طبيبة مخمورة تجري عملية قيصرية
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 3 أيام
الخميس 26 فبراير-شباط 2009 08:37 م

نبيلة الحكيمي - ياسر العرامي: صحيفى المصدر

طبيبة تدخل غرفة العمليات وهي حافية القدمين مكشوفة الرأس وتدخن السيجارة بشراهة كما كانت تصيح بألفاظ نابية بحق الممرضيـن والممرضات.. عملية قيصرية بمزاج ثمل

الآن تحديداً، يجب على نقابة الأطباء والصيادلة – مثلاً - إثبات نزاهتها التي أضحت على المحك. الأمر يتعلق بـ "طبيبة مخمورة " اقترفت جريمة إنسانية في حق مريضها، ومستشفى يهمه كثيراً الدعاية والإعلان لخدماته فقط، ولا يكترث أو يلقي بالاً لتفحص نزاهة أطبائه والتأكد من عدم تعاطيهم الكحول على الأقل أثناء قيامهم بالمهمة الإنسانية. 

هذه القضية ليست مختصرة في فداحة ارتكاب خطأ طبي وحسب، أو جريمة بحق مريضة بات مصيرها في علم الغيب، إذ إن الأمر يحمل في طياته شيئاً مثيراً للخوف على أرواحنا والدهشة من هول ما أضحى عليه الوضع الزاخر بهذا النوع من الأطباء.

الطبيبة تدعى " ك. ح " وسنتحفظ في الصحيفة على اسمها واسم المستشفى لاسباب قانونوية. هذا بشأن تعاطي الطبيبة للخمر، أما الخطأ الطبي الذي ارتكب بحق المريضـة فإنه بات ثابتاً وفقاً لأدلـة ووثائق رسمية.

عليكم الآن أن تتخيلوا معي كيف يمكن لطبيبة مخمورة أن تجري عملية قيصرية لـ ابتسام الأكوع التي أوصلها زوجها إلى أحد المستشفيات في العاصمة صنعاء.

الاثنين 26 يناير الماضي، كان إبراهيم محمد مطهر على موعد لاستقبال مولودته الخامسة. وبطبيعة الحال لم يكن ينقصه لاكتمال فرحته سوى نقل زوجته إلى أقرب مستشفى لإجراء عملية التوليد. وبالفعل قام بذلك ورزق بمولودة لكنها باتت مصابة بفيروس الكبد، فيما زوجته لا تزال تكابد الألم في المستشفى إياه بعد أن أصيبت هي الأخرى بالفيروس إضافة إلى استئصال رحمها وتقطيع المثانـة وتعرضت للنزيف الحاد، نتيجة أسلوب همجي اقترفته تلك الطبيبة.

يروي إبراهيم القصة: "ذهبت بزوجتي إلى المستشفى وقد اخترته دون سواه حسب ظني أنه من أكبر المستشفيات في الجمهورية ". دفع رسوم التسجيل بالطبع وأجرى الكشافات اللازمة، لكنه قيل لـه أن الدكتور المتخصص في قسم الولادة مسافر ويدعى " محمود ". حينها لجأ مدير المستشفى إلى التواصل بالطبيبة التي كانت سبب آلامه الآن، وهي التي تقوم بمثل هذه العمليات أثناء غياب الطبيب المختص.

إلى هنا على ما يبدو أن الإجراءات تمضي بشكل طبيعي. فقد وصلت الطبيبة المذكورة فوراً إلى غرفة العمليات. وفي هذه الأثناء لاحظ أقرباء المريضة شيئاً غريباً على الطبيبة. كانت تصرخ بكلمات بذيئة ولا أخلاقية بحق الممرضين والممرضات: هيا دخلوها يا طراطير.. تركتوني وحدي وينكم.. " وتتلفظ بألفاظ سوقية بحق الممرضات " هكذا قالت لـ " المصدر " شقيقة إبراهيم.

غير ذلك، فالمشهد بدا فيه نوع من الاستهتار بأرواح البشر. تضيف " كانت الطبيبة لابسة عبايتها مقلوبة، وحافية القدميـن ورأسها مكشوف – هي يمنية وبالتأكيد كشف رأسها ليس وضعها الطبيعي – وهي تدلف نحو غرفة العمليات كانت أيضاً تمضغ السيجارة بشراهة".

بقدر ما أبدى أهالي المريضة قلقهم منذ الوهلة الأولى فقد باتوا خلف بوابة غرفة العمليات يترقبون الأمر بحذر شديد، ووقتئذ تعالت الصيحات داخل " غرفة " العمليات. تؤكد شقيقة إبراهيم: إن الطبيبة كانت تصرخ بالداخل بذات الطريقة التي كانت عليها قبل دخولها، فيما كانت إحدى الممرضات تصيح " الدم ينزف " وبدأن في الخروج واحدة تلو الأخرى حتى خرجت الطبيبة وهي مهرولـة. تاركة في الداخل جثـة ممزقة، وجسداً عبثت به، لقد مزقت الرحم بمشرطها دون اكتراث " تضمنت إزالة رحمها عن طريق الإهمال وكذلك تمزق المثانة " هكذا وصفت حالتها مذكرة نيابة استئناف شمال الأمانة، إلى مدير عام مكتب الصحة، وطالبته بسرعة تشكيل لجنة للكشف على المريضة.

أما أسرة المريضة في ذلك الوقت فقد اتصلوا بإدارة المستشفى وقد تم الاستعانة بطبيبة أردنية، وهذه الطبيبة كانت متوقفة عن العمل في المستشفى منذ ستة أشهر بسبب عدم إعطائها مستحقاتها. لكنها رغم ذلك أسرعت إلى المستشفى عندما قيل لها أن الحالة خطيرة. وهنا تكمن مفارقة عجيبة.

يضيف إبراهيم، إنه وفور وصول الطبيبة الأردنية إلى غرفة العمليات ومعاينتها لما ارتكب بحق زوجته، ذهلت وخرجت تبلغه: زوجتك بين الحياة والموت، إما أن توقع على إزالة الرحم لنتمكن من إيقاف النزيف أو أن تموت " يتابع " وقعت على الجنة بدلاً من النار ".

وإضافة إلى جريمة استئصال الرحم، كانت ابتسام قد نزفت نزيفاً حاداً، وتم تزويدها بـ16 قربة دم لمدة اثنتي عشرة ساعة، وأثناء هذه العملية فقد تعرضت لجريمة أخرى، إذ تم نقل فيروس الكبد الوبائي إلى جسدها عن طريق الدم الذي كان ملوثاً بالفيروس ومنها انتقل إلى الطفلة!

ويردف ابراهيم متحسراً على وضع زوجته وطفلته اللتين باتتا مصابتين بفيروس الكبد فضلاً عن قطع رحم زوجته ولا زالت ترقد في المستشفى " اخترت المستشفى ولم ادري أني اخترت مقبرة خزيمة ".

لم تنته القصة بعد، الآن يخوض إبراهيم مشواراً جديداً من الألم في النيابة والمحاكم. لقد توجه بالشكوى إلى النيابة متهماً إدارة المستشفى بالتواطؤ مع الدكتورة المذكورة. ورغم أن إدارة المستشفى اعترفت بخطأها منذ البداية وأعلنوا استعدادهم لتحمل كامل المسئولية – بحسب إبراهيم – إلا أنهم الآن يماطلون في الإجراءات.

أما الطبيبة التي ارتكبت الجريمة، فلا زالت تداوم في المستشفى بشكل يومي ولم يتخذ ضدها حتى الآن أي إجراء قانوني، رغم فتح ملف القضية لدى النيابة العامة، وتحفظ وزارة الصحة على الرحم المنزوع. ويضيف: " لا زالت القضية معلقة بين النيابة ووزارة الصحة وإدارة المستشفى، والطبيبة تسرح وتمرح وكأنها لم تفعل شيئاً " فيما لا زالت زوجته في خطر حتى الآن.

و ناشد والد المريضة محمد بن محمد علي الأكوع، وزوجها إبراهيم محمد مطهر في رسالتهم لوزير الصحة إحالة إدارة المستشفى إلى القضاء استكمالاً لما تقوم به اللجنة الطبية من تحقيقات، وإلزام إدارة المستشفى بعلاج " ابتسام " في الخارج على نفقة المستشفى، فبقاؤها فيه لا يمكن الإطمئنان إليه على حياتها وصحتها ولا يمكن الوثوق به. وفقاً لرسالتهم.

وذكر والد المريضـة في رسالته: " قام المستشفى بإدخال ابنتي مباشرة غرفة العمليات، وهناك بدأت سلسلة الجرائم والانتهاكات اللاإنسانية في حقها، وكان أولها شق بطنها بقسوة وعنف وغلظة وجلافة وحتى قبل اكتمال عملية التخدير، بل إن المريضة لا تزال في حالة صحو تام. أما الدكتورة التي قامت بمباشرة عملية الشق الوحشية وهي في حالة لا وعي واختمار نتيجة لما تناولته، ولكون الدكتورة في حالة اللاوعي تلك إضافة إلى حالة التوتر الشديدة والعصبية المفرطة فقد تجاوزت بسكينها حد الشق المعقول الذي تحتاج له العملية القيصرية لإخراج الجنين". وأضاف: "لقد نتج عن العملية الوحشية تلك شق المثانة، وبعد مضي وقت طويل قامت الدكتورة بالخروج من غرفة العمليات فجأة ولاذت بالفرار تاركة المريضة وبطنها مفتوحة تنزف دماؤها بغزارة لأكثر من ثلاث ساعات".

وأورد في شكواه لوزير الصحة ما نتج عن تلك الجرائم المقصودة والمتعمدة من أضرار فادحة وهي: إزالة الرحم وملحقاته تماماً ومعنى ذلك حرمان ابنته من الإنجاب نهائياً، وعدم قدرتها على التحكم في عملية التبول نتيجة لما أصاب مثانتها من أضرار جسيمة، فضلاً عن إصابتها بفيروس الكبد القاتل نتيجة لما نقل إليها من دماء ملوثة.

وإلى ذلك فإن والد المريضة وزوجها يصران بقوة على الانتصار لحق ابتسام وطفلتها بالقانون، رغم لجوء الطبيبة مؤخراً إلى الوساطات. وفقاً لإبراهيم: " الطبيبة وسطت الكثير لحل القضية ودياً وأخرهم أحد أطباء المستشفى لكنني رفضت وأريد تطبيق القانون بحقها والمستشفى".

هكذا تسير الأمور الآن، ولا يبدو أن نقابة الأطباء ستصدر بياناً على الأقل تستنكر جريمة الطبيبة التي بطبيعة الحال يفترض أنها إحدى المنتسبات للنقابة. كذلك هو الحال مع الجهات المعنية، لم تستيقظ بعد لاتخاذ أسلوب يردع أمثال هؤلاء المستهترين بأرواح البشر، كما أن وزارة الصحة وهي المعنية الأولى، ربما لن تكلف نفسها معاقبة الطبيبة التي قامت بهذا الفعل الوحشي، وكذلك هو المستشفى الذي لم تكن هذه الحالة هي الفريدة من نوعها فيه، إذ تعترف إحدى الممرضات لـ " المصدر ": أنا مندهشة جداً لعدم معاقبة الكثير ممن هم سبب أخطاء كثيرة ترتكب هنا " وتؤكد أن دكتور آخر في ذات المستشفى قطع يد أحد المرضى دون ضرورة لهذا القطع، وبعد ذلك تم فصله وطرده من قبل الإدارة السابقة للمستشفى، لكنه الآن عاد لمزاولة عمله في تلك المذبحة المسماة " غرفة العمليات ". وهذا ربما ما سيحدث مع الطبيبة المخمورة!