الديمقراطية عقدة مرة إذا مارسها الإسلاميين
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و 28 يوماً
الأربعاء 03 يوليو-تموز 2013 08:11 م

الديمقراطية تعني في الأصل حكم الشعب لنفسه ، الديمقراطية هي حُكمُ الأكثريّة ، فالديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة ، بينما الليبرالية تؤكد على حماية حقوق الأفراد والأقليات

والديمقراطية تقوم على مبادئ ومفاهيم تحكيم حكم الأكثرية ومفاهيمه ، وهي مفاهيم ومبادِئ مصممةٌ حتَّى تحافظ الأكثريّة علَى قدرتها علَى الحكم الفعّال والاستقرار والسلم الأهلي والخارجي ولمنع الأقليّات من تعطيل الدولة وشلّها ومن هذه المبادئ مبدأ حكم الأكثرية ، مبدأ فصل السلطات ، مبدأ التمثيل والانتخاب ، مفهوم المعارضة الوفية ، مفهوم سيادة القانون ، مفهوم اللامركزية ، مبدأ تداول السلطات سلميا

اقتبست هذا من موسوعة ويكيبيديا "السياسية " بغرض مقارنة ما يجري في الشقيقة مصر من أحداث وتطورات سياسية متلاحقة لأن جبهة المعارضة المصرية تعمل كما تدعي خلف ستار الديمقراطية والحفاظ عليها وهذا مفهوم سليم ان يسعى السياسيين للحفاظ على الديمقراطية والحرية

والأزمة القائمة في مصر بين المعارضة التي تصف نفسها بالليبرالية والديمقراطية وبين السلطة التي تمثلها القوى الإسلامية عناوين هذه الأزمة هو الحفاظ على الديمقراطية ، استعادة الدولة ، إنهاء الاستبداد والشمولية وحكم المرشد إشارة الى الإخوان المسلمين الذين فازوا بالأغلبية ويحكمون على هذا الأساس

في مصر لا يوجد فيها استبداد لأن الاستبداد يعني الحزم وعدم التردد في اتخاذ القرار وتنفيذه وان الحاكم يحكم ويتصرف بصورة مطلقة ويحكم وفق ما يقتضيه هواه ، في مصر يوجد حرية ومشاركة فكل ما يملكه الرئيس وحزبه هو ستة وزراء وستة محافظين وباقي الأجهزة خارج عن سيطرته

ولا يجد في مصر ديكتاتورية فالديكتاتورية شكل من أشكال الحكم المطلق حيث تكون سلطات الحكم محصورة في شخص واحد, لاتسمح لأي أحزاب سياسية ولا أي نوع من المعارضة ومن سمات الديكتاتورية قمع الشعب في الداخل، وشن الحروب على الجوار ، إبقاء الشعب على الجهل والتخلف حتى يستمر في منصبه ، تشكيل الشعب بقالب معين ، نشر الرذيلة والعهر في المجتمع ، بناء جهاز استخباراتي قوي ونشيط في مصر لا يوجد في يد الرئيس مرسي لا أجهزة امن ولا مخابرات ولا إعلام ولا قضاء ، المعارضة في مصر تنشط وتعمل بحماية الشركة وحتى باب قصر الرئيس

ولا يوجد في مصر شمولية فالشمولية هي طريقة حكم ونظام سياسي يمسك فيه حزب واحد (بكامل) السلطة ولا يسمح بأية معارضة او حرية إعلامية او أي شكل من أشكال التعبير ، في مصر يوجد عشرات الأحزاب وتمارس نشاطها زيادة عن أي معلوم وتقول في الرئيس ما لم يقوله مالك في الخمر

ما يوجد في مصر هو حالة من خلق الفوضى اليومية بهدف إسقاط مرسي وإجهاض حكم الإسلاميين وهو ما تسير عليه الأمور تحت دعوى حماية الشعب وكلمة الشعب كلمة مطاطة وعامة لان الشعب الذي يتعاملون معه قد يكون متساوي ان لم يكون الشعب الذي يقف مع شرعية الرئيس هو الأكثر

إقصاء الإسلاميين من السلطة هو إجراء يخالف مبادئ الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب ومن يدور في فلكه من حكام العرب كما انه تراجع مفضوح لإقصاء الشعب المصري الذي بدأ ينتهج التداول السلمي للسلطة واعتداء على الجماهير ومصادرة لإرادتها

القوى الغربية والنخب الحاكمة تسوق لشعوب العرب والمسلمين ديمقراطية انتقائية مهمتها الحفاظ على النخب الموالية للغرب للبقاء ممسكة بالقرار السياسي المرهون لقوى الغرب وهذه النخب العربية تفتقد الى هوية واضحة وقوية وبفضل وجودها المدعوم بالسلطة نتج عن سياستها التخلف والفقر ومصادرة الإرادة والاستقلال ، ودعم الغرب لهذه النخب يأتي بناء على معرفته بضعفها وعدم امتلاكها لهوية قوية

الخوف من القوى الإسلامية وتمكينها من الوصول الى السلطة هو خوف ناتج عن معرفة الغرب ونخب العرب الضعيفة والمهزوزة من ان التيارات الإسلامية تنطلق من منطلقات قوية وأسس ثابته وهويتها واضحة وقوية وهو ما يثير مخاوف القوى الغربية التي تعمل على ابقاء العرب يقبعون تحت التخلف والفقر

والغرب يعرف جيدا ان الإسلاميين لو تمكنوا من الوصول الى السلطة سيعملون على تحرير القرار السياسي من التبعية ويسعون الى تحقيق الاستقلال الشامل للوصول الى الاكتفاء الذاتي في كل المجالات وسيعملون على استنهاض القدرات البشرية وفتح مسارات جديدة للنهضة الشاملة التي تعتمد على العلم والإنسان بالدرجة الأولى

تفسير ما يحدث بمصر بعد فوز الإسلاميين بالسلطة الذي تسبب بإستنفار القوى الغربية والقوى التابعة لها في دول الاقليم العربي لكبح أي مكتسبات تنموية وتحقيق نهضة سريعة ، الغرب يعرف ان التيارات الاسلامية لديها هوية وطنية قوية ولديها مشروع استقلال سياسي وتنموي وإنهم سيحققون نهضة شاملة وسيكتب على أيديهم عودة الدولة القوية التي كانت سباقة في خدمة البشرية في مختلف المجالات

عودة الدولة القوية الغرب يعني ما معناه عمليا ويعني ان هذه العودة ستنعكس عليه بالفقر والبطالة والركود والخروج من دائرة الإنتاج لان العرب والمسلمين يمتلكون ثروات طبيعية ومقومات نهضة شاملة وكل ما يحتاجونه هو نيا راو قائد يرسم خارطة طريق جديدة مبنية على أساس تحقيق الاستقلال السياسي ، ومخاوف الغرب ليست من شخص محمد مرسي او انه يصلي او يعبد الله او ملتزم دينيا وإنما يخافون منه لان هويته قوية وان مشروعه يسعى لاستعادة أمجاد الدولة الإسلامية القوية وبوجود هذه الدولة ستتغير موازين القوى وترجيح كفة القوة العربية الإسلامية التي تمتلك كل وسائل الإنتاج والنهضة والتقدم

حرب الغرب على الإسلاميين ليست بسبب أنهم متدينون وأنهم يعبدون الله او أنهم ملتحون هذه كلها لا تعني للغرب شيئا من الناحية العملية ، الغرب يعرف ان التيارات الإسلامية تسعى لاستعادة الدولة القوية التي لن يستطيع الغرب العيش هكذا في ظل وجودها لان الغرب هو من فكك دولة الإسلام القوية التي كان العرب ضمنها وبعودة هذه الدولة يعني تحقيق الاكتفاء الذاتي على مختلف الجوانب لان الغرب أثناء استعماره لبلدان العرب والمسلمين حقق هدفا استراتيجيا وهو ان حول هذه الدول وشعوبها الى سوق استهلاكية بإمتياز وحولها الى شعوب مسلوبة الإرادة وترزح تحت بقايا مخلفاته الاستعمارية وأدواته المتمثلة بالحكام والنخب الحاكمة سواء كانت أحزاب او عائلات

العرب يمتلكون الثروات الطبيعية والسياحية والبشرية والخليج العربي الذي يمد الغرب الصناعي بأهم مقومات الصناعة منذ اكثر من ستون عاما وهو الطاقة لا تستطيع دول الخليج على استخراج برميل نفط واحد او طن من ثرواته المعدنية بشكل ذاتي وبتقنية وعقول وأدوات محلية لا يستطيعون رغم وفرة السيولة المادية المهيلة ومنذ عقود طويلة ، في الخليج العربي لا يوجد مخترع واحد ولا يوجد اختراع عربي خليجي واحد .. ما هذا التبلد يا حكام العرب والخليج

إقصاء الإسلاميين في مصر بهذا الشكل ليس حبا على المصريين وإنما استباق لما يمكن ان يتحقق نتيجة وجودهم في السلطة ، الغرب كله ملتزم بحماية وضمان امن اسرائيل وهذا بالنسبة له إستراتيجية ثابتة وحماية إسرائيل يتطلب اصعاف دول الإقليم التي تحيط بها وتجاورها وإضعافها يتمثل في منع الإسلاميين من ممارسة السلطة لان ممارستهم للسلطة سيغير موازين القوى سياسيا وامنيا وتنمويا

لو الغرب يعرف ان الإسلاميين بلا مشروع وهوية وطنية قوية لن يثيره وجودهم ولن يستثار كما استثار نتيجة وصول محمد مرسي للحكم ومن ورائه جماعة الإخوان والسلفيين لأنه يعرف ان هذه التيارات صادقة ولديها مشروع استراتيجي وإنها البذرة الأولى لاستعادة الدولة القوية

الديمقراطية حلال وضرورة على كل شعوب الأرض ما عدا التيارات الإسلامية فقط فإنها عقدة ومعضلة

اليوم استطاعت القوى الغربية ان تضمن امن اسرائيل تماما بسبب إدخال مصر في اشتباك وتشابك داخلي بسبب السطو على حق الإسلاميين السياسي وإقصائهم من السلطة رغم الزخم الشعبي الذي خرج يؤيد محمد مرسي

كل المؤشرات تسير نحو الاغتصاب والإقصاء بدوافع واهية ومبررات عامة ومطاطة والنتيجة ستكون ما يتوقع من ردة فعل الإسلاميين المشروعة في مواجهة هذا الإقصاء بالقوة ويعني ان العنف سيكون عنوان المرحلة وتحويل مصر الى جزائر أخرى وهذا هدف من أهداف هذا الإقصاء المدبر بأدوات محلية وبتمويل عربي خليجي ، الغرب لا يريد ان تبقى مصر حاضرة ومؤثرة في المشهد الإقليمي والدولي هو يريد السعودية والإمارات بديلا لمصر لان هذه الدولتين تفتقر لاستنهاض شعوبها ورغم ثرائها المالي نتيجة النفط إلا ان هذه الدولتين تعتبر سوق استهلاكي كبير وتأثيرها السياسي يخدم مصالح الغرب بكل تفاصيله

وبسبب ضعف وغياب الهوية القوية لدى بعض قادة المعارضة المصرية وليس كلهم فقد غامروا ببيع مصر للشيطان وذهبوا بها الى المجهول

ولو كان لهؤلاء القيادات أدنى مستوى من المسئولية والوطنية لما سمحت لهم ضمائرهم بالتصرف خارج إرادة شعب مصر ، والديمقراطية على الإسلاميين عقدة مرة يجب التخلص منها