على ناصر محمد: نؤيد مشاركة الحوثيين والانتقالي في الحكم باليمن
حبس طبيب كويتي 5 سنوات وتغريمه اكثر من ثلاثة مليون دولار
القضاء البريطاني يرفض طلبا من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بشأن نهائي دوري الأبطال 2022
تمديد إيقاف حارس ميلوول إلى ست مباريات بعد إصابة ماتيتا المروعة
حيث الأنسان يصل صعيد شبوة ويرسم ملحمة إنسانية ينتشل مهندسا أقعده المرض الى مهندس يدير مشروعا هندسيا ناجحا
ترامب يعد مفاجئة بشأن إيران ويقول: ''شيئًا ما سيحدث قريبًا والأيام المقبلة ستكون مثيرة''
إيران تخرج عن صمتها حول أحداث الساحل السوري وتعلن عن موقفها من المواجهات
دول عربية وإقليمية تتسابق لإعلان دعمها لسوريا في معركتها ضد فلول الأسد..
الاستخبارات السورية تكشف عن المتورطين في أحداث الساحل وتتوعد:لا سبيل أمامكم إلا أن تسلموا أنفسكم وأسلحتكم لأقرب جهة أمنية
رئيس الحكومة يتحدث عن متطلبات تُعيد لمدينة عدن إعتبارها ويتعهد بالإنتصار لقضايا المواطنين
وسط مشهد عالمي سريع التطورات يتصدره التنافس الحاد بين الصين والولايات المتحدة، تزداد الحاجة إلى إثراء النقاش حول هذا العنوان الذي سيقرر مصير القرن المقبل. وفي هذا السياق يُعد كتاب رئيس الوزراء الأسترالي ووزير الخارجية الأسبق كيفن رود «الحرب التي يمكن تفاديها»، مصدراً لا غنى عنه لأي شخص يسعى إلى فهم تعقيدات هذه الرقصة الجيوسياسية بين الجبارين الصيني والأميركي.
فمن خلال فهمه العميق للديناميات السياسية الصينية، وإتقانه لغة الماندرين، وعلاقاته المباشرة مع الشخصيات الصينية الرئيسية مثل شي جينبينغ، وخبرته العملية في الملف الصيني بصفته وزير خارجية سابقاً ورئيس وزراء أستراليا، يتفرد رود بتقديم رؤية مستنيرة وشاملة لإحدى أكثر العلاقات الدولية حساسية وتعقيداً. وهذا ما يجعل من تعيينه مؤخراً سفيراً لأستراليا لدى الولايات المتحدة، بعد سلسلة من المسؤوليات الأرفع في بلاده، دليلاً على استشعار أستراليا لخطورة انزلاق التنافس الصيني الأميركي إلى صراع من نوع آخر، ومصلحتها المباشرة في تصويب المحادثة بين واشنطن وبكين عبر شخصية خبيرة ككيفن رود.
في كتابه «الحرب التي يمكن تفاديها» يتوسع الكاتب والسياسي الأسترالي في عرض المخاطر الكارثية للصراع بين الولايات المتحدة والصين، ويُسهب في شرح مرتكزات السياسة الخارجية الصينية وتطورها والأهداف الاستراتيجية لهذا العملاق في عهد جينبينغ، لا سيما جهوده العنيدة والمثابرة لإعادة تشكيل النظام الدولي وتحدي هيمنة الولايات المتحدة على قواعده الراهنة. ولفهم نظرة الرئيس الصيني يعرض رود إطاراً من عشر دوائر تطوق بعضها بعضاً وتجمعها نقطة ارتكاز واحدة هي مصلحة الصين كما يعرفها جينبينغ. تركز الدائرتان الأوليان على القضايا المحلية، وأبرزها مركزية جينبينغ شخصياً بوصفه ضامناً لمستقبل الدور الصيني وهيمنته التامة على الحزب الشيوعي ثم هيمنة الحزب بقيادته على الدولة والمجتمع، بالإضافة إلى التمسك الحاسم بوحدة الصين بكامل أجزائها بما في ذلك تايوان والتبت وشينجيانغ ومنغوليا الداخلية.
وتمثل عقيدة النمو الاقتصادي الصيني إلى جانب العناية بالاستدامة البيئية، الدائرتين الثالثة والرابعة في تحليل رود لاستراتيجية الرئيس الصيني، التي يرى أن من خلالها يسعى جينبينغ إلى تأمين الشرعية السياسية للنظام السياسي والوحدة الوطنية للمجتمع من خلال إعطاء الأولوية للازدهار الاقتصادي. ويشرح رود بالتفصيل التحولات التي طرأت على رؤية جينبينغ الاقتصادية وتحولها أكثر نحو المزيد من سيطرة الدولة على النشاط الاقتصادي تحت عنوان تحقيق الازدهار المشترك، والاكتفاء الذاتي، على حساب التراكم السريع للثروة الفردية وضرب نماذج أسطورية عن نجاح رجال الأعمال مثل جاك ما مؤسس شركة «علي بابا».
ويوضح رود أن هذا النهج الاقتصادي الجديد يعطي الأولوية للأمن القومي والاستقرار السياسي والمساواة الاقتصادية على التبادل الدولي المفتوح وولادة نجوم من أصحاب التأثير الدولي المتحرر من قبضة بكين.
أما الدائرة الخامسة بين الدوائر الأكثر أهمية فهي تحديث الجيش الصيني والعمل الدؤوب على تسريع سد فجوة القدرات مع الولايات المتحدة في مجالات الحرب المعلوماتية وإنشاء قوة الدعم الاستراتيجي لجيش التحرير الشعبي وتطوير القدرات النووية والصاروخية وزيادة الدعم للقوات البحرية على حساب القوات البرية. وهو ما يقود إلى الدائرتين السادسة والسابعة المتعلقتين بإدارة العلاقة مع دول الجوار الصيني وتأمين أمن الحزام المائي حولها في شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ.
في حين أن الدائرة الأهم استراتيجياً هي سعي الرئيس الصيني منذ عام 2014 إلى تحدي قواعد النظام الدولي الحالي، عبر النشاط الصيني متعدد الأطراف الذي يقوم على زيادة الدعم للدول النامية، وزيادة النفوذ داخل المؤسسات الدولية القائمة، وإنشاء شبكته الخاصة من المؤسسات متعددة الأطراف. وتهدف الصين أيضاً إلى قيادة العالم في وضع المعايير الدولية والأطر التنظيمية من خلال تقديم مقترحات مختلفة عما يصدر عن الفكر السياسي الليبرالي، مستفيدة من سيطرتها على حصة كبيرة من السوق العالمية، والعلاقات الاستراتيجية الناتجة عن مبادرة الحزام والطريق والاستثمار القاري في البنية التحتية، وما يوفره لها كل ذلك من مرتكزات نفوذ دبلوماسية وسياسية..
إن فهم رود المتعمق للتفكير الاستراتيجي الصيني يسمح له بطرح رؤية جديدة ودقيقة لمستقبل الصراع الصيني الأميركي تقوم على فكرة «إدارة التنافس الاستراتيجي» بوصفه منطقاً بديلاً عن مسار المواجهة الراهنة المفضي إلى حرب «يمكن تفاديها». ويعرض رود مرتكزات لهذه الرؤية تقوم على الابتكار الدبلوماسي، والوضوح في تحديد الخطوط الحمراء لكل من الدولتين وإنشاء أطر تضمن احترام هذه الخطوط بشكل عادل ومتبادل، من دون إهمال تعزيز القدرات العسكرية الغربية التي تضمن ردع الصين عن اتخاذ إجراءات عدوانية، خصوصاً فيما يتعلق بتايوان.
يعد كتاب رود «الحرب التي يمكن تفاديها» وثيقة سياسية وفكرية أساسية لفهم تعقيدات العلاقات بين الولايات المتحدة والصين والعواقب المحتملة لنزاع واسع النطاق بينهما. إنه بمثابة تحذير صارخ ونداء للعمل على مستوى النخب وصناع القرار لتجنب حدوث نزاع كارثي.
ويعتبر الكاتب والسياسي الأسترالي أن فهم التفكير الاستراتيجي للصين ووضع تصور لعالم يمكن لكل من الولايات المتحدة والصين أن تتعايشا فيه بشكل تنافسي، هو التحدي الأخلاقي والسياسي الأبرز في القرن الحالي، والامتحان الأبرز للمخيلة السياسية في أن تبتكر ما يبعدنا عن الحرب ويمهد الطريق لمستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للجميع.