أمن عدن .. روح محمد العفيفي تستيقظ.
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي
نشر منذ: سنة و 4 أشهر و يوم واحد
السبت 01 يوليو-تموز 2023 08:57 م
 

ألمشكلة فوق ما نتصورها، عندما يصبح المواطن أقوى من رجال الأمن وأجهزة الدولة ويمتلئ بهذا الأحساس كما حصل أمس في جريمة عرس المعلا وقيام والد العريس بقتل جندي الطوارئ ((الجرادي)) الشهيد الذي فَزِع لمنع إطلاق النار في العرس، فكان هو رحمه الله ضحية إطلاق الرصاص المباشر عليه. أصبح إطلاق النار لغة وعادة يومية في مدينة كان أهلها يختبئون تحت البطانيات من أصوات الطماش والمفرقعات.

درجة الأنذار كبيرة هذه المرة، البراءة والطفولة تقتل بوحشية، ورجل الأمن يموت ويستشهد في الطريق قبل أن يصل إلى الجاني في استهتار فضيع ومريع، سوف يطلق السكوت والتخاذل عنه عنان الجريمة إلى كل بيت وحارة. في عدن مدير أمن كفؤ ونزيه وصاحب إحساس عالي بالمسؤولية هو اللواء مطهر الشعيبي، ولديه قيادات مراكز شرطة وبحث جنائي محترمون، ومجموعة من قوات الأمن

المخلصة مثل الطوارئ، وبعض وحدات الحزام الأمني، وحتى حماية المنشآت التي لا زلنا نذكر لأحد ضباطها أعظم نماذج الإنسانية والاستشهاد والتضحية، لذلك الضابط الشاب محمد العفيفي اليافعي، النبيل الذي ضحى بنفسه وشبابه قبل أشهر في منطقة الممدارة بالمنصورة دفاعاً عن صاحب بائع خضار من أبناء المحافظات الشمالية رفض مسلحون منفلتون دفع قيمة ما أخذوه منه واعتدوا عليه بقوة السلاح ليحمي الشاب اليافعي الشهم الضحية ويلاقي ربه في أسمى معاني ومراتب الشهادة.

حملة منع السلاح لن تنجح بدون مصادرته نهائياً والزج بأصحابه وردعهم وكل من يتاجر ببيعه في الأسواق وغيرها.

وكان للأخ شلال هادي مدير أمن عدن السابق تجربة مشهودة في مداهمة أوكار فوضى السلاح في بعض المناطق الشعبية، وكادت أن تختفي كما حصل في الحسوة والشعب وبعض أحياء دار سعد.

وكل هذه القوات والأحزمة والمعسكرات التي تطوق مداخل المدينة ومخارجها تبدو مشلولة بلا إرادة ولا جدوى لمنع تسكع أطقم وجماعات المسلحين القادمين من الصبيحة والضالع ويافع المتجولون، ومن لهم ثأرات مطامع وخصومات على الأراضي في عدن أو أولئك الذين وجدوا لهم وظائف سهلة في حماية باعة الخمور والمخدرات.

أوكار عدن الداخلية في الأزقة والحارات حيث البلطجة تحمي باعة المخدرات، وحيث إطلاق النار ولو في الهواء مع كل نشوة خاصة أو مشادات، حذَّر معها مسؤول في البحث الجنائي قبل أيام توخي رجال البحث من غازات ومواد سامة قد يستعملها مجرموا المخدرات ضدهم أثناء مداهمة الأوكار.

* عصابات وتضحيات*

بحسب مصادر ميدانية موثوقة تباع الخمور هذه الأيام في مناطق سياج عدن من دار سعد إلى إنماء، الحسوة، البريقة بطريقة مبتكرة بعد ما لعبت أجهزة الأمن في مدينة الشعب والمنصورة ودار سعد دوراً جيداً لا بأس به في مداهمة أوكار البيع الثابتة السابقة في الحارات المأهولة بالسكان، ليتحول البيع المتفرق على الطرقات وأماكن بعيدة عن البيوت وبحماية مسلحة من أهالي مناطق المصدرين..

ليصحوا الناس يومياً على جريمة وأكثر بين الباعة والزبائن، أو استخدام السلاح ضد دوريات ورجال الأمن المخلصين القائمين بواجبهم في أحلك وأسوأ الظروف. تضحيات رجال الأمن في أوضاع كهذه تعتبر أسطورية

ومغامرة بطولية حين تكون العصابات أكثر عتاداً وعدة من أجهزة الدولة، وحين يشعر الجندي والضابط بمن قد يخذله بالتهاون في التعامل مع الأوكار ووساطات إخلاء سبيل المجرمين.

ولمثل أرواح هؤلاء فتكريمهم ليس بالكلمات والنياشين بل في الحفاظ على ما تبقى من رجال مؤسسة الضمير الأمنية وضخ كل الأمكانيات الفنية والمالية والإدارية والبشرية لتنمية قدراتها، وتمكينها من بسط نفوذها ووجودها، وتطبيق عدالة القانون في حماية الأمن العام كأولوية لمحافظة عدن وغيرها في مواجهة فوضى إرهاب السلاح في الأحياء وعصابات المخدرات والخمور والأراضي، وكل من لا يردعهم إلا وجود سلطة أجهزة أمن قوية وجاهزة، تتوفر لها كل عوامل الأستقرار وأداء وظيفتها الأنسانية النبيلة، ومواطن صالح متعاون معها لحماية نفسه قبل كل شيء

 

. ولتكن الطعنات المتوالية الموجعة على جسد المواطن المغلوب جرس إنذار في وجه السلطات العليا، من سلطة الأمر الواقع إلى الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي :

حان وقت تسخير كل الأمكانيات لأولويات توفير الأمن الشخصي المفقود للناس في عدن أولًا والمناطق المحررة، واعتماد خطة أمنية ثابتة غير موسمية، منسقة شاملة، وممولة لحماية ما تبقى من مظاهر قيم ووظائف دولة نستعيدها ببسط النفوذ الداخلي قبل شعارات استعادتها من مليشيات صنعاء الانقلابية. تحية إكبار وإجلال لكل شهداء الواجب الذين رحلوا، ولأولئك المرابطين الأحياء أينما وجدوا.