صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة تفاصيل لقاء وزير الداخلية مع قائد القوات المشتركة لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟ صدمة كبيرة بين فريق ترامب.. بسبب تعيين شخصية إعلامية في منصب سيادي حساس المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يوجه تحذيرا للمواطنين في خمس محافظات يمنية اليمن تزاحم كبرى دول العالم في قمة المناخ بإذربيجان .. وتبتعث 47 شخصًا يمثلون الحكومة و67 شخ يمثلون المنظمات غير الحكومية ترامب يفاجئ إيران بتعيين شخصية وزير الدفاع .. من قدامى المحاربين ومن خصوم طهران
هناك أربعة أسئلة تشغل ليس فقط قادة الحزب الحاكم ولكن أيضا قطاعاً واسعاً من أبناء الشعب اليمني بمن في ذلك قواعد الحاكم والمشتركوالمستقلون. السؤال الأول في أذهان الناس هو: لماذا ظهر اللقاء المشترك بهذه الطريقة ونما بهذه السرعة؟ أما السؤال الثاني فيتركز حول الأسباب المختلفة لقيام المشترك بترشيح شخص مستقل وليس واحداً من قادته. ويدور السؤال الثالث حول مستقبل اللقاء المشترك. أما السؤال الرابع فيدور حول مستقبل الحزب الحاكم في ظل التطورات الجارية.
تفسير الولادة
سيكون من غير المنطقي تفسير الطريقة التي ولد بها اللقاء المشترك بالإشارة إلى آليات الديمقراطية وحدها وإهمال الأنماط التاريخية للسلوك السياسي لليمنيين لأن ذلك قد يوصل الرسالة الخطأ إلى القارئ وقد يجعل اليمني يعتقد ان الشعب الذي ينتمي إليه قد أصبح ديمقراطيا بين
عشية وضحاها بدليل ظهور اللقاء المشترك وتقديمه برنامجاً للإصلاح السياسي والوطني الشامل واتفاقه على مرشح مستقل. صحيح ان أحزاب المعارضة قد خاضت ثلاثة انتخابات برلمانية وصحيح ان تبني الديمقراطية في اليمن قد مضى عليه أكثر من عقد ونصف، وصحيح كذلك ان سياسات الاستبعاد والفساد بين الصغير والكبير قد دفعت كلها بالناس إلى الاصطفاف في مواجهة الحاكم. لكن الصحيح أيضا هو ان هذا الاصطفاف الذي يمثله اللقاء المشترك يستمد قوته أولا وقبل كل شيء من تراث سياسي يرتكز على ما يمكن تسميته بنظرية «توازن القوى الداخلية». ونزوع اليمنيين إلى الحفاظ على توازن القوى هو نزوع فطري عزز من قوته الغياب التاريخي لمؤسسات الدولة وندرة الموارد التي جعلت أي فئة تصل إلى السلطة تعمل على الاستئثار بتلك الموارد وإقصاء منافسيها.
ما يحدث اليوم من اصطفاف «المعارضة» في مواجهة السلطة ليس جديدا. ومع اختلاف في بعض التفاصيل فان الاصطفاف في مواجهة المشير علي عبد الله صالح لا يختلف كثيرا عن الاصطفاف في مواجهة المشير عبد الله السلال في ستينيات القرن الماضي. ورغم ان الرئيس السلال والرئيس صالح كلاهما عسكريان وكلاهما ينتمي إلى سنحان إلا أن ذلك ليس له علاقة بجوهر الصراع وهو قيام الأحادية السياسية. ورغم ان الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب كثيرا ما أكد في مقابلاته على انه عارض صعود صالح إلى السلطة خوفا من سيطرة العسكر على مقاليد الأمور إلاَّ ان ما رمى إليه الشيخ عبدالله باستمرار هو الخوف من قيام أحادية سياسية تستخدم الجيش لفرض سياسات الإقصاء.. ففي اللقاء الذي أجراه معه برنامج «زيارة خاصة» الذي بثته قناة الجزيرة أواخر العام الماضي سأله المحاور عن سبب معارضته لتولي صالح للسلطة في عام 1978 فرد بقوله انه أراد إعادة الحكم للمدنيين بعد ان شعر انه اخطأ بإخراجها من القاضي الإرياني
«المدني الوحيد الذي تولى السلطة منذ قيام الثورة في شمال اليمن». وبعد جولات من الحوار قال معد البرنامج للشيخ «اللافت اليوم وبعد ربع قرن تقريبا والرئيس على رأس السلطة» وقد كان الشيخ لماحا في الإجابة حيث قال «ونحن معه.. بجانبه». وعبارة الشيخ الأخيرة لا تخلو من دلالة ومن إشارة ضمنية إلى قاعدة مرجعية هامة في الشأن السياسي اليمني. ويمكن القول إجمالا ان القوى السياسية في اليمن وكلما شعرت بقيام أحادية سياسية سعت إلى إعادة التشكل وذلك بهدف إسقاط تلك الأحادية وإعادة التوازن من جديد.
وبالنسبة للاصطفاف الأخير للمعارضة في إطار اللقاء المشترك فقد كان نتاج أربعة عوامل. العامل الأول هو حرب عام 1994 التي أخرجت الاشتراكي من اللعبة السياسية وهيأت الظروف كما يبدو لقيام آحادية سياسية في البلاد سعت إلى إقصاء المنافسين بمن فيهم التجمع اليمني للإصلاح. ثانيا، أثبتت تجربة الخمسة عشر سنة الماضية لأحزاب اللقاء المشترك ان الأحادية السياسية التي قامت في البلاد وازدادت قوة وصلابة لا يمكن مواجهتها الا باصطفاف قوي. ثالثا، ساعدت الثقافة السياسية المتأصلة في وعي اليمنيين وفي أنماط سلوكهم السياسي -وهي النزعة المعادية للأحادية السياسية- على الدفع بقادة المشترك نحو الاصطفاف رغم حالة الشك الموجودة بين أحزابها ورغم التباينات والثارات التاريخية.
ثالثا، جاء انقسام النخبة الحاكمة ليوفر للقوى المصطفة القيادة التي كانت تفتقر إليها. ولعل هذا، وليس التطور الديمقراطي، هو ما يفسر ظهور اللقاء المشترك بهذا التماسك وقرار أحزاب المعارضة بخوض الرئاسية بمرشح واحد. والكاتب هنا يختلف كلية مع رؤية الأستاذ عبد الله سلام الحكيمي للمشهد السياسي اليمني والتي وردت في مقابلته المنشورة في عدد الأسبوع الماضي من الوسط.. فالانقسام داخل حاشد -وهو ما حذر منه كاتب هذه السطور أكثر من مرة لما يمكن ان يحمله من مخاطر على الاستقرار السياسي للبلاد- يبدو اليوم وقد أصبح أمرا واقعا. ومع ان الكاتب كان مثله مثل الحكيمي يعتقد ان مصلحة حاشد القبيلة هي خط «أحمر» يحكم الشيخ والرئيس الا أن التطورات السابقة المتمثلة في سياسات الإقصاء التي مارسها الحاكم والأخيرة المتمثلة في اختيار المشترك لفيصل بن شملان السياسي المستقل مرشحا له لا تدع مجالا للشك أن الاصطفاف على المستوى الوطني قد كان انعكاسا مباشرا لاصطفاف سابق عليه داخل حاشد ذاتها. وإذا كان الأستاذ الحكيمي في شك مما يحدث اليوم فما عليه سوى العودة إلى أحداث العقود الماضية. فما يحدث اليوم ليس جديدا تماما بل له جذوره التاريخية التي تمتد ليس فقط إلى ستينيات القرن الماضي ولكن إلى العديد من القرون الماضية.
ومع ان السياسة هي بالتأكيد أكثر تعقيدا من أي لعبة يمارسها البشر إلاَّ ان تشبيه السلوك السياسي بالرياضي يمكن ان يساعد على تبسيط الظاهرة السياسية المعقدة وجعلها سهلة الفهم للقارئ. فلو شبهنا اللقاء المشترك والحزب الحاكم بفريقين يلعبان لعبة معينة (كرة القدم مثلا) احدهما يكسب كل شيء كل الوقت والآخر يخسر كل شيء كل الوقت فان أفضل إستراتيجية يملكها الفريق الذي يخسر دائما هي ان يسعى لتغيير قواعد اللعبة. وهذا بالضبط ما فعلته أحزاب اللقاء المشترك. فبدلا من قاعدة لعب كل حزب من أحزاب المعارضة بمفرده في مواجهة الحاكم سعت إلى خلق قاعدة جديدة وهي ان تلعب كلها كفريق في مواجهة الحاكم. وتمثل مبادرتها للإصلاح السياسي والوطني الشامل محاولة لتغيير القواعد العامة للعبة والتي تصب لصالح الحاكم وكتابة قواعد جديدة تتصف بالعدالة ولا تنحاز لأي فريق كان. والمطالبة بتغيير قواعد اللعبة هي مطالبة مشروعة طالما تمت تلك المطالبة من خلال الأطر الدستورية والقانونية. ولذلك فان الذين يتحدثون عن «انقلاب» ضد الرئيس هم في الواقع يظللون الشعب اليمني والرئيس. ففي أي بلد تتوفر له درجة من الديمقراطية لا بد وأن يتوقع الناس من المعارضة تقديم بدائل لكل شيء بما في ذلك شكل النظام السياسي.
المرشح المستقل
تواجه أحزاب المعارضة اليمنية المنضوية في "اللقاء المشترك" عددا من المشاكل يجعلها غير قادرة في هذا المنعطف التاريخي الهام على إنزال إحدى قادتها مرشحا للرئاسة. أولا، برغم ان الأحزاب أفرزت عددا من القيادات غير العادية الا أنها ربما بسبب افتقارها إلى الموارد او بسبب استبداد الحاكم لم تتمكن خلال السنوات الماضية من إفراز قيادات يمكن ان تكون محل إجماع وطني كما هو الحال مع بن شملان الذي يمثل في شخصيته مجموعة القيم التي يتفق عليها اليمنيون جميعهم سلطة ومعارضة. ويستثنى من هذا القول ظهور الشيخ حميد الأحمر في الفترة الأخيرة كقيادي معارض قوي يملك خطابا سياسيا عقلانيا متزنا ويركز على مشاكل اليمن الحقيقية وليس على أشخاصها.
ثانيا، هناك حالة من عدم الثقة بين قيادات الأحزاب وقواعدها. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الطريقة التي عارضت بها تلك الأحزاب السلطة خلال السنوات الماضية. فهناك شعور لدى قطاع واسع من قواعد الأحزاب بأن قادتها هم عملاء للسلطة وليسوا ممثلين للجماهير ومرد ذلك ربما إلى بعض التصرفات من قبل القيادات. فتبني التجمع اليمني للإصلاح مثلا للرئيس علي عبد الله صالح كمرشح له في انتخابات عام 1999 قد اثر كثيرا على علاقة قيادات الإصلاح بالقواعد، خصوصا وان الحزب الحاكم، وفي انتهاك فاضح لمبدأ المواطنة المتساوية، قد تبنى سياسات تأميم أقصت الكوادر الإصلاحية من مواقعهم في مختلف الجهات بما في ذلك المدارس والجامعات والمراكز الصحية وفي انتهاك لأبسط حقوق المواطنة.
ثالثا، هناك فجوة بين الشارع اليمني والأحزاب وقد وجدت تلك الفجوة لأسباب كثيرة لعل أهمها هو العلاقة بين السلطة والمعارضة في اليمن والسلبية التي ظهرت بها الأحزاب خلال السنوات الماضية من عمر الوحدة. ففي الصيف الماضي مثلا لم تقف الأحزاب اليمنية الموقف القوي الذي كان الشارع اليمني ينتظره منها عندما تم رفع الدعم جزئيا عن المشتقات النفطية.
رابعا، تتصف علاقة المعارضة بالسلطة في اليمن بالتعقد. فالحزبان الرئيسيان في المعارضة احدهما ولد في حضن السلطة وتحالف معها وهو الإصلاح والآخر كان في مرحلة معينة هو «السلطة» وفي مرحلة أخرى جزءا منها. هذه العلاقة تجعل المعارضة اليمنية خجولة في معارضتها فالعلاقات الشخصية والعيش والملح والصداقة والزمالة وغير ذلك من الأمور تجعل الشخصيات المعارضة اقرب إلى الحاكم منها إلى الشارع. ومع انه لا احد يعرف بالضبط ما هي ملفات الحاكم التي يهدد بها معارضيه إلاَّ ان اختيار المشترك لمرشح مستقل يبطل مفعول تلك الملفات التي لا يستبعد أن تكون من نوعية الملف الذي سجل للأخ الشلفي مراسل الجزيرة وهو يحادث زوجته بالتلفون.
وإذا كان ظهور المشترك قد ساعد تلك الأحزاب على تجاوز «عقدة» معارضة الحليف السابق والراعي الشخصي والداعم فان المرشح المستقل بمكانته العلمية والأخلاقية والوطنية سيساعدها على ان تشن حملة دعائية قوية تتمكن من خلالها من ترميم علاقتها بأعضائها وبالشارع اليمني وعلاقتها ببعضها البعض ودون خوف من فتح الملفات القديمة سواء أكانت ملفات ورقية أو «صوتية!» كما ان المرشح المستقل يحل للأحزاب الكثير من المشاكل التي لا يتسع المجال لنقاشها الآن بما في ذلك تطمين الجيران والمجتمع الدولي بأن المعارضة اليمنية تسعى لأن تكون عامل استقرار في اليمن وليس عامل زعزعة وأنها تتصف بالمرونة والبرجماتية وتركز على قضايا واقعية تهم الداخل والخارج على السواء وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي والفساد.
مستقبل اللقاء المشترك
من الواضح ان التطورات تصب كلها في اتجاه تبلور قوتين سياسيتين على الساحة: المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك. والقوتان متشابهتان إلى حد كبير وما يميز إحداهما عن الأخرى في الوقت الحالي هو الموقع من السلطة قبل كل شيء. فهناك قوة تحكم وتبدو مرهقة، مرتبكة، فاقدة للرؤية وللمشروع الوطني الذي يمزج بين التثبيت السلطوي وبين توسيع القاعدة وإفراز قيادات جديدة، وهناك قوة تعارض وتنمو بسرعة وتبدو قادرة على الاستفادة من أخطاء القوة التي تحكم ومن ضعف أدائها. أما الطريقة التي ستتطور بها القوتان فستتوقف إلى حد كبير على الخيارات التي ستقوم بها القيادات في الجانبين. لكن أي تطور حقيقي وايجابي ويصب في المصلحة الوطنية لا بد وأن يقوم على منع وقوع البلاد في إحدى المحظورين: تثبيت الأحادية السياسية؛ أو إحلال الأحادية السياسية بالشرذمة السياسية (وجود قوى سياسية كثيرة متفرقة على الساحة). وعلى هذا فان تبلور القوتين واستقرار هذا التبلور واشتداد عوده سيصب في مصلحة الاستقرار السياسي في البلاد وبغض النظر عن أيهما في السلطة وأيهما
في المعارضة. لقد أثبتت السنوات التي انقضت منذ قيام الجمهورية اليمنية وحتى الآن أن غياب التوازن السياسي والشراكة في السلطة ليست علامات صحة وإنما أعراض مرض وخصوصا في بلد يتصف بالتنوع المذهبي والمناطقي والقبلي والعرقي. كما أثبتت تجارب الدول الأخرى ان الشرذمة السياسية يمكن ان تكون عاملاً لزعزعة الاستقرار وخصوصا في بلد نام مثل اليمن. والشيء المطمئن في تبلور القوتين هو ان كلاً من القوتين تملك تحالفات رأسية (طبقية) وأفقية (فئوية ومناطقية وقبلية). ومع ان احتمال ارتكاب الأخطاء المدمرة وارد الا أن المؤشرات كلها تقريبا توحي بان الانتخابات القادمة، ان مرت بسلام، ستؤدي إلى تثبيت هذا التبلور وبغض النظر عن شخص الفائز في الانتخابات. وإذا ما مرت الانتخابات بسلام فان انتخابات سبتمبر 2006 ستكون منعطفا تاريخيا هاما وستفوق في أهميتها أي انتخابات سابقة عليها.
وضع الحاكم
على افتراض ان الحزب الحاكم التزم في تنفيذ الانتخابات القادمة بالدستور والقانون واتفاق المبادئ الموقع مع أحزاب اللقاء المشترك وهذا هو الاحتمال الأرجح فان هناك أربعة احتمالات بالنسبة لنتائج الانتخابات. الاحتمال الأول هو حصول الحزب الحاكم على نسبة من الأصوات تفوق ال70%. وتلك النتيجة ان حدثت لن يكون لها سوى معنى واحد وهو أن أحزاب اللقاء المشترك لا تمثل من وجهة نظر المواطن جزءا من الحل لمشاكل اليمن.
الاحتمال الثاني، وهو أن يفوز الحزب الحاكم بنسبة من الأصوات تتراوح بين 60-70 في المائة من الأصوات. وسيكون معنى ذلك هو ظهور معارضة قوية للحاكم قد تضعف من قدرته على الحكم في السنوات الثلاث القادمة 2006-2009 لكنها لن تمثل تهديدا مباشرا لبقائه في السلطة.
الاحتمال الثالث يتمثل في حصول الحاكم على نسبة تتراوح بين الحد الأدنى للفوز وهو 50%+1 من الأصوات المشاركة في الاقتراع ولكنها تقل عن 60 في المائة. وذلك سيعني تحول الشارع إلى شريك للحاكم في اتخاذ القرار. ووصول المعارضة إلى حاجز ال40% سيعني أول ما يعني ان على الحاكم حل مجلس النواب الذي سيصبح فاقدا للشرعية الشعبية والدعوة إلى انتخابات نيابية جديدة.
الاحتمال الرابع هو حصول الحاكم على اقل من 50 في المائة زائد واحد من الأصوات وهو ما يعني خسارة الحاكم للسلطة. وبالنظر إلى أوضاع البلاد والى الظروف الإقليمية والدولية فان المرجح هو أن يقبل الحاكم بالنتائج وأن يعمل على حدوث عملية انتقال هادئة للسلطة على اعتبار ان ذلك هو الخيار الأفضل للجميع. وإذا كان الحاكم قد عمل خلال السنوات الماضية على تأميم البلاد بحيث أصبح كل مدير مدرسة مؤتمري وكل مسئول في أي جامعة مؤتمري أيضا وهلم جرا فان المعارضة وبسبب الطبيعة التحالفية لها لا بد من ان تعمل على تغليب مبدأ الكفاءة على مبدأ القرابة والولاء الحزبي أو غيرها من المعايير التي قادت البلاد إلى الوضع الحالي.
بالنسبة لاحتمال عدم حصول أي من المرشحين للرئاسة على أغلبية 51 في المائة +1 في الجولة الأولى من الانتخابات وبالتالي عقد انتخابات ثانية فهو احتمال مستبعد بالنظر إلى ان المرشحين الثلاثة الآخرين لم ينزلوا للمنافسة ولكن لأسباب أخرى.
وستعتمد نتائج الانتخابات القادمة ليس على ما سيفعله الحاكم الذي تبدو أوراقه جد قديمة ومكشوفة ولكنها ستعتمد إلى حد كبير على ما تفعله المعارضة وعلى الطريقة التي ستدير بها حملتها الانتخابية والموضوعات التي ستطرحها. صحيح ان الحملة الانتخابية للمعارضة قد بدأت منذ ثلاث سنوات تقريبا لكن الصحيح أيضا ان الفترة المقبلة هي التي ستحدد نتائج الانتخابات.
وسيكون التحدي الكبير أمام الحاكم هو أن يعمل بالتزامن على:
1- عقد انتخابات يتوفر لها الحد الأدنى من الحرية والنزاهة؛
2- إبقاء صوت المعارضة تحت حاجز الثلاثين في المائة. أما إذا حاول الحاكم الخروج على اتفاق المبادئ أو تزوير الانتخابات فان اخطر ما سيواجهه هو «خيار الثورة الشعبية».
دعم الفساد
سيكون من السذاجة في بلد محكوم بالفساد ان يظن المرء أن مشاريع الدعم الممولة من قبل حكومات أجنبية هي بمنأى عن «مافيا» الفساد التي تأكل كل شي. لكن الشيء الذي لا يمكن تصوره هو ان يتم تحويل الدعم الدولي المخصص للجمهورية اليمنية إلى دعم لمسئول في الحكومة أو لأقاربه، أو ان يتم استخدام الدعم الدولي الهادف إلى محاربة «المحسوبية» و«الفساد» إلى دعم للمحسوبية والفساد وللنزعات العنصرية ولإقصاء الكفاءات. لكن كل شيء ممكن في اليمن. فمن لم يعلمه الزمن تربيه اليمن كما يقولون. لا يريد الكاتب الولوج إلى عالم المساعدات المظلم لاعتقاده بان أي مبلغ يدخل اليمن هو في النهاية يخدم الاقتصاد اليمني حتى ولو كان يذهب إلى جيوب الفاسدين ومن في نفوسهم مرض لكن محاولة البعض توظيف الدعم الخارجي لتعميق النزعات التمييزية ونزعات الإقصاء واكل حقوق الآخرين هي كلها أمور تجعل ضرر مشاريع الدعم أكثر من نفعها وبالتالي تعطي كل مظلوم الحق في فتح كل الملفات العفنة.