عودة الجفري والتغيير المرتقب في اليمن
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 18 سنة و شهر و 15 يوماً
الجمعة 15 سبتمبر-أيلول 2006 04:09 م

" مأرب برس - خاص " 

" مأرب برس - خاص " 

يخطيء الرئيس علي عبدالله صالح إن ظن أنه يمكن أن يستخدم رجالا مثل عبدالرحمن الجفري أومحسن بن فريد كورق سياسية مثلما استخدم حزب الإصلاح كورقة سياسية ( حسب زعمه لقناة الجزيرة) أو مثل استخدامه لقوى أخرى بالفعل قبل أن يشن الحرب عليها في وقت لاحق.

ورغم أن حزب الإصلاح تحالف مع الرئيس بصدق في ظروف كانت مصلحة الإصلاح وربما مصلحة الوطن تستدعي هذا التحالف، إلا أن الإصلاح وجد في النهاية أن الواجب الديني والأخلاقي يستدعي وقف التحالف مع الفساد وهذا ما أثار الرئيس عليه وجعله يتهجم على قياداته بحدة وحرقة كبيرتين.

أما عودة الأستاذين الجفري وبن فريد وقيادات حزب الرابطة في الخارج فلا أظن أنها تندرج في سياق تحالف مع الفساد أو الإفساد، وإنما هي أقرب إلى كونها محاولة أخيرة لإنقاذ الوطن كل الوطن من الفساد والإفساد.

وقد سمعنا دعايات كثيرة في السابق مصدرها السلطة الحالية تصف الأستاذ الجفري بالإنفصالية وغير ذلك اعتمادا على حقيقة مشاركته في إعلان الإنفصال عام 1994، ولكن الجميع يعرف أن إعلان الإنفصال لم يأت إلا بعد ما واجهته لجنة الحوار الوطني من عنت وخديعة من قبل النظام الذي اتفقت معه اللجنة على التوجه الى عدن لتهدئة الأوضاع وإذا به يشن الحرب بعد ان ينتقي مجموعة من لجنة الحوار ويطلب منها العودة الى صنعاء ويستثني الجفري ومن معه من أبناء الجنوب.

وبعد مغادرة أعضاء لجنة الحوار الفجائية بساعتين بدأالهجوم..ثم طرح الجفري مبادرة من عدن في 9 مايو باسم التكتل الوطني للمعارضة طالب فيها بوقف فوري لاطلاق النار والتحقيق حول من بدأ القتال وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأعلنت اللجنة أن من يرفض المبادرة ستقف ضده .. ورفضها الرئيس علي عبدالله صالح في يوم 10 مايو 1994 فلم يترك للجفري خيارا سوى الإنفصال عن النظام وليس عن الوطن( مجلة الوسط بلندن عدد الأسبوع الأخير من مايو 94).

ورغم إعلان الإنفصال فإن ممارسات الأستاذ الجفري على أرض الواقع مع أبناء الشمال في عدن كانت ممارسات نبيلة تولى خلالها حماية الأسرى من الطرف الآخر من اي عمل انتقامي وقرر نقلهم إلى المهرة دون ان تمسهم اي ممارسات او أذى.. وعندما خرج الجفري من عدن وكان آخر الخارجين تولى في أرض الاغتراب رعاية الجميع ممن تركهم الآخرون ولم يفرق بين شمالي وجنوبي مطلقا.

وللأمانة والتاريخ فإني سمعت إشادة بدور الجفري في رعاية النازحين من الرئيس علي ناصر محمد نفسه في دمشق قائلا إنه يكن للرجل احتراما كبيرا بسبب رعايته للاشتراكيين وغير الاشتراكيين من أبناء الجنوب والشمال عقب محنة 1994.

وسمعت من آخرين في الخارج أن الجفري كان يحرص أثناء تشكيل الهيئات القيادية في الخارج آنذاك استيعاب جميع ابناء الشمال دون تمييز.

ورغم أني على الصعيد الشخصي لم أكن جزء من حركة موج التي رأسها الأستاذ الجفري ولم يتسن لي التعرف عليه في تلك الفترة إلا أني سمعت منه مؤخرا قولا يثلج الصدر وهو أن أي دعوة انفصالية لن تحقق، إن حققت شيئا إلا التفتت والتشرذم للجنوب ذاته.. كما أنها لو حدث المستحيل ونجحت فلن يكون هناك استقرارا بين شمال وجنوب ولا في أي منهما، وفوجئت أن الرجل يؤمن بالوحدة أكثر من كثير من المزايدين باسمها في حين أن هناك في صنعاء من يتغنى بالوحدة ليل نهار ويمارس الإنفصال في أبشع صوره.

وفيما يتعلق بالمعارضة ورغم أني أيضا خارج حزب الرابطة إلا أني كنت أرى على الدوام بأن الموقع الطبيعي لحزب الرابطة هو مع العمل المشترك وبالذات بين أحزاب اللقاء المشترك، وكنت أستغرب عدم وجود الرابطة بين أحزاب اللقاء المشترك، ومازلت أذكر الدور الفعال الذي كان يلعبه حزب الرابطة في التكتل الوطني للمعارضة بعد إعلان وحدة اليمن إلى ما قبل حرب 1994 المشؤومة.

وكان الأستاذ الجفري بمثابة الدينامو المحرك لتكتل المعارضة وإلى جانبه المرحوم الجاوي رئيس حزب التجمع الوحدوي اليمني، ولذلك فإن غياب الرابطة والتجمع عن اللقاء المشترك أثار تساؤلاتي، وطرحت الأمر على الأستاذ الجفري فلمست منه نبرة أسى وعتاب بسبب التجاهل الذي قوبلت به مبادرات حزب الرابطة وبرنامجه الإصلاحي الذي جاء برنامج اللقاء المشترك بعدها بفترة.

ولم يتسن لي معرفة رأي قيادات اللقاء المشترك بسبب عدم التواصل، لكن الأستاذين زيد الوزير وقاسم الوزير المقيمان في واشنطن، وحزبهما اتحاد القوى الشعبية جزء فعال في اللقاء المشترك أبديا تحمسا كبيرا لإشراك حزب الرابطة، وأشادا بمواقف الجفري وبن فريد، وتم الإتفاق المبدئي على طرح المسألة على قيادات اللقاء المشترك لأن تغييب الرابطه ليس في صالح العمل المشترك، لكن الأحداث تسارعت والإنشغال بمتابعة الحملة الانتخابية على ما يبدو سلب انتباه الجميع إلى أن جاءت عودة الأستاذين الجفري وبن فريد إلى أرض الوطن في خطوة فاجأت كثيرين.

هذه العودة سيكون لها مردود كبير لصالح الوطن اليمني لأن الجفري وبن فريد لا يتحالفان إلا مع الوطن، ولن نتوقع منهما أبدا أن يدعما الرئيس علي عبدالله صالح ضد الوطن، بل سيعيناه على إصلاح ما أفسدته سياساته الماضية، وليس لديه خيار مطلقا فيما تبقى له من سنوات إن نجح في هذه الانتخابات سوى إصلاح الأوضاع وإلا فالطوفان قادم لا محالة.

هذا الخطر القادم يدركه جيدا الأستاذ الجفري ورفيق دربه محسن بن فريد وربما يدركه أيضا الرئيس علي عبدالله صالح. أما إذا فكر الرئيس علي عبدالله صالح في تحويل الجفري وبن فريد إلى ورقة سياسية فلن ينجح إلا في تحويل نفسه إلى ورقة حارقة حالكة السواد، وسوف ينهي بذلك ما تبقى له من رصيططط.

وبشأن اللقاء المشترك فإن رصيده يتصاعد يوما بعد يوم ولن ينتهي بانتهاء الانتخابات ولكن على قادته أن يعملوا على كسب الآخرين وعلى رأس هؤلاء الآخرين حزبي الرابطة والتجمع. ومثلما نجح اللقاء المشترك في كسب قطاع كبير من المستقلين، فإن الأمر لن يكون عصيا على كسب حزبين وطنيين مثل الرابطة والتجمع، أما الأستاذين الجفري وبن فريد فإن أهدافهما في إصلاح الوطن تلتقي مع أهداف اللقاء المشترك سواء كانا في السلطة أو في المعارضة، ولن يشاركا في إعادة انتاج ما هو قائم بل سيساهمان على الأرجح في إصلاح ما هو قائم لعل وعسى أن يصحو النظام من غفوته فهذا هو ما نريده ولذلك نتمنى لهما التوفيق في مسعاهما.

مشاهدة المزيد