ) 10% من سكان السويد البالغ عددهم تسعة مليون، وأن يخرج بأربعة أخبار عاجلة كل عام، وأن يحصل برنامجه على جائزتين قوميتين في إطار دولته وجائزة عالمية على الأقل.
ولأننا غير معتادين في إطار أعمالنا على وضع أهداف واقعية وبسيطة مثل تلك، فإنني سألت هانسون في دورة تدريبية كان هو أحد محاضريها عن كيفية تشكيل فريق صحفي يمكنه من انجاز تحقيقات استقصائية ناجحة؟
اختصر هانسون إجابته بالقول " فريق أكثر مرحا وأقل إدارة وأقل مخاطرة وأكثر استمرارية ينتج أفضل" .
عدت لأسأله عن أهم الأمراض التي تصيب الصحفي الاستقصائي، فقال " يبالغ ثم يضيع ثم يصبح مشلولا ثم يتهرب وبعدها يريد الانسحاب".
وعن أهم الأعراض التي تظهر قبل أن يصاب بتلك الأمراض، قال " أبحاثه بلا نهاية، وأفكاره هشة، وقد يفقد الأفكار".
زميله الدكتور مارك هانتر أستاذ الصحافة الاستقصائية في جامعة باريس والمدرسة التجارية الدولية وهو يفرق بين عمل الصحفي اليومي وعمله الاستقصائي قال لي " في العمل اليومي نعكس واقع المجتمع، وفي العمل الاستقصائي نهدف لتغيير واقع المجتمع".
أشعر هنا رغم قلة خبرتي أن ما قاله خبيرا الصحافة الاستقصائية السويدي هانسون و الألماني هانتر قريب جدا من واقعنا، في حين لا مقارنة بالنتيجة لأن انجازاتنا تظل بعيدة عن انجازاتهم، ليس في الميدان فحسب، إنما بواقع تفاعل المحيط أيضا، فمحيطنا لا يهتم بالمعلومة أكثر من الاثارة.
أما عن تغيير المجتمع كما قال هانتر لم يحصل وأظنه لن يحصل في المستقبل القريب، فالتحقيقات الصحفية وبرغم العمل الجماعي فيها إلا أنها ليست محل اهتمام المجتمع اليمني ومسئوليه، وقد يكون تأثير تحقيقات استمر انتاجها عاما كاملا أقل من تأثير مقال رأي عاطفي أو مقال سياسي معارض، في حين أن حكومات وقيادات أحزاب تسقط في الغرب بفعل تحقيق صحفي قد لا يكشف جزء بسيطا مما يكشفه أي تحقيق في دولة نامية مثل اليمن، فهنا البيئة خصبة بالفساد والبحث عن القضايا سهل والفجوات التي تتركها الحكومات والأحزاب كبيرة، لكن ضغط الصحافة هنا لم يصل لمستوى نظيرتها هناك.
أما مصطلح " فريق استقصائي" فهو لا ينطبق على إدارة التحقيقات الصحفية في أي وسيلة إعلامية يمنية، إذا أن الصحفي اليمني يبحث عن المواضيع الصحفية ( الأقل جهدا والأكثر عائدا)، فهو لا يمانع أن يكون تاجرا ومقاولا إلى جانب مهنة الصحافة ، ونجده يعمل في إطار أكثر من وسيلة حتى يضمن عيشة كريمة، بل ليس هناك صحفي يعمل في الإعلانات التجارية كما هو عليه الصحفي اليمني، فمعرفتنا أن مواثيق الشرف الصحفية في كثير من دول العالم تحرم على الصحفي حتى أخذ الهدايا ناهيكم عن سعيه لجلب المال على حساب عمله، لأن ذلك يؤثر على مهنيته ويهز مصداقيته.
في إدارة التحقيقات بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ )نعاني مما تعاني منه كل المؤسسات الإعلامية اليمنية في عدم وجود صحفيين متفرغين إلى جانب معاناة أخرى تتمثل في النظرة الخاطئة للصحفيين أنفسهم إلى الوظيفة العامة والتي تؤدي دائما للاستهتار وعدم المبالاة، ويقابل مثل ذلك في كثير من الدوائر الرسمية بغياب مبدأ الثواب والعقاب.
صحيح أن البعض لا يثق في إجراءات جادة تؤدي إلى مزيد من الانجاز، باعتبار أن هناك من يعبث بتلك القرارات ويستغلها لإحداث تمييز سياسي واجتماعي، لكن الكثيرين يبررون أخطائهم بأسهل الطرق حين يحاولون وضع أنفسهم في إطار معين ويدعون التمييز، والخطأ هنا مشترك فبقدر حاجتنا لتغيير الثقافة، يجب على الجهات الرسمية والقضائية أن تعيد الثقة بقراراتها من خلال المصداقية والنزاهة.
في المقابل يظلم الصحفي أكثر من مرة، فهو ان ذهب لصحيفة مستقلة أو حزبية او رسمية لا ينظر إليه سوى عبد مأمور ، يعمل ما يملي عليه ويتجنب إغاظة رئيس التحرير أو الجهة التابعة له، بل وصل التهاون به إلى أن هناك مسئولين حزبيين وآخرين حكوميين لا ينظرون إلى الصحف سواء رسمية أو معارضة سوى أنها بوق ما عليها إلا التطبيل لهم ويحرم على الصحفي العامل فيها إظهار حقيقة تعارض توجهاتهم، وغير مسموح له سوى السب والشتم لمن يخالفهم، كما أنهم يوقفون تمويلها بدء من الشراء مرورا بالدعم الطوعي المباشر وانتهاء بالريبورتاجات والاعلانات التي يدفعونها من مؤسساتهم لمعاقبة الصحف التي لا تخدم أغراضهم الشخصية .
نحن في تحقيقات (سبأ) حاولنا كثيرا أن نمسك الخيط من الوسط ، ولم نصل إلى المستوى المطلوب لتشكيل ( فريق استقصائي) بالمعنى الذي قاله الخبير السويدي لكن هناك استمرارية ولدت انجازا تراكميا ولو بشكل أولي، ونحاول دائما أن يكون الروتين الإداري بسيط جدا، إذ موظفي الادارة غير ملتزمين بحضور يومي، وحتى الاجتماع الأسبوعي تناقش قضاياه في جو مفتوح بعيدا عن المكاتب في محاولة منا لنصل إلى ما قاله هانسون عن جلب المرح بين أعضاء الفريق ، لكن أيضا اقتضت ذلك ضرورة غياب الدعم الفني اللازم لهذه الادارة.
وعندنا الصحفي لا يلزم بالذهاب لأماكن خطرة، وله حق رفض أي عمل طلب منه، خاصة إذا كانت المبررات تتعلق بضرر شخصي أو حتى مادي، وله حق طرح أفكار أخرى يمكنه العمل من خلالها.
برغم هذه المحاولات لتطبيق جزء من سمات الفريق الاستقصائي إلا أننا لا زلنا نعاني من قلة الكادر العامل وليس الكادر المحسوب على الإدارة، إذا لا يعمل في الإدارة فعليا 30% من المحسوبين على الإدارة والبالغ عددهم 12 صحفيا، ولا يمكننا أن نقارن ذلك ببرنامج هانسون الذي يعمل معه 30 شخصا متفرغا في دوام لا يقل عن 8 ساعات يوميا.
وحتى يعالج هذا الأمر فلا بد من فرصة لتدريب وتأهيل زملاء جدد لتغطية الفجوة الموجودة في هذه الإدارة الهامة التي تأتي على سلم أولويات المؤسسات الإعلامية في الدول الأخرى، كونها الإدارة التي تنتج المعلومات الصحفية بأسلوب البحث والتقصي وتصل إلى نتائج غير معروفة سلفا ، وهي التي يمكنها تزويد إدارات الأخبار بالتقارير والأخبار العاجلة.
وحتى نكون منصفين فإن واقعنا مختلف تماما، فإدارة التحقيقات في آخر سلم اهتمامات جميع وسائل الاعلام، وفي وكالة (سبأ) لولا الاهتمام الذي أبداه رئيسها مؤخرا بهذه الادارة لما تم انتاج شيء من التحقيقات التي سنستعرضها في اطار تقييم الأداء لعام مضى، وفي اطار معالجة الخلل للفترة لقادمة.
وبرغم أن العمل الصحفي الاستقصائي ليس من عوامل النجاح فيه والفشل أن نعرف الكم في الانتاج وإنما الكيف فقط ، ولأننا وسط زملاء في وكالة تنتج يوميا عشرات المواد الاخبارية ، فإن إنتاجنا سيضيع حتما وسط ذلك الكم الهائل.
ونحاول هنا استعراض الانتاج من التحقيقات الاستقصائية أو بعض المواد الصحفية القريبة من هذا النوع والملفتة لقضايا متنوعة.. إن ما تم إنتاجه من قبل فريق إدارة التحقيقات في وكالة (سبأ) خلال عام أي بين شهري أغسطس 2008م ويوليو 2009م، ما يقارب 40 مادة صحفية بين تقرير يسلط الضوء على مشكلة وتحقيق استقصائي يكشف جديدا وملف صحفي يحتوي على تقارير متعددة حول قضية هامة.
وكون صحيفة السياسية هي الجهة التي تنتج الإدارة لصالحها فإن ما تم نشره أكثر من 30 مادة صحفية، حققنا في أربع منها سبقا صحفيا تم تداوله في وسائل الإعلام المحلية والخارجية، وتلقى إميل الإدارة رسالتين تفاعليتين من منظمة خارجية وردود من ثلاث جهات محلية تناولتها تحقيقاتنا بشكل منفصل، وطلبت صحيفتين اذنا بترجمة تحقيقين منفصلين إلى اللغة الانجليزية ، كما أن أحد التحقيقات دفع بجهات لتشكيل فريق لدراسة المشكلة ، وعاد الفريق دون التمكن من لقاء الضحايا الذين سلط التحقيق عليهم الضوء نزولا عند رغبة نافذين.
وهنا فإن ميزانية الادارة التي دفعت كتكاليف إنتاج فعلية تصل إلى ما يقارب مليون ومائتي ألف ريال خلال العام، أي حوالي ستة ألف دولار ، وهذا يعني أن القيمة المالية لما أنتجته هذه الادارة خلال عام لا يساوي قيمة تحقيق صحفي واحد في أي صحيفة أجنبية، كما أنه لا يساوي تكلفة حلقة واحدة لبرنامج هانسون الذي تصل تكلفته 10 ألف دولار ، ومعروف أن المال عامل حاسم في الحصول على المعلومة ونجاح التحقيق الاستقصائي.