"داعش" و "الحوثي"
بقلم/ عدنان هاشم
نشر منذ: 10 سنوات و 4 أشهر و 6 أيام
الجمعة 04 يوليو-تموز 2014 02:12 م

ظهرت "داعش" فجأة وبدون ترتيبات مسبقة أعلنت قيام دولة الخلافة الإسلامية، وظهر معهما – المفاجأة والإعلان- دمٌ غزير وفرز طائفي يعاني من استراتيجيا الانتقام والإحالة إلى جهنم وبئس المصير.

تحولت "داعش" وهي "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" إلى ظاهرة مخيفة للمجتمع الدولي، فيما ظهرت ظاهرة مشابهة لها في اليمن تمثلت بجماعة الحوثي "أنصار الله"؛ فكما تتوسع تلك المليشيا "السُنية" على أسس الخلافة الإسلامية، تتحرك الثانية "الشيعية" على أسس المسيرة القرءآنية، ولا خلاف بينهما، إذ هما يتحركان وفق حق ألاهي قائم على التفويض المطلق بإدارة هذه البلدان، وإن كان خلافاً في نوع هذا الحق الإلهي المطلق فالأولى تستمد ذلك من حق فرض القوة وضرورة إعادة وهجّ الخلافة، فيما الثانية تتحرك وفق حق سلالي "أنهم أبناء رسول الله"؛ وللتأثير على المجتمع تسلك الأولى مظلومية السُنة والثأر من المالكي والعصابات الشيعية منذ استحواذهما على السلطة أبان غزو العراق 2003. فيما تسلك الثانية مظلومية آل البيت والثأر للإمام الحسين الذي قُتل قبل 1400 عام.

فالحوثي و "داعش" وجهان لعملة واحدة، في معظم حالات المقارنة؛ تهدف "داعش" من قتالها وصول دولة الخلافة إلى العاصمة "بغداد"، وتقوم بعمليات تفجير المساجد الشيعية والمراقد والمدارس ومنازل الخصوم دون اعتبار لحرمة الدم، وجريمة تفجير الآثار، وتفرض منهجها القسري في الالتزام بالقران والسنة الذين يملكون أحقية القتل والإباحة والتحريم والتفسير- نفصل بينهم وبين القبائل العراقية المقاومة لطغيان المالكي-؛ وتتوسع "الحوثي" من أجل وصول المسيرة القرآنية إلى العاصمة "صنعاء" وإقامة دولة "الإمامة" وحق "العترة" في حكم اليمن، وتقوم بتفجير المساجد والمدارس ومنازل مواطنين "خصومهم" كما حدث في عمران و"ثلا"، وتفرض منهجها في الالتزام بملازم السيد حسين، ومنع إقامة صلاة التراويح، ويملكون أحقية إصدار فتاوى التكفير والقتل والإباحة والتحريم وتفسير القرءان.

تسيطر "داعش" و "الحوثي" على مناطق كاملة كـ"الموصل" و"صعدة" كحكام فعليين، وتقومان بدور الدولة هناك بكل تفاصيلها، لهما أعلام وشعارات خاصة بهما، أمن وقضاء وسجون خاصة وأحقية جباية الضرائب، والزكاة، وهم المسؤولون عن القتل والجريمة والمدارس والمناهج التعليمية، وهو بالفعل ما يتم في تلك المناطق ضمن عملية "إلغاء الدولة"، وتتحول تلك المناطق إلى المركز الاستراتيجي للإمداد والتخطيط والهجوم العسكري من أجل الهدف إقامة "الدولة الخاصة"، و وفق القانون الدولي يُطلق عليها "جماعة مسلحة" مكتملة الأركان، ويجب الوقوف ضدها ويخضع قادتها للقانون الدولي ويحاكمون بالاتهامات الدولية ومنها "جرائم الحرب". (راجع اتفاقية جنيف الثانية الملحق الثالث).

الشعب اليمني كما العراقي ليس "ساذجاً" ليؤمن بهذه الجماعة التي تحول اليمن إلى "دولة الطوائف" الناقصة، ف"الحوثي" كما "داعش" لا تملك رؤى اقتصادية، و سياسية، أو حتى تقبل بالتعددية، ومن المؤسف أن تصل اليمن ذات الإرث التاريخي العظيم في السياسة والاقتصاد والتعددية إلى هذا المكان الخطير؛ لذلك على التيارات الفكرية والسياسية بالإضافة إلى المواطنين التمسك بالأحزاب والتيارات التي تؤمن بالتعددية والطرق السلمية للوصول إلى السلطة، والحفاظ على "يمن" موحد قد يعاني من ترهلات مرحلية لا تعيق بناء الدولة بقدر أنها تنفخ فيها دولة قوية على أهم الممرات المائية وتتربع على ثالث احتياطي من الغاز والذهب في العالم.

*عنوان المقال والفكرة مقتبستان من مقال توماس فريدمان "داعش والسيسي" وجهان لعملة واحدة