هل يستحق هذا الشعب هذه القيادة
بقلم/ سام عبدالله الغباري
نشر منذ: 16 سنة و شهر و 17 يوماً
الإثنين 29 سبتمبر-أيلول 2008 09:46 م

لاشك أننا وان كنا قد اخترنا لهذا المقال هذا العنوان الذي قد يوحي للقارىء أننا سنخلص الى حكما مطلقا باستحقاق الشعب لهذه القيادة ام لا، فاننا نعتزم استعراض مانعتقد به ضروريا لكي يصل الى اذهان الافراد من ابناء هذا الشعب، وسوف لن يكون كل مانتطرق اليه من حالات يتصف بها المجتمع اليمني مبررا او دفاعا عن السلطة والقيادة بأي حال من الأحوال، ولكنه رأي نحرص على ان ندلي به بكل تأن ومسؤولية، بسبب أننا نعتقد بشدة أن الحلول لايمكن لها أن تكون صحيحة الا بعد أن نعرف ونحدد تماما ماهية المشكلة التي نحن بصدد ايجاد الحلول لها. وعوضا عن انتهاج ومجاراة الاساليب التي تتسم بقلة الصبر والاستعجال في طرح الحلول والتصريح بها فأننا وبرؤية وملاحظات متعمقة سنعمل على تحديد المشكلة وتقديم الحلول المناسبة لها وفقط تلك الحلول التي تتسم بكونها طويلة الامد والتي تحتاج الى صبر وعمل بجهود مضنية على المدى البعيد.

بداية، نحن لانعتقد بأي شكل من الاشكال أن حالة الوطن، والشعب وخاصة الاقتصادية، بالشيء المستنكر والغريب على الشعب اليمني والذي في سبيل تغييره يتسرع الكثيرون بمنح الوعود ويجاريهم العامة عبر افتراض ان المستوى المطلوب للحالة العامة للشعب اليمني ستتبدل بشكل كبير وكأننا سننتقل بهذه الدولة ومجتمعها الى مصاف الدول المتقدمة بين ليلة وضحاها بمجرد ان يتم تغيير هذه القيادة الحالية، وذلك هو الجهل والحماقة بعينها، وهو ان كان تصريحا قد صدر من مختلف الفئات السياسية وبدى ان الكثيرين يقبلونه ويتناقلونه على انه الحل الصحيح فانه في أغلب الاحوال لايبدو الا انه يمثل تصريحا او رأيا أو خدعة سياسية من قبل جماعات معارضة للنظام الحالي تريد ان تظفر بفرصتها بالسلطة والاغتراف من موارد الوطن وثرواته، وبحيث صورت تلك الجماعات أن المشكلة العامة للوطن وشعبه تكمن في جلوس عدد من االاشخاص في النظام وانشغالهم بنهب ثرواته!!

لاشك ان حالة من الفساد يزخر بها الوطن اليمني والنظام الرسمي للدولة، قد بلغ أوجه حينما باشرت قوى المعارضة بالترويج بدون رقيب او حسيب لظاهرة الفساد وسيطرتها على كافة جوانب الدولة، وهي حالة ان كنا قد لمسنا تفاقمها تدريجيا فهي في واقع الامر لم تكن بالصورة التي جعلتها قوى المعارضة وبحيث تسببت في انتشار الفساد بشكل رسمي وعام في عموم البلاد، حتى اصبح المسؤول المعين لادارة وتسيير قطاع حكومي في الدولة يتجاهل الاتهام بكونه فاسد نظرا لان الحكم قد صدر مسبقا، والاجدر ان الناس والجماعات السياسية كانت ستتأنى في طرح المشاكل التي تعاني منها أجهزة الدولة وان لاتسارع باطلاق الاحكام الجزافية على جميع المسؤولين بها، على الاقل من مبدأ مخافة الاتهام الباطل لمن لاذنب له.

كما ترون، وقديما قالوا، ان انت اردت ان تصلح من حال "البطال" او الذي يسلك سلوكا غير سوي ولايزال مستترا، عليك ان لا تقول له " يا بطال " او يا فاسد الاخلاق، طالما انه لايزال يستحي. والاجدر انك ستعمل على مساعدته على الاقلاع عن افعاله السيئة شيئا فشيئا، لان المشكلة عند الانسان الفاسد تكمن في خوفه من معارضه وانتقاد المجتمع لسلوكياته فاذا ما فضح امره بين الناس فانه لا يعود يهتم لذلك الحاجز وسيباشر بفعل ماتهواه نفسه بدون ان يراعي اي من الاعتبارات.

المشكلة، عموما، تكمن في الشعب، وأكثر المشاكل تأثيرا في حالة الشعب والوطن الراهنة تتمثل في تفشي وانتشار الجهل بشكل واسع، والجهل هنا لايعني تماما نسبة الامية وانتشارها في اوساط الشعب على الرغم من اهمية ذلك، ولكنه في تفشي المفاهيم والمبادىء الاجتماعية السلبية، التي تجعل من الكذبة والافتراء حقيقة واقعة فلا يحاول الناس التحقق والتحري، والتي تجعل من المسؤولية شيئا هينا يسارع الكثيرون الى القبول بها وطلبها ومهاجمة القائمين عليها بدون ان يحاولوا الالمام بكل مايحيط بها من عوامل وظروف متعددة، هذه الحالة من تفشي الجهل والوعي الثقافي بما يجب ان تكون عليه الاوضاع في الداخل في مختلف المجالات، وكيف للوضع ان يتغير وكيف للحالة المعيشية والاقتصادية والاجتماعية ان تتطور نحو الازدهار، وماهي الاسباب والعوامل التي تؤثر في جوانب الواقع الحالي للوطن وشعبه، وكيف يمكن لهذا الوطن ان يخرج من ازمته، وتجاوز الناقدين لاهمية تلك الاساسيات هي كل ماهنالك من المشكلة، وهو، ونقصد " الجهل " أنه السبب الرئيسي الذي يجعل العامة يفترضون ان تغيير الحكومة او الحزب الحاكم، او حتى الرئيس سيحل المشكلة كاملة ولكنه ومع الاسف ليس كذلك باي حال من الاحوال مهما تعشم الناس وظنوا وذهبوا وراء الامنيات الصعبة، فالمشكلة تكمن في هذا الشعب الذي لايقدم ولائه لوطنه اولا، ولايعتز به ولايحافظ على مصلحته، والمشكلة في هذا الشعب - عموما - الذي لايقدم احترامه لنفسه وللافراد فيما بينهم، فيقدمون احترامهم لانفسهم وبه يقدمون احترامهم لاخوتهم وللناس، والمعنى ان التراحم والود والتعايش السلمي بين الناس قضية مفقودة ومنعدمة، فاذا كان المواطن العادي الذي يسير في الشارع لا يحافظ على الاملاك العامة، ولايحترم حقوق الغير في الانتفاع بالممتلكات العامة، وتجده يبادر بالانفعالات والسلوكيات العدائية وخاصة عند من يقودون السيارات نتيجة لما يعانيه كلا منهم من نقص وعجز في الاقتناع بالذات فان سلوكيات الاشخاص في مواقع مختلفة في القطاع الاداري للدولة لاتكاد تتميز عن سلوكيات الناس، لان ذات المواطن العادي الذي يترك سيارته وسط الطريق مثلا لكي تشكل عائقا امام مصالح الوفا من الناس، لانه يريد ان يبقيها قريبة منه او لكي يتفاخر بعنجهيته ويتكبر على الناس، هو ذات الشخص الذي يقطع عنك تيار الكهرباء مثلا في كل يوم بدون ان يكترث لما ستفقده من مصالح، ولولا انه تحرى الاخلاق والمصداقية في التعامل وفكر قليلا في حقوق البشر من الانتفاع بالخدمة العامة التي يدفعون لقاء توفيرها من دمائهم وارواحهم، لكان على الاقل قد قام بعمل نشره عن مواعيد الاطفاء عوضا عن المزاجيات والاستخفاف بمصالح وممتلكات الناس. ونزولا الى الموظفين الاقل رتبة، فاننا ولاشك سنجد ان قلة الاحترام والمراعاة لحقوق ومصالح الناس ظاهرة متفشية عموما بحيث تضيع مصالح البشر ويتأخرون في قضائهم حوائجهم بسبب الاهمال والكسل والكبر والاستعلاء على الناس. وما من أحد عموما يفكر في مصلحته بشكل صحيح، فكل مايقترفونه انما هو انتقام من انفسهم على انفسهم، وكذبا يقولون ويتحججون بمستقبل ابنائهم، لانهم لم يبقوا على شيء الا وأفسدوه فسادا عظيما.

علينا ان نتغير كشعب أولا لكي نجد القيادة والنظام المثالي الذي نسعى نحوه، علينا ان نساعد انفسنا قبل ان نشترط ونطالب بالمواصفات الصعبة التي لم نتخيل يوما كيف سنصل اليها، فمن اين للدولة بالكادر البشري الذي سيغير واقعها المتدني والمجتمع لا يزال يرفدها بالكوادر البسيطة علميا واداريا والمتخلفة ثقافيا، في الوقت الذي يتشارك العامة من ابناء الشعب على الاضرار بمصالح وطنهم في سبيل تحقيق مصالحهم الشخصية، فمن أين لك يا يمن أن تتقدم او يتغير حالك وأبناءك لم يغيروا من أنفسهم، فهذه الحكومة من الشعب والحكومة تتعامل مع الشعب وفق عقليته وثقافته ولو انه تغير يوما، لامكن لمراكز الدولة ان تحظى بالكوادر التي ستعمل على التغيير وستحقق التطور والتقدم المنشود للوطن ولجميع ابناءه .