آن الأوان لنعيد التفكير في الطريقة التي تتم بها الأعراس
بقلم/ خالد كريم
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 18 يوماً
السبت 30 أكتوبر-تشرين الأول 2010 05:46 م

اسمحوا لي بأن أكون صريحاً وأن أعرض مشاعري وأصدح برأيي بصدق، أعراس الزفاف والتقاليد التي تجري خلالها في معظم محافظاتنا ، مملة ، نمطية ، مضيعة للوقت ومهدرة للمال .

وأكبر السلبيات فيها بنظري شيئين : الأول : إهدار الوقت على المدعوين عن طريق دعوتهم لحضور أكثر من حدث وتقليد مثل تناول الغداء والمقيل والزفة أو السمر أو السمرة و.... والتي تختلف بحسب المنطقة والمحافظة والثقافة التقليدية السائدة ، تلك التقاليد التي تلزمك في أحيان كثيرة أن تتخلى عن خططك في قضاء الإجازة الأسبوعية على النحو الذي تريد.

والأمر الثاني من تلك الأمور السلبية ما يتم خلال تلك المناسبات من تسويق وتأصيل العادات السلبية مثل التفاخر والمظاهر الكاذبة وتعميم استخدام القات ( تشاهد دوماً انضمام أعضاءً جدد لقائمة متناولي ومتعاطي القات بدعوى حضور الأعراس )،واستخدام السلاح ، ورفع أصوات الميكروفونات ، ونصب الخيام وسد الطرقات ...وغيرها .

ونعلم جيداً أن تلك التقاليد لها وطأة وشدة تختلفان من منطقة جغرافية إلى أخرى .

  دعوة العرس باتت تشبه ورقة الإحضار لقسم الشرطة :

شبهت أنا وبعض زملائي مشاهدتنا لدعوة العرس و الشعور الذي يتولد جراء ذلك كمثل ذلك الشعور الذي ينتاب المرء عند مشاهدته لورقة الإحضار إلى قسم شرطة .

بسبب معرفة المعاناة الناجمة عن معرفتك بأنك مدعو لعرس الذي تقوم فيه بالموافقة الضمنية عل أن تتخلي عن فرصة استغلال يوم الخميس (وأحيانا الجمعة) والذي كنت تطمح فيها أن تقوم فيه بما تحب وتهوى وتنجز ما قمت بتأجيله أعمال أو قضايا أو هوايات طيلة أيام الأسبوع لتحضر مناسبة عديدة الإحداث طويلة الأمد مع ملاحظة أن تقاليد بعض المناطق يتم فيها العرس في أكثر من يوم وبعضها ثلاثة أيام وبعضها أسبوع، بل أنني سمعت بوجود مناطق يستمر فيها العرس لأكثر من عشرة أيام !"

ويبدوا أن التقاليد الخاصة بالأعراس تأصلت وتوطدت أركانها في القرى والريف التي تفترض قدرة الجميع على حضور الأعراس بطريقتها تلك ، وتم استيراد تلك التقاليد والإضافة عليها في المدينة دون أن يناقش أحدٌ هذا الموضوع .

ولا يخفى للمتأمل أن تلك العادات تأصلت وتعززت في ظل ما نعيشه من غياب لثقافة الانجاز والعمل التي لا يمكن لمثل هكذا تقاليد فيها تضييع للوقت وإهدار للمال وباهظة التكاليف أن تنمو وتتعزز .

سيناريو وطريقة تلك الاعراس تمت في مرحلة من الزمن كان يتم تزويج أي فرد في القبيلة أو القرية أو المنطقة كل ثلاثة أو أربعة أشهر ، أما الآن نتلقى شهرياً عشرات الدعوات لحضور الأعراس ( وإنشاء الله عمره ما كان لك وقت خاص ولا خطة وبرنامج تمضي فيه أجازتك وعطلتك (

لماذا لا تكون الأعراس عبارة عن حدث واحد فقط :

ما يجري في بعض الدول العربية الشقيقة والتي يقوم فيها المحتفلون بالزواج بعمل حدث واحد فقط كالاحتفال في فندق أو الدعوة لحضور وجبة عشاء أو غيرها وتكون من الساعة كذا إلى الساعة كذا (ساعة أو ساعتين) هو الحل الأمثل والعملي الذي يمكن حذوه " طبعاً مع مراعاة قيم الثقافة المحلية ( يعني ما فيش داعي للرقص وغير ذلك من أمور لا تتفق وتقاليد وعقائد المجتمع.

وبالتالي يمكن لكل المدعوين حضور الاحتفال بسهولة ويسر وصون أوقاتهم في نفس الوقت ، كما يستطيع أهل العرس التركيز على إخراج ذلك الحدث الوحيد بطريقة مشرفة بالإضافة إلى حفظ أموالهم وتقليل التكلفة .

  لا بأس أن تحمل تلك المراسيم الخاصة بالزفاف لون وشكل الثقافة المحلية والمجتمع المحلي لكن نتمنى أن تكون على شكل وهيئة واحدة لا تغفل جانب حفظ الوقت والمال والتكلفة ولا تكون فرصة لتعزيز القيم السلبية وثقافة المفاخرة والمظاهر الكاذبة  .

من قال أن الطريقة التي عليها أعراسنا اليوم نهائية ولا يمكن نقاشها ، علينا جدياً التفكير في الأمر وأن لا نستمر في التعامل باستخفاف مع الظواهر والعادات السلبية وأن نرشد المفاهيم والتقاليد الموروثة.