الحوثيون يخترقون أجهزة النظام
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 16 سنة و 4 أشهر و 29 يوماً
الإثنين 02 يونيو-حزيران 2008 12:25 م

بعد خروج الحزب الاشتراكي اليمني من السلطة بفعل حرب الانفصال 1994 انفرد حزبا المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح بالسلطة، وتفرغ كل منهما الي توسعة حضوره وتقليص الأخر قدر المستطاع. وهي معركة نال فيها المؤتمر الأغلبية المريحة، فيما خسر الإصلاح قرابة 10 مقاعد وانضم إلي خانة المعارضة.

ولذا نجد أن تلك المرحلة سعى الحزب الحاكم فيها إلى استخدام العديد من الطرق والوسائل في الحد من نفوذ التجمع اليمني للإصلاح , حتى ولو كان ذالك تلاعبا بالأوراق المذهبية , فالأمر لا يعنيهم عن التبعات الخطيرة التي قد تتولد عن تلك اللعبة التي أقرت دون دراسة حقيقية لإبعادها على المدى الطويل .

الحوثيون يستلمون دعمهم من رئاسة الجمهورية

في تلك المرحلة من التنافس الحاد بين الطرفين ظهر " الشباب المؤمن " ليكون هو الوسيلة التي حاولت السلطة التلاعب بها لضرب التجمع اليمني للإصلاح ,لأنة حسب تعبير اليمنيين في أمثالهم الشعبية " لا يكسر الحجر إلا أختها " أي أنة لن يستطيع أن يقف في وجه الإسلاميين إلا إسلاميين مثلهم .

وهنا طرح الشباب المؤمن كتيار يجب أن يقوم بدور ديني يحد من نفوذ حزب الإصلاح " الأخوان المسلمون " , وظهرت أفكار دعم الشباب المؤمن ليتمكن من الظهور والانتشار السريع ليقف إمام توسعات الطرف الأخر ’ لذا فقد تم إعتماد مبلغا وقدره 400 إلف ريال دعما له يصرف شهريا من خزانة رئاسة الجمهورية لهذا الغرض.

 ومع ان الرئيس قام بمثل هذه التوازنات وتحت إلحاح قيادات مؤتمريه عرفت فيما بعد بميولها " الشيعية
" الا ان الرئيس في هذه المرة وجد ان اللعبة ليست موفقة خصوصا مع حركة ذات مطلب سياسي بأثر ديني وراع اقليمي وميليشيات مسلحة فقام بإيقاف ذالك الدعم .

وعلى صعيد الدعم الرسمي للحوثيين في تلك المرحلة كانت المؤسسة الاقتصادية العسكرية تمثل المخزون الغذائي ألأول لتسمين الشباب المؤمن , وكانت مجاميع من قاطرات المؤسسة تقطع مئات الكيلومترات لتضع أحملاها في مخازن حسين بدر الحوثي ليتم توزيعها على الحوزات العلمية .

أحداث 11 من سبتمبر تفتح الطريق للشيعة :

بعد أحدات 11 من سبتمبر تعرضت العديد من الحركات الإسلامية في العديد من البلدان العربية لضغوط داخلية جراء السياسات الأمريكية على تلك الدول , حيث عمدت إلى قمع التيارات الإسلامية خاصة تيار السلفية والاخوان المسلمون .

وعلي هذه الخلفية في اليمن بدأت حركة الشباب المؤمن بملء بعض ذالك الفراغ ورفعوا ما عرف بعد ذلك بـ الصرخة وهي: الله اكبر، الموت لامريكا، الموت لاسرائيل، النصر للاسلام، اللعنة علي اليهود وتحت هذا الشعار تم حشد الالاف من الشباب الناقم علي الجبروت الامريكي المتغطرس، وانتقل عمل التنظيم من طابعه الفكري الي طابعه السياسي. وتحت هذه اللافتة تم التجييش الداخلي للتنظيم والتعبئة في صعدة وما جاورها.

المرحلة ما بين 1999 -2004

بين عامي 1999 ـ 2004 بدأ نشاط تنظيم الشباب المؤمن يأخذ طابعا عسكريا الي جانب تكثيف الدور الثقافي عبر المخيمات الصيفية. وخلال هذه الفترة توسع نشاط التنظيم في ارجاء محافظة صعدة، ثم افتتحت العديد من الفروع أو ما كانوا يطلقوا عليها الحوزات العلمية في محافظات الجمهورية، ففي صعدة وحدها 24 مركزا، عمران 6 مراكز، المحويت 5 مراكز، حجة 12 مركزا، الامانة 5 مراكز، ذمار 7 مراكز، اب مركز واحد، وكذلك تعز، بينما في محافظة صنعاء 4 مراكز، الي ذلك تم انشاء الجمعيات الخيرية والتعاونية التي تصب مواردها في دعم التنظيم وانشطته، مضافا الي ذلك الموارد المالية من إطراف في الخارج.

الحوثيون يخترقون الدولة .

في الفترة ذاتها 1999 ـ 2004 حدثت اوسع عملية تغلغل في المرافق الحكومية واجهزة الدولة المدنية ومنها العسكرية قام بها الحوثيون ، مع تركيز مواز علي المرافق التعليمية في محافظات صعدة، عمران، حجة، صنعاء والجوف.

ولقد كشفت العديد من المواقف عن اختراق مخيف من قبل الحوثيون ولأنصارهم خاصة داخل المؤسسة العسكرية , حيث شهدت الحرب الأولي والثانية بل والثالثه دعما تمثل في مدهم بأسلحة خفيفة وثقيلة كانت تصلهم من قيادات عسكرية حسب اعترافات الحوثيين أنفسهم .

كما ضمت وزارة الخارجية والمالية والأوقاف والدفاع , عشرات الموالين لهم , وقد تسبب تلك الولاءات في إقالات واسعة داخل مؤسسة القضاء في فترات سابقة .

وكان أخر تلك الاختراقات ما كشفة موقع مأرب برس يوم أمس 1/6/ 2008م عن وجود خمسة إفراد من منتسبي القاعدة الجوية يتجسسون لصالح الحوثيين .

محاولات التدويل

بدأت محاولات تدويل الازمة الحوثية منذ اللحظات الاولي لاندلاع المواجهات في مران وذلك بواسطة الكتابات الصحافية في بعض الصحف والتي حاولت لفت نظر المنظمة الدولية لما يحدث في مران صعدة ومحاولة جعله امرا مشابها لما يحدث في اقليم دارفور غربي السودان والذي تصاعدت مسألة تدويل الصراع الدائر فيه بالتزامن مع ازمة الحركة الحوثية.

التدويل انتقل الي طوره المدروس والممنهج بعد مغادرة يحيي بدر الدين الي ألمانيا والذي اجري من هناك بعض الحوارات الصحافية، التي اتهم فيه الحكومة اليمنية بتنفيذ حملة تستهدف الزيديين علي وجه الخصوص ، وطالب الرئيس علي عبد الله صالح ان يضع حداً لما وصفه بـ تقتيل واعتقال الزيديين . وهو ما كرره كثيرا في حواراته الصحفية .حيث قال في بعض تلك التصريحات وبالتحديد لصحيفة الشرق الأوسط " أن الهدف من العمليات الاخيرة كان قتل والده او اختطافه للقضاء علي معنويات الزيديين واضاف: ان منع الحكومة علماءنا من تدريس المذهب الزيدي في المدارس ادي الي تفاقم المشكلة واكد ان مأزق السلطة اليمنية المتمثل بضرورة تسليم ارهابيين يمنيين الي الولايات المتحدة دفعها الي اختلاق عدو وهمي لامريكا لذر الرماد في العيون.

واصدر يحيي بدر الدين من مقر اقامته في اوروبا مجموعة من بيانات المناشدة للمنظمات والهيئات الغربية. ومن محاولات التدويل ما قامت به إيران من خلال بيان الحوزة الشيعية في النجف التي انتقدت فيه الحكومة اليمنية علي اسلوب تعاملها مع تمرد الحوثي. وجاء فيه ان الشيعة في اليمن سواء الزيدية منهم او الامامية الاثني عشرية يتعرضون لحملة مسعورة من الاعتقالات والقتل المنظم منذ نشوب الازمة بين الحكومة وبين حسين الحوثي واتباعه.

كما عمد يحي الحوثي عبر فريق خاص في تجهيز ملفات تدين عدد من القيادات العسكرية اليمنية وقيادات عليا في الدولة بتهم ارتكاب جرائم حرب و تقديمها إلى محكمة العدل الدولية وتحريك القضية على مستوى دولي حسب أدبياتهم الصادرة في أوقات سابقة .

السعوديون وشيكات الحرب

يتهم الحوثيون مرارا عبر بياناتهم وتصريحاتهم عن ضلوع المملكة العربية السعودية في الحرب الدائرة حاليا في صعدة .

حيث أكد يحي الحوثي وعبد الملك الحوثي القائد الميداني عن قيام طائرات سعودية بقصف مواقع حوثيه , وقالوا أن لديهم أدلة تثبت تورط السلطات السعودية في المشاركة في ارتكاب العديد من الجرائم ضدهم حسب تعبيرهم .

كما يلمح أكثر من طرف متابع لمجريات الحرب أن المملكة العربية السعودية هي التي تقوم بالدفع, وتقديم الشيكات وصرف مئات الملايين لتسديد فاتورة وقود الحرب .

حيث تشير إحصائيات غير رسمية عن مبالغ مهولة تصرف يوميا, يستحيل أن تقوم اليمن لوحدها لتغطية تلك النفقات.

وأخر التدخلات السعودية في مجريات الحرب , لكن هذه المرة كانت عن طريق الدين والفتوى حيث أصدر 22 عالما سعوديا يوم أمس الأحد 2/6/ 2008م بيانا حذروا فيه من توجهات الحوثيين وعقيدتهم .

الحوثيون ورقة قلق للجيل القادم .

يرى غالبيه المراقبين والمحليين السياسيين أن استخدام السلطة لأسلوب الحسم العسكري هي طريقة لن تؤتي أوكلها على الصعيدين العاجل والآجل .

أن السلطة تؤسس بتلك الطريقة التي رافقها العنف والقتل والتدمير في تأسيس خلل فكري ومناطقي في اليمن , وتوريث جيل يحمل الكثير من جينات الحقد والانتقام على الأمد البعيد , وستظل تداعيات الحرب ورقة ستقلق النظام حتى إن تم توقيع أتفاق بين الطرفين سواء عن طريق قطر , أو المشترك أو دول عربية أخرى .

فستظل القلوب تحمل الكثير من محطات ألألم والقهر التي تعرضوا لها, وسيظل الحوثيون هم مواطنون

 يمنيون لهم حقوق وعليهم واجبات.

 النظام يُحمل الحوثيين الكثير من الأخطاء وتداعيات الحرب , لكنهم يقدمون مبررات لجوئهم إلى تلك المواقف .

أن معالجات الوضع بالحسم العسكري ولد إحتقانات تفجرت على سبيل خلايا ظهرت في العديد من المحافظات كان أخرها على مشارف العاصمة صنعاء في بني حشيش , كما أن أماكن عدة هي ألآن حبلى بتداعيات تلك الحرب لا يعلم أحدا متى تضع شررها .

إن معالجة أثار حرب صعدة تحتاج إلى عشرات السنين , وستظل جرحا مؤلما في واقع الشعب اليمني , خاصة أنها مزجت بالمذهبية وخلافات العقيدة .

كلمة أخيرة

تلقيت عشرات الرسائل التي في بواطنها التهديد والوعد والوعيد خلال اليومين الماضين ونالت مني كثيرا , ووجهت لي العديد الشتائم أقلها العمالة والخيانة وبيع الضمير, وقد يكون هذا الجزء مقلقا لأطراف أخرى .

أنني في سياق بحثي المتواضع سعيت إلى إعطاء صورة تقريبه للوضع, , حيث عمدت إلى كشف المستور وجمع المتناثر , ورصدت التصريحات والمواقف , حتى تكتمل الرؤية , مستعينا بعشرات البحوث والدراسات والصحف والمجلات وكذالك مواقع النت وغيرها .

وقد يكون الجزء الثالث والأخير من هذه السلسة يوضح الكثير من البس , ويضع النقاط على الحروف بعيدا عن عواصف النفس ونزغات التوجه ..... 

والله الموفق