بوابة الرحيل لطارق كرمان 2
بقلم/ د.عبدالمنعم الشيباني
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 15 يوماً
الخميس 17 مارس - آذار 2011 07:47 م

في هذه الحلقة (2-3) الخاصية الرابعة من قصيدة طارق كرمان (بوابة الرحيل) وهي " تقنية الخطاب المضاد لخطاب السلطة ".. أوضحتُ في الحلقة السابقة أن للقصيدة ثلاث سمات بارزة تخص هذا النص بالتحديد وهي المباشرة الواضحة، روح وفكر محمد محمود الزبيري، طرح الإخوان المسلمين المعتدل..

للقراء والقارئات من عشاق النقد والشعر ملاحظتان

الملاحظة الأولى، القصيدة التي بين ايدينا سياسية تحمل فكراً سياسياً محدداً للشاعر، فلكل شاعر فكره السياسي والثقافي الذي يوجهه كأديب وهذا من البداهة بمكان، ولكن تعكس القصيدة بالدقة والتحديد منهج وخطاب التجمع اليمني للإصلاح- حسب دراستي -كتلميذ في الإصلاح- محتوى الخطاب السياسي والتربوي والفكري لهذه المدرسة منذ ربيع المعاهد العلمية، بحيث لا يصدق هذا النص الا على سمات منهج الإصلاح كخطاب سياسي ثم فكري وتربوي، وهذا ينطبق أبداً وبدقة متناهية على أشعار الشاعر الشاب فؤاد الحميري صاحب الشعبية الكبيرة في اوساط جمهور الإصلاح (شاعر مؤتمرات ومهرجانات الإصلاح- سموه شاعر الإصلاح) وطارق كرمان دون سواهما، وأما على مستوى الشعر الشعبي فالشاعر مجيب غنيم الخولاني الذي يترجم بشعره الرؤى السياسية لهذا التجمع..

الملاحظة الثانية، من خلال سبع سنوات قراءة للأدب الإنجليزي، لا يوجد في العالم كله شاعراً ولا أديباً ولاروائيا ًولا كاتباً مسرحياً مستتقلاً ومحرراً من الايديولوجية حتى وليام شيكسبير وبرناردشو وتشارليز ديكنز ودانيال دافو، فكلهم يكتبون من منطلق ايديولوجي عقدي، ولا تعجبوا إن قلت أن 80% على الأقل ممن يطلق عليهم عمالقة الأدب والنقد ورواد النظريات الأدبية في العالم هم أصلاً (يهود) بعقيدة صهيونية حربية توسعية تؤمن بحق اسرائيل في احتلال أرض العرب، والباقون موالون لفكرتهم التوسعية الحربية العدوانية أو مجاملون لأفكارهم أومتنازلون لمصلحة اهدافهم في العالم أو مؤيدون أو ساكتون مداهنون، لمعهم إعلام يهودي من عهد (تشاوسر)-أول باب في الأدب البريطاني وآخرين في الأدب الإمريكي ثم الروسي، كلهم يهود صهاينة ابرزهم للضوء إعلام يهودي عالمي كسادةً للعالم في الأدب والفكر والنقد والمسرح والرواية والشعر وعباقرة يفوزون دائماً بجائزة نوبل التي يشرف عليها مجلس يهودي متعصب يتدثر برداء العلمية والموضوعية...، وأدهشني شاعر وناقد من اليمن هو الدكتور عبد السلام الكبسي، يعتز بكل أشعاره بالهاشمية والهاشميين وبالشريف الرضي من دون المتنبي، كتبتُ عنه الحلقة الأولى الى هذا الموقع القشييب ((مدخل الى الشريف الرضي عبد السلام الكبسي))، شاعر عقدي ومؤدلج غير أنه مبدع ..

الفضائية العالمية الواسعة المحلقة للشاعر والأديب هي المطلوبة وهل يختلف على هذا أحد ! ولكن ربما يصدمك (عمنا) شيكسبير الذي نحترمه ونقدره ، حين تقرأ في إحدى مسرحياته سخريته من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول في المقطع من المسرحية على لسان إحدى الشخوص :-

((لقد كان محمداً يدرب الحمامة يضع لها الحب في أذنه ثم تأتي لتلتقطه، فيقول لأصحابه تلك الحمامة تأتيني بالوحي، فإنْ كان محمداً كان يدرب الحمامة لخداع أصحابه بفكرة الوحي فأنتِ يا حبيبتي تحتاجين أن أدرب من أجل اقناعكِ نسراً...))

ًليس عيباً أن تكون شاعراً أيديولوجياً ولكن الأهم أن تكون مبدعاً، فقد كان علي الحلي شاعر البعث، وعبد الرزاق عبد الواحد شاعر صدام حسين، والقاص يوسف ادريس أديب القومية العربية، وغسان كنفاني روائي القضية الفلسطينية، وناجي العلي رسام كارتون القضية الفلسطينية والتحدي لسجون القمع العربي، ومحمود درويش شاعر المقاومة، وهاشم الرفاعي شاعر الإخوان المسلمين وأنيس منصور كاتباً موالياً للصهيونية بكل جرأة (كاتب السلام)، ومع ذلك ليس كل شاعر في الإصلاح يكتب بروح الفكرة الإخوانية سوى الحميري وكرمان وقد أبدعا كشاعرين أيديولوجيين وموقفي في هذه الدراسة إبراز هذه الخاصية الايديولجية الملتزمة ليس الا...

أدب الهولوكوست المزعوم

اخترع اليهود قصة المحرقة النازية من نسيج مكرهم-قصة مفبركة لا أساس لها من الصحة- لابتزاز المانيا وأوربا وأسسوا أدباً مزعوماً (شعر ورواية ومسرح)يسمونه أدب الناجون من المحرقة، وهو أدب عالمي أيديولوجي صهيوني، مقرر إجباري على كل جامعات العالم بدون استثناء حتى أنهم أجبروا الأمم المتحدة أن تدرس هذا الأدب كتراث إنساني مقدس للشعوب- كما يزعمون، فرضوه فرضاً وهو كذبة من أوله الى آخره، أدب الهولوكست المزعزم شكل من أشكال العمل الدعائي العالمي بثوب أدبي عالمي لمصلحة اليهود الغاصبين التوسعيين.. فمن هو الأيديولوجي من هذا الفضاء العالمي الواسع ! أليس الأدب العالمي الغربي اليوم موجهاً من الصهاينة " رواد الأدب وقادته وسادته"- كما يقدمون أنفسهم ! من الأيديولوجي اذنْ !

مدرسة نقدية عالمية لقراءة قصيدة طارق كرمان

من وجهة نظر مدرسة نقدية معاصرة تسمى (مدرسة أدب ما بعد رحيل الإستعمار) فالخاصية الرابعة لقصيدة "بوابة الرحيل" هي ( تقنية الخطاب السياسي المقاوم والمضاد لخطاب الإستعمار أو السلطة أو القوة التابعة للإستعمار )..، فالشاعر يرد على خطاب السلطة ممثلة بالرئيس بتقنية مضادة وخطاب مضاد ناسف، هذه هي الإشارة النقدية لهذه الحلقة.... امثلة للخطاب المقاوم في القصيدة كالأبيات التالية :-

يـا أبـا أحـمدَ المنادى زعيماً فـي يـمانٍ مُذْ ثلثِ قرنٍ توارى

طُـرُقاتِ الإزفـلتِ ليست نموّاً وبـناءُ الإسـمنت ليس ازدهارا

فـاقتصاد الـبلاد يـوماً فـيوماً مُـذ تـزَعّمتَ لا يَكُفّ انحدارا

تـحتَ إغـضائكَ المعاولُ فيها مـلأتْ أنـفُسَ الـعبادِ دمـارا

وتـغاضيكَ عـن جـرائِمِهمْ لم يَـكُ حِـلماً وإنـما اسـتهتارا

فـاحتمل ثـورَةَ الـشبابِ عليها أم تـوقَّعتَ أن يظلّوا صغارا؟!

لا تَـلُمنا إذِ انـتفضنا غِـضاباً كـثرةُ الـضَيمِ تـستفزّ الحِمارا

جُـلُّ من تحتَ حكمِكُم ولِدوا، لم يـجدوا فـي ظـلالِهِ استقرارا

الفكرة النقدية هنا ببساطة أن السلطة في استعلائها تمثل امتداداً للقوة الإستعمارية، وللسلطة هذه خطاب وفكر وثقافة تحاول تقديمها للناس أو الشعوب أو الأمة ولكن ملامحها ملامح قوة واستعلاء وغطرسة وزيف وادعاء منجزات فيأتي الرد المقاوم كميكانيزم دفاعي ينسف خطاب القوة وثقافة منجزاتها.. ويمكنني-لو شئتُ- قراءة القصيدة من وجهة نظر مدارس نقدية عالمية أخرى مختلفة ...

شاعر وناقد أدبي

a.monim@gmail.com

  
عودة إلى تقاسيم
تقاسيم
عبد الله عباس الإريانيالوجه الآخر
عبد الله عباس الإرياني
د. هشام المعلمعهد الزهور الحُمر
د. هشام المعلم
أحمد صالح النهميثلاثة عقود من الزمان
أحمد صالح النهمي
هائل سعيد الصرميالسيف والجدار
هائل سعيد الصرمي
عمار الزريقيالخطبة الأولى
عمار الزريقي
مشاهدة المزيد