الثورة في خطر
بقلم/ أسامة غالب
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 11 يوماً
الثلاثاء 29 مارس - آذار 2011 07:34 م

لم أشعر بالخوف والقلق على ثورة الشباب السلمية إلا يوم الثلاثاء الماضي عندما التقى رئيس الجمهورية قادة ما يسمى أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي، وبحث معهم التطورات الجارية على الساحة الوطنية وما تمر به البلاد من أزمة..

ومما زاد في خوفي وقلقي هو أن أحزاب التحالف خرجت بعد الإجتماع مباشرة وأعلنت وقوفها خلف القيادة السياسية، وأكدت بما لا يدع مجالاً للشك إلتزامها الكامل بالدفاع عن الشرعية الدستورية والديمقراطية والجمهورية والوحدة..

شعرت بالخوف والقلق نظراً لما تمثله هذه الأحزاب المنضوية في إطار هذا التحالف القوي من ثقل سياسي وجماهيري وإجتماعي من شأنه قلب الموازين لصالح النظام، لأنها أحزاب فارضة نفسها بقوة على الساحة السياسية وقاعدتها الشعبية كبيرة ومتزايدة، بالإضافة إلى أنها أحزاب فاعلة ومنظمة ومعروفة للقاصي والداني وتأثيرها على الرأي العام ودوائر صنع القرار لا يحتاج إلى دليل..

فهذا قاسم سلام - أمين عام حزب البعث العربي الإشتراكي القومي- يسيطر على محافظات عدن وتعز وإب ونصف محافظة لحج، وحزب جبهة التحرير يمتلك خمسين مقعداً في مجلس النواب فضلاً عن عشرات النواب الذين دفع بهم كمستقلين، والموالين له من كتلة المشترك البرلمانية..

وحزب الخضر من أقوى الأحزاب اليمنية ويستمد قوته من أغلبيته في المجالس المحلية وتوغله في أهم وأكبر القبائل وكثير من المشائخ يدينون بالولاء المطلق لهذا الحزب العريق، أما الحزب القومي الإجتماعي فيكفي أن تعرف أنه مسيطر على أغلب دور النشر ومراكز الدراسات وأبرز النقابات والإتحادات والجمعيات الخيرية..

ويضم حزب الشعب الديمقراطي \"حشد\" نخبة المجتمع من أدباء وصحفيين ومفكرين ولهذا يدعى حزب النخبة، فيما عرف عن حزب الوحدة الشعبية انتظام مؤتمراته وتجدد قيادته فقد ظللت قرابة أسبوع أبحث عن إسم أمينه العام فلم أحصل عليه وهلم جرا أحزاب عريقة لا حصر لها في إطار هذا التحالف، ويطول الحديث عن أنشطتها المختلفة وحجم قوتها في الشارع اليمني ولهذا كان إجتماعها برئاسة الرئيس مصدر خوفي وقلقي على ثورة الشباب، وأعتقد أن شبابنا قد إستشعروا هذا الخطر واستعدوا لمواجهته، وحتى اللحظة لا أدري لماذا استخدم النظام الحاكم هذه الورقة وفي هذا التوقيت بالذات ولم يدخرها إلى وقت الشدة أم أن الغريق يتعلق بقشة؟!

فعلاً شر البلية ما يضحك.. الرئيس يستنجد بأحزاب عبارة عن أمين عام وأمين صندوق، ولله في خلقه شؤون.

(2)

تتوالى الإستقالات من الحزب الحاكم - إن جاز لنا التعبير- فيما تفرغ الإعلام الرسمي لنفيها دون علم أصحابها وهو ما اكتشفناه عند الرجوع إلى بعض المستقيلين، ووصل الحد بالإعلام الرسمي إلى نفي إستقالة مسؤولين لم يعلنوا إستقالاتهم أصلاً إلى درجة أنه نفى إستقالة وكيل أمانة العاصمة ياسر اليماني.. بالله عليكم من هو الشخص الأحمق الذي سيصدق أن اليماني قدم استقالة حتى لو أعلنها على الملأ؟!

ثمة مسؤولون من الأفضل بقاءهم في مناصبهم حفاظاً على سمعة الثورة رغم إدراكنا بضرورة إستيعاب الجميع بما فيهم المتورطون بقضايا فساد كون فسادهم كان نتاج وجود هذا النظام ليس إلا..

وبالمناسبة، الحسنة الوحيدة للإعلام الرسمي أنه كشف لنا عدداً لا يستهان به من عناصر القومي (عمّاريون) وذلك من خلال مسرحيات هزيلة وأدوار تمثيلية قام بها هؤلاء المخبرون تارة تحت مسمى شباب منسحبون وتارة بالحديث بإسم شباب الثورة، والثورة منهم براء.

(3)

كعادته يرفض رئيس الجمهورية مبادرات المشترك ثم يعود لقبولها وقد تجاوزها الزمن ومنها النقاط الخمس التي عاد ووافق عليها بعد أن كان وصفها بالغامضة والمبهمة رغم أنها كانت بمثابة طوق نجاة له وصيغت بلغة مؤدبة وراقية..

اليوم لم يعد أمام الرئيس إلا الرحيل لأنه ببساطة قد استنفد كل أوراقه وكلها فشلت وإستنفد أيضاً مبررات بقائه ونخشى أن يأتي اليوم الذي يبدي الرئيس إستعداده للرحيل وقد تجاوزه الزمن..

عجلة التغيير إنطلقت ولم يعد بمقدور أحد إيقافها، وما استماتة الرئيس على الكراسي وإصراره على البقاء إلا مزيد من الإهانة والتشهير والمذلة، ولا أدري كيف يقبل ذلك على نفسه؟!

(4)

الرئيس قال إنه سيسلم السلطة إلى أيادي أمينة ونظيفة وهذا دليل على أمانته وخوفه على الوطن ولهذا كل من حوله من الأمناء النظيفين، ولا يختار الوزراء والمسؤولين والمحافظين إلا من الأمناء جداً.. خاف على مجلس النواب فسلمه للأمين يحيى الراعي، وخاف على المعسكرات فسلمها لأولاده، وهم الذين يقصدهم لإستلام السلطة، ولم يجد فخامته إلا حافظ معياد أميناً ونظيفاً فمنحه المؤسسة الإقتصادية وهكذا..

الرئيس يريد الشباب أن يؤسسوا لهم حزباً خاصاً بهم وكأن الأحزاب القائمة لم يكن بينها وبين السلطة إلا \"بنانة\".. يريدهم أن يطوبروا ببوابة لجنة الأحزاب وإستجداء أحمد الكحلاني لمنحهم ترخيص وفي حال حصلوا عليه سيأتي أشاوس النظام ويستحوذون على مقره ويستنسخون صحيفته ويفرخونه، وإذا دخل الإنتخابات لن يحصل على مقعد واحد بفضل التزوير ناهيك عن الإتهامات التي ستكال إليهم من قبيل عملاء وإرهابيين و\"طراطير\" السياسة..

والرئيس خائف على الوطن من التجزئة والتشرذم والإنفصال وغيرها من المشاريع الصغيرة التي غذاها طوال حكمه.. إذن تظل اليمن تحت حكمه وحكم أولاده وأحفاده ألف عام حتى نأمن شر هذه المشاريع الصغيرة، وهو سيقوم بمعالجتها فوراً طالما أنها ستكون عاملاً لإستمراره في السلطة..

الرئيس يتحدث عن عدم وجود بديل وسيطرة بعض الأطراف على الثورة الشبابية وخلافات المعارضة والقاعدة (الرئاسية)، وثمة طابور خامس يروج لإستحواذ العسكر على الثورة وطموح آل الأحمر للرئاسة، وينسى هؤلاء أن الجماهير لم تعد تنطلي عليهم مثل هذه السخافات.. شوفوا غيرها يا خبرة.

*عن الناس