ثمن التحالف ضد الإرهاب
بقلم/ عبدالحكيم هلال
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 13 يوماً
الجمعة 27 مارس - آذار 2009 08:36 م

- عملية إرهابية لتنظيم القاعدة في شبام حضرموت، نفذها شاب في الـ 18، أدت إلى مقتل أربعة سياح من كوريا الجنوبية، وسائق يمني، وإصابة ستة آخرين..(الأحد 15 مارس)

 - أنباء عن قرار لوزارة الدفاع الأمريكية، لتنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد تنظيم القاعدة بمناطق محددة بشمال وشرق اليمن، كمرحلة أولى..(الاثنين 16 مارس)

- عملية تفجير إرهابية أخرى، نفذها شاب عمره 18 عاماً بحزام ناسف في طريق المطار استهدفت فريق التحقيق الكوري الذي حضر للتحقيق في حادثة شبام. تحول منفذ العملية إلى أشلاء دون حدوث أية إصابات أخرى..(الأربعاء 18 مارس)

- وزارة الدفاع اليمنية تنشر أسماء وصور 12 مطلوباً للأمن بتهمة الإرهاب، وترصد مكافاءات لمن يدلي بمعلومات عنهم..(الخميس 19 مارس)

- مجلس تحالف قبائل مأرب والجوف يعبر عن استنكاره الشديد حول ما نشر عن نوايا أمريكية لتوجيه ضربات جوية أو عمليات عسكرية مشتركة ضد أهداف في مأرب والجوف وحضرموت وصعدة، ويحذر من عواقبها..(السبت 21 مارس)

- مصدر دبلوماسي يؤكد أن السفارة البريطانية طلبت من رعاياها ممن لديهم أسر وأطفال مغادرة اليمن..(السبت 21 مارس)

- مصدر مسئول ينفي صحة وجود أية تصريحات لمسئول أمني يمني حول وجود تنسيق مع وزارة الدفاع الأمريكية لتنفيذ عمليات عسكرية في كل من حضرموت، مأرب، الجوف، وصعدة..(الأحد 22 مارس)

- البرلمان اليمني يقرر استدعاء الحكومة لمناقشة الوضع الأمني في البلاد على خلفية التفجيرين الانتحاريين في صنعاء وحضرموت..(الاثنين 23 مارس).

* اليمن: لا مجال للهرب من التشكيك:

هكذا تسارعت تلك الأحداث في ظرف أسبوع واحد. الأمر الذي ربما عكس حالة إضافية من الاضطراب الداخلي  نتيجة ضعف مقدرات الحكومة وعجزها عن مواجهة الإرهاب، وتنامي الظاهرة بشكل لفت أنظار العالم الخارجي لليمن خلال الأشهر القليلة الماضية.

بداية كان الحادث الإرهابي في حضرموت (الأحد 15 مارس) أشبه لما بات معتاد عليه - من لجؤ تنظيم القاعدة إلى تنفيذ عمليات انتحارية لاستهداف السياح الأجانب - بعد تكرار عمليات مماثلة، كان بدأها في يوليو من العام 2007 باستهداف سياح أسبان في مأرب (قتل فيها ثمانية سياح، وسائق يمني)، ومن ثم حضرموت (يناير 2008) في عملية أخرى أستهدف فيها سياح بلجيك (قتل فيها سائحان، وسائق يمني)..

غير أن هناك جديد دائماً. وهذه المرة أعتبر الجديد، استخدام القاعدة للأحزمة الناسفة – بعد السيارات المفخخة، وقذائف الهاون – وعلى ما في الأمر من خطورة – ربما - في تجديد القاعدة لأساليبها والانتقال من تكتيك إلى آخر بين الفينة والأخرى، إلا أن الأخطر في الحادثتين الأخيرتين (حضرموت –صنعاء) – بحسب ما يعتقد البعض – هما أمران. الأول: استخدام التنظيم لشباب في مقتبل العمر (منفذي العمليتان عمر كل منهما 18 عام). وأما الأمر الأخر هو: النظر إلى الحادث الثاني قرب مطار صنعاء (الأربعا 18 مارس) على أنه يحمل مؤشرات تشكك باحتمال اختراق تنظيم القاعدة للجهاز الأمني اليمني. وفي هذا الصدد ظهرت علامات استفهام عديدة وضعها محللون ومتابعون للحادث. غير أن الأهم هي تلك التساؤلات التي جاءت هذه المرة من قبل رئيس كتلة الحزب الحاكم - المؤتمر الشعبي العام - الشيخ سلطان البركاني، الذي أكد في حديثه أمام البرلمان في جلسة الأحد الماضي، على أن الحادث الأخير - الذي وقع بالقرب من مطار صنعاء - بعمل انتحاري، أعطى بعض الانطباعات عن وجود خلل أمني..!! وتساءل: كيف وصلت المعلومات للإرهابيين عن وصول فريق كوري للتحقيق في الحادث الذي وقع في مدينة شبام بحضرموت؟

هذا التساؤل ظل مشرعاً أمام الجميع، وبموجبه قرر النواب استدعاء الحكومة إلى المجلس (أمس الاثنين 23 مارس)، وفيما لم يلقى – حتى اليوم – أية إجابة شافية، كان الدكتور رشاد العليمي – نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن – قد حضر إلى المجلس النيابي، ليتحدث عن إستراتيجية تنظيم القاعدة في اليمن. وقال أن التنظيم حدد له أربعة أهداف رئيسية في اليمن خلال الفترة القادمة، من خلال ضرب: المنشاءات، السفارات الأجنبية، الأجانب، وبعض الشخصيات الأمنية في البلاد.

وفي الحقيقة أن العليمي لم يأت بجديد، يمكن الاعتداد به، ذلك أن كل ما ذكر في حديثه، يمكن استنتاجه بسهولة من تلك العمليات التي قام بها تنظيم القاعدة خلال الفترة الماضية. فيما يتجدد التساؤل: هل فعلاً أن الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل تنظيم القاعدة؟ وهو تساؤل ليس بالجديد، فقد ظلت – منذ سنوات - بعض الجهات والمؤسسات المحلية والدولية تقول به، غير أن الأمر لم يكن أكثر من تكهنات، بالنسبة للسلطة، التي ظلت تدرج تلك التساؤلات ضمن ما كانت تعتبرها حرباً سياسية من جهة "المعارضة"، واستهدافا للأجهزة الأمنية والمسئولين عليها.

اليوم، لم يعد هناك مجالا لتلك الاعتبارات، فقد ظهر من عمق السلطة وحزبها الحاكم، من يشكك ويتساءل عن الأمر..!! وفي الحقيقة، اليوم، يبدو أن إلغاء أو إهمال مثل هذه التساؤلات، أو التعامل معها بكيدية، هو الأمر الداعي للتشكيك بحد ذاته..!! والأمر ببساطة بالغة، علينا أن نؤمن بأبسط البديهيات. وإذا كانت المعرفة بوجود فريق تحقيق كوري أمراً سهل بالنسبة للمتابعين – ناهيك عن الإرهابيين المعنيين بالأمر - من خلال وسائل الإعلام. فإن معرفة الإرهابيين بوقت مغادرة فريق التحقيقات الكوري للبلاد، باليوم والساعة والدقيقة، لهو أمر من الصعب عدم الالتفات إليه أوالتوقف عنده، وأخذه بنوع من الريبة والتشكيك المريب.

- كوريا الجنوبية: ضربتين بالرأس توجع:

هجومان على رعايا ومسئولين كوريين جنوبيين، الفارق بينهما يومان فقط..!! لا يمكن ترك الأمر هكذا مدعاة للمصادفة..!! ولعل المتابعين، ربما، - وبالأخص الكوريين الجنوبيين - كانوا سيتركون الأمر بعيداً عن محاولة البحث عن تفسيرات أخرى لما يمكن أن تكون الحقيقة، وذلك باعتبار حادثة مقتل السياح، مجرد استهداف متواصل للأجانب. كان ذلك سيبدو طبيعياً – إلى حد ما - فيما لو كان الأمر قد أقتصر فقط على حادثة شبام حضرموت. غير أن ما تلا تلك الحادثة من استهداف آخر قرب مطار صنعاء، لمسئولين كوريين (جنوبيين) – بعد يومين فقط من الحادثة الأولى - جعل الأمر يبدو كما لو أنه استهداف مباشر لكوريا الجنوبية، حليف أمريكا الرئيسي في أسيا. 

يقال في المثل الشعبي أن "ضربتين في الرأس توجع". لقد أثارت الحادثتان ذهنية المحللين الكوريين، وجعلتهم يتساءلون بداية: هل تعتبر كوريا الجنوبية هدفاً رئيسياً للإرهابيين؟ ولكن.. لم لا؟ وقد كانت كوريا الجنوبية الرقم ثلاثة في حجم الجنود المرسلين إلى العراق وأفغانستان لمحاربة ما يسمى بالإرهاب. هكذا بدأت التفسيرات تتوارد بحثاً عن إجابة معقولة. ولكن.. هناك من جعل تلك الفرضية في خانة ضعيفة، كون كوريا الجنوبية أعلنت مبكراً سحب جميع قواتها من تلك المعركة الدولية..!!

حادثتان متتاليتان في غضون يومين..!! بدا الأمر مستغرباً..!! إذن لابد وأن يبحث هؤلاء عن تفسيراً آخر يكون أكثر قرباً من أهداف الإرهابيين التي أرادوا تحقيقها من تلكما الحادثتان. في موقع صحيفة ( The Korea Times ) حاول أحد الصحفيين الكوريين اللعب مع القراء عن طريق جرجرتهم بطريقة "العصف الذهني" بهدف الوصول معهم إلى يمكن أن تكون هي الإجابة التوافقية للجميع. بدأ بجلب بعض الاحتمالات البسيطة جداً، منها – على سبيل المثال - أن الإرهابيين "لربما أرادوا تحذير كوريا الجنوبية من احتمال إعادة جنودها مرة أخرى، إلى ساحة المعركة الدولية ضد ما يسمى بالإرهاب.." على أنه – وحتى يتخلص من هذا الاحتمال البسيط جداً – ربطه باحتمال أخر، وهو احتمال استجابة كوريا لذلك "فيما إذا طلبت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما – بداية - منها إعادة جنودها إلى ساحة المعركة". وفيما أستبعد الكاتب هذا الاحتمال كونه يظل مرهوناً بـ"إذا"، فقد انتقل إلى احتمال آخر، أعتبره الجواب الأكثر معقولية "الآن". وهو أن استهداف كوريا الجنوبية من قبل تنظيم القاعدة – ربما – يأتي على خلفية إرسالها إحدى مدمراتها العسكرية إلى خليج عدن كجزء من القوات الدولية التي تعمل في محاربة القرصنة البحرية، ومراقبة المنطقة وتأمينها. ولمزيد من المعقولية فقد نوه إلى أن مثل ذلك العمل - أيضاً – لا يخرج عن كونه حماية لهذه المنطقة "الهامة"، من تنظيم القاعدة نفسه. مستشهداً بتصريحات بعض قياداته – في وقت سابق – الذين دعوا أعضاء التنظيم إلى مقاتلة تلك القوات من أجل إخلاء البحر منها لتأمين الممر البحري الاستراتيجي لها. يبدو الأمر معقولاً إلى حد ما، غير أن كون ذلك احتمالا هو الآخر، جعل الكاتب ينتقل إلى احتمال آخر، لا يمكن الفكاك منه في كل الحالات..

كل ذلك يمشي وفقاً لفرضية هامة: لم يكن الأمر مصادفة البتة. وعليه يعتقد الكاتب أنه، حتى وإن لم يكن أيا من تلك الاحتمالات السابقة صحيحاً، فهناك شيء واحد هو مؤكد: بالنسبة لمعظم الأصوليين الإسلاميين، تعتبر كوريا تقريباً، هي الولايات المتحدة الأمريكية الثانية في السياسات الدبلوماسية والعسكرية، ذلك إن لم تكن التابع المخلص الأخير. وفقاً لذلك، فقد أستشهد الكاتب بما قاله أيمن الظواهري – الرجل الثاني في تنظيم القاعدة – في وقت مبكر من عام 2004 حين ضم كوريا الجنوبية إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، ضمن أهداف القاعدة في الهجمات الإرهابية.

هذا ماهي عليه كوريا الجنوبية بالنسبة لتنظيم القاعدة بشكل عام. وهو ما لا يمكن أن يجعلها بمنى عن الهجمات التي يكيلها التنظيم للدول الأجنبية التي يعتبرها محاربة للإسلام ومساندة للولايات المتحدة الأمريكية، العدو الرئيسي للقاعدة.

الآن.. إذا كانت كوريا الجنوبية هي كذلك، بالنسبة للتنظيم الإرهابي الدولي، فكيف سيكون الأمر إذا ما سنحت له الفرصة في تنفيذ أهدافه عليها؟ وأين؟ في اليمن.. الدولة التي يقول الكاتب أنها قيمت كأحد البلدان الثمانية الأكثر خطورة للسفر إليها في العالم(بحسب مجلة فوربز الأمريكية). وبحسب المجلة، أيضاً، يواصل الكاتب: فإن كل يمني يمتلك ثلاثة أسلحة نارية. وإزاء ذلك لا يمكن لأحد تقديم المساعدة، بحسب الكاتب. ومع ذلك – يقول – ليس على الواحد منا الآن – بعد ما حدث - إلا أن يشعر بـ"القشعريرة" حين يتخيل أن 1063 سائحاً كورياً، زار اليمن خلال السنة الماضية وحدها، مع عدم وجود تحذيرات مسبقة من وزارة الخارجية أو مجرد إشعارهم بالخطر.

* تدخل عسكري لخدمة مصالح امريكا:

بعد يوم واحد من تلك العملية الإرهابية التي استهدفت السياح الكوريين في حضرموت، نشرت صحيفة المصدر مقتطفات لتقرير أجنبي نشر في موقع شبكة الدفاع الأمريكي العسكري، وترجمه الكاتب إلى اللغة العربية. كشف التقرير – الذي صدر الاثنين قبل الماضي، بعد يوم من حادثة حضرموت – عن قرار لوزارة الدفاع الأمريكية قررت بموجبه تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد تنظيم القاعدة بمناطق محددة بشمال وشرق اليمن، كمرحلة أولى. وقال التقرير أن الجيش الأمريكي قد بدأ على أرض الواقع بالفعل عمليات عسكرية جوية وبرية مستهدفاً شبكة القاعدة بمناطق محددة من حضرموت مأرب، الجوف، صعدة، بالإضافة إلى الشريط الصحراوي الحدودي المشترك بين اليمن والعربية السعودية.

وفي التقرير، نقل مراسل الموقع في القاهرة عن مصدر يمني - وصفه بالمسئول - أن طائرات أمريكية مقاتلة، تقوم - حالياً – بتنفيذ طلعات جولة استطلاعية استعداداً لضرب أهداف ومعسكرات تواجد تنظيم القاعدة في المناطق الشرقية والشمالية لليمن.

وبحسب المراسل نفسه، فقد أكد المصدر اليمني المسئول أيضا، عن تدريبات تجريها قوات خاصة أميركية استعدادا لتنفيذ عمليات عسكرية"برية" مشتركة مع الجيش اليمني بنية ضرب أهداف عسكرية محتملة لتنظيم القاعدة يعتقد أنها تتمركز في أوساط وأطراف محافظات يمنية تقع في الشمال الشرقي وشمال اليمن.

على أن المصدر اليمني المسئول – بحسب المراسل – أكد إن تلك العمليات العسكرية الأمريكية الجوية والبرية "تجرى بالتنسيق المتبادل مع الحكومة اليمنية".

المهم الذي أتى لاحقاً، أن هذا الخبر القصير، والذي أقتبس من ذلك التقرير الأجنبي، ونشرته الصحيفة في عددها الأسبوع الماضي، أثار قلقاً وتخوفاً لدى بعض أبناء تلك المناطق المستهدفة من العمليات العسكرية اليمنية – الأمريكية. إذ وبعد أربعة أيام تقريباً من النشر، صدر – السبت 21 مارس - بيان عن "مجلس تحالف قبائل مأرب والجوف" حذر فيه أمريكا من التفكير في أي عمل عسكري خارجي ضد أهداف، قال أنها "وهمية" في كل من مأرب،الجوف، شبوة، وحضرموت، موكداً أن "تبعات عمليات من هذا النوع ستكون خطيرة ومكلفة على أطرافها، لان ضرب الأبرياء من القبائل سيدفعهم لتهديد مصالح كبيرة لأمريكا والغرب موجودة في هذه المناطق على وجه التحديد".

وبعد خمسة أيام من نشر صحيفة المصدر لترجمة التقرير، ويوم واحد – فقط - من نشر بيان اعتراض مجلس التحالف القبلي (الذي طالب بإيضاحات حكومية عن صحة تلك النوايا) نشر موقع سبتمبر نت – التابع للجيش اليمني – على لسان مصدر مسئول – لم يسمه – نفياً لصحة الأنباء "التي تناقلتها بعض المواقع الاليكترونية والتي تزعم فيها أن مصدراً يمنياً مسئولاً قد أدلى بتصريح لموقع شبكة الدفاع الأمريكي العسكري في نيويورك أشار فيه إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية ستنفذ ضربات عسكرية جوية وبرية ضد عناصر للقاعدة في بعض مناطق اليمن".

وأكد المصدر أن المعلومات التي تضمنتها تلك الأنباء غير دقيقة وليس لها أي أساس من الصحة.. موضحاً انه لا يوجد هناك أي مصدر مسئول في اليمن صرح بمثل هذه المعلومات الكاذبة والمضللة للموقع المذكور، منوهاً بأن بعض المواقع عمدت إلى ترويج هذه المعلومات والافتراءات المضللة وذلك فقط لغرض الإثارة وليس أكثر.

جاء ذلك بعد أن "شهدت سماء محافظة مأرب، منذ صبيحة [الأحد الماضي] تحليقا متكرر لطائرات الهيلوكبتر في عدد من المناطق في مديرية الوادي والمدينة" بحسب موقع "مأرب برس".

وقالت وزارة الداخلية – في موقعها الالكتروني - أن الأجهزة الأمنية استعانت اليوم [الأحد] بمروحيات في تمشيط المنطقة الصحراوية التي تربط بين محافظات مأرب، شبوه، وحضرموت، بحثاً عما وصفتهم بـ"العناصر الإرهابية المحتمل لجوؤها لتلك المنطقة الصحراوية". وبحسب المركز الإعلامي الأمني التابع للوزارة، فإن تلك الخطوة "تأتي في إطار توسيع عملية البحث والملاحقة للعناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة التي تشمل مختلف محافظات الجمهورية".

وقال الخبر الذي – نشر – الأحد – على موقع وزارة الداخلية - أن قيادة وزارة الداخلية قد أعلنت يوم أمس [السبت] في تصريح لمركز الأعلام الأمني "إن ملاحقة العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة متواصلة على مدار الساعة إلى أن يتم القبض على هذه العناصر التي تشكل خطراً على الأمن والاستقرار وعلى مصالح اليمن العليا".

ويعتقد متابعون، أن هناك علاقة، بين ما أعلانته وزارة الداخلية عن استعانتها – الأحد الماضي - بالمروحيات لتمشيط المنطقة الصحراوية بين مأرب، شبوة، وحضرموت، بحثاً عن عناصر القاعدة، وبين ما كشفه التقرير الأجنبي الذي أكد على وجود تنسيق لتنفيذ حملة أمنية مشتركة بين الأجهزة الأمنية اليمنية والأمريكية. حيث يذهب هؤلاء للحديث عن عدم مقدرة القوات الأمنية اليمنية لوحدها في تعقب عناصر القاعدة، وإلا لكانت قامت بذلك منذ زمن. ويستشهدون بعملية مقتل أبو علي الحارثي – زعيم تنظيم القاعدة السابق في اليمن – في نوفمبر 2002 حين قتل في صحراء مأرب بعد تعقبه في عملية نوعية نفذتها إحدى الطائرات الأمريكية.

وفيما يستبعد بعض الخبراء في الشئون الإستراتيجية العسكرية، إمكانية أن تقوم أمريكا بتنفيذ ضربات في صحراء مأرب، شبوة، حضرموت، والجوف، يرجح آخرون إمكانية حدوث ذلك، بالتنسيق مع الحكومة اليمنية، حيث يرجعون ذلك كون اليمن تعتبر دولة ضعيفة الإمكانيات والقدرات العسكرية والتكتيكات القتالية، وبالتالي فإن تركها لتقوم بعملية تعقب واستهداف لعناصر القاعدة، لا يمكنه أن يحقق أية نجاحات وإن على المدى البعيد، وهو الأمر الذي قد يترك المصالح الأمريكية وحلفائها عرضة للتهديدات المستمرة للإرهابيين، الذين يعتقد أنهم باتوا أكثر قوة من ذي قبل، خصوصاً بعد إعلان توحد القيادتين في اليمن والسعودية وإعلان اليمن مقراً موحداً للقيادة الجديدة.

 وفيما ينظر البعض لإدارة أوباما بنظرة مغايرة عن إدارة بوش، من حيث اختلاف إستراتيجية الإدارتين في مواجهة الإرهاب، يعتقد البعض الآخر عكس ذلك، بالنظر إلى الأمر من زاوية الحفاظ على المصالح الأمريكية في العالم ومصالح الحلفاء. ويستشهد هذا القسم من المحللين بتصريحات أوباما الأخيرة عندما يتعلق الأمر بمصلحة أمريكا وأمنها القومي.

في آخر مقابلة له بثتها شبكة "سي بي اس" التلفزيونية - الأحد الماضي - ضمن برنامج "60 دقيقة" تحدث أوباما حول الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، ولخص النظرة والأهداف الأمريكية بشكل عام من خلال ما تضمنته إجاباته بوضوح. وهو إذ حدد المهمة الأميركية في أفغانستان بأنها "التأكد من أن القاعدة لا يمكنها مهاجمة الولايات المتحدة والمصالح الأميركية وحلفائنا" مؤكداً أن" تلك هي ابرز أولويتنا". فإنه وبشكل عام، أعتبر ما تسعى إليه الإدارة الجديدة "هو إستراتيجية شاملة".

وقال أن المهمة هي نفسها التي قررتها الولايات المتحدة حين دخلت إلى أفغانستان بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 مشيرا إلى أن التخطيط لإعمال عنف ضد مواطنين أميركيين "هو أمر لا يمكننا التسامح معه". وتدل تلك التصريحات أنه لا يمكن التسامح مع أي أمر مشابه سواء كان ذلك في أفغانستان أو في غيرها من العالم.

التشابه بين أفغانستان واليمن، أمر قد يتم الاختلاف حوله، غير أن التشابه بين المنطقتين من حيث ضعف الحكومة المركزية في كليهما هو أمر متقارب إلى حد ما. 

من ذلك يمكن هنا التقريب أكثر بإيراد ما جاء في نص الخبر الذي نشرته الوكالة الفرنسية (أ ف ب ) حول تلك المقابلة والذي جاء فيه "ويتوقع من المدنيين، من الخبراء الزراعيين إلى المهندسين، أن يعززوا عمل الحكومة المحلية والقادة القبليين، لان المسئولين الغربيين يتخوفون من الاعتماد بشكل أساسي على حكومة كابول الضعيفة التي يسودها الفساد". الأمر هنا بحاجة إلى مقارنة بسيطة بين اليمن وأفغانستان من حيث ضعف الحكومتين اللتين يسودهما الفساد..!!

وقد عين أوباما المبعوث الخاص ريتشارد هولبروك في مهمة محاولة إقناع باكستان ببذل مزيد من الجهود لوقف تحركات الناشطين وتعزيز السيطرة على حدودها.

ومثل هذا الأمر – محاولات الإقناع – يحدث كثيراً مع الجانب اليمني من خلال إرسال واشنطن – بين الحين والآخر - بعض مبعوثيها العسكريين إلى اليمن للتحدث معهم حول بذل مزيد من الجهود لوقف تحركات الإرهابيين وتعزيز السيطرة الحكومية..

وبشكل ملخص وواضح لما يمكن أن تقوم به الإدارة الأمريكية – الجديدة – في حالة عدم قدرة حكومات الدول المصنفة بكونها ملاذات أمنة للإرهابين، على المواجهة، قال أوباما "طالما هناك ملاذات آمنة في هذه المناطق الحدودية الخارجة عن سيطرة الحكومة الباكستانية، سيبقى هناك خروقات على الجانب الافغاني من الحدود". وبالطبع فإن النتيجة هي استمرار تلك الضربات الجوية المكثفة التي قامت وما تزال تقوم بها القوات الجوية الأمريكية على تلك الحدود التي تتمتع بنفوذ قبلي عشائري كبير.

إنها الطريقة المناسبة التي تعتقد أمريكا أنها أثبتت نجاحها وأضعفت قيادات القاعدة، هناك. وبحسب آخر تقرير قدم للكونجرس الأمريكي من قبل مسئول الأمن القومي الأمريكي، فقد أكد فيه، أن القاعدة - بسبب تلك الضربات - لجأت إلى تقوية تنيمها في مناطق عربية أخرى مثل اليمن.