آخر الاخبار

رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح

ذكريات مع الإخوان من وحي لقاء هيكل واحتفاء مروان الغفوري
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و يوم واحد
الجمعة 28 يونيو-حزيران 2013 04:33 م

عندما تعرفت على الإخوان المسلمين لأول مرة كان ذلك من خلال كتاب ( البوابة السوداء ) للكاتب الغير إخواني أحمد رائف

كانت القشعريرة تسري في جسدي مع كل صفحة جديدة من أحداث القصة و كان تأثيرها أشد علي مفاصلي من زمهرير ضاحية الرشيد التي أقمت فيها 4 سنوات قبل الإنتقال إلى صويلح في مدينة عمان .

لم تستطع الصوبة ( الدفاية ) أن تخفف عني البردين ، برد كانون وبرد سراديب وزنازين تقبع خلف البوابة السوداء و ما زلت أسمع صفير الريح وهو يهز أوراق شجرة الكرز التي كانت ترجف هي الأخرى خلف الشباك الذي كنت أجلس بجواره ويغطي زجاجه مسحة خفيفة حزينة من الندى ، تجمدت الأسماء في ذاكرتي حتى الآن وما زلت أتذكر أسماء الجلادين بعد قرابة 20 سنة من القراءة ما زال شمس بدران وحمزة البسيوني وصلاح نصر وصفوت الروبي حاضرون ككائنات أحفورية في ركن قصي من الذاكرة .

ما زلت أتذكر السجن الحربي وليمان طره ومعتقل القلعة كقلاع أسطورية تحتل مساحة تليق بها .

بعدها بأيام اشتريت كتاب ( سراديب الشيطان ) لنفس الكاتب ، كانت القصص مروعة صادمة مفزعة هل يعقل أن هناك بشر بهذه القسوة

هل هناك أرضٌ على الأرضِ يحدث فيها هذا . كنت أقرن بين ما أقرأه وما قرأته عن الباستيل فأحس أن الباستيل روضة من الرياض .

لكن الأهم أن كثير مما كتب لم يكن بأيدي إخوانية .

ولم تمر أيام على الإنتهاء من كتاب سراديب الشيطان حتى وقعت يدي على كتيب صغير اسمه ( أقسمت أن أروي ) للكاتب القبطي روكس معكرون الذي اعتقل بتهمة الإنتماء للإخوان المسلمين فشهد من العذاب ألوان وصنوف ثم خرج مقسما أن يروي ما يحدث من فضائع في السجون سطرها في كتيبه .

وفي الجامعة حضرت فلما لنادي السينما والمسرح الذي كنت عضوا فيه هذا الفلم هو فلم ( إحنا بتوع الأتوبيس ) لعادل إمام بعد إزالة المقاطع الخادشة منه ، كان الفلم يحكي قصص التعذيب في السجون في تلك الحقبة والإعتقالات العشوائية لكل من تدور حوله شبهة أو رمته الأقدار في طريق المخبرين .

وعد الشاب الذي قدم للفلم بأنهم سيقومون بعرض فلم ( الكرنك ) لنور الشريف والذي كتب قصته نجيب محفوظ و يؤرخ لنفس الحقبة ولم أشاهد الفلم إلا الآن وأنا أكتب هذه السطور فقط من باب الفضول ثم أوصى الشاب بقراءة كتاب ( عندما غابت الشمس ) لعبد الحليم خفاجي ومشاهدة فلم ( البريء ) لأحمد زكي والحقيقة أني لم أشتر الكتاب وبدلا عنه اشتريت كتاب جابر رزق مذبحة الإخوان في ليمان طرة .

وقبل الآن بعشرين سنة تقريبا كنت أجلس في مكة بين يدي أحد كبار المعتقلين وهو المستشار على جريشة رحمة الله عليه في أحد رحلاتي للعمرة من عمان .

كنت أعتقد أن الإخوان لهم ثارات وجراح لن تندمل مئات السنين ولكن وخلال دراستي وأنا أمر بين محاضرات وندوات المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمركز الثقافي الملكي و مؤسسة عبد الحميد شومان وفعاليات طلابية في الجامعات الأردنية وأزور بعض الفعاليات في النقابات برفقة شباب يمنيين كثير منهم أصدقائي هنا على الفيس بوك ويعرفون هذا ومن خلال تلك الفعاليات كان الإخوان يمدون أيديهم لكل أولئك الذين أمعنوا فيهم قتلا وتشريدا ، حضرنا محاضرات احمد نوفل واسحاق الفرحان وعبد اللطيف عربيات وحمزة منصور وهمام سعيد وأبو فارس وصلاح الخالدي وأربعة من هؤلاء على الأقل كانوا مراقبين عاميين للإخوان في الأردن

كان الجميع متعالي على أحقاد الماضي ويمدون أيديهم للبعثيين السوريين والبعثيين العراقيين والناصريين والشيوعيين ، بتفاوت بين شخصية وأخرى من هذا الشخصيات وتوزعها بين التصنيفات التقليدية التي انتشرت في تلك الفترة صقور الإخوان وحمائمهم ، لكن الجميع يريد طي صفحة الماضي إلى الأبد .

كان الحديث عن تلك الفترة كتاريخ مضى لا رجعة فيه .

رغم خلفيتي هذه كان ابراهيم سلطان العتواني من أعز أصدقائي حتى حين عدت من السعودية كان واحدا من نفر معدودين تواصلت معهم و تشاركنا المتكأ في أحد الأعراس في صنعاء . كان الدرس الأساس لن نجعل الماضي يشدنا أليه ابدا . سأطبق الإسلام دون أن أكون بحاجة إلى شتم أتاتورك . كانت التجربة اليمنية أكثر روعة وحين تواصلت مع وزير التربية والتعليم بخصوص تغيير اسم مدرسة جمال عبد الناصر رد بالنفي وقال بل حولناها الى مدرسة للمتفوقين تكريما لهذا الرجل وأبقينا على الاسم كما هو ... لم يكن لديهم أي عقد كما لم تكن لدي أنا الذي قرأ أكثر من الإخوان أنفسهم قصص السجون والمعتقلات ..

لم يكن لإطلالتي الأولى على عالمهم من ( البوابة السوداء ) تأثيرا سوداويا على نظرتي لخصومهم فقد تعلمت منهم أن لا ألتفت للماضي .

بالمقابل ما زال بعض المحسوبين على أنظمة تلك الفترة يتقمصون دور شمس والبسيوني والبدراوي ويتمنون أن تعود الأيام

لم يتمالك هيكل نفسه في لقاءاته الأخيرة ومنها لقاء الأمس فأخذ يدين مرسى لما هرب من سجن النطرون ، وكأن الرجل هرب من سجن أودع به بناء على حكم قضائي أو حتى أمر إعتقال وليس على خلفية ثورة ضد النظام القائم لأسباب سياسية ودون وجه حق ودون إجراءات سليمة حيث يصبح السجن و والهروب منه بطولة وليس إدانة ..

لكن هيكل لم ينس ، وكثير من الهياكل التي تنتمي لتلك الفترة لا تريد أن تنسى أنها كانت هي الجلاد ويؤلمها أن ترى الضحية في السلطة .

لم يكن كلام هيكل يعنيني لكن إحتفاء الكاتب القدير مروان الغفوري بكلام هيكل هو الذي يثير الاستغراب .

الغفوري الحداثي الذي يعشق الهواء الطلق فتحرر من إنتمائه للإصلاح يلف قلمه بخيوط عناكب سراديب هيكل ويكتب محتفيا بما قاله هذا المثقف الذي نظر للقمع وشيد أركانه الثقافية ردحا من الزمن .

بعد كل ما قرأته عن هذه الجماعة ليس فيما يخص هذا الموضوع بل في جوانب شتى ومنها حرب فلسطين وحضرت محاضرات لصاحب الكتاب الأبرز و هو كامل الشريف الغير إخواني الذي سطر بطولاتهم في فلسطين وقابلت شخصيات حماسية كثيرة و أيقنت أن الجماعة ستسود يوما ، كما أيقنت أن السلطة ليست لديها غاية ولذلك حتى لو تم إقصاؤها بأي طريقة كانت فلن تخسر شيئا فهي منذ 85 عاما تعاني الكثير من أنظمة قمعية آلت للزوال وبقيت هي ولن يشكل عودتها إلى بين الجماهير سوى فصل جديد في سِفر طويل سفر الصبر والثبات والتضحية و كسب المزيد من الجماهير التي لن تقبل بعد اليوم أنظمة قمعية أيٍ كان توجه ضحاياه