العليمي يدعو لزيادة الجهود الأميركية لمواجهة شحنات الأسلحة الإيرانية الحوثيون ينعون اثنين من قياداتهم في صنعاء تزايد النشاط الحوثي في تعز بالصواريخ والطائرات والدبابات ومصادر تكشف التفاصيل صحيفة أمريكية تتحدث عن تورط دولة كبرى في تهريب قائد في الحرس الثوري من صنعاء أردوغان يكشف ما تخبئه الفترة المقبلة وأين تتجه المنطقة .. عاصفة نارية خطيرة اجتماع حكومي مهم في عدن - تفاصيل بن مبارك يشن هجوما لاذعا على موقف الأمم المتحدة وتعاطيها الداعم للحوثيين وسرحد فتاح يكشف عن نتائج تحركات المستوى الوطني والدولي وزير الدفاع يقدّم تقريرا إلى مجلس الوزراء بشأن مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع
مثيرة للدهشة، ومثيرة للجدل.. الكاتبة القاصة سهير السمان في حديثٍ خاص لـ"مسرح مأرب برس"، تتطرق إلى فكرة الأدب النسائي من وجهة نظر المرأة الشرقية، معتبرةً أن المجتمعات العربية بحاجة إلى ثورة نسائية، تعيد إنتاج الحضارة وتصنع المعرفة، بصورة متكاملة.. إلى الحوار:
في مجتمع محافظ ـ وإنْ شكليًّا ـ ماذا يمكن للمرأة أن تكتب وبنوعية؟
للمجتمع قضايا كثيرة يعكسها الأدب في أشكال عديدة، وأكثر تلك القضايا إلحاحًا على الساحة الأدبية هي قضية المرأة ومشاكلها المفروضة عليها في مجتمع كمجتمعنا، وحرية التعبير عامل مهم جدًا لتطور المستوى الأدبي لدى المرأة في الكتابة، وكذلك الرجل والمحافظة لا تشكل عائقًا كبيرًا في ترجمة القضايا المهمة على شكل قصة أو رواية أو أي جنس أدبي آخر، وعندما يمتلك الأديب القدرة على التأثير في عرض قضاياه وتوظيف الأدوات السردية بطريقة فنية تعكس ما يريد أن يتحدث عنه الكاتب من ممنوعات وتوظيفها بطريقة تثير بها عقلية القارئ وتجعله يفكر في تلك الأمور، هناك مواضيع حساسة تمس المرأة لا تجرؤ على البوح عنها، وتحتاج من الأدب إثارتها ومناقشتها، وتبتعد أكثر الأديبات وكذلك الأدباء في الخوض بمثلها، وهنا يأتي دور الرمز والإشارة في العمل الأدبي، ولكنها في رأيي تحتاج لطرح جاد وقوي وعلى الأديب أن يتحلى بالجرأة ليغير أفكار المجتمع البائسة. والمرأة هي عصب التغيير، إن استطاعت أن تجهر بقضاياها - وماهي إلا نتاج مجتمع تعود على الصمت، فتراكمت مشاكله - فسوف يتغير تدريجيًا ما ألفه الناس من وضع مجحف قتل حياة المرأة، وهمش دورها، كما أن المرأة ـ في الوقت نفسه ـ ساعدت على تهميش دورها، وناصبت نفسها العداء.
هل أنتِ مع فكرة أن الأدب النسائي قسمٌ مستقل بذاته، أم أنه لافرق؟
لست مع هذه الفكرة، فالأدب هو نتاج تفاعل اجتماعي بين أفراد المجتمع ذكورًا ونساءً، ويقول د. عبد العزيز المقالح: "لا فرق بين إبداع الرجل وإبداع المرأة، بوصفه تعبيرًا عن مشاعر الإنسان، وليس عن مشاعر الأنوثة والذكورة". إلا أن هناك خصوصية لتلك الأديبات اللاتي وضعن حاجزًا بين الذكر والأنثى، على اعتبار أن الدين الإسلامي يحرم الاختلاط بين الجنسين، فلم ينشأ لديهن المستوى المطلوب في التفكير، وعمق الرؤية الناتجة عن التجربة المعاشة، لأن الحياة سلسلة تجارب، وفي رأيي أن الأدب النسوي لم ينضج إلى الآن، تحكمه العادات والتقاليد، والتجربة القاصرة، والنظرة الواحدية، فما نراه في هذا الأدب نسيج ذاتي للمرأة المحصورة في ذاتها المقيدة، فنستشف تلك الأسوار والقيود التي تحجز التعبيرات الأدبية عن الانطلاق.
ما الذي يعني لك النقد الاجتماعي؟
النقد الاجتماعي.. من ناحية أن الأدب ضرب من ضروب الإنتاج الجماعى، بفاعلية العنصر الإنساني مذكرًا ومؤنثًا، هنا تتضح أهمية المجتمع فى عملية الإبداع الفنى بشكل عام، والإبداع الأدبى بشكل خاص، فالأدب يتأثر بالأوضاع الاجتماعية والتاريخية، وهو مشروط بالظروف الاجتماعية والتاريخية. والعلاقة بين الأدب والمجتمع هى أولاً وأخيرًا علاقة تأثير وتأثر، ولقد أكد عالم الاجتماع الفرنسى "إميل دور كايم" E.durkherm على اجتماعية الظاهرة الأدبية بقوله: " إن الأدب ظاهرة اجتماعية، وإنه إنتاج نسبى يخضع لظروف الزمان والمكان، وهو عمل له أصول خاصة به وله مدارسه ولا يبنى على مخاطر العبقرية الفردية، وهو اجتماعى أيضًا من ناحية انه يتطلب جمهورًا يعجب به ويقدره".
فالنقد الاجتماعي ينظر في العوامل الاجتماعية المؤثرة في الأدب والفن، والتغيرات الطارئة على مكونات هذا النتاج الاجتماعي. حاول الفيلسوف الفرنسي "هيبوليت تين" إخضاع الأدب والفن إلى أسس مادية مستقاة من المجتمع تعكس حقائق مؤكدة ومحددة، حيث يرى أن الأعمال الأدبية ينبغي أن تفهم على أنها نتيجة أو محصلة ثلاثة عوامل متمازجة: العصر، والجنس (العرق)، والبيئة. ويرى ماركس Marx "أن الإنسان كائن اجتماعي ينبع إبداعه من نشاطه العملي ويطرأ عليه التغير والتبدل بعمله على تغيير الطبيعة وتبديلها."
فمهما اختلفت الرؤى والأشكال الفنية التي ينسج منها الكاتب إبداعاته فإنها تلتقى في النهاية عند نقطه أو أرض مشتركة واحدة تؤكد أن العلاقة بين الأدب والمجتمع علاقة ديناميكية والتأثير بينهما متصل متمازج تختلط فيه الذاتية بالاجتماعية عن طريق التفاعل القائم بينهما.
طرائق الكتابة بريشةٍ ناعمة.. ما الذي يميزها عن طرائق كتابة (الذكور)؟!
جميل أن تصف كتابة المرأة بالريشة الناعمة، ولكنها في نظري ثورة، تجد فيها رفضًا للواقع، أو أنها طوق نجاة، ورغبة في التغيير، إنها ثورة النساء القادمة.. ثورة على الذات المسلوبة، لقد كان السرد سفينة نجاة لشهرزاد، وإعادة تركيب الواقع الجديد لشهريار. السرد هو تنظيف لمخلفات العقلية الشعبية المتوارثة، وهكذا يستمر سرد الأنثى في كل مراحله، قوة التغيير، وأبجدية البناء.
صراع الأشكال الشعرية
(قصيدة النثر وقصيدة الومضة أنموذجاً)
صلاح الأصبحي
ربما يكون الصراع بين الأشكال الشعرية من نوع آخر , غير ما نعرفه في جوانب الحياة المختلفة وأنا أخص هذا الصراع في الوطن العربي, لأن ثمة اختلافًا في الغرب في صراع الأشكال زماناً ومكاناً, فيعد أن ظل الشكل العمودي مسيطراً لقرون عدة بشكله ومضمونه إلا أنه خاض صراعاً مريراً مع شعر التفعيلة والحر من بعده, إذ أنه استهجن واحتقر في بادئة أمره, ونحن نعرف كيف كان العقاد وغيره ينظرون له ولا ينشرون لشعرائه في المجلات التي تحت أيديهم, لكن في الأخير عندما طغى هذا الشكل كالسيل الجارف أعلن الشعر العمودي شهادة وفاته, ولم تمض سنوات قلال حتى حلت قصيدة النثر كشكل شعري جديد في خمسينات القرن المنصرم بزعامة مجلة شعر اللبنانية وروادها الكبار في عام 1956م.
قصيدة النثر لم يرحب بها ولم تجد مكاناً تستقر فيه كونها جاءت بعد فترة قصيرة من الشعر الحر, وكون مولدها ساده الاختلاف في أصلها ومضمونها وعناصرها ونسفها لكل عناصر الشعر المعروفة في سابقيها وعدم قدرة الشعراء على كتابتها, فهي لم تروض كشكل شعري وإنما ظلت قلقة في الوسط الشعري العربي ولم يفلح في كتابتها إلا القليلون, وأما الآخرون فيتوهمون أنهم يكتبونها, حيث يعزي أغلب من كتب بها أنها كانت تأثراً بما جاء في كتاب سوزان برنار (قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا ) كأنسي الحاج خلاف ما قاله أدونيس, ومن ثم تتابعت أشكال شعرية بعدها كالمدور والمرقم أو الصامت إلا أن قصيدة النثر ظلت حجرة ملقاة على طريق الشعر لم يكتمل استقرارها ولم يكتمل نضوجها.
في سبعينات القرن العشرين ظهرت قصيدة الومضة كاستجابة لمؤثرات الحياة الجديدة القائمة على الرأسمالية وطبيعة التحول الفكري والفني الذي يشهده العالم, كذلك يعد الضغط النفسي الرهيب الذي يعيشه الفنان والمثقف والمبدع العربي هو من جعله يذهب نحو هذا القالب الشعري, حتى أصبحت شكلاً شعرياً يزاحم قصيدة النثر ولها سماتها الخاصة وشكلها الخاص, ومثلما برز رواد قصيدة النثر أدونيس وأنسي الحاج والماغوط وخليل حاوي, برز في قصيدة الومضة عزالدين المناصرة ومظفر النواب وأحمد مطر وسيف الرحبي وزياد العناني وغيرهم.
قصيدة النثر وقصيدة الومضة شكلان شعريان يتعايشان الآن تحت مظلة الصراع الدائم, لكن يبدو سؤال مهم أيهما يبقى، أيهما يتقدم أكثر؟ وأيهما أقرب إلى وعي الشعراء؟ وأيهما أشد استجابة في ذائقة القراء وإن كان القراء ليسوا شرطاً.
من خلال السمات الخاصة لكل منهما نستطيع أن نستكشف ونقارب مدى هذا الصراع. يجمع الشكلين كثير من الأمور منها صعوبة الكتابة المحقِقة للعناصر الحتمية لهما كما عرفت هذه الأشكال في الغرب.ـ إذا قلنا أن العرب تأثروا بالغرب في هذين الشكلين ــ وموضوع الأصل طويل لا مجال هنا لذكره ـــ كذلك أن كل شاعر يكتب بطريقته الخاصة في هذين الشكلين, ويقل إدراك خصوصية كل شكل, و برغم وجود عناصر مشتركة بين الشكلين لكن الاشتراك هذا يظل خفيفاً لا يساعد على الاقتراب..
ثمة تمايزات بين الشكلين: منها أن طول قصيدة النثر ورؤيتها العميقة لا يخدمها بقدر ما يخدم حجم قصيدة الومضة واقتصادها في الصور والفكرة مما يجعل قصيدة الومضة أقرب إلى وعي القارىء خلاف ما تكون قصيدة النثر نخبوية، كما أن قصيدة النثر المسرفة في الرؤيا والبحث في حقيقة الأشياء وفكرتها الغائصة المموهة يضعها في مأزق أمام كثافة واختزال الصورة والفكرة والمضمون في قصيدة الومضة, كذلك تعبيرها عن موقف شعري أو إحساس خاطف أو عابر, غير ما تعتمد عليه قصيدة النثر من استعارة عناصر أخرى كالحوار والمونولوج وتعدد الأصوات فقد فتحت مساحة كبيرة لنفسها يصعب الإمساك والإحاطة بها, لنأخذ مثلاً مقطعاً وننظر في إمكانية التعامل معه لبول شاوول :
ثمّ استدارت
كان وجهُك الغياب الأقصى
طاعناً في الليل
كلماتك الأبجدية بين شقوق الساعات
زهرةُ الجمرِ على رماد الجفن .
لو كان البؤبؤ ينعم بالحمَّى
و كان الصدرُ صفحةَ السكون
رعشة تخلي الحواشي
يتفرد الموت على عُرى الحلبات والأسوار
إذا ارتفعت بين لحظات العدم
يتموجُ السهلُ تحت ثقل الريش والغناء
ضربةٌ في العدم
يهتز رنين الوادي
وتعمر الفجاج
في أبد الأيدي المصلوبة في النسيان .
بينما أعادت قصيدة الومضة للشعر قيمته من إيحاء وتكثيف ووحدة وتبنيها لعنصر الإدهاش الذي يعد أساسياً في الشعر,لذا نجد أن أشهر شعراء قصيدة النثر عاد يكتب بالومضة مثل أدونيس :
بَكَتِ المِئذَنةُ
حين جاء الغريبُ اشتراها
وبنى فوقها مدخنة
ستجد في هذه الومضة إيحاءً متعدداً وتضاداً في المعنى الرمزي للمئذنة
أو كقول شاكر مطلق في ومضته:
محطة تحت ضوء القمر الفضي
ظل الزيزفون
يتلاشى في العيون
ومياه النهر تمضي في سكون
أو كقول نزيه أبي عفش :
هذه الجثة هي أنا
متربصاً خلف قناع موت
أما أنت .... فلا تكترث ربما
القناع وجهك .
لعل الغريب في الأمر أن قصيدة الومضة أخذت أنواعاً كثيرة في كتابتها, فهي تكتب تارة بشكل شعر التفعيلة وتارة بشكل قصيدة النثر وتارة تجمع بين الاثنين وفي شكل البيت الشعري وتارة أخرى تأخذ شكلها الحقيقي المتنوع بين البنية الضدية والبنية المركزة أو البنية الحلزونية هذا التعدد ربما يجعلها أكثر لطفاً من قصيدة النثر.
من جهة أخرى قد يقول قائل إن قصيدة النثر تعد في هذه الفترة هي الشكل الشعري ليس العربي فحسب بل كان العالمي ولا زال, إذ لا يكاد أي شكل شعري أن يتغلب عليها وهذه حقيقة, لكن قصيدة الومضة أحدثت هزة في كيان قصيدة النثر وبدأت في تجسيد نفسها كونها شكلاً شعرياً له أنصار ومحبين, ومما لا شك فيه أن هذه الأشكال ستظل تتزاحم فيما بينها دونما أي تراجع ولا يمكن لأي شكل التغلب على الآخر بقدر ما يشق كل شكل طريقه.