أبناء اليمن..لا تخذلوا الثور الأبيض
بقلم/ عبدالله اليسلمي
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و يوم واحد
الأحد 15 سبتمبر-أيلول 2013 05:01 م

لم يعد بخاف على أحد أن عبدالملك الحوثي وأنصاره بات حلمهم اليوم أكبر، فهم يقاتلون في دماج وكتاف والعشة والرضمة و عينهم على صنعاء وهم يريدونها قريباً لو استطاعوا. وهم في ورطة بدخولهم الحوار ويحاولون التملص منه ومن مخرجاته التي ستسحب منهم السلاح الثقيل وتعيد صعده إلى حضيرة الدولة. فالحوثي وإن تظاهر بالموافقة على بنود الحل في الحوار الوطني فلن يتعاون على تطبيق مخرجاته و سيختلق الأعذار للتمرد وإكمال مخططه في القضاء على الجمهورية والعودة إلى أيام تقبيل الركب والتمايز العنصري والطبقي الذي حاول اليمنيون جاهدون الإنعتاق منه على مدى أكثر من خمسين سنة. 

كما لم يبق بخاف على أحد أن علي عبدالله صالح آل عفاش كما يحب أن يسمي نفسه مؤخراً يتعاون مالياً وميدانياً وإعلاميا مع جماعة الحوثي، وهذا ليس مفاجئ، فالرئيس السابق هو الرجل البراجماتي الأول في اليمن وسيتعامل مع إبليس نفسه –وقد فعل- للوصول لغاياته وقد تقاطعت الكثير من المصالح المشتركة حاليا بين الحوثيين وصالح ومنها عداؤهم المشترك للإخوان ولآل الأحمر وعلي محسن.

الحوثي يدرك أن دماج تعتبر بؤرة سنية متطرفة تسكن عقر داره وعليه تصفيتها أولا ولن تذعن له صنعاء ومازال في صعده بقية من السنة ولذا فهو سيبقى يقتل في طلاب دماج ولن تدوم أي هدنة أو صلح وسيعود لمضايقتهم ونفيهم لا محالة.

كذلك لم ينسى الحوثيين عدوهم القديم: قبيلة حاشد، تلك القبيلة التي صمدت أيام الثورة أمام الإمامة بينما تزعزعت كثير من قبائل الشمال آنذاك وانقسمت جزء كبير ملكي وجزء يسير جمهوري. بل إن حاشد هي القبيلة التي لولا ثباتها لجانب الثورة والجمهورية لإنهزمت الدولة الجديدة وفشلت بعد سنوات من قيامها. ولذا فالحوثي يدرك تماما أن آخر القلاع بينه وصنعاء هي حاشد وزعماؤها الأقوياء آل الأحمر.

وكما كانت حاشد ثابته برجالها بقيادة حكماء أمثال الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وحليفة الشيخ مجاهد أبوشوارب فهاهي اليوم وبعد خمسين عاما تستكمل الثورة وتقف ضد تمدد الحوثيين الذين هم أخطر على اليمنيين من الإماميين، فالإئمة كانوا أكثر تعايشا مع بقية المذاهب وحكموا المناطق السنية الشافعية ولم نسمع أنهم فرضوا رأيهم بالقوة أو أنهم منعوا التراويح مثلا في مساجد السنة كما يفعل الحوثي اليوم، بل إن الإئمة الزيديين كانوا يكفرون الشيعة الإثنى عشرية الجعفرية بينما نرى من الحوثي غرائب لم نعهدها من قبل تُظهر بجلاء أنهم ليسوا من أتباع الزيدية التي عرفها اليمنيون من قبل.

وبينما يوقد الحوثي الحروب في كل مكان من صعده إلى الجوف إلى عمران و إب ويحاول التضييق على العاصمة صنعاء بالإنتشار في ضواحيها من كل الجهات، نجد تكاسل وتساهل كبيرين من قبل بقية المناطق السنية سواء كانوا قبائل أو مدنيين، وكأن لسان حالهم يقول أترك الحوثي يكسر شوكة حاشد وآل الأحمر ويصبون غضبهم من صالح على جميع حاشد. بل أن الكثير من المثقفين وأدعياء المدنية أصبح يكرر مقولة أن التوازن مطلوب وأنه من مصلحة الدولة المدنية في اليمن أن تتساوى القوى في شمال الشمال.

وللرد على مثل هذه الأفكار أسرد القصة التالية التي قيل أنها رويت عن أمير المؤمنين الإمام علي كرم الله وجهه أنه قال :\" إنما مثلي ومثل عثمان كمثل ثلاثة أثوار كانت في أَجَمة(الشجر الكثيف الملتف): أبيض، وأسود، وأحمر، ومعها فيها أسد، فكان لا يقدر منها على شيء لاجتماعها عليه، فقال الأسد للثور الأسود والأحمر : إنه لا يدل علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض، فإن لونه مشهور، ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله خلت لكما الأجمة وصفت! فقالا: دونك وإياه فكله؛ فأكله، ومضت مدة على ذلك، ثم إن الأسد قال للثور الأحمر: لوني على لونك، فدعني آكل الثور الأسـود! فقـال له: شـأنك به؛ فأكله، ثم بعد أيـام قال للثور الأحمر: إني آكلك لا محال؛ فقال: دعني أنادي ثلاثة أصوات؛ فقال: افعل؛ فنادى:\" إنما أُكلت يوم أُكِل الثورُ الأبيض\" قالها ثلاثاَ\".

فيا أبناء اليمن ويا أهل السنة في شرق البلاد وعرضها، إن الحوثي وحركته لا يطمحون في حكم صعده وحسب بل إن عينهم على استعادة مُلك قد غاب واندثر وهم يريدون لنا العودة إلى الوراء، لزمن العنصرية النتنة التي لم ينزل الله بها من سلطان. فتنبهوا لما يحصل في دماج والرضمة والعشة فهي الثيران البيضاء التي لو ذبحت ذبحنا جميعاً وعدنا لطبقات السيد والقبيلي والرعوي والقنديل والزمبيل، والدور آت لا محالة على تعز وعدن والحديدة ومأرب وغيرها إذا لم نصطف جميعاً ضد هذا التمدد الشيعي المخيف.