الشرعية تحطم اخر أسوارها
بقلم/ محمد الصالحي
نشر منذ: 6 سنوات و 10 أشهر و 14 يوماً
الجمعة 29 ديسمبر-كانون الأول 2017 11:17 م
 

عمق اليمن التاريخي والحضاري ، حاضنة الشرعية، ومددها، سطرت أروع الامثال في الصمود، وظلت حارسا امينا للجمهورية، ووقفت بكل حزم وجلادة في وجه الانقلابيين، بقت الملاذ الآمن لكل اليمنيين اللذين ضاق بهم الحوثيين ذرعا، وأوت كل من دعم الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي.

مأرب الاباء والصمود، هي الضمانة الحقيقية ليذهب الجميع نحو الدولة والنظام والقانون، شريان مغذي للاقتصاد اليمني، قدمت الكثير في سبيل الوطن على مر العصور، لكنها في المقابل قوبلت بالتهميش والاقصاء من كل الحقب السياسية، مرورا بحقبة المخلوع صالح وانتهاء بحقبة الرئيس هادي.

بقت صمام أمان الشرعية ومقرا لقيادة العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثي وصالح، عصية على كل المتآمرين، عاهدت بالدفاع عن حكومة شرعية، فوفت، وقدمت في سبيل ذلك العهد المئات من خيرة أبناءها، وكان لها المواقف المشرفة بالوقوف حيث تقتضي المصلحة الوطنية والحفاظ على مكتسبات وثروات الوطن.

أتت ثورة ١١ فبراير فكانت مأرب وشبابها سباقين في ميادين التغيير السلمي وضربوا نموذجاً في المدنية والسلم، وعندما تم الانقلاب في ٢١ سبتمبر على الثورة السلمية واجتاحت ميليشيا الحوثي والحرس العائلي اليمن من أقصاه الى أقصاه ، وقفت مأرب صخرة صلبة في وجه التتار الجدد فتحطمت عليها أحلامهم وطموحهم ودافع رجالها عن الجمهورية والشرعية بآلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى في جميع جبهات القتال وتم تطهيرها لتكون النواة الأولى للجيش الوطني الذي تشكل ليعيد للشرعية مكانها.


مأرب.. هي ليست العرش والمعبد وارض الجنتين ذلك التاريخ الذي يكفي لبناء دولة وينهض بوطن كثروة سياحية فحسب ، ولكنها أول مصدر للنفط في الجمهورية اليمنية ، وفيها اكبر احتياطي للغاز الطبيعي المسال ، كما أنها تمتلك مقومات الثروة الزراعية والحيوانية.

حيث تشير وثائق الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال إلى أن مأرب تمتلك مخزوناً كبيراً من الغاز الطبيعي المسال في منطقة صافر، إذ تبلغ كمية احتياطي الغاز في مأرب (9.15 ترليون قدم مكعب)، يخصص منها ترليون قدم مكعب لتلبية احتياجات السوق المحلية، فيما يوجد احتياطي محتمل آخر يقدر بنحو ( 0.7 ترليوم قدم مكعب) من الغاز الطبيعي المسال.

فالمحافظة التي لطالما وصمها إعلام النظام السابق بأنها بؤرة التخريب وحاضنة المخربين، هشمت القالب الذي اُريد لها أن تبقى فيه، أو هكذا أراد ناهبو الثروات ومصاصي الدماء في دولة المركز، وسجلت اروع الانتصارات ، في المعارك التي دارت فيها بين المقاومة الشعبية ومسلحي الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

عانت مأرب وأهلها وشبابها في ظل النظام السابق حالة من الشيطنة والاقصاء والتهميش، وتم تصويرها بأنها زاوية مثلث شر مظلم في اليمن، فيما كانت مأرب تنير الجمهورية وماكينة الحكومة تعمل بميزانية النفط القادم منها، لكن للأسف ظلت الحكومات المتعاقبة تنظر لمأرب كبقرة حلوب لا غير.

وبعد ثورة كان المأربيون في طليعتها ضد الإقصاء والتهميش، وكأن شئياً لم يكن ، حكومات متعاقبة وأكثر من لجنة بقرارات جمهورية، لم يكن لمأرب اي نصيب فيها، فمأرب هي المحافظة النفطية الوحيدة في العالم والتي لا يوجد حتى في عاصمتها مشروع مياه او مشروع صرف صحي او مصنع او جامعة او حتى حديقة او .. او.

هذا المحافظة التي عانت التهميش والاقصاء عقودا من الزمن، متى سيتم انصافها وأبناءها، ومتى ستلقى نصيبها من التعيينات والقرارات الجمهورية، ومتى ستعطيها الحكومة حقها، خصوصا ان لها ثقلها الاقتصادي والحضاري والعسكري.


ابان رئاسة خالد بحاح للحكومة كانت مصادر حكومية تؤكد انه هو من كان يقف حاجزا أمام تعيين أبناء مأرب المؤهلين في اي منصب حكومي او وزاري او دبلوماسي، لكن الان وقد ذهب، واتى بن دغر ،الا انه لم يتغير شيء، بل تعمد بن دغر القادم من احضان النظام السابق في تهميش مأرب، وبدلا من ان ينظر لكل المحافظات المحررة بنظرة وطنية متساوية، عمل على حرف مسار مشروع الحكومة الشرعية، وكرس المناطقية بشكل قذر، وتعامل مع محافظات الشمال وكأنهن على خالة، وصب جام اهتمامه لمحافظات الجنوب، التي نالت نصيب الاسد من مشاريع الحكومة، الممولة من نفط مأرب.

وليعلم القاصي والداني ان اكبر محافظة ترفد خزينة الدولة لا يوجد من أبناءها وزير قط غير وزير النفط سيف الشريف الذي اقاله هادي الاسبوع المنصرم، وبذلك تكون مأرب خارج دائرة الحكومة، باستثناء منصبين وهما منصب وكيل وزارة المالية الذي يشغله حسين الشريف، ومنصب وكيل وزارة الخارجية الذي يشغله منصور بجاش ووكيل وزارة الداخلية يشغلة محمد بن سالم الشريف ، وهذا ما يؤكد أن هناك إقصاء وتهميش متعمد وممنهج من قبل قيادة الشرعية للأسف وقد صبرنا الكثير، لكننا صبرنا لن يطول، فعهد التهميش والتشويه والإقصاء قد ولى، ولن تذهب دماء شباب مأرب ورجالها وكل أحرار اليمن ليتسلق عليها مجموعة من اللصوص.