هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
اجتمع لعلي عبدالله صالح ، من الأنصار ما لن يحسده أحد عليهم، وخرج إليه في ميدان السبعين، من أبناء اليمن من تخلوا عن الحرية ورضوا بالذل واستبدلوا نور الإيمان في قلوبهم، بما يلقيه عليهم الشيطان، ولسان حالهم الطاعة المطلقة لولي الأمر.
وهو السلوك الذي يريده " علي صالح " من أتباعه، بل إنه سعى جاهدا منذ اختطف الحكم وجلس على الكرسي قبل ثلاثة عقود، إلى تكريس مبدأ "الفندم يريد" أو الولاء المطلق للفندم، الذي تجسدت فيه - كما زعموا - معاني الحياة فاستحالت الحياة بدونه، ويومها خرج "علي صالح" على أنصاره مدركاً حقيقة ما أوصلهم إليه من عدم الشرك به فصاح فيهم "ما لكم إلا عليّ" مشيراً في ذات الوقت إلى ذاته المتألهة ، أو "الذات الرئاسية".
ويوم أن قال أنصاره "مالنا إلا عليّ" ، سقطت كل القيم والأعراف وتمزقت حقائق التاريخ والفلسفة واستبدلت بديهيات المنطق بمنطق واحد لا ثاني له، إنه "منطق الذات الرئاسية" الذي تجسدت بسببها الإرادة المطلقة والمركزية الشديدة، ومن رحم تلك الإرادة ولد الاستبداد وسحقت الحرية، وحينها سقطت اليمن في فراغ زمني رهيب أوقف عنها كل معطيات الحضارة والتقدم وأورثها لباس "الجوع و الخوف" ولم يتبق لليمنيين إرثاً يفخرون به سوى "التمام بين يدي الفندم" .
محبة المظلوم للظالم
ولا غرابة إذاً أن خرج عشرات الألوف من اليمنيين يصرخون "مالنا إلا علي" ولسان حالهم يقول "أعلُ هبل" ، وما علموا أن الله أعلى وأجل ، ولو علموا ذلك لأسقطوا رداء الكبرياء عن "علي صالح" ليكتشفوا أن وراءه كل خوف أدركوه وكل ظلم تذوقوه، وكل فقر وجوع ومصائب أخرى لم تتسع عقولهم لاستقبال مفرداتها المرعبة، ونظرا لعجز عقولهم عن استيضاح الحق فقد تخلوا عن مشاعر الكراهية نحو من يسوقهم إلى مصارعهم، على ضوء القاعدة المتعارف عليها "ومن الحب ما قتل" أو كما قيل "القط يحب خناقه" وليت الأمر اقتصر على القط، ولكنه شعبٌ يحب خناقه وجلاده ويهتف بحياة من ينتزع الحياة منه، وهو ذات الشعب الذي صرخ في وجهه ذات يوم الشهيد الثلايا الذي قاد حركة 1955م ضد الإمام أحمد حميد الدين، في ميدان العُرضي بتعز حيث قال مقولة صارت مثلا "لعن الله شعباً أردت له الحياة وأراد لي الموت" ، وذلك على خلفية تحريض المواطنين على قتل الثلايا الذي ثار من أجلهم، ولعل أحداً من المتشككين يدرك بعد هذا الاستطراد أن التاريخ يعيد نفسه ويكرر أحداثه ليتعض من وراء ذلك العقلاء اللذين خلا منهم ميدان السبعين، في إشارة إلى من لا يزالون في دوامة التقديس الباطل "لعلي عبدالله صالح".
قيمة العقل
وباستقراء كل ما ذكرناه، تتضح لنا قيمة العقل الذي ميز الله الإنسان به، وأخضع له جميع الكائنات ليبتعد عن الخضوع لغير الله، ولكن العجب الشديد والدهشة المطلقة تأخذنا قسراً لنطل على المشهد اليمني في ظل الأحداث الساخنة لثورة التغيير، لنرى من خلالها أنصار "علي صالح" لا يزالون يهتفون "مالنا إلا علي" ، غير مكترثين بما هم فيه من فقر وجوع وظلم شديد.
ومخافة أن نُصاب بالأذى فلن نقترب منهم إلا بالقدر الذي نأمن فيه على أنفسنا من شرور بعضهم، لنرى التناقضات المرعبة للمفاهيم التي يستقى منها هؤلاء أحكامهم، وسوف أقتصر في ذلك على مفهوم واحد لم أجد له تفسيراً منطقياً، يمكن أن يستدل به أولئك القوم على صحة ما يصدر عنهم من تصرفات، ذلك هو مفهوم "تقديس الذات الرئاسية" وهو الأمر الذي جعل كل العقلاء يضربون على أيديهم كفاً بكف في إشارة إلى استغرابهم الشديد من تلك التصرفات، فلو علمنا أن من بقي مع "علي عبدالله صالح" أغلبهم من العوام الذين لم يأخذوا قسطاً وافراً من التعليم يتيح لهم التمييز بين الحق والباطل، ولو علمنا أيضاً أن أولئك الأنصار هم أنفسهم الذين خرج الثائرون ضد "علي صالح" ونظامه للدفاع عن حقوقهم المنهوبة، فلو علمنا كل ذلك لأدركنا سر "تقديس الذات الرئاسية" بذلك الشكل المهين، وهو ذات السر الذي لا يزال لأجله يردد أولئك المخدوعون "مالنا إلا علي" ويبالغون في تقديس الرئيس وتنزيهه عن الأخطاء بصورة غير مقبولة شرعاً وعقلا حتى وصل الحال ببعضهم إلى وصفه بسادس الخلفاء الراشدين، بل وصل السخف الذهني إلى قيام جماعة من أنصار "علي صالح" يلبسون ملابس الإحرام بالسفر على أقدامهم من مدينة يريم حتى وصلوا ميدان السبعين وهم يرددون "لبيك يا علي" ولولا أن من أخبرني بذلك ممن عاين تلك المصيبة الفكرية لما تحدثت عنها، فكيف يمكن إزاء ما ذكرناه أن نفسر قيام مجموعة من الجنود بقتل المعتصمين السلميين وإحراقهم بدماء باردة، وكيف نفسر وجود ظاهرة البلطجة والارتزاق المرهون بسفك دماء المواطنين الأبرياء بعيداً عن وازع الدين وزاجر العقل وبقايا رحمة قد تكون موجودة في قلوب أولئك القتلة، وكيف نفسر ذلك الحب الغامض اللامنطقي، لزعيم قال له شعبه "إرحل" فيجتمع له من الأنصار من يصرخ بين يديه "لن ترحل" ، في محاولة يائسة لنفي فكرة الفناء والزوال عن "علي صالح" الذي نريد له الرحيل من أجل مستقبل مشرق، ويريدون له الخلود من أجل واقع بائس، "فأي الفريقين أهدى سبيلا".
وفي محاولة لهدم الأسس اللامنطقية التي قام عليها ذلك المفهوم الخاطئ المتعلق بتقديس الذات الرئاسية، سنجد أن هناك العشرات من الأسباب التي أدت إلى نشوء ذلك المفهوم ومن أبرزها التعلق بالأسباب ونسيان المسبب "الله عز وجل" والأسباب في واقعنا تمثلت في "علي عبدالله صالح" الذي أضحى في نظر الكثيرين الرزاق والوهاب والمقدم والمؤخر...إلخ
منطق الأشقياء
وفي الوقت الذي تراق فيه دماء اليمنيين الباحثين عن الحرية والكرامة، وجدنا أصنافاً من اليمنيين لديها القدرة العجيبة على التكيف والبقاء تحت أي ظرف معيشي وذلك في سبيل دحض مفهوم " وللحرية الحمراء باب ** بكل يد مضرجة يُدق " ، حيث أن كثيراً من أنصار "علي صالح" يستمرئون العيش في ظل أوضاع مزرية مهينة بحثاً عن "أي حياة" وكل ذلك واقع تحت مظلة المنجزات الخالدة لابن اليمن البار!! كما وصفوه ذات يوم، وبعيداً عن حقيقة الواقع المرعب لحياة اليمنيين في ظل نظام "علي صالح" نعود مؤكدين على نعمة العقل الذي امتن الله به على عباده، غير أن وراء نعمة العقل نقمة الهوى وتكثير السواد بين يدي الظالمين، وصولاً إلى الفتات الذي يلقيه إلى السيئين الأسوأ منهم.
والغريب حقاً أن يكون أشد الناس فقراً وأكثرهم كدحاً هم أنصار الباطل وأعوانه بل إن الكثيرين منهم ليسوا سوى أدوات للقتل في ايدي الظلمة، وقد رأينا من الجنود والبلاطجة من يقتلون الناس بدماء باردة، معمدين بتلك الدماء ولاءهم المطلق لولي نعمتهم "علي صالح" ومن وراءه من الظالمين، رأينا ذلك في جمعة الكرامة ومذبحة كنتاكي ومحرقة تعز وتشريد أبناء أبين وقصف أرحب ونهم وألوف الجرائم التي لم تخطر على بال العقلاء، فما هو التفسير لكل ذلك .. إن لم يكن هو ذاته "منطق الأشقياء" وهو منطق عجيب لا تفسير له إلا العناد الممزوج بالكبر والذي ينتج عنه حقدٌ عارم تجاه كل من يحاول المساس "بالذات الرئاسية" ، وقد عبر القرآن عن أولئك القوم بقوله تعالى "قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين" ، وكأن التعبير القرآني بذلك الشكل يوحي أن من سار في طريق الشقاء لا يستقيم له حال مع البديهيات المطلوبة للسير في حياة نموذجية لا تتصادم مع الدين والعقل والعرف، فلما كان أولئك الأشقياء قد عكسوا كل ذلك في حياتهم، فإنه من الطبيعي أن تكون أحكامهم وقراراتهم لا علاقة لها بالمنطق البشري وتدرجاته للوصول في أي قضية إلى حكم صائب، بل إنهم قلبوا موازين كل شيء واحتكموا إلى منطق "ما أريكم إلا ما أرى" وهي ذات القاعدة التي بنى عليها "علي صالح" سياسته في إدارة البلاد، فكان ثمرة تلك السياسة ظهور ذلك السلوك الغريب لدى أولئك الأفراد المحسوبين على النظام، والناظر في أنحاء عديدة في اليمن سيجد أثرا لذلك السلوك لدى الألوف من اليمنيين.
حُفاظ المتون وترسيخ الاستبداد
عبثاً يحاول العديد من علماء السلطة من حفاظ المتون، التعلق بحبال النصوص الشرعية بحثاً عن مخرج يزيل عنهم ألم تأنيب الضمير، وكلما أوغلوا في نصوص الشريعة استقواء لأنفسهم جاءهم الموج من كل مكان فكانوا من المغرقين.
وقد رأينا واندهشنا .. أناساً تقطر لحاهم، يتميزون عن الناس بمواضع للسجود في جباههم، فأية داهية رمت بهم إلى دار الرئاسة، يمتدحون من أوجب الله عليهم ذمه وبيان حاله للناس، وأية مصيبة حلت بهم ليسكتوا عما أمروا بالإفصاح عنه، ليعلم الناس أن الله في كل مكان وليس في دار الرئاسة فقط..
ولكنّا رأينا من يتسابقون للظهور على قنوات الدجل والزيف اليمنية من "حفاظ المتون" اللذين لم يتحدوا على شيء مثلما اتحدوا على توجيه تفسيق وتبديع كل من قال لعلي صالح "إرحل" ، ذلك أنهم لم يفهموا المغزى من كلمة إرحل، سوى انها خروج على ولي الأمر، وقاموا بإسقاط الأدلة الشرعية على طريقة "نسخ ولصق" يجتزئون النصوص ويلوون عنق الحقيقة، ينسبون لأبي حنيفة سرا ما لم يقله جهراً، ويعتلون ظهر ابن تيمية بحثاً عن فتوى لم تصدر عنه، مؤكدين في ذات اللحظة أن من أصناف النجاسة مالم يتحدث عنه ابن الأمير في أمر السياسة، ومشيرين في ذات السياق إلى ما ألزمهم الله به من الكف عن الخوض في السياسة وترك أمرها "لطارق الشامي وعبده الجندي" ، ولما كان ذلك هو حالهم، فقد أعانهم الله على باطلهم، فدخلوا إلى السياسة من بوابة الاستبداد وترسيخ مفهوم الولاء المطلق "للذات الرئاسية" لأن من ترك شيئاً من الشرع ألجأه الله إليه، وهم تركوا ما لا يعذرون في تركه.
وقد التقى عند ذلك القدر من نفاق ولي الأمر!! خصوم الأمس من السلفيين والصوفيين ونتفاً من الزيدية، وكلهم من الذين لم تتسع قلوبهم -كما هو حالهم- إلا لحب الله وحب "علي عبدالله صالح" الذي هو على حد زعمهم ظل الله في الأرض، وليس في هذا النوع من الشرك لدى "حفاظ المتون" غضاضة إن قال الناس تحت سمعهم وبصرهم "مالنا إلا علي".
وقد علم إخواننا من "حفاظ المتون" أن سياق كلامهم مضطرب، وأنهم تركوا الجرح وبالغوا في تعديل "علي صالح" ، مدلسين في ذلك على عامة الشعب الذين يكفيهم إيمان العجائز عند مقاومة الظلم، غير أن الناطق الرسمي لجمعية "علماء اليمن" يأنف من سرد الحقيقة في سياقها الشرعي الطبيعي، ويأبى إلا أن يقرأ بين يدي "علي صالح" أنصاف الآيات يرفع بذلك مقامه، حتى لو كان حال "صالح" خارج السياق، وعاجزاً عن الحكم ، كما هو عليه اليوم.
"فليرحلوا إذا" وليبق الرئيس، هكذا قال إخواننا من علماء السلطة، في إشارة واضحة إلى استعدادهم لتفصيل الدين على المقاس الذي يريده "علي صالح" ولن يحيدوا عن ذلك قيد أنملة، طالما وهم على منابرهم يختصرون الدين في طقوس جامدة دون أن يلهيهم ذلك عن الالتفات إلى ماكينة الصراف الآلي بحثا عن "دراهم معدودة" ، وقد رووا ذات يوم أن من جملة التعساء من كان عبداً للدينار والدرهم "والخميصة" التي لم يفهم العديد منهم معناها وليتهم فهموا.
ولعلي بعد هذا السرد المضني أصل إلى حقيقة مرعبة علمها من علمها وجهلها من جهلها، وهي أن من كان مؤيداً للرئيس المخلوع "المنتهية صلاحيته" شرعاً وعقلا وواقعاً، إنما هم واقعون أسرى لمعضلة عقلية أطلقتُ عليها اصطلاحاً "مفهوم الذات الرئاسية" للتدليل على ارتباط ذلك المفهوم بالعقيدة الاسلامية التي أصابها الانحراف والزيغ لدى العديد من أولئك التائهين في حُب "علي صالح" وقد نتج عن ذلك الانحراف العديد من الموبقات الفكرية التي كان أبرزها تقديس البشر والوصول بهم إلى مقام الألوهية، ونفي الأخطاء والزلل عنهم، وقد احتمل وزر كل تلك الآثام فريقان من مؤيدي "علي صالح" الأول جاهل يتخبط في عماه، ويقوده قلبه على غير الهدى، والفريق الثاني عالمٌ عرف الحقيقة بقلبه وأنكرها بلسانه، ومخافة الأذى النفسي وجلد الذات، برر ذلك الفريق لنفسه ما أشار عليه الهوى واقتضته المصلحة الدنيئة، بآيات وأحاديث، لا علاقة لها بسياق النص ولا ترتقي إلى مرتبة الأدلة الشرعية الواضحة التي تنص على وجوب الوقوف ضد الظلم والأخذ على يد الظالم كائناً من كان، فكان الفريق الثاني أكثر إثماً وأعظم ذنباً، وقد أكثر الله عز وجل من ذمهم في القرآن الكريم وبإمكانكم الرجوع للآية 176 في سورة الأعراف، لمعرفة حقيقة ذلك الفريق الذي لن يستبين الصبح إلا ضحى الغدِّ، والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل