إبُّ الإباء وصناعةُ الثورة
بقلم/ أ د فؤاد البنا
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 9 أيام
الأحد 31 يوليو-تموز 2011 04:31 م

إب هي رائعة اليمن الغناء وأغنيته العذبة ، إب الجامعة بين جمال الجغرافيا وجلال التاريخ ، المحافظة التي لم تكف عن التغيير وصناعة التاريخ والثورات ، كانت موئلاً ومحضناً لعدد من الدول قبل وبعد الإسلام ، ومنها الدولة الحميرية التي كانت عاصمتها (ظفار) وتقع في مديرية يريم ، والدولة الصليحية وكانت عاصمتها (جبلة) العلم والعرفان .

إب هي المحافظة الأولى من حيث الكثافة السكانية ، والثانية من حيث العدد بعد تعز ، لعبت أدواراً حاسمة في صناعة التحولات الكبرى في هذا الوطن قديماً وحديثاً ، ولأنها (تعمل) فإنها لا (تقول) ، بمعنى أنها زاهدة في الحديث عن نفسها ، ولذلك آثرتُ تسطير هذا المقال عن هذه المحافظة التي اشتُق اسمها من فعلها:( إب) ، فهي لا تكف عن صناعة (الإباء )، وتدبير الثورات ، وتدبيح ملاحم التغيير ، كأنها قصائد عشق أزلية.

إنها إب : علي عبدالمغني ، وعبدالعزيز المقالح ، وزيد مطيع دماج ، وعبدالمجيد الزنداني ، وعبدالرحمن الإرياني ، وعبدالله الحجري ، وعبدالكريم الإرياني ، وجار الله عمر ، وعبدالسلام الدميني ، وحمود الهتار ، ومحمد حسن دماج ، وعبدالقادر القيري ، ومحمد قحطان ، وحسن الدعيس ، وعبدالسلام العنسي ، ومحمد علي الربادي ، وعبدالعزيز الحبيشي...الخ (من ذا الذي يستطيع أن يحصي أعلام إب)؟!

إب وتعز مضغةُ اليمن:

لكل جسم ولكل بلد في العالم مضغة إذا صلحت صلح البلد كله وإذا فسدت فسد البلد كله ، وإذا كان بالإمكان القول إن العرب هم مضغة الأمة الإسلامية فإن مصر والشام مضغة الوطن العربي ، وبالمثل فإن إب وتعز هما معاً مضغة اليمن فإذا صلحا صلحت وإذا فسدا فسدت!

إب هي قلب اليمن ، وتعز هي عقل اليمن ، مثلما أن الشام قلب الوطن العربي ومصر عقله ، ولذلك فإن إب لليمنيين كالشام بالنسبة للعرب ، والشام هي سوريا وفلسطين والأردن ولبنان ، وبالتالي فإن إب تمثل عراقة الأردن وجمال لبنان وقداسة فلسطين وقوة سوريا.

تمثل تعز وإب ما يساوي ثلث سكان اليمن ، لكن فاعليتهم أكبر من عددهم بسبب عوامل عديدة ، أهمها: التعليم النسبي المبكر والموقع الذي يحتل قلب جغرافيا اليمن ، ولهذا ائتلفتا في تشكيل مضغة الجسم اليمني ، وهي المضغة التي ظلت تلعب الدور الحاسم في صياغة حاضر اليمن ومستقبله. وإذا كانت تعز قد حظيت أدوارها باهتمام كبير ونالت بطولاتها إشادة مقدرة فإن إب لم تحظ بشيء من ذلك ولاسيما في هذه الثورة المباركة والتي ساهمت فيها بقوة ، بوصفها قلب اليمن ولهذا عمد كاتب هذه السطور إلى نفض الغبار عن أساسيات هذا الدور الكبير لهذه المحافظة العظيمة .

تفريج الكُرُبات وتفجير الثورات: 

لعبت إب في هذا العصر دوراً رسالياً مؤثراً كما فعلت في سائر عصور (التاريخ اليمني) ، بسبب عبقرية (الجغرافيا) التي حبا الله بها هذه المحافظة الخضراء ، فهي العامل الأول الذي جعل اليمن سعيداً.

وبسبب خيراتها الكثيرة ظلت سلة غذاء اليمن ، ولاسيما في مواسم الجفاف التي اجتاحت البلاد وتسببت في صناعة المجاعة ، فقد ساهمت مدافن الحبوب فيها في دفن المجاعات والمآسي التي تعرضت لها كثير من المناطق اليمنية ، ولهذا ورث أبناء هذه المحافظة الكرم عن أسلافهم وتجسد هذا الكرم في أبهى صورة وأجمل حلة في ثورة الشباب ، حيث تزاحمت قوافل الدعم للشباب المعتصم من كل المديريات والقرى ، كما لم يحدث بنفس القدر في أي محافظة أخرى ، حتى بدا الشباب المعتصمون وكأنهم "ثوار خمسة نجوم"!.

شهدت اليمن في تاريخها المعاصر ثلاث ثورات كبرى ، كان لإب قدح معلَّى فيها ، وهي:

1- الثورة الدستورية ضد الإمام يحيى حميد الدين في فبراير 1948م :

 وكان لهذه الثورة ثلاثة أضلاع: في تعز وإب وصنعاء ، حيث فجرت تنظيمات الثوار في هذه المدن هذه الثورة بعد أن استمرت سنوات طويلة في نشر العلم وإشاعة الوعي وتربية الكوادر وبناء الشخصيات ، وإيجاد الأرقام الصحيحة .

وقد سجل الشيخ سنان أبو لحوم أطرافاً من هذا الدور لإب في مذكراته ، واعترف بفضل إب عليه في تنمية وعيه الثوري وحسه الوطني ،حيث نشأ في (وراف) التابعة لمديرية جبلة ، وكان أبرز أعلامها في هذه الثورة اثنان :

الأول: حسن الدعيس وهو شيخ مثقف من بعدان ومؤسس تنظيم ثوري ، وقد أجمع الثوار على تلقيبه بـ"فيلسوف الثورة" ، تقديراً لدوره البالغ في إشاعة الوعي بالحقوق والحريات يوم أن كان اليمني لا يعرف إن كان (الدستور) رجلاً أو امرأة. 

الآخر: القاضي عبدالرحمن الإرياني ، وهو أحد القادة الكبار لهذه الثورة سنة 1948 ، ونجا من الإعدام بسبب دهائه ولباقته ، ولعب أدوارا مقدرة في محاولات إحداث التغيير التي تلت ثورة الدستور حتى قيام ثورة سبتمبر سنة 1962م ، إلى أن صار ثاني رئيس لليمن الجمهوري ، وهو حتى الآن الرئيس المدني الوحيد ، وفي ذات الوقت سلَّم السلطة سلمياً بعد بضع سنوات من الرئاسة ، ورفض أن تسقط قطرة دم واحدة بسببه حتى قال كما روى عنه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر: أرفض أن تسقط قطرة دم واحدة بسببي ولو كانت من طائر دجاج! أو بهذا المعنى .

2- ثورة 26 سبتمبر 1962 :

وقد أطاحت هذه الثورة بالنظام الإمامي برمته وسارت باليمن من الإمام إلى الأمام ، وكان قائدها الفذ ومفجرها الأكبر الشهيد علي عبدالمغني ، وهو أحد أبناء هذه المحافظة الأبية ، حيث كان قائد تنظيم (الضباط الأحرار) الذي قاد هذه الثورة ، واستُشهد في إحدى معارك المطاردة لفلول النظام الملكي ، بينما كان الجبناء الذين حكموا البلاد فيما بعد ، يتأخرون في الصفوف الخلفية ، إن لم يكن بعضهم في غرف التآمر أو التمالؤ على الأقل!

3- ثورة فبراير الشبابية السلمية 2011م:

ومع أن كل المحافظات ساهمت في هذه الثورة ، إلا أن مساهمة إب مميزة وفاعلة أكثر من غيرها ، وهذا ما تحاول إبرازه هذه السطور .

تميز إب في هذه الثورة: 

بدت إب كعادتها متميزة بتجديدها وفاعليتها في هذه الثورة ، ويمكن ملاحظة ملامح هذا التميز من خلال أمور عديدة ، أهمها:

1- الكثرة العددية:

إب هي الضلع الثالث للمثلث المليوني في هذه الثورة ، حيث لم تخرج مظاهرات مليونية إلا في صنعاء وتعز وإب ، رغم أن إب لم تحظ بالتغطية الإعلامية التي حظيت بها تعز ، أو بعض ما حظيت به صنعاء .

2- الفاعلية:

بسبب التخطيط والاستفادة من دروس المحافظات الأخرى ، وتوظيف المواهب الشبابية الكثيرة والكنوز المخبوءة في شتى المجالات ، وتعميق الحس الجمعي ونبذ الفرقة بين مكونات الشباب ، كانت مساهمة إب في هذه الثورة فاعلة إلى حد كبير ، إلى حد نجاحها في تجفيف منابع السلطة التي عجزت في الأسابيع الأخيرة عن إقامة أي مظاهرة ذات بال ، بل وصارت جمعتها محل تندر المواطنين ، بينما كان مئات الآلاف من الثوار يملؤون أكبر شوارع إب ، وتستمر ثورتهم في التزايد والتعاظم .

وبرزت قيمة النظام والانسجام في اعتصامات ثوار إب ومسيراتهم وجُمعهم ، بشعاراتهم وهتافاتهم ، بانضباطهم وعدم انجرارهم إلى مربع ردود الأفعال ، مما أكسب الثورة زخماً كبيراً في هذه المحافظة التي سالت دماء أبنائها سنة 2006م في (الاستاد الرياضي) أثناء الدعاية الانتخابية لعلي صالح ، بسبب الفساد الذي أدى إلى تساقط بعض المدرجات في الملعب ، وقد أكدت الأيام أن حُكْم صالح كله كان لعباً في لعب!!.

3- الإبداع والتجديد: 

ابتكر شباب إب في هذه الثورة أفكاراً ووسائل جديدة ، وتفوقوا على غيرهم في أمور عديدة.

ومن ذلك الخروج من المعتصمات في مسيرات تجوب المدينة بانضباط شديد ، وكانت المحافظات في تلك الأثناء ما تزال مقيمة في معتصماتها ، وهذا أضاف دماء جديدة للثورة ، ولاسيما أن التغطية الإعلامية ضعيفة في مقابل تجريف إعلامي سلطوي معاد للثورة ومشوه للثوار ، إذ ساهمت المسيرات في إبراز الصورة الناصعة للشباب .

ورغم الإمكانات الشحيحة للثورة ، وعدم وجود إعلاميين محترفين ، إلا أن إب كانت حاضرة في صفحات "الفيسبوك" ومنها إلى القنوات الفضائية ، حيث أبرزت صفحة "شارك" في الجزيرة مباشر- مثلاً- الكثير من فعاليات إب عبر شباب الفيس بوك من أبنائها .

أبرزت إب تنوع أبناء الثورة بإقامة مسيرات مميزة للمهنيين ، وتفننت نساؤها في إظهار الدعم للشباب ، ابتداء بنثر الحلوى والورود من أسطح المنازل والنوافذ و (البلكونات) ، ومروراً برشهم بالماء البارد ، ووصولاً إلى إيصال الدعم الغذائي إلى خليج الحرية ، ولاسيما الكعك والكيك والحلويات ، مع كتابة أقوى وأجمل الشعارت فيها. وكونت نساء إب روابط عدة لدعم الثورة ودعم إبداعات أبنائها وبناتها ، وأقامت معارض رائعة لشتى المنتجات والحرف اليدوية التي أبدعت فيها الأنامل مصنوعات ومشغولات عاد ريعها لصالح الثورة. وحضرت جموع ضخمة من النسوة صلوات الجمعة وأقمن مسيرات كبرى في إب وفي بعض مدن المحافظة كمدينة يريم التي سيرت مسيرات نسائية بالآلاف فاقت كثيراً من المسيرات التي حدثت في بعض عواصم المحافظات .

وجمعت فتيات الثورة التبرعات ، وتسابقت النساء للتبرع ببعض ممتلكاتهن الثمينة ، وتنافس الشباب على حمل صناديق التبرعات والتنقل بها وسط مئات الآلاف من المصلين في الشارع الدائري الضخم ، وكان هؤلاء الشباب يوزعون البسمات ويجمعون الريالات .

وتفوق شباب إب في صنع الشعارات والأناشيد والتحايا للواصلين إلى ساحات التغيير والحرية ، وتفوق رجالها ومشائخها وتجارها في إيصال مئات السيارات والشاحنات المحملة بكل أنواع الدعم للشباب إلى خليج الحرية ، حيث تنافست المديريات والقبائل في هذا الأمر ، كما لم تشهده أي محافظة أخرى .

وبرز فنانو إب بقوة في المشهد الثوري ، حيث شارك عشرات المنشدين في التغني بقيم الثورة والحرية والعدالة والكرامة والعزة والوحدة ، وفي هجاء كل ما يقابلها من قيم الاستكانة والاستبداد والظلم والذل والفرقة والشتات .

ويكفي أن نعرف في هذا السياق أن معظم الأناشيد صاغ كلماتها أربعة شعراء على مستوى اليمن هم حسب الترتيب: ماجد الجبري وعبدالرحمن القاضي ودهاق الضبياني وعجلان ثابت. والأولان منهم هما من إب .

4- القوة المنضبطة: 

اندفعت إب كسائر المحافظات بسلمية كاملة ،وعندما بدأت الاعتداءات على المتظاهرين السلميين في بعض المحافظات ، ومنها إب ، اجتمع عدد من مشائخ ووجهاء المحافظة وقياداتها السياسية والعلمية وشكلوا وفوداً لإيصال رسائل قوية إلى رموز السلطة المحلية وقادة المعسكرات بالتحذير من المساس بالشباب ، وفي ذات الوقت كثف قادة الشباب وزعماء الأحزاب حملات التوعية وسط المعتصمين لحثهم على المزيد من الانضباط ، مما فوَّت على بلاطجة السلطة فرصة الاصطياد في المياه العكرة .

وللأمانة التأريخية فإن المحافظ المثقف القاضي أحمد عبدالله الحجري ومديريْ الأمن السابق واللاحق وبعض كبار المسؤولين الآخرين لعبوا دوراً إيجابياً في حقن دماء الشباب والجنود ولاسيما بعد وصول جحافل الحرس الجمهوري إلى إب ومحاولتها تكرار سيناريو تعز ، لكن قوة الشباب ، وحسم المشائخ الذين تداعوا لحماية الشباب ـ ولاسيما مجلس قبائل المناطق الوسطى ـ وصرامة المحافظ ، كل هؤلاء منعوا الفتنة من الانفجار .

وعندما رأى الشباب أن طبيعة الساحة في خليج الحرية لا تسمح بإبراز قوتهم العددية والتنظيمية انتقلوا لأداء صلاة الجمعة في الخط الدائري ، فظهرت الصورة رائعة ، بعددها الكبير والمنتظم والمنسجم والمنضبط ، ومع ذلك بقيت مجاميع في خليج الحرية للصلاة هناك من أجل حماية الساحة من مرتزقة السلطة .

وهكذا ، أفشل ثوار إب خطة صالح لاجتياح الساحات ، حيث تحدثت بعض المصادر والتسربيات عن خطة بدأ تنفيذها في تعز ، وكانت إب الخطوة الثانية ، والحديدة الثالثة ، وبعد أن تتم السيطرة على ساحات هذا المثلث الثوري الأكبر ، تتم السيطرة على ساحة التغيير في صنعاء ، لكن تصدي شباب إب للمؤامرة ، مع تداعيات محرقة تعز ، تظافرتا على إفشال الخطة وتراجع السلطة إلى مربع الدفاع!.

وبالمناسبة فإن إب رغم الحوادث المحدودة التي وقعت فيها والعدد اليسير للذين سقطوا فيها كشهداء إلا أنها احتلت المرتبة الثانية من حيث عدد الشهداء بعد تعز ، إذ سقط كثير من أبنائها في صنعاء وتعز ، وفي قائمة شهداء العاصمة كان أولهم من إب ، وتوالى الشهداء الإبيون في صنعاء ، ومنهم محمد طه المنيعي الذي خلَّف أشهر بنت شهيد وهي (عتاب) التي أوجعت القلوب وأبكت العيون وأدمت الأفئدة بصرختها المدوية المطالبة بالرحيل لصالح ، وببكائها الموجوع على فراق والدها ، إنها إبنة إب المميزة.

وهكذا حدث في تعز ، حيث العديد من شهدائها هم من أبناء إب الذين شاركوا بكثافة في اعتصام تعز وبالذات عندما رأوا الاستهداف السلطوي لإخوانهم في تعز ، ويمكن القول إن شهداء إب في إب هم الأقل عدداً ، ومنهم شيخ الشهداء علي العرومي الذي شاءت الأقدار أن تصوره عدسة الكاميرا قبل استشهاده بدقائق بعد أن سال الدم من رأسه ليخضب وجهه الشريف ، واخضلت لحيته بالدموع وهو يدعو الله بعد الصلاة ذات جمعة أن يمنحه الشهادة ، وأن يميته على دين الإسلام ليتحرر من فساد علي عبدالله صالح. وكانت الاستجابة الربانية قد منحت الـ(شهادة) لهذا الشيخ الكبير بحجم هذه المحافظة العظيمة!.

وعندما بدأت السلطة بإشاعة الفوضى وتعميم ثقافة السلب والنهب في محاولة مستميتة لوأد الثورة هب رجالات إب مرة أخرى ، واتصلوا بالمسؤولين وعملوا ما يلزم ، وكوَّنوا "المجلس الأهلي لحماية الممتلكات الخاصة والعامة" ، واتخذوا عدداً من الإجراءات الصارمة ، مما حال دون وقوع إب فيما وقعت فيه بعض الأحياء في صنعاء وتعز وعدن وأبين. وأثبت أبناء أحياء مدينة إب أنهم بحق أحياء!.

التميز السلطوي:   

وواصلت إب تميزها في كل شيء حتى في مسؤوليها السلطويين ورموزها المنتمية للحزب الحاكم ، وإن أبسط مقارنة بينها وبين شقيقتها تعز تُظهر هذا الأمر للعيان ، فإن (حُجري) إب غير (صوفي) تعز ، وهكذا سائر قادة الأمن والسلطة المحلية .

أما رموز السلطة في صنعاء فإن خطيب الثورة بلا منافس على مستوى الجمهورية هو وزير الأوقاف المستقيل من سلطة صالح القاضي حمود الهتار وهو من أبناء إب ، وقد خطب في سائر الساحات ، فَمَنْ من وزراء تعز صنع مثل ذلك؟ وبالمناسبة فإن إب وتعز والبيضاء شهدت أكبر موجة استقالات من الحزب الحاكم ، ومن رموز إب المستقيلة من المؤتمر الشعبي الشيخ المثقف محمد أبو لحوم عضو اللجنة العامة للمؤتمر ورئيس دائرة العلاقات الخارجية فيه الذي وَجَّهَ ضربة قاصمة لحزبه الفاسد بعد استقالته عنه ثم قيامه بتشكيل تكتل العدالة والبناء كنواة لحزب يضم شرفاء المؤتمر .

ويمكن المقارنة بين رمزين من رموز الحكومة وهما في نفس المنصب: صادق أمين أبو رأس نائب رئيس الوزراء الذي ينتمي إلى إب ورشاد العليمي وهو نائب أيضاً لرئيس الحكومة وينتمي إلى تعز ، فقد سمعنا كيف تآمر العليمي على تعز ، بينما لم نسمع شيئاً من هذا القبيل عن صادق أبو رأس .

ونزيد الأمر إيضاحاً بالمقارنة بين رمزين آخرين وهما: د. عبدالكريم الإرياني وعبدالعزيز عبدالغني ، ولا شك أن صاحب إب (الإرياني) كان أقل سوءاً من صاحب تعز الذي نزل إلى أهله يتآمر عليهم مع سائر رموز السلطة ، بينما تناقلت وسائل إعلام مختلفة أخباراً عن نصيحة الإرياني لصالح ومباركته لجهود الشباب أو رضاه عنهم وعلى الأقل لم يذمهم فضلاً عن محاربتهم .

ويكفي إب فخراً أنها لم تمتلك من أمثال البركاني وعبده الجندي إلا شخصاً واحداً هو طارق الشامي الذي لم تنجح بلطجته الإعلامية لا في "تسويد" صحائف إب (البيضاء) ولا في "تسويق" النظام الاستبدادي (الأسود) !.

* رئيس منتدى الفكر الإسلامي

وأستاذ الفكر الإسلامي السياسي بجامعة تعز