صراع النفوذ الحوثي في إب إشتباكات دامية على قطعة أرض تقتل شابا وتصيب أخرين بجروح خطيرة اتحاد الشرطة الرياضي ينظم ماراثون اختراق الضاحية في اربعينية الفقيد العقيد بدر صالح الجيش الوطني ينجح في كسر هجوم حوثي عنيف جنوب اليمن الموظفون النازحون يتظاهرون غداً الخميس بالعاصمة عدن للمطالبة بصرف مرتبات 7 أشهر متأخرة ماذا قال الرئيس السوري أحمد الشرع عن زيارته إلى تركيا ولقاء أردوغان؟ من الصين إلى البرازيل.. رفض دولي واسع لمشروع ترامب احتلال قطاع غزة وتهجير سكانها والأمم المتحدة تقول أنها متفاجئة أميركا تسعى لاحتلال قطاع غزة وحماس تصف ترامب بـ ''تاجر العقارات'' مستجدات قضية الشيخ المغدور به صادق ابو شعر.. قبائل إب تدعو إلى اجتماع عاجل يوم الجمعة السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق شخصين ادينا بـ ''خيانة الوطن'' صحفي اقتصادي يكشف ''جذر المشكلة'' في أزمة أسعار الصرف باليمن ويستشهد بسوريا بعد الأسد كيف تعافت عملتها سريعًا؟
عندما اتخذ الرئيس المصري الراحل أنور السادات قراره التاريخي الكبير بالذهاب إلى القدس في نوفمبر/ تشرين الثاني 1977 والشروع في محادثات سلام مع إسرائيل، اعترض وزير خارجيته آنذاك اسماعيل فهمي فقدم استقالته قائلا إن ما أقدم عليه السادات «سيضر بالأمن القومي المصري، ويضر بعلاقتنا مع الدول العربية الأخرى، ويدمر قيادتنا للعالم العربي». وحين تم اختيار محمد رياض وزير الدولة للشؤون الخارجية ليكون خلفا له، لم يتطلب الأمر سوى بضع دقائق حتى أعلن رياض بدوره استقالته بل وذهب لمنزل فهمي ليخبره بالقرار.
وعندما أختير أحمد ابراهيم كامل وزيرا للخارجية بعدهما وانخرط في محادثات كامب ديفيد إلى جانب السادات لم يرض في النهاية عما آلت إليه هذه المحادثات فاستقال بدوره قبل يوم واحد من التوقيع على المعاهدة في 17 سبتمبر/ أيلول 1978 من قبل السادات والرئيس الأمريكي جيمي كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن بسبب ما اعتبره حجم التنازلات التي قدمها الرئيس المصري الراحل لإسرائيل في ذلك الحين حول القضية الفلسطينية.
طبعا لم يعد في مصر هذا النوع من الرجال، ولكن استحضار هذه المواقف يأتي في سياق استغراب أن يحصل في بلادنا العربية مؤخرا كل ما حصل بين كل من إسرائيل والإمارات والبحرين والسودان والمغرب ولا نسمع بمجرد استقالة واحدة!! هل يعقل أن يكون كل الوزراء في هذه الدول، ونحن هنا لا نتحدث سوى عن هذا المستوى الأول من المسؤولين، على قلب رجل واحد ولا أحد منهم لديه تحفظات، ولا نقول اعتراضات، على ما جرى تجعله يقدم استقالته ليسجلها له التاريخ مثلما سجلها لغيره.
أن يكون كل وزراء الإمارات والبحرين والسودان والمغرب متفقين جدلا على مبدأ السلام مع إسرائيل شيء، وأن تصل الأمور بهم إلى القبول بكل تفاصيل ما جرى شيء آخر مختلف تماما، ومع ذلك لم يخرج من بينهم أي وزير يغلق الباب وراءه ويقول «سلام عليكم» ولو بحجج غير سياسية تحاول تبرير هذه المغادرة.
إسماعيل فهمي مثلا تحجج بالمرض للاعتذار عن عدم مصاحبة السادات في زيارته إلى القدس ورد عليه السادات بتلميح ذكي يقول إنه يتفهم ما لديه من مشاكل في معدته قبل أن يتخذ الوزير قراره ويستقيل رسميا.
ليس مطلوبا من أي وزير في هذه الدول إظهار بطولات قد تكلفه غاليا، خاصة في دول تعاقب على مجرد تغريدة في «تويتر» ولكن ما كان ملفتا للانتباه حقا أن لا أحد على الإطلاق تجرأ حتى على المغادرة دون ضجيج حتى ينأى بنفسه عن مسؤولية سياسية تاريخية لا يقبل فيها منه أعذار واهية، هي في الحقيقة لدى معظمهم تبرير للانتهازية أو الجبن أو كليهما.
ما يقال عن الدول العربية يقال أيضا عن الفلسطينيين أنفسهم، فعقب «اتفاق أوسلو» بين منظمة التحرير وإسرائيل لم نشهد استقالات كبرى على مستوى الصف الأول، رغم امتعاض ومعارضة عدد لا بأس به من القيادات، وهنا ربما لا نستحضر سوى استقالة الشاعر محمود درويش من اللجنة التنفيذية (حكومة المنظمة) واستقالة كل من إبراهيم أبو اللغد وإدوارد سعيد من المجلس الوطني (البرلمان في المنفى) بعد أن وصف هذا الأخير الاتفاق بأنه «صفقة خاسرة للفلسطينيين». كما أن حنان عشراوي هي الوحيدة التي استقالت مؤخرا في أعقاب ما يجري خاصة عودة التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل بحجج مهزوزة، وسخيفة أحيانا، تجنبت مصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع التي أدت إلى قرار كهذا بعد أشهر من الاصرار على عكسه.
استقالة الوزراء لا ترتبط فقط بإسرائيل وإنما هي مواقف يسجلها أناس، يفترض أنهم محترمون وفي الصف الأول من المسؤولية، عندما يرون أنفسهم غير مرتاحين ولا مقتنعين بدرجة أو بأخرى بالسياسات القائمة، ولكن يبدو أن هذه «الطينة» من المسؤولين لم تعد موجودة في أغلب الدول العربية مع أن تونس شهدت عام 1978 استقالة خمسة وزراء تونسيين دفعة واحدة احتجاجا على موقف الحكومة المتصلب من النقابات والتصادم معها، وهو ما حصل فعلا في ما عرف بأحداث «الخميس الأسود» الذي سقط فيه عشرات القتلى والجرحى في الاضراب العام المعلن وقتها.
لا مجال للحديث عن الاستقالات عند الوزراء في الغرب، فهؤلاء في الغالب جاهزون دوما للرمي بها فورا لأي اعتراض جلي بين قناعاتهم والسياسات الرسمية، حتى وإن تعلق الأمر بموضوع خارجي كاستقالة وزير الدفاع الفرنسي جان بيار شوفنمان الاحتجاجية عام 1990 اعتراضا على طريقة تعامل فرنسا مع غزو واحتلال القوات العراقية للكويت.
ما لدينا في البلاد العربية أنكى من مجرد الاحجام على الاستقالة كأن يصبح من كان أمينا عاما لمجلس التعاون الخليجي مزهوا بأن صار وزير خارجية بلد يستقبله ترامب ويصافح نتنياهو ويوقع معه الاتفاقيات المُفرِّطة في كل شيء، وبعد أن صار وزير خارجية مصر الذي كان هدد بقطع أرجل أهالي غزة، إن هم عبروا الحدود والمبارك ضمنا لضربهم بصمته أمام وزيرة الخارجية الإسرائيلية، أمينا عاما لجامعة الدول العربية.
عليه العوض ومنه العوض!!