خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح سناب شات.. السعودية تتصدر قائمة الدول العربية الأكثر استخداماً للتطبيق الأرصاد اليمنية تجدد التحذير من انخفاض درجات الحرارة استجاب لمناشدة صالح وزار صنعاء وسد مأرب وحل ضيفًا على منزل الشيخ الأحمر.. وفاة أطول رؤساء أميركا عمراً ''جيمي كارتر'' الشرع يتحدث عن موعد اجراء انتخابات واختيار رئيس جديد لسوريا إعلام عبري: ''حماس ما تزال قادرة على حكم غزة''
مأرب برس – خاص
ليس بخافٍ على أحد أن محددات السياسة الأميركية في المنطقة هي ثالوث: ( النفط ، الإرهاب ، امن إسرائيل ) ، فعلى أساسها وفي ضوءها تتحدد اتجاهات السياسة الأميركية إزاء أية قضية في المنطقة .. فكيف هي العلاقات الإيرانية الأميركية في ظل هذه الثالوث؟ ، وما هي دلالات ذلك بالنسبة للموقف الأميركي من قضية التسلح النووي الإيراني ؟، وهل المواجهة العسكرية بين البلدين أمر لا مفر منه ؟.
فبالنسبة للعنصر الأول في هذا " الثالوث " ، وهو النفط ، نجد أن إيران تمتلك خامس اكبر احتياط في العالم وثاني اكبر احتياطي للغاز ، وأميركا لن تسمح بأن لا يكون لها نصيب الأسد من ثروات إيران ، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق لها إلا من خلال علاقات تعاون مع إيران وليس علاقات عداء ، فقد فشلت العقوبات في منع الشركات غير الأميركية من عقد صفقات استثمار نفطية مع إيران. (بالمناسبة اكبر الشركات الأميركية العاملة في مجال النفط يملكها ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي وهي اكبر الشركات التي تحضى بنصيب كبير من استثمارات النفط الإيراني).
أما العنصر الثاني، وهو " الإرهاب " فمصدره كما تراه أميركا هم المسلمين العرب " السنة "، وفي إطار محاربتها له عمدت إلى سياستها المعروفة: " استغلال التباينات بين الأعداء المحتملين، وإحداث انقسامات بينهم والتحالف مع الأضعف ". فقد استغلت أميركا التباينات بين الشيعة والسنة وعملت على تعميقها لإحداث انقسامات وصراعات ، وتحالفت مع الشيعة في أكثر من بلد ، وبصورة جليه في أفغانستان والعراق ، وهو الأمر الذي في نهاية الأمر يصب لصالح إيران ذات المكانة المميزة لدى الشيعة أينما كانوا ، وأميركا تدرك ذلك.
كما أنه من المعلوم أن إيران تقدم نفسها لأميركا والغرب " الليبرالي " على أنها الأكثر قربا وانفتاحا عليهم من العرب " السنة " ، فالفكر الشيعي بينه والفكر الليبرالي الكثير من القواسم المشتركة ، وقد انعكس ذلك على إستراتيجية أميركا والغرب في المنطقة حينما أعطوا إيران دورا بارزا في إطار مشروع ( الشرق الأوسط الجديد) الذي عنوانه مكافحة " الإرهاب ".
أما العنصر الأخير في هذا " الثالوث " الأميركي ، هو أمن إسرائيل ، وسنترك الحديث عنه بالتفصيل كمحدد للسياسة الأميركية تجاه إيران لمقالة أخرى نخصصها بحول الله للحديث عن حقيقة " العلاقات الإيرانية الإسرائيلية " ، ونكتفي هنا بالقول أن التهديد الإيراني لأمن إسرائيل يرتبط بشكل رئيسي باستراتيجيات حزب الله ، الذي أعاد بانتصاره في حرب جنوب لبنان العام الفائت الأمل للعرب بإمكانية هزيمة الجيش الإسرائيلي ، بيد انه مع الترتيبات الدولية التي اتخذت تنفيذا لقرار مجلس الأمن رق م 1701 أصبح يواجه جملة من العوائق ، أبرزها وجود القوات الدولية المنتشرة في جنوب ، التي وجودها يصعّب على الحزب الوصول لتهديد أماكن حساسة في إسرائيل ، وإيران تدرك ذلك ، ولا تريد أكثر من تحقيق توازن رعب تجاه إسرائيل تستغله في علاقاتها مع أميركا ، وتستغله في كسب تأييد على المستوى الشعبي في البلدان الإسلامية ، وتدرك بأن أي مبادأة تهديد لأمن إسرائيل ستضعها في مواجهة مباشرة مع الدول الأطراف في تلك القوات ، وهي لا تريد ذلك على الإطلاق.
وهكذا ، نجد أن النفط ومعطياته ، ومحاربة " الإرهاب" واستراتيجياته ، وامن إسرائيل والبعد الإيراني فيه ، تعزز ما سبق وبيناه في المقالة السابقة "العلاقات الإيرانية الأميركية : وهم العداء واستحالة الضربة
" المنشورة هنا ، التي انتهينا فيها إلى أن العلاقات الإيرانية الأميركية في حقيقتها هي علاقات تعاون وتنسيق إزاء العديد من القضايا أكثر منها علاقات عداء ، وان ما يتناقله الناس هذه الأيام عن حتمية توجيه أميركا ضربة عسكرية لإيران هو أمر مستبعد بالنظر لتلك المعطيات ، ولحقيقة العلاقة بين البلدين ، وبالنظر لأن النتائج التي ستترتب على الضربة لا تقارن بفوائد منع إيران عن السير في مشروعها النووي
.. فلماذا إذا هذا التضخيم الأميركي لقضية الملف النووي الإيراني ؟.
إن الإجابة ليست بالأمر السهل ، لكن يمكن القول من خلال متابعة وقراءة دقيقة لتطورات هذه القضية أن الأميركيين قد أرادوا من تضخيمها تحقيق جملة من الأهداف والمكاسب، منها : صرف أنظار الشعب الأميركي عن الخسائر التي يتكبدها أبنائهم يوميا في العراق ، ورفع شعبية الرئيس بوش من خلال إبرازه المنافح عن امن أميركا وذلك بإيهام الرأي العام الأميركي بخطر داهم يتهدد أمنهم إذا ما امتلكت إيران القنبلة النووية ، كما أرادوا من خلال تضخيم هذه القضية تشغيل شركات التصنيع العسكرية الأميركية ، إذ أن دول الجوار الإيراني وخاصة دول الخليج العربي تحت وطأت الخوف والاستعداد لمواجهة الصواريخ الإيرانية!! ستندفع لعقد صفقات تسليح مع تلك الشركات لشراء نظم الدفاع الصاروخية.
بيد أن الهدف الأميركي الأساس من تضخيم هذه القضية يرتبط بالمأزق الذي هم فيه بسبب العراق.. فالإدارة الأميركية نتيجة الخسائر المتتالية التي تتكبدها قواتها من المقاومة " السنية " في العراق صارت تواجه ضغوطا مجتمعية يومية ، وضغوطا إستراتيجية للانسحاب من العراق.
لقد بات جليا أن الإدارة الأميركية تريد بالفعل الانسحاب من العراق ، بيد أنها تبحث عن مخرج لائق يجعل من الانسحاب انتصارا ويجعل من المصالح الأميركية في العراق بمأمن بعد الانسحاب. وإيران تعرف أن أميركا تبحث عن هذا المخرج اللائق ، وتعرف أنها الوحيدة القادرة على مساعدة الأميركيين في إيجاد هذا المخرج ، وفي نفس الوقت تعرف بأن الأميركيين يعرفون بأن إيران تعرف أنها هي الوحيدة القادرة على مساعدتهم. يقول وزير الخارجية الإيرانية منوشهرمتكي " إذا اعترف الأميركيون بفشل سياستهم في العراق وإذا كانت لديهم إرادة حقيقية في تصحيح الوضع الحالي ومساعدة الشعب العراقي وحكومته على إرساء الأمن فالمحادثات معهم قد تتمخض عن تقدم ".
ومن جانب آخر إيران لها مشروعها النووي ومشروعها الإمبراطوري، اللذان لا يمكن أن تتخلى عنهما بسهولة ، وأميركا تعرف بذلك، وتعرف بأن إيران تعرف بأن أميركا هي الدولة الوحيدة القادرة على الوقوف عائقا أمام تحقيقها لمشروعيها.
لذلك عملت أميركا على تضخيم قضية الملف النووي الإيراني لكسب أوراق تساوم بها عند الجلوس لطاولة المفاوضات مع إيران بشأن العراق، كما عملت إيران على كسب أوراق هي الأخرى على المستوى الإقليمي والدولي تساوم بها أميركا عند الجلوس لطاولة المفاوضات.فقد عملت إيران على تعزيز علاقاتها مع روسيا ، التي تتخوف وتعارض الدرع الصاروخي الأميركي في أوروبا ، كما عملت على ترسيخ علاقاتها مع الصين ذات الطموح الاقتصادي الكاسح ، وكذلك مع الهند ، وعملت كذلك على تعزيز علاقاتها مع دول الجوار العربي ، وأكثر من ذلك عملت على كسب أوراق إستراتيجية في العراق ، فإذا كانت أميركا هي المحتل فإن الحاكم الفعلي للعراق هو إيران .
وقد اتفقت كل من طهران وواشنطن على عقد مباحثات على مستوى السفراء بشأن العراق نهاية هذا الشهر( محدد لها 28/5/2007). بيد أن الشهر سيتلوه شهرا آخر وستطول المفاوضات ، وذلك يعني أن قضية الملف النووي الإيراني ستبقى مرشحة للاستمرار دون حل ، وهو الأمر الذي يصب في صالح إيران من جهة إعطائها مزيدا من الوقت اللازم لتسريع أنشطتها النووية ، وقد تصل فيه إلى تحقيق مشروعها النووي ، كما يعني أن إيران ستحقق مكاسب سياسية وإستراتيجية من مفاوضاتها مع أميركا بالنسبة لمشروعيها النووي والإمبراطوري رغم أن الكثير من الساسة الأميركيين ينفون ذلك بما يخالف منطق الأمور. يقول كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس ومنسق الشؤون العراقية السفير ديفيد ساترفيلد في لقاء خاص نشرته صحيفة الحياة اللندنية يوم السبت 19/5/2007 : " الولايات المتحدة الأميركية معنية بأمن حلفائها في منطقة الخليج وسائر دول الشرق الأوسط ، ولن تساوم على مصالحهم من خلال مفاوضاتها مع الإيرانيين ، لافتا إلى أن دول الخليج نفسها تجري مفاوضات مع طهران ، وانه لا يمكن عقد صفقة أو تسوية أو ترتيبات مع إيران.. كما قال لسنا مستعدين لدفع أي ثمن مقابل حماية قواتنا ".
بيد أنه إذا ما تجاوزنا معطيات النفط ، وامن إسرائيل ، واستراتيجيات أميركا في محاربة " الإرهاب " ، بالنسبة للسياسة الأميركية تجاه إيران ، وتجاوزنا معطيات الورطة الأميركية في العراق ، وافترضنا جدلا بأن الأميركان قد يتمكنوا من إيجاد مخرجا لائقا لورطتهم من دون مساعدة إيران – وهو أمر مستبعد إذا بقيت الدول العربية على سياساتها تجاه ما يجري في العراق - ،
فهل يعني ذلك أن المواجه العسكرية بين البلدين لا مفر منها؟.
إن الإجابة على هذا السؤال ترتبط بالعقلية السياسية الإيرانية ، فمن المعروف أن الإيرانيين هم من ابرع شعوب العالم– بل من أبرعهم على الإطلاق – في المفاوضات ، لذلك إذا ما وجدوا أن الظروف في غير صالحهم ، وأن أميركا قد تنفذ تهديداتها بالضربة العسكرية فإنهم على استعداد تام للتخلي عن كل أنشطتهم النووية حفاظا على ما حققوه من مكاسب بالنسبة لمشروعهم التوسعي " الإمبراطوري ".
ومن نافلة القول أن بعض الدول العربية قد أدركت حقيقة الموقف الأميركي من قضية الملف النووي الإيراني ، وقبل ذلك أدركت حقيقة السياسة الأميركية تجاه إيران ، وأن اتجاه العلاقات الإيرانية الأميركية هو نحو التحسن والتمتين ، فسارعت البعض منها إلى تحذير أميركا من الإخلال بالتوازن في المنطقة ، والبعض الآخر منها سارعت إلى ترتيب علاقاتها مع إيران .. وفي كلتا الحالتين تظل السياسة العربية مجرد ردود أفعال مع انه بمقدورها أن تكون غير ذلك.
br4415@hotmail.com