ربيع العرب وربيع العجم ..تنوعت الأسباب والهم واحد!
بقلم/ عبدالوهاب العمراني
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 04 يونيو-حزيران 2013 08:07 ص

ربيع اليمن غير ربيع سوريا وربيع العرب غير ربيع العجم ، سوا كان إيرانيا أو تركيا ربيع اليمن يرنو لدولة مدنية وسيادة القانون وضد التخلف ونظام العسكر والعشيرة وتمجيد القبيلة ، ضد نظام  تغلغل ثلث قرن من الغوغاء والفساد المطلق ، وإزالة مخلفات أجواء سياسية  موهومة بديمقراطية الزائفة ، والرصد للتجربة اليمنية من خارج اليمن ومن منظور عربي ، والتأمل في مخرجات ثورتهم منذ نحو عامين  فـأنه يرى جانبان سلبي وايجابي وأخر سلبي ، يكمن الايجابي بأن أحفاد قحطان خرجوا بأقل الخسائر في مجتمع يعشق السلاح ويعتبره جزء من شخصيته بحيث قبل ان اليمني يولد وفي وسطه خنجر!  بينما الجانب السلبي  له وجوه كثيرة أولها استمرار رموز الفساد و البعض منهم يعيث في الأرض فساداً بل ، ويشاركون في الحكم ويعارضونه في نفس الوقت! وينسبون كل صعوبات مفردات الحوار للطرف الآخر! وفي هذا مغالطة كبيرة فما نحن عليه هو نتاج طبيعي لفساد ثلث قرن من الفساد المطلق ، والعبث بثروات البلد ومسخ الوحدة الوطنية  التي طالما حلم بها الشعب وتغنت بها الأنظمة المتعاقبة ، واللعب بكل الأوراق القذرة لتفريخ أحزاب ومجموعات سرعان ما ارتدت على فاعليها! ،  لذا فأن واجهة مشاكل اليمن شئ وواقع الحال شئ آخر ، فأولويات  مشاكل اليمن في المضمون ليست في الوحدة وكفر البعض بها وكأنها سبب مأسي اليمن ، غير مدركين بأن من شارك في صنعها هم نفسهم من يحالون وأدها  ، وكذا ليست بسبب تمترس من عرفوا بالحوثيين  في خنادقهم ، رغم مشاركتهم الحوار ، ولا في الفدرالية ، وشكل نظام الحكم  برلماني او رئاسي جمهوري او ملكي ، إنها باختصار تجميع رؤئ المتحاورون وتوافقهم على دستور يضمن اللامركزية بأي صيغة يتفق وكذا تأسيس دولة النظام والقانون وليس عيبا الاستعانة بخبراء عرب في القانون وكتابة الدستور رغم ان اليمن ليست عقيمة بعبقرية أبنائها ، ولكن مثلما مد الآخرين لنا العون في الجانب السياسي الذي أفضى لمبادرة لم تأتي ثمارها الحقيقة حتى الآن ولم يلمس المواطن فوائدها الا بعد مخرجات الحوار ..

ربيع العراق جاء متأخرا متزامنا في أحلك فصوله بربيعها الطبيعي ولكنه تجاوز رقة النيروز الفارسي وإزاء كل ما يحدث من خلاف بين المركز والأقاليم يوحي لنا بأن فدراليتهم فاشلة لامحالة ، واختلاط الطائفية بالسياسية بتأمر دول الجوار ، جعل المحللين السياسيين في حيرة من أمرهم ، فلا يعلم مألات التدهور الأمني إلّا علّام الغيوب إما ربيع العراق وسوريا فقد امتزج الطائفية بلعبة الأمم السياسية سواء اللاعبين الإقليميين المفترضين عربا وعجما أو من الغربيين ، وتداخل فيها الملف الفلسطيني بقضايا لبنان وطموحات حزب الله.

بينما ربيع سوريا كر وفر وسباق بين فرض القوة على الأرض والحل السلمي والجميع يفسر جنيف2 وفق مفهومه وقد لا يفضي لحل قريب وسريع ، وفي أحسن الأحول ربما ينتهي على الطريقة اليمنية ولكن بنسخته الشامية بنكهة إيرانية وعربية وغربية.

وسوريا اليوم تحذر رعاياها من السفر لتركيا بسبب تصاعد الإحداث وتركيا المنتظرة لملايين السياح العرب في موسم الصيف سيستقبلهم ميدان (التقسيم) برائحة الباروت المنبثق من فوهة بنادق الجندرمة التركية الشهيرة بالمغامرات غير المحسوبة لشعب تطبع بالخشونة والفتوحات يبدو ان ربيع تركيا نسخة من ربيع تونس حيث يتركز الصراع بين العلمانيين ورثة الكمالية والبورقيبية التونسية ففي الأخيرة كان ينقصهم الحرية بعد نظام بوليسي ولكنها كانت أفضل البلدان العربية في النمو الاقتصادي العربية رغم فقر مواردها عن جارتها ليبيا الا ان الأخيرة بغنائها المفترض كانت تعيش شظف العيش مقارنة بجارتها الفقيرة فضلا عن ان مواطني ليبيا كانوا يعيشون في سجن كبير بينما تتطبع أهل تونس بعقود من الليبرالية منذ الاستقلال ومن الصعوبة فرض نظام إسلامي او محافظ بعد ان اعتاد جيل بأكمله أن يرصد ويسجل من قبل البوليس السياسي من يصلي الفجر !

وقبل أيام خرجت تونسية تتعرى متحدية ترويكا الحكم في تونس الذي يسيطر عليه الإسلاميين والمعتدلين ، وفي تركيا لم يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب فهم ضد رجب اوردغان فقط خلال عشر سنوات في السلطة أشرف أردوغان على نقل تركيا من دولة مأزومة اقتصاديا إلى أسرع الاقتصاديات نموا في أوروبا، وتضاعفت حصة الفرد من الدخل القومي ثلاث مرات منذ وصول حزبه إلى الحكم.وتحسنت عملتهم وتم حذف ثلاثة أصفار دفعة واحدة من الليرة التركية.! وهى في المجمل اقتصاديا أفضل من بعض بلدان الاتحاد الأوروبي اليونان وقبرص ورومانيا وغيرها! ولكن الاتحاد الأوروبي كما قال بابا الفاتيكان هو نادي مسيحي ، ومن هنا فقد حول اوردغان بوصلة تركيا من الغرب الى الشرق والغرب والى القبلة ، وهو ما اغضب دعاة اللبرالية الكمالية !

فالعراق بنفطه وثروته التي غدت نقمة عليه منذ أكثر من نصف قرن ، تتلخص مشكلته في الإناء الطائفية دون مشاركة الآخر ، والعلاقة جدلية بين ثورتي سوريا والعراق ولبنان( حزب الله)، وكذا فأن ثلاثتهم يشكلا تهديد استراتيجي لإيران يهددان ،

وتظل ثورة مصر قريبة بعض الشئ في بعض مسبباتها كثورة اليمن ورغم ذلك فلكل منهما ظروفها الذاتية والموضوعية ولكن غياب الجانب الطائفي بصورته الحادة كما في بلدان الهلال الخصيب او الصراع بين التيار العلماني والديني كما في تونس وتركيا..

أما ربيع إيران فقد بدأ غداة انتخابات 2009 م أي قبل ربيع العرب بأكثر من عام وفي ذلك الوقت تبارت الفضائيات العربية والخليجية تحديداً للشماته بربيع إيران غير مدركين بأنه وبعد اقل من عامين وصل لعقر دارهم في البحرين ، والغريب بأن إعلام (العراق الجديد) يتغنى بالربيع العربي ويستثنى البحرين !

وألان انتخابات إيران تحت المجهر الدولي رصد وتحليلا سواء من منظور حقوق الإنسان او للاعتبارات السياسية ولاشك بأن سخونة الثورة السورية ستلقى بضلالها على مصير الانتخابات ، وقد نشهد ثورة ارتدادية شبيهة لما أعقبته الانتخابات الماضية ولكنها هذه المرة قد تجابه بحزم اشد واعنف بالنظر للتحديات التي تواجهها إيران في المنطقة.

وأخيرا فكما لكل شيخ طريقته ، وفي الثورة من باب أولى لكل شعب أساليبه وهمومه ، ولكن مألات كل الثورات هي الوصول للاستقرار السياسي والاقتصادي والأمن والحرية وإقامة الدولة المدنية العادلة فالعدل أساس الحكم وكذا التساوي في المواطنة وتوزيع الثروة ..