السفارة اليمنية بالمغرب: الحضور المعادي
بقلم/ نضال أحمد
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 7 أيام
الأربعاء 25 يوليو-تموز 2007 04:59 م

مأرب برس ـ خاص

 من المسلم به أن إنشاء علاقات دبلوماسية بين الدول وفتح سفارات إنما هو لتحقيق غايات وأهداف كثيرة، وليس عبثا أو اعتباطا، من هذه الغايات إظهار الوجه المشرق للبلد، والتعريف بقيمته الحضارية، ومدى الإنجازات التي يحققها في حاضره. وليست اليمن بدعا في ذلك وإنما هي واحدة من الدول التي يجدر بها أن تعول على سفاراتها إجلاء صورتها الغائمة خصوصا وقد ظلمتها الجغرافيا مرارا وتقلبات السياسة أحيانا.

يعد اليمن بلدا منسيا وخصوصا كلما اتجهنا غربا...، فكثيرة هي المرات التي يفاجأ فيها مواطن يمني حين يعرف بنفسه بسؤال- قد يبدو عاديا من طرف السائل إلا أنه جارح للمسؤول كل مسؤول- أين هي اليمن؟

هذا السؤال يفتح لنا بوابة التساؤل المشروع أين هي سفاراتنا؟ وماذا تفعل إن لم يكن التعريف ببلد له كل هذا العمق الحضاري؟

وحتى لا يغدو التساؤل فضفاضا وغارقا في العمومية سنحط رحالنا في أقصى المغرب العربي أي في المملكة المغربية، هناك حيث يتردد السؤال عن هوية اليمن وموقعها على الرغم من جذور مشتركة تجمع اليمنيين بالمغاربة أكثر بكثير مما يمكن أن يجتمع في أي شعبين.

وإذا كان توافد عدد متزايد من الطلاب قد جعل اسم اليمن يتردد ويبدو مألوفا للشارع المغربي فإن السفارة اليمنية في الرباط تبدو جاهدة على أن تعمل في الاتجاه المضاد.

في وجهة تعرف باليمن بصفتين غير لائقتين: الفاقة والتخلف وهما الصفتان اللتان خلفهما الاحتفال بالعيد الوطني على مدى عامين متتاليين، فكيف ذلك؟

ارحموا سفير قوم ذل

على الرغم من أن الاحتفالات بالأعياد الوطنية لأي بلد هي المناسبة الكبرى لتقديم أكثر النماذج إشراقا عن ذلك البلد من حيث سعيه للانفتاح وقدرته على تحقيق مكاسب وانجازات تعزز من ربط الماضي الحضاري بواقع يتحدى العوائق ليصنع انتصاراته على الظروف المحبطة.

على الرغم من ذلك فقد قدمت سفارة اليمن في الرباط صورة مغايرة، وحضورا معاديا لمعنى اليمن، فلم تكتف بإهدار الفرصة السانحة في التعريف بالجوانب الإيجابية الراهنة في يمن ال يوم؛ بل عززت من خلال احتفاليها بـ22 مايو 2006 و2007 الصورة النمطية عن اليمن تلك الصورة التي يبدو فيها اليمن بلدا يضج بالفاقة، وشعبا من المتسولين ليس لديه ما يمكنه حتى من الإنفاق على يومه الوطني بدليل أن 22مايو 2006 كان بتنظيم ورعاية جهتين مغربيتين ولم تكن السفارة يومذاك إلا طرفا متعاونا –بحسب نص الدعوة- وكما حصل في الواقع فلم يكن اليمنيون المقيمون في المغرب إلا ضيوفا في يومهم الخاص اليوم الذي يفترض أن يكونوا فيه مضيفين، وهو ما يكسر أي إحساس بالاعتزاز والفرحة.

ربما لم تمنح السفارة ميزانية لإقامة احتفال أسوة بأخواتها اليمنيات في دول العالم.. ربما لم يستطع السفير وأعوانه القيام بالأمور التنظيمية المعتادة لأنهم كانوا حديثي عهد بالمغرب.. ربما هناك أسباب نجهلها، ولكن مهما تكن الأسباب المعلوم منها والمجهول فإنها لا تعفي أحدا من وزر تلك الصورة الهزيلة التي قدم بها الاحتفال، فجمعية رعاية الأطفال والمجلس الحضري لجماعة أكدال – الرياض (ما يوازي المجلس المحلي في اليمن) قاما بدور دولة غائبة وسفارة بدت في غيبوبة حتى أن سفيرها في كلمته بالمناسبة لم يتمكن من القراءة بلغة عربية سليمة (نناشد وزارة الخارجية بتفعيل دورات لغة عربية وأجنبية لإنقاذ ماء الوجه) فسقطت بفعلته تلك دعوانا أن اليمن مهد العروبة وتبدى الفرنكفونيون أكثر إجادة للغة نزعم أنها ابنة أرضنا ولا نجيد –في الغالب- سواها.

هذا فيما يخص الجانب المظلم من الصورة التي يرى فيها اليمن بلدا فقيرا حد التسول. فما الجانب الآخر من الصورة الجائرة؟

لماذا لن تحضر فاطمة المرنيسي حفل السفارة اليمنية؟

للصورة النمطية الظالمة عن اليمن جانب آخر يقدم اليمن بوصفه بلدا منتجا للتخلف ومكرسا له، وهي صورة ظالمة لأن يمن اليوم –برغم كل العوائق والسلبيات- يخطو خطوات إيجابية نحو التخلص من رواسب الماضي البغيض، ويحاول من خلال أكثر من آلية أن يستعيد صورته الحضارية وخصوصا فيما يتعلق بوضعية المرأة. فأين سفارة اليمن في الرباط من ذلك؟

لسنا ندري الكثير من تفاصيل وضع اليمنيات في الرباط ولكن مشاهدة احتفال 22 مايو 2007 يعطي لأي متأمل إمكانية التعرف على طبيعة حضور النساء والتعامل الرسمي -الذي تمثله السفارة- معهن فضلا عن أنه قدم صورة للضيوف المغاربة وغير المغاربة عن أن اليمن مازال يقبع في عصور الظلام والكهنوت والدليل، أن نظام الحريم مازال معمولا به ليس على المستوى الشخصي بل يسوق له الرسميون في سفارة اليمن بالرباط المشهد لمن فاتته فرصة حضوره كان على غير عادة الاحتفالات الرسمية حتى في اليمن حيث اعتدنا أن يقتسم الحاضرون نساء ورجالا بهجة العيد.

أما في الرباط فقد عمدت السفارة إلى إجراء غير مسبوق فالمناسبة عامة ولكن نظام الحريم جعل من الضيفات- أيا كانت الجنسية- مسجونات في الحرملك ..في بلد فاطمة المرنيسي التي من حسن الحظ أنها لم تحضر الاحتفالات وإلا فعلت كما فعلت عميدة المعهد العالي للاتصال التي فوجئت بفكرة الحرملك فانسحبت غير آسفة.

أما الحاضرات ومثلهن فعل الحاضرون فقد كرروا كلاما عن واقع القبيلة المتخلف في اليمن وأن عزل النساء عن المشاركة العامة مبرر لأن فارقا كبيرا بين واقع النساء في المغرب وواقع اليمن الصعب المراس. وهو انطباع ما كان له أن يوجد لولا تصرف السفارة الغريب، فالمرأة في اليمن حصلت وتحصل على كثير من الحقوق بل تشجعها سياسة الدولة ولكن حماقة السفارة ألغت حضورا مشرقا لحفيدات بلقيس و أروى فنفت أمة العليم السوسوة ورؤوفة حسن ووهيبة فارع وخديجة الهيصمي وأمة الرزاق حمد وخديجة السلامي ونورية الحمامي والقائمة مشرقة وطويلة لرائعات كثيرات يشرفن اليمن ويتشرفن به.

في الختام:

ليست السطور السابقة تعبيرا عن عداء شخصي لسفارتنا في الرباط أو لأي أحد من أفراد طاقمها...ولكنها انطباعات الزائر الذي مر على بلد فصادف أن شاهد بعينيه ما يسيء إلى موطنه الغالي وسمع من المقيمين ما أكد تلك الإساءة خصوصا بعد التيقن من الأمر وهو ما جعلنا نبادر لتعرية الصورة حتى نبرأ من وزر التواطؤ ضد الوطن...وخصوصا أن اليمن براء من تلك الصورة، صحيح أنه بلد ليست له موارد كبيرة ولكنه ليس متسولا ولم يكن كذلك حتى يتكفل سواه بإقامة أقدس أعياده ألا وهو عيد الوحدة.

وصحيح أننا بلد محافظ وله خصوصياته وأصالته مقارنة بسواه ولكن ليس معنى ذلك أننا نروج للتخلف ونمارسه وليس بلدنا موطن للتمييز ضد النساء وكيف لبلد ملكة سبأ أن يكون كما يتصوره ضيقوا العقول فالنساء عندنا شقائق الرجال وبذلك قال دستورنا وينطق تاريخنا منذ القدم.