اليمن بين الوحدة والتفكيك
بقلم/ د . محمد صالح المسفر
نشر منذ: 9 سنوات و شهرين و 10 أيام
الجمعة 28 أغسطس-آب 2015 11:35 ص
الدعوة إلى انفصال جنوب اليمن عن شماله ليست وليدة الساعة ، إنها تعود إلى منتصف التسعينات من القرن الماضي رغم أن الشعب اليمني بكل مكوناته القبلية والحضرية من دعاة الوحدة والعاملين عليها . والحق أن الوحدة اليمنية تعرضت لعملية تشويه من قبل قيادات سياسية فقدت مصالحها، وأخرى طامعة في الغنائم.

( 2 )

ننحي باللائمة، على الإخلال والعبث بمفهوم الوحدة ، منهجا وممارسة ، على الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، لقد اعتبر توحيد اليمن بقوة السلاح عام 1994 غنيمة حرب ، استولى فيها على أملاك الغائبين من أهل البلاد ، الذين انتشروا في الأرض بحثا عن الرزق . وكما هو معروف في الجزيرة العربية لكل قبيلة حمى ولا يجوز التعدي على حمى القبيلة من أي طرف كان ، وراح علي عبد الله صالح يستولي على أملاك الغائبين وحمى القبائل ويوزعها على أقاربه وجنده ، وخاصة من أبناء الشمال ، لم يكتف بذلك ، بل وهب المؤسسات الاقتصادية والمنافع التجارية منها صناعة النفط ومصائد الأسماك واحتكار الموانئ لفئة أحاط نفسه بها، وألغى مؤسسات الجيش الجنوبي، الذي كان قائما قبل الوحدة ، وأحال أفراده إلى التقاعد بمرتبات زهيدة تكاد لا تكفي الفرد الواحد فما بالك بأسرة وآخرين منهم حرموا من كل الحقوق . عبدالله صالح ، لم يبن دولة الوحدة على أسس وطنية يساوي فيها بين أفراد الشعب ، ويحقق العدل ويمنع الفساد ويحارب الاستبداد .

إذا كان لنا ، حق العتب فيما وصلت إليه الوحدة اليمنية ، فإنه ينصب ،على مثقفي اليمن الذين أحاطوا أو اقتربوا من علي عبد الله صالح أذكر منهم على سبيل المثال الدكتور الإرياني ، والقربي ، والشيخ الزنداني وآخرين، ومن مشايخ اليمن أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الشيخ الكبير عبدالله بن الاحمر ولا أستثني شيوخ قبائل آخرين من هذا العتب . هؤلاء تركوا علي عبدالله يعبث بدولة الوحدة وخيراتها ، وراح يؤلب النعرات القبلية ، الأمر الذي أغضب أهل جنوب اليمن . أهل جنوب اليمن يشعرون بأنهم ظلموا من إخوانهم في الشمال على امتداد أكثر من ثلاثين عاما ولم ينصفهم أحد أو يقف مع مطالبهم الحقة ، ولهذا أصبحت عندهم الوحدة شرا مستطيرا .

(3 )

يقول من نلتقي معهم من أهل الجنوب : إن إخواننا في الشمال اليمني لم ينصفونا إبان حكم علي عبد الله صالح ،ولم ينصفونا إبان ثورة الشعب منذ عام 2011 رغم وقوفنا معهم في كل الساحات ضد استبداد عبدالله صالح، وعندما تمدد الحوثي وجند علي عبدالله صالح نحو الجنوب، وقف معظم أهل الشمال إلى جانب زمرة الانقلابيين (صالح والحوثي) ودمروا بيوتنا وشردوا أهلنا وقتلوا خيرة شبابنا على مدى أكثر من أربعة أشهر ، بينما مدن الشمال كلها تعيش في أمان إلا من قوات التحالف الجويه التي استهدفت مواقع البغاه على الشرعية وسؤالنا كما يقول إخواننا في المحافظات الجنوبية المحررة ، ماذا تريدون منا بعد أن دمرت محافظاتنا تدميرا شاملا ؟

الجواب عندهم، نريد الانفصال، ونقيم دولتنا ونبنيها على أسس حضارية ديمقراطية، بعيدا عن النعرات القبيلية أو المذهبية .

( 4 )

إن الذين لا يعرفون اليمن ولم يتابعوا مراحل الوحدة ولا يعرفوا ما الذى جرى ويجري في جنوب اليمن وشماله، يصدق كل كلمة ذكرت أعلاه، وليس عند الكاتب اعتراض على ما ذكر فهو أقرب إلى الواقع ، لكني لست من المؤيدين للتعصب ضد الوحدة والعاملين على تفتيت أو تفكيك عرى الوحدة في هذه الظروف ، فهي القوة الحقيقية للشعب اليمني. إن الذين يسعون اليوم للاستفادة من الضعف الذي تعيشه اليمن عامة والجنوب خاصة في مجال الأمن الداخلي لتحقيق مآربهم في الانفصال، هو في حد ذاته خطر يهدد الوجود اليمني ويحرم الأمة اليمنية من إعادة الإعمار وتضميد الجراح عن طريق التعاون الدولي والعربي وخاصة دول مجلس التعاون .

إن النصر الذي تحقق في عدن وما جاورها من المحافظات يدعونا لرص الصفوف وتعميق الوحدة في مواجهة المندسين والمخربين والخلايا التي زرعها الثنائي الكريه ( عبد الله صالح والحوثي ) من أجل الانتقام من أهل هذه المحافظات والعبث بأمن واستقرار تلك المناطق والهاء الناس عن الإعمار وتضميد الجراح . يجب علينا جميعا في جنوب اليمن أن نفوت الفرصة على ذلك التحالف الثنائي كي لا يعبث بما أنجزت المقاومة الشعبية وقوى التحالف وقوات الشرعية تحت أي ذريعة كانت .

آخر القول : يجب على كل الحريصين على اليمن واستقراره ،العمل على إنجاز مهمة تحرير اليمن ، من الباغين على السلطة والشعب والموارد ، وإعادة تشكيل دولة الوحدة على أسس وحدوية حقيقية ليست مبنية على المحاصصة وتقاسم الغنائم كما حدث في العراق ، والعمل على إعادة الإعمار على كل الصعد ، وهنا الدعوة إلى دول مجلس التعاون المتحالفة لإعادة الشرعية إلى أصحابها، وهي شرعية الشعب اليمني، ومن ثم إقامة اتحاد كونفيدرالي يجمع اليمن الموحد مع دول مجلس التعاون من أجل مستقبل عظيم.