ما الذي يكسبه صالح من وراء خسائره المتواصلة أمام أبناء الأحمر؟

السبت 04 يونيو-حزيران 2011 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس- نبيل سبيع: عن الأولى
عدد القراءات 57592
 

 

كلما انهزم صالح في مواجهاته المسلحة مع أبناء الشيخ الأحمر، انتصر على الثورة السلمية. هذا هو عنوان إثني عشر يوما من المعارك والهدن الهشة في العاصمة. ولعل خبر إصابته مع عدد من رجاله في هجوم شن اليوم الجمعة على مسجده الواقع ضمن منطقة قصر الرئاسة يؤكد أن انتصارات أبناء الأحمر على صالح أمر يصب في صالح هدفه النهائي المتمثل في انتصاره على الثورة السلمية.

من كسب ومن خسر في المعارك المندلعة في صنعاء بين قوات صالح وأنصار أبناء الأحمر وحلفائهم منذ الإثنين قبل الماضي؟ هذا هو السؤال الذي ربما لم يطرح في الأوساط السياسية والصحفية وشباب الثورة الشعبية حيث بدا أن هناك نوعا من الإجماع على أن أبناء الأحمر كسبوا وغلب الإعتقاد منذ البداية أن مكسبهم هذا كان مكسبا لهذه الثورة. لكن اسبوعا بالتمام لم يمر حتى تكبدت هذه الثورة خسارة فادحة تمثلت في اقتحام وفض اعتصام ساحة الحرية بتعز في خطوة أعتبرتها هذه الأوساط محاولة من صالح تعويض الخسائر التي مني بها في صنعاء. دعونا نعيد طرح السؤال ذاته على أنفسنا ونحاول الوصول الى إجابة عليه من خلال مدخل الاتهامات التي وجهتها الأطراف اليمنية المختلفة لصالح في مواقفها المعلنة من المواجهات.

حملت هذه المواقف جملة من الإتهامات تمحورت حول ثمانيةإتهامات رئيسية.

الأول أن صالح يريد الهروب من مطلب نقل السلطة الذي حملته المبادرة الخليجية وتصر عليه مواقف المجتمع الدولي إلى معارك جانبية لكسب الوقت من أجل جر البلاد الى "الحرب الأهلية" التي لطالما هدد بها. وهو اتهام صحيح تماما، بل إنه لا يحتاج لإعادته لأن هذا ما يقوله صالح ويفعله منذ البداية، وقد راوغ لأكثر من شهرين من المفاوضات المتعثرة حول المبادرة الخليجية وكان يهدد على الدوام بـ"الحرب الأهلية". لكنه لم يفشل في تحقيق ذلك بل نجح فيه على نحو ملفت.

معروف للجميع أن صالح لا يحترم شيئا ناهيك عن احترامه لمؤسسات الدولة التي حولها الى ثكنات لقواته ومرتزقته، لكن بقاءها في أيدي أبناء الأحمر يخدم مشروعه في إجهاض الثورة أكثر مما كانت ستخدمه ببقائها تحت سيطرته. فبفضل معركة استرداد مؤسسات الحصبة، تحول صالح من رجل يطالبه الجميع داخل اليمن وخارجها بنقل كل ما بيديه من سلطات الى الشعب الى رجل يطالب الجميع باسترداد المؤسسات التي استولى عليها آل الأحمر. وتحول الحديث من مبادرة وساطة خليجية تدور حول نقل السلطة الى مبادرات وساطة محلية وإقليمية ودولية غير رسمية حول نقل المؤسسات من أيدي أبناء الأحمر الى أيدي صالح. وساطتان محليتان حتى الآن فشلتا في إنهاء المواجهات المستمرة، لكن صالح نجح في تحويل القضية من مفاوضات متعثرة حول اتفاق نقل السلطة الذي تقترحه مبادرة الوساطة الخليجية الى مفاوضات متعثرة حول اتفاق نقل المؤسسات الذي تقترحه الوساطات المحلية.

وكما سعى جاهدا لعرقلة اتفاق نقل السلطة الذي تقترحه المبادرة الخليجية، من المرجح أنه سيسعى بشتى السبل لعرقلة أي اتفاق لاسترداد المؤسسات تسعى للتوصل إليه أية وساطة محلية. ولم يعد هذا مجرد إحتمال، فقد قام بعرقلة مساعي أول وساطة لإيقاف القتال واسترداد المؤسسات قام بتشكيلها بنفسه برئاسة غالب القمش وعضوية عدد من شيوخ القبائل في ثاني أيام المواجهات حين قصف لجنة الوساطة وهي متواجدة في منزل الأحمر. حادث صباح الثلاثاء قبل الماضي أوضح أن الرجل لا يريد استرداد المؤسسات، بل إطالة أمد المعارك. لكن عرقلة مساعي الوساطة من أجل دفع الأوضاع نحو مزيد من التأزيم لم يكن المكسب الوحيد الذي خرج به من وراء هجومه على الوساطة التي أرسلها هو، بل كان هناك مكسب ثان أراد الخروج به من وراء تلك العملية.

ليس من مصلحة صالح حسم معركة الحصبة بالانتصار على أبناء الأحمر وتحرير المؤسسات الحكومية التي استولوا عليها، بل فتح الباب أمامهم للإستيلاء على مؤسسات إضافية لأنه يريد تحويل الحرب التي لوح بها مرارا في وجه الثورة الى واقع. ولن تتحول الى واقع باستمرار المعارك مع أبناء الأحمر وقبيلة حاشد فقط، بل بتوسيعها. ولعل هذا يجيب على السؤال الذي ثار حول الهدف من وراء هجومه على أشخاص وشيوخ قبائل ضمن الوساطة بينهم محسوبون عليه لكنه لا يثق بولائهم له قدرما يثق بولائهم أكثر لخصومه، كما هو الحال مع غالب القمش والشيخ أبو حورية اللذين تربطهما علاقات أوثق مع علي محسن. وهناك مشائخ آخرين كغالب الأجدع وشباب من أسر مشيخية معروفة كجرعون ومحمد محمد أبولحوم ينتمون لقبائل مختلفة في مأرب والبيضاء وصنعاء ولتيارات سياسية كالإصلاح والإشتراكي من شأن استهدافهم مع غيرهم من قبائل ومناطق أخرى أن يوسع دائرة الحرب ويحولها الى واقع.

وهذا ما حدث تقريبا. فقد شهدت منطقة نهم التي تنتمي إليها أسرة أبولحوم اليوم التالي معارك طاحنة بين رجال قبائل ومعسكر للحرس الجمهوري. كما شهدت الحيمة معارك مشابهة بعد أن أظهر صالح لخصومه بمن فيهم الأحزاب السياسية أن خيار السلاح هو الحل الأمثل في التعامل معه. وبهذا دفع أطرافا كثيرة لطالما اتهمته بالسعي الى تحويل الأوضاع الى الحرب واعتبرت أنه لن ينجح في ذلك الى مساعدته في تحقيق هدفه. وهذا مثل المكسب الثاني له من وراء المواجهات مع أبناء الأحمر.

صالح يسعى إلى نقل الإهتمام العالمي والإقليمي والمحلي من الثورة السلمية ومطالبها الى المواجهات المسلحة من أجل تغطية ممارساته القمعية ضد المعتصمين السلميين، هذا هو الاتهام الثالث له وقد أعتبر متهموه أنه لن ينجح في ذلك. وهو إتهام صحيح تماما بل إن لا حاجة لترديده لأن هذا ما لوح به صالح نفسه عشرات المرات في وجه الثورة والمجتمع الدولي وما يفعله ويسعى إليه منذ البداية. لكنه لم يفشل في ذلك، بل نجح فيه بشكل لم يكن يحلم به.

لا يعرف شباب الثورة السلمية حجم ما خسرته ثورتهم منذ إندلاع المواجهات بين قوات صالح وأبناء الأحمر ظهر الإثنين قبل الماضي. فقد انسحبت الثورة من شاشات التلفزة وأخبار وكالات الأنباء والصحف العالمية والعربية وحتى المحلية وتوارت خلف أخبار المواجهات المسلحة التي تصدرت عناوين الأخبار. وبعد أن كانت أخبار الإعتصامات والمسيرات السلمية وبيانات وتصريحات الثوار تتصدر وسائل الإعلام، أصبحت أخبار المواجهات وبيانات وتصريحات الشيخ صادق الأحمر هي المتصدرة. وهكذا، نجح صالح في نقل الإهتمام المحلي والإقليمي والدولي من الثورة السلمية وشبابها الى المواجهات المسلحة ورجالها.

الثمرة الكبيرة التي قطفها صالح حتى الآن من شجرة النجاح الذي حققه من وراء نقل الإهتمام المحلي والإقليمي والدولي من الثورة السلمية الى مواجهاته المسلحة مع أبناء الأحمر كانت اقتحام وفض اعتصام ساحة الحرية بتعز بعد حوالى خمسة أشهر من الثورة لم يجرؤ خلالها من الإقتراب من هذه الساحة. الجرائم التي ارتكبتها قواته خلال اقتحام وفض الاعتصام تتجاوز كل الجرائم التي ارتكبتها حتى الآن في حق ساحات الاعتصامات في مختلف محافظات البلاد، ولم يظهر لنا منها حتى هذه اللحظة سوى أذن الجمل فقط. لم يكن فض اعتصام ساحة تعز محاولة من صالح تعويض مواجهاته "الخاسرة" في صنعاء كما يقول التصور السائد في البلاد، بل كان نتيجة مباشرة لها.

من المرجح أن يعمل صالح على الظهور بمظهر من يتكبد المزيد من الخسائر العسكرية في مواجهاته مع أبناء الأحمر وغيرهم لأن ثمة مكاسب كبيرة حققها ويريد تحقيقها من وراء مواجهاته الخاسرة في الحصبة التي يسعى لإطالتها قدر الإمكان من أجل استخدامها كغطاء للفت الأنظار عن معاركه الحقيقية التي يشنها ضد ساحات الثورة. والأدلة على هذا كثيرة، وأقربها إلى التفكير ما حدث ليلة اقتحامه ساحة تعز واليوم التالي مباشرة. ففي مساء الإثنين نفسه، وتحديدا في الوقت الذي بدأت فيه قواته في تحويل هجومها المستمر على الساحة منذ عصر ذلك اليوم من هجوم ضارٍ الى هجوم مفرط الضراوة، اندلعت معارك الحصبة مجددا بين بعد خمسة أيام من الهدنة بين طرفيها جاعلا من هذه المعارك غطاء لمعركته الحقيقية والإجرامية في تعز حيث توارى الحدث الكبير والمزلزل تحت غطاء خسائره المفتعلة في صنعاء كما رأينا جميعا وكان رد الفعل على هذه الجرائم خافتا للغاية.

لم تنته حاجة صالح لمعارك الحصبة التي يتهم أبناء الأحمر قواته بالبدء فيها وخرق هدنة الأيام الخمسة بينهما مساء الإثنين بنجاح قواته في تحقيق هدفه الذهبي في تعز حيث دك ساحة الحرية دكا فجر اليوم التالي الثلثاء، بل كان بحاجة لها كغطاء لجرائم معركته الحقيقية التي يخوضها ضد معتصمي تعز حيث أصبح اجتماع أكثر من ثلاثة أشخاص في شوارع وأزقة المدينة يؤدي الى تعرضهم لإطلاق النار. وبينما كانت المعارك تتسع وتبلغ ذروة العنف في صنعاء نهار الثلثاء، كانت قواته تشن حربا شاملة في تعز ضد كل محاولات التجمع مجدد التي بذلها أبناء المدينة وأدت الى سقوط ما لايقل عن 7 شهداء وأضعافهم من الجرحى. ما تزال معارك صالح تخسر في صنعاء، لأنه ما يزال يكسب في تعز حيث يستمر الشهداء في التساقط حتى اللحظة. هذا المكسب الرابع الذي حققه صالح من وراء معارك الحصبة، وحتى لو لم يخرج من خسائره سوى بفض ساحة تعز، لكفاه هذا المكسب. فحتى بعد أن كون المعتصمون ساحة جديدة اليوم الجمعة، فإن سيناريو فض ساحات الاعتصامات الذي لم يكن صالح يحلم به قد شوهد وهو يسير بقدمين على الأرض.

صالح يريد من وراء تفجير المواجهات مع أبناء الأحمر تصوير أن البلاد ستنزلق الى الفوضى و"الحرب الأهلية" إذا ما استمرت الثورة السلمية وإخافة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، هذا هو الاتهام الخامس الموجه له من الأطراف اليمنية المختلفة مؤكدة في الوقت نفسه أنه لن ينجح في ذلك. هذا الإتهام أيضا صحيح تماما بل إن لا حاجة لترديده لأن هذا ما لوح به صالح نفسه عشرات المرات في وجه الثورة والمجتمع الدولي وما يفعله ويسعى إليه منذ البداية. لكنه لم يفشل في ذلك، بل نجح فيه بشكل لم يكن يحلم به.

لا أظن أحدا داخل أو خارج اليمن يعتقد الآن أن خيار الحرب مستبعدا. فشبح الحرب يخيم على صنعاء ومناطق عدة من البلاد وصوت مدافعها تهيمن على كل شيء بعد أن خرست الثورة السلمية. لقد نجح في تهيئة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي وحتى رأي الثورة السلمية نفسها لتقبل هذا الخيار وأصبح شعور الجميع تقريبا قويا بأن الحرب على الأبواب إن لم تكن قد بدأت فعلا. إن توحد ساحات الإعتصامات في عموم اليمن على تسمية الجمعة الماضية بـ"جمعة سلمية الثورة"، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الثورة التي لم تتوحد ساحاتها يوما على إسم جمعة، عكس إجماعا شعبيا مذهلا على تمسك الشعب اليمني بالخيار السلمي. لكنه لم يعكس ثقة هذه الساحات بأن الثورة ستستمر سلمية قدرما عكس مخاوفها من الإنزلاق الى الحرب.

لقد هيمن شبح الحرب على البلاد وبدا أنه أصبح أقرب الى الواقع أكثر من استمرار الثورة السلمية. وإذا كان الحال قد بدا على هذا النحو بالنسبة الى اليمنيين أنفسهم، فإن التغطية الإعلامية العالمية أظهرت الوضع مضخما أمام الرأي العام العالمي والإقليمي حيث أصبح الحديث عن "الحرب الأهلية" في اليمن بمثابة حديث عن أمر واقع. وهذا هو المكسب الخامس الذي حققه صالح من وراء خسائره في الحصبة، وقد قاده الى مكسب سادس.

صالح يريد من وراء تفجير المواجهات مع أبناء الأحمر التأثير على الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي ونقل مواقف وأولويات الأفراد والقوى والحكومات من مطالبته بنقل السلطة فورا الى أمور أخرى، هذا هو الاتهام السادس الموجه له من الأطراف اليمنية المختلفة مؤكدة في الوقت نفسه أنه لن ينجح في ذلك. هذا الإتهام أيضا صحيح تماما بل إن لا حاجة لترديده لأن هذا قام به صالح منذ البداية. لكنه لم يفشل في ذلك، بل نجح فيه بشكل ملفت.

فقد نقل مواقف ومطالب الأفراد والجماعات داخل البلاد ومواقف ومطالب الحكومات الخارجية الى مربع آخر لا علاقة له ليس بمطلب المربع الثوري فقط، وإنما أيضا لا علاقة له بمطلب المربع السياسي. فاللقاء المشترك، على سبيل المثال، انتقل من اتهامه بعرقلة المبادرة الخليجية الى اتهامه بعرقلة الوساطات المحلية بينه وبين أبناء الأحمر عبر خرق الهدنة بينهما. وتبعا لذلك، انتقل التكتل الحزبي المعارض من مطالبته بالالتزام والتوقيع على اتفاق نقل السلطة الذي تقترحه المبادرة الخليجية واحترام وساطة عبداللطيف الزياني الى مطالبته بالالتزام باتفاق نقل المؤسسات الذي تقترحه الوساطات المحلية واحترام هذه الأخيرة.

كذلك، نجح في نقل المواقف الإقليمية والدولية من مطالبة صالح بإيقاف العنف ضد شباب الثورة السلمية باعتباره محتكر العنف وممارسه الوحيد في سياق هذه الثورة الى مطالبة "الأطراف المتقاتلة إيقاف العنف" كما جاء في مواقف مجلس التعاون الخليجي والموقف الأميركي على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في اجتماع دول الثماني بفرنسا. وهذا هو المكسب السابع الذي خرج به من معاركه الخاسرة مع أبناء الأحمر.

حتى إذا لم ينتصر أبناء الأحمر على صالح بأيديهم، فإنه سيجعلهم ينتصرون عليه بيديه. هذا على الأرجح هو ما يقوله خبر إصابته مع عدد من رجاله في هجوم على جامعه الواقع في نطاق منطقة قصر الرئاسة الذي تصدر عناوين الأخبار اليوم الجمعة، وهو الخبر الذي يؤكد أن سيناريو المعارك الخاسرة والظهور بمظهر الضحية حتى أصبح بالنسبة الى صالح يسير على الأرض بقدمين. فقد نفى مكتب الشيخ صادق الأحمر علاقته بالهجوم وكذلك الفرقة الأولى المدرع وتقول كل المؤشرات إن أيا من هذين الطرفين لن يجرؤا على هجوم بهذا الحجم لأن عواقبه ستكون كبيرة. لكن إصرار أجهزة دعاية صالح على تأكيد الهجوم وإثارة الغموض حول مصير الرجل عبر ظهور عبده الجندي في المؤتمر الصحفي الذي كان مقررا ظهور صالح فيه لإلقاء بيانه حول الهجوم كما التسجيل الذي بثته القناة الفشائية لصالح وعكس صوت رجل مثخنا بالجراح يؤشر على أن الهجوم قد يكون مفبركا أكثر منه حقيقة. فعدا عن نفي كافة الأطراف مسئوليتها عنه، من المرجح أن يسعى صالح لاستثمار الهجوم كغطاء لعمليات قمعية واسعة النطاق ضد ساحات الثورة السلمية.

لقد بدأ صالح في جني المكاسب من وراء الهجوم المزعوم فعلا. فهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها بمظهر الضحية. فالولايات المتحدة أدانت الهجوم على صالح والملك السعودي اتصل به للإطمئنان عليه. وقد تكون هذه بداية الثمار ليس إلا.

أحيانا، لكي تكسب حربا، عليك أن تبدأها بمعركة خاسرة. هذا ما يبدو أن صالح يفعله الآن في صنعاء حيث تؤكد لك المدافع كل ليلة أنه ماض في الحرب التي لوح بها مرارا في وجه الثورة، مستغلا جهل النخب السياسية والصحفية بواحدة من أكثر بديهيات الاستراتيجيات الحربية المعروفة حتى لقراء الروايات البوليسية ناهيك عن تاريخ الحروب: الحرب عبارة عن سلسلة من المعارك التي يتعين عليك أن تخسر بعضها كأن تترك عدوك يستولي على مناطق تحت سيطرتك بمحض إرادتك في إطار خطوات تكتيكية تصب في صالح هدفك الاستراتيجي البعيد المتمثل في نصرك النهائي.

إذا كانت انتصارات أبناء الأحمر وحلفائهم على صالح قد كبدت الثورة السلمية في اليمن كل هذه الخسائر وغيرها الكثير، فإن استمرار هذه الانتصارات ستقود صالح على الأرجح إلى نصره النهائي على الشعب اليمني وثورته.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة سوبر نيوز