سباعياتٌ،في تضعيف الأحاديث الصحيحة
بقلم/ أ.د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: يوم واحد و 3 ساعات و 22 دقيقة
السبت 08 مارس - آذار 2025 10:06 م
 

ذكر شيخنا الحبيب أ.د.عبد الجبار النقيب المراني حفظه الله ورعاه، في منشور له على صفحته في الفيسبوك، كلام شيخ الإسلام بن تيمية في منهاج السنة، أنّ البخاري أعرض عن حديث (لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق)، وأن بعض أهل الحديث ترك كتابته شكًا في صحته، وذكر شيخنا المراني عبدالجبار حفظه الله، ما يوهم أنّ البخاري رحمه الله إنما أعرض عن كتابة هذا الحديث تضعيفاً له، اعتمادًا على كلام شيخ الإسلام بن تيمية، ولي على هذا الكلام من شيخنا عبدالجبار المراني، حفظه الله وسدده، سباعياتٌ، فقهية وحديثية هامة، وهي لا تخفى على مثله، ولكن من باب المذاكرة والمدارسة وليس المشاغبة، أجملها فيما يأتي: 

 

الأحاديث الصحيحة التي تبلغ بالآلاف أو عشرات الآلاف التي لم يذكرها البخاري في صحيحه كحديث (لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق) وغيرها لم يذكرها البخاري في صحيحه ليس لضعفها وإنما لأسباب من أهمها:

 

أولا: أنّ البخاري اشترط في صحيحه اللقية والسماع، وهو بهذا الشرط وهو اللقية فاق مسلمًا ، وتقدم عليه، وليس في الأحاديث التي لم يروها ضعفًا، وإنما في شرطه وهو اللقية زيادة علم وتوثيق. 

 

ثانيا: الأحاديث الصحيحة التي رواه الإمام مسلمٌ في صحيحه، وهي بالآلاف، ومنها ما تفرد به، ومنها مالم يتفرد به، ومنها حديث ( لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق) فقد روى هذا الحديث وصححه جمع من المحدثين والعلماء من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والتابعين والأئمة من أهل الحديث والفقه، وإلى يومنا، ولم ينقل لا عن الصحابة ولا الأئمة عن أحدهم أنه طعن أو ضعّف هذا الحديث، رغم وجود الدواعي والمقتضيات والمسببات. 

 

ثالثًا قلتُ: الترهات التي يحاول البعض - وحاشا شيخنا الحبيب- بها النيل من كتب الصحاح التي أجمعت عليها الأمة، بعد كتاب الله الكريم، يذكرنا بطريقة الإمام الدارقطني رحمه الله، في انتقاداته لبعض أحاديث في صحيح مسلم، فشنّع على نفسه، ولم يشنع على مسلم، بل زاده بتشنيعه رفعةً وقوةً وزكاةً. 

 

رابعا : ليت المشايخ وطلبة العلم يتجهون إلى الأحاديث التي تُكلم فيها بالتضعيف والوضع، وليس الأحاديث الصحيحة التي تلقتها الأمة بالقبول والاستحسان والاتباع لتضعيفها وتضعيف الإيمان والعمل بها. 

 

خامسا: القول بتضعيف الأحاديث الصحاح جرمٌ عظيم، لا يقل عن تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة، لأنها جميعًا فيها تكذيب لصاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم، كما ذكره أهل العلم. 

 

سادسا: الأحاديث الصحيحة التي في فضائل علي رضي الله عنه، ليس فيها تشيّع لعلي رضي الله عنه، وإنما دفاعٌ عنه وعن دينه وجهاده ونصرته للنبي صلى الله عليه وسلم، سواء من محبيه أو مبغضيه، وتفهم تلك الأحاديث الصحيحة في هذا الإطار، لا كما يريد الشيعة الإمامية، من القول بعصمة علي رضي الله عنه، أو تفضيله على سائر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وتكفير جمهرة الصحب الكرام رضوان الله عليهم وأرضاهم.  

 

سابعاً: ليت النقاد للأحاديث الصحيحة المجمع على تصحيحها، أو تلقتها الأمة بالقبول، كالاحاديث في البخاري ومسلم أو أحدهما، ليت هؤلاء النّقاد يذكرون كلام أهل العلم من أئمة الصناعة الحديثية، وأوجه النقد أو التضعيف،لهذه الأحاديث، ومن قال بهذا القول من العلماء قديمًا وحديثاً، وعدم الاكتفاء بكلمة أو عبارة قيلت في سياق خاص أو لسبب خاص أو في حال خاص، ككلام شيخ الإسلام بن تيمية قوله أنّ من المحدثين في إعراضهم عن نقل حديث : (لايحبه إلا مؤمن..) وذلك تنزيها لسنة النبي صلى الله عليه وسلم عن الغمز أو اللمز أو الانتقاص.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

 

والله الموفق والمستعان.

moafa12@hotmail.com