الدكتور. عبد الملك منصور: وجدنا في الفقه تكريساً للاستبداد ..!!
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 11 سنة و 6 أشهر و 6 أيام
الخميس 25 إبريل-نيسان 2013 09:02 م

المفكر الدكتور عبد الملك منصور .. جمع بين السياسة و الثقافة والفكر .. أحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين في اليمن .. لم يخرج من الجماعة كما يتداول البعض .. و إنما أراد الدكتور أن يرقى بفكر الجماعة لتواكب واقع اليوم كما يقول .. ولأهمية الموضوع مأرب برس يعيد نشر زاوية “نقاشات فكرية” نقلا عن صحيفة “الجمهورية” .. 

ـ عبد العزيز العسالي: كمثقف بارز مخضرم وأحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين في اليمن و أمين عام سابق للحركة في اليمن .. إلخ و السؤال كيف تنظرون إلى مستقبل حركة الإخوان في الوطن العربي عموماً وفي اليمن خصوصاً، من ناحية الانفتاح على الآخر، وما هي رؤيتهم للحكم و السياسة؟

جماعة الإخوان المسلمين جماعةٌ وضع الله تعالى فيها البركة، ورغم ما لاقته من مضايقات في كثير من البلدان فقد انتشرت ولا تزال تنتشر حتى إنه يمكن القول اليوم إنها أكبر جماعة إسلامية منتشرة اليوم في العالم.

ولأنها كانت -غالباً- مظلومة في بلدان الربيع العربي فقد كان لها مع غيرها من القوى الحية في تلك المجتمعات فضل السبق إلى حمل راية الثورة والسبق في دفع ضريبة الثورة من شهداء وخسائر وتضحيات .. وجماعة هذا شأنها اليوم لا شك أنها بذلك تصنعُ غدَها … والمستقبل سيكون مشرقاً للشراكة التي تجمع هذه الجماعة مع كل القوى الحية في المجتمع التي تؤمن بما تؤمن به جماعة الإخوان المسلمون من حق الإنسان في الحرية المطلقة ، ونبذ كل صور الاستبداد ، ومحاربة الجهل والفقر والظلم، وإزالة التفاوت والتمايز بين الناس بالمال أو بالدين أو باللون أو بالجنس أو بالانتماء إلى طبقة ما.

كيف تنظر للفترة القادمة ـ و خصوصاًـ بعد القرارات التي صدرت مؤخراً..؟

بعد قرارات الهيكلة الأخيرة أنا متفائل جداً فقد كانت قرارات جادة تسير على الجادة، شملتْ الوطن كله، وأبرزتْ شخصيات عسكرية ولاؤها للوطن لا لأشخاص ، وهذا يضع القوات المسلحة على الدرب الصحيح لخدمة الشعب لا لاستخدامه.

ـ عبد الله الصنعاني: من المعروف أن الفكر السياسي الإسلامي السني يقوم ـ أكثر ما يقوم ـ على ما يمكن تسميته بـ”الطاعة السياسية” وفق أحد الباحثين فهل سقطت الآن منظومة الطاعة، لاسيما وأننا نشاهد اليوم جماعات الإسلام السياسي وهي سنية تتجاوز ذلك الطود العظيم الذي طالما ارتكزت عليه في منظومتها السياسية؟

 هل تتصور أن الفكر السياسي السني سيجدد من أطروحاته أم أن تلك المنظومة التطويعية ستبقى وستكون هذه الأحداث التي جرت في السنوات الأخيرة مؤثرة أم أن الصلب سيكون هو سيد الموقف؟

 الفكر السياسي الإسلامي تعاظم وتراكم شيئاً فشيئاً منذ البدء، والخلافات التي نشبت بين الرعيل الأول نشأ عنها فكرٌ وفكرٌ آخر كثير، وتراكم كذلك تراثٌ هائل ثريٌ من المحاولات النظرية لتبرير المواقف السياسية، ومن مجموع ذلك التراث يمكن الاستفادة اليوم حين نضع قواعد السلوك السياسي المعاصر.

اللافتْ لنظر الباحث أن الفكر السياسي قد وقع في وهدتين:

 السماح للحاكم المستبد بالتسلل ومشاركة المثقفين (وهم في حالتنا هذه الفقهاء) في كتابة وصياغة الفكر الأولى: السياسي على المستوى التنظيري ثم التشريعي، فوجدنا في الفقه تكريساً للاستبداد والاستئثار لأسرة معينة من قبيلة معينة، بل الأنكى من ذلك أن ركاماً من التراث قد وُجِدْ لتغطية خلافات المختلفين ونزاع المتنازعين بغطاء فقهي يُضفي عليه الشرعية وهي هنا شرعية مُزيفة.

الوهدة الثانية: وكانت هذه المرة عند الشيعة حين أغلقوا عقولهم وانتظروا عند فتحة سِرْدابٍ لإمامٍ مُخْتَفٍ عساه يخرج يوماً فينتشلُهم من ظلم أنفسهم وقهر أعدائهم، وعاشوا دهوراً من التخلف حتى حاول قريباً بعضُ فقهائهم اختراع ولاية الفقيه مدخلاً للمشاركة السياسية في فترة الانتظار للمختفي.

ـ د. عبد الملك أنت كواحد من المتخصصين في علم الاجتماع وأطروحتك يمكن تصنيفها ضمن الاجتماع الديني برأيك لماذا لا يوجد علم اجتماع ديني في الوطن العربي رغم أن الغرب الذي يطلق عليه البعض (علماني) يستنهجون ذلك العلم ويدرسون الاجتماع الديني بخلافنا نحن العرب الذي ندعي أننا مجتمع ديني أو متدين، كيف تقرأ هذا التناقض!؟

في حدود علمي توجد جامعاتٌ في عالمنا العربي تهتم بعلم الاجتماع الديني مثل: الأزهر بمصر، الزيتونة بتونس، القرويين في المغرب.

ـ هل باتت العلمانية مطلبا ملحا وضرورة تفرضها أحداث العصر، لاسيما في ظل الظروف التي شهدناها في المرحلة الأخيرة من صراعات مذهبية وطائفية بعد كنا ظننا خطئا أننا قد تجاوزنا ذلك بزمن وما هو شكل هذه العلمانية إن كانت مناسبة فإن لم تكن كذلك فكيف تفسر انتكاسة الوضع الاجتماعي وخضم الصراعات الطائفية والمذهبية والصراع على شخوص التاريخ؟ وكيف لنا أن نتجاوز ذلك؟

العلمانية واحدة من المصطلحات التي تحتاج إلى تحرير وإعادة صياغة، وفي الحقيقة حديث ضبط المصطلحات مهم جداً لنصل إلى ما نقبله منها وما نرفضه، فالعِبرةُ بمحتوى المصطلح وليس بقالبه وحده … وهو حديث يطول ولا بد من بسطه يوماً على صفحتكم هذه الحرة.

ـ يونس الشجاع: اليوم كل يريد حرية مفصلة على مقاسه.. فالليبرالي يريد حرية لا سقف لها والمسيحي يريد حرية سقفها المسيحية ولإخواني يريد حرية سقفها الشرع الإسلامي و..و..و..الخ؛ فما السبيل إلى مفهوم للحرية يحظى بإجماع الكل؟

الحرية من المفاهيم التي تتلوّن بلون الوعاء ، وهي لا تكاد تُفْهَمُ إلا مُقيّدةً؛ لأن الفوضى حرية مطلقة فإذا قُيدَتْ بالقيم صارتْ حرية مسؤولة تستوفي للنفس حقها دون الدخول في حدود وحقوق الآخرين ، فقانون المرور يمنعُ الانطلاق بلا قيود ولكنه تقييد حَمِيدٌ غايته حفظ النفس والمال والنظام العام.

وتقييد المطلق ليس ملكا لفرد مهما عَظُمَ شأنه ولا لحزبٍ مهما كثُر عدده ولكنه مِلًكٌ حصري للمُشَرِع وحده ، والمشرع في حالتنا اثنان : شرع الله الذي يحدد القواعد العامة والأُطر العامة للحياة الإنسانية السعيدة ، والثاني البرلمان الذي مهمته في التشريع تعني ـ فيما تعني ـ تفصيل تلك القواعد الشرعية وبيان تفاصيل ما داخل الإطار العام.

ـ رأفت المذحجي: رسالتك للدكتوراه كانت حول “ البغاة “ و كانت هذه الأطروحة عقب حرب 94م فهل الدكتور عبد الملك مازال ينظر اليوم لبغاة الأمس بنفس النظرة؟

أطروحة الدكتوراه كانت عن “ البغي السياسي “ والمقصود دراسة متى يكون الخروج على الحاكم بغياً ومتى يكون الخروج على الحاكم عدلاً وواجباً . كما تناولتُ بالدراسة متى يكون الحاكم نفسه باغياً خارجاً على الأمة ويجب خلعه والثورة عليه . لقد كانت تلك الأطروحة دعوة إلى الحوار أولاً فإن أنسد بابُه فالثورة.

أما الدكتوراه في علم الاجتماع فقد درستُ فيها المجتمع التونسي لست مئة عام وكيف كان يُواجه ويتلقى ويستقبل النوازل الجديدة بفقه جديد متجدد كل مرة.

|ـ عبد الله العودي: القائمة النسبية إذا تم إقرارها ألا ترون أن هذا سيفجر المشكلة داخل الأحزاب السياسية .. سيما و هناك مناطق في شمال الشمال ما زالت تعيش الثقافة الأبوية؟

كل وسيلة لها فوائدها ولها أضرار جانبية وعلى البرلمان التأني والدراسة وهو يختار الوسائل المناسبة لتثبيتها في صلب قانون الانتخابات.

ـ بسمة عبد الفتاح: العدالة الانتقالية .. ما المقصود منها .. و هل تعني عزلاً سياسياً لصالح و من سماهم في قائمته .. أم أن هناك مصالحة وتعويضا فقط .. و إذا قلت “عزلاً “ ألا ترون أن هذا سيفجر أزمة سياسية قادمة؟

حقوق الإنسان مِنْحَةٌ من الله سبحانه وتعالى لا يملِك أحد نزعها أو حرمان أحد منها، وكلُ مَنْ ظُلِم أمامه القضاء فقط سبيلاً واحداً للاقتصاص من ظالمه ولا يصح للثوار إصدار قانون يجعلهم الظافرين . يجب إعلاء القانون فوق الجميع والقضاء حَكَمٌ محترم ٌ يجب أن يكون مقبولاً من كل الأطراف . فإذا قرر القضاء حرمان أحد من حق ما فلا بد أن يكون مُسبباً ولفترة محددة قصيرة كأن غايتها التأديب للجاني والحماية للشعب. لا أكثر من ذلك.

ـ هائل الشميري: كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن في ظل نصف ثورة في نظر البعض .. و أزمة في نظر البعض الآخر؟

أنا متفائل جداً جداً بأن المستقبل سيكون زاهراً بإذن الله تعالى.

ـ ألا تخشى في ظل هذا التفاؤل من التقارير التي تشير إلى أن الوضع مازال في أيدي تريد الشر لليمن .. و ماذا عن صفقة الهيكلة التي قيل أنها كانت باهظة الثمن.. ألا يؤدي هذا الأمر إلى مزيد من إثارة القلاقل .. و ما قانونية ذلك؟

 كل شيء وارد، والمبالغة واردة، والتهويل وارد، والكذب والافتراء وارد.