صنعاء مدينة مفتوحة! .. وماذا بعد؟
بقلم/ احمد طه خليفة
نشر منذ: 10 سنوات و شهر و 16 يوماً
الأحد 28 سبتمبر-أيلول 2014 12:28 م

لن أناقش هنا المخطئ والمصيب في هذه الأحداث لاعتقادي أن الشعب في غالبيته قد تجاوز هذه المرحلة وقد حملها كل معاني الألم والقهر والذهول والاحتقار.. وليتساءلوا بينهم وماذا بعد؟

أعتقد أن على الجميع العمل على تجاوز ما حصل على الرغم من شدة الألم والذهول ومشاعر الإحساس بالغدر والخيانة.. ولا يعني هذا ان ينسى الناس آلامهم وذهولهم كما يحاول أن يروج المستفيدون من هذه الثورة المضادة والمنخرطون فيها.. كأن الشعب في غالبيته كان فريقا رياضيا مشاركا في مباراة وخسرها وعليه أن يبتسم إبتسامة الرياضي المغلوب.. بل عليهم أن يدركوا ما حصل وأثره على مستقبل مدنيتهم وسلمية الحياة المحيطة بأبنائهم وإمكانية التعايش مع من تغلب عليهم بقوة سلاحه وبسقوط أخلاقه لا بسمو أفكاره وعلو مبادئه.. وعليهم أن يعملوا على أن لا يتكرر ما حصل وأن لا تعود العجلة إلى الوراء فلن يكون وراء بعد هذه المرحلة إلا التشظي وقد ظهرت بوادره في نفوس الكثير وليس في الجنوب فقط.. وهذا يقتضي ايضا أن يعمل الجميع على فتح حوار وطني حقيقي ويشمل كل نخب وطبقات وطوائف الشعب لتحديد المسؤولين عما حدث وفضحهم والعمل على خلعهم من مناصبهم مهما كانت..

ومع أنني أميل إلى الإعتقاد أن الحوثي لن يحاول إعادة الملكية أو الدعوة إليها لأنه في وضعه هذا في ظل الجمهورية واتفاق 21 سبتمبر هو في حال أفضل من الملك بل هو أفضل من كل من في الدولة ولا يمكن منافسته.. هو أعلى من رئيس الدولة ومن الدولة نفسها.. الذي لا يأتيه الخطأ من بين يديه ولا من خلفه والذي لا يستطيع أحد نقده أو انتقاد جماعته ولو كان من بين أتباعه.. ولعل طريقة الرد على انتقادات من كانوا متحدثين باسم جماعته ومنافحين عنه أمام كاميرات القنوات الفضائية وبقية وسائل الإعلام أكبر دليل على ماقلت..

إلا أنني أدعو كل أبناء الشعب إلى رفع علم الجمهورية فوق بيوتهم ومؤسساتهم وسياراتهم وفي كل مكان بما في ذلك الحسابات والصفحات في مواقع التواصل وفي كل المواقع الإلكترونية.. وذلك كرمز لرفضهم المساس بالجمهورية ومستقبل أبنائها..

وهناك مسألتان مهمتان لإنهاء هذه المرحلة الإنتقالية بشكل سليم.. اولاهما أن يضغط الجميع للوصول لنقاش حقيقي لمسودة الدستور القادم وإقراره بشكل ديمقراطي مع العمل على حماية نظام الأقاليم الحالي الذي قبله الأعم الأغلب من ابناء الشعب وعدم تخطيه مهما كانت الأسباب.. وتذليل الصعاب للوصول إلى إنتخابات حقيقية وتأسيس لجان شعبية وطنية لمراقبتها وحمايتها وعدم السماح بالتلاعب بها .. وثانيتهما أن يعمل الشباب في الأحزاب السياسية على الضغط من أجل إقامة مؤتمرات حزبية طارئة عامة تنتخب لجان مركزية ومكاتب سياسية وقيادات جديدة يتمثل فيها الشباب والمرأة بالنصف على الأقل مع عدم التجديد لأي اعضاء قياديين سابقين مر عليهم في مراكزهم أكثر من عشر سنين لإتاحة الفرصة للاجيال الجديدة ولتقديم المثل على عدم التمسك بالكراسي.. مع العمل على مراجعة برامج تلك الأحزاب وافكارها..

واعتقد أنه من نافلة القول أن يعمل الجميع على التأكيد على رفضهم لما حدث ويحدث وان يشاركوا في كل الوقفات والاحتجاجات والاعتصامات السلمية سلمية ثورة فبراير والرافضة للثورة المضادة بكل اشكالها ورموزها وشعاراتها ..

كما أن على الجميع إطلاق حملات لترميم الإنسان الذي أوذي والعنوان الذي دمر وأن يشارك الجميع فيها كل حسب قدرته.. وهدفها إلى جانب مواساة الإنسان اليمني وإعادة ترميم شخصيته وارتباطه بوطنه وربما إعادة إعمار تلك الشخصية وبنائها من جديد وربطها بالأخلاق والقيم السليمة.. ويواكب هذا إعادة إعمار كل ما تم تدميره من المؤسسات التعليمية والدعوية وخصوصا معاهد القرآن الكريم والسنة النبوية والمدارس العامة وبيوت الله التي فجرها أنصار الله!!..

ومن ذلك أرجو ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك أن يتحمل الجميع مسؤولية أن يجعلوا منه عيدا سعيدا على كل أبناء الوطن.. فلماذا لا تطلق حملة العيد السعيد يشارك فيها القنوات الحكومية والخاصة والصحف والمواقع والمنظمات والجمعيات الأهلية والاجتماعية والخيرية والأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والمجموعات التجارية وكل المواطنين.. من أجل مواساة وتطييب خاطر كل المتضررين من الأحداث الحالية والتي سبقتها منذ سنوات ومسح دموع الحرائر من الثكالى والأرامل والمسح على رأس الأحرار ممن يتمتهم الأيام.. وتقديم هدايا كسوة العيد وأضاحيه وحاجياته.. ثم تاتي بعد ذلك حملات لتجعل هذا العمل مستمرا طوال العام.. وأنا هنا أدعو الداعية المعروف ومقدم البرامج على قناة السعيدة الأستاذ محمد العامري لتحمل هذه المسؤولية أو القدر الأكبر منها..

أخيرا.. أقول أنني وخلال سنوات مضت كنت ادافع عن حقوق كل اليمنيين وكان الحوثيون من ضمنهم.. وكنت ادافع عن حق الجميع في المشاركة السياسية والاجتماعية وامتلاك مؤسسات دينية وتعليمية وثقافية تخصهم.. وكان غيري من الكتاب والناشطين يطالب بذلك.. لكننا ما كنا نعلم والعلم كله عند الله أن ياتي وقت يسلبوننا وغيرنا فيه من كل ما طالبنا به لهم.. وهذا لن يمنعنا من المطالبة للجميع بالحقوق المتساوية وان يكون كل ابناء اليمن متساوين.. لا سيد فيهم ولا مسود.. ومهما كانت ضراوة محاولة تكميم الأفواه ومن صورها احتلال المساجد وتغيير خطبائها فإنها لن تنجح لأن الوقت قد تغير.. ولأن معظم المواطنين قد تنفسوا هواء الحرية ولن يستطيع أحد ان يوقفهم إلا إذا أزهق أرواحهم.. ومَن مِن البشر هذا الذي يستطيع أن يزهق ارواح أبناء شعب كامل..