آخر الاخبار

الإعلام الأمريكي يكشف عن أوجه الاختلاف بين إستراتيجيتي بايدن وترامب الموجهة ضد الحوثيين؟ الإفتراض الخاطئ الحوثيون يجددون تحديهم للإدارة الأمريكية وترسانتها العسكرية في المنطقة.. عاجل أول أديب يمني تترجم قصصه للغة الكردية وتشارك في معرض أربيل للكتاب وكيل قطاع الحج والعمرة ينهي الترتيبات النهائية بخصوص موسم الحج لهذا العام مع نائب وزير الحج السعودي وزارة الأوقاف اليمنية تعلن صدور أول تأشيرة حج لموسم 1446هـ منصة إكس الأمريكية تتخذ قرارا بإيقاف حساب ناطق مليشيا الحوثي يحيى سريع قرابة ألف طيار ومتقاعد إسرائيلي يقودون تمردا بصفوف جيش الاحتلال.. رسالة تثير رعب نتنياهو   سفير جديد لليمن لدى أمريكا بلا قرار جمهوري مُعلَن موانئ عدن تعلن جاهزيتها الكاملة لاستقبال السفن تزامناً مع القرار الأمريكي بحظر دخول النفط إلى الحديدة اللجنة الأمنية بحضرموت تتوعد كل من يتعاطى مع التشكيلات العسكرية خارج إطار الدولةوتحذر المساس بأمن المحافظة

تهامة يا جرح اليمن المنسي
بقلم/ عارف أبو حاتم
نشر منذ: 8 سنوات و 5 أشهر و 11 يوماً
السبت 29 أكتوبر-تشرين الأول 2016 03:35 م
في تهامة اليمن تشق المأساة أكباد الرجال، الجائع يعذبه الجوع، والرائي تعذبه قلة الحيلة، المجاعة تعصف بأكثر المحافظات ثراء وأخصبها أرضاً وأطيبها قلوباً وأنبلها شهامة وإنسانية.
هذه تهامة التي احتفظت باسمها لآلاف السنين، ولم تحتفظ بلقبها الشهير "لو زرعت تهامة لكفت الناس إلى يوم القيامة".. خسرت أبناءها وتساقطوا تحت مقصلة الموت، واحد يقتله الحوثي، وآخر تقتله الملاريا والكوليرا، وثالث يموت جوعاً على قارعة الطريق.. في تهامة كل الأساطير حقيقة.. شباب أعمارهم في العشرينات وأوزانهم في العشرينات أيضا.. في تهامة يأكل الناس النفايات إلى درجة أن تزاحموا ذات نهار على أكل دجاج مجمد أجبرت الحكومة مستورده على إتلافه لأنه غير صالح للاستخدام الآدمي.. 
في تهامة المركز الصحي عبارة عن دراجة نارية في مؤخرتها صندوق خشبي فيه مسكنات شبه تالفة.. في تهامة تقتل الملاريا سنويا عشرات أضعاف من يقتلهم الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.. في تهامة المدرسة عبارة عن عشة "غرفة من القش" والمدرس أكثر جوعاً من طلابه.. في تهامة يقف ضابط صغير قادم من أعالي جبال الشمال يسترهب الصيادين ويجمع أموالهم لشراء قوارب صيد، ويمتص أموال الفلاحين لشراء مضخات ماء ويغادر دون رجعة.. في تهامة يزوج الأب ابنته قبل أن تتعلم حروف الهجاء ليس طمعاً في المال بل ليتخلص من عبء معيشتها.. 
في تهامة المدرسة والمستشفى والكهرباء والأسفلت من ترف الحياة الذي لا يجوز التفكير فيه.. في تهامة يشعر الفرد بمواطنته في حالتين؛ حين يذهب إلى صندوق الاقتراع ليصوت لحزب الزعيم، وحين يقف في الطريق الرئيسي ينتظر موكب الزعيم ليصفق له.
وفي تهامة أيضاً كل المفارقات العجيبة.. هذه دلتا اليمن وأرضها الخصبة، فيها أشهر مزارع الشعير والدخن والمانجو وفيها أجود أنواع العسل وكلها لمُلاك وافدين إلا القليل، أخذوا معظمها بقوة نفوذهم في السلطة وحولوا المُلاك الأصليين إلى حراس مزارع وأُجَراء عند من اغتصبوا حقهم.. وفيها خمسة موانئ، منها ميناء نفطي في رأس عيسى وميناء تجاري عريق في الحديدة وميناء تاريخي في المخا.. هناك حيث أصاب البحار البرتغالي الدوار ولم يجد بداً من التوقف عند أقرب يابسة للعلاج، فتوقف في المخا وفيها شرب قهوة البن اليمني الأصيل، فاشتهرت مفردة المخا في أفواه السياح والأجانب "موكا" لتأخذ أسمها العالمي إلى اليوم "موكا كافية".
وفي تهامة أشهر قبائل اليمن وأشجعها "الزرانيق" الذين أباد الإمام الطاغية يحيى حميدالدين خير رجالها وأقتادهم بالسلاسل من سهول تهامة إلى جبال يافع بحجة في ثلاثينيات القرن الماضي وهناك أبادهم جميعاً، لأسباب أهمها أنهم "شوافع" وهو "زيدي" لا يقبل التعايش مع أحد.
وفي تهامة تقع "زبيد" حاضرة العلم والعلماء ورائعة اليمن التاريخية وواحدة من أهم مدن التراث العالمي في قائمة اليونسكو.. وفي تهامة تحتشد التراتيل الصوفية والأصوات الندية المكتنزة بمورثات أصول العلم في الأدب والشعر والتاريخ والفقه والحديث واللغة والفلك، وخاضوا مؤخراً العلوم الطبيعية الحديثة وكانوا لها منارة في كل اليمن.. إذا حضر ابن تهامة في جامعة أو محفل فيجب الانصات بخشوع لصوت العلم والعقل والاستقاء من نبع يتدفق كنهر جارف.
هي حرب، ولن أسميها غير ذلك، حرب يشنها سكان الجبل على الساحل، وإلا ما معنى أن يكونون هم ملاك الأرض وإلى جيوبهم تذهب عائدات الضرائب والجمارك وتحتشي بطونهم بخيرات الأرض، وفوق ذلك يأتي حوثي ويقف بهمجية لا تتكرر في التاريخ، ويطلب من الجوعى وأنصاف الموتى التبرع للبنك المركزي الذي نهبوا منه خمسة مليارات دولار وكل مدخرات وعائدات الدولة لسنيتن، وينشر ذلك في وسائل إعلامه "أهالي مديريات التحيتا والزهراء والقناوص تبرعوا للبنك".. وهم الأكثر جوعاً في شبه الجزيرة العربية!!