متحف ”برن“ التاريخي يستأنف برنامج الجولات الارشادية.. والصحفي ”صدام أبو عاصم“ يقدم صورة مشرقة عن حضارة اليمن الذي يمزقه الحرب

الأحد 08 أغسطس-آب 2021 الساعة 08 مساءً / مأرب برس ـ موقع سويسرا والعرب
عدد القراءات 3316

  

بعد انقطاع طويل بسبب كورونا، أستؤنفت مؤخراً الجولات الإرشادية في متحف برن التاريخي (متحف أينشتاين) ضمن برنامج (الملتقى)، حيث قاد الصحفي اليمني صدام حامد أبو عاصم السبت الماضي مجموعة من زوار المتحف وعرفهم على أقسامه وأجنحته وكنوزه النادرة عالمياً.

كما قدم صورة حقيقية ومشرقة عن اليمن، مغايرة تماماً لما تتناوله وسائل الإعلام، إضافة للحديث عن تجربته في الصحافة واللجوء في سويسرا.

صحيفة (سويسرا والعرب) الالكترونية تابعت الجولة وأجرت اللقاء التالي مع الزميل صدام أبو عاصم ويعيد "مارب برس"، نشر نص الحوار:

في البدء حبذا لو نتعرف على برنامج (ملتقى)؟
الجولات الارشادية التي نقوم بها تندرج ضمن نشاط لمنظمة اسمها (ملتقى) والتي تعمل في سويسرا وألمانيا وإيطاليا وبعض دول أوروبا، وينفذها أشخاص ذوي خلفية كلاجئ أو كمهاجر لخلق حوار ثقافي بينهم وبين المجتمعات الجديدة التي يعيشون فيها.

ومتى طبق البرنامج في سويسرا وما موضوعاته؟
بدأت فكرة (ملتقى) سويسرا هنا في برن منذ سنتين تقريباً، ونحن مجموعتين الأولى بدأت عام 2018 والثانية 2019 وتدربنا لمدة 6 أشهر في هذا البرنامج، ومن ثم تعاقدنا مع متحف برن التاريخي (متحف أينشتاين) لعمل جولات إرشادية نحدد من خلالها حزمة مواضيع نتحدث بها عن أمور تخصنا نحن القادمون من منطقة الشرق الأوسط كسورية واليمن ومصر وتركيا وإيران وأفغانستان والعراق وتونس وغيرها.

وماذا تقدمون في جولاتكم لزوار المتحف؟
نحن نقدم شيئاً جديداً ومميزاً لزوار متحف برن التاريخي الضخم الذي يضم ما يقارب نصف مليون قطعة أثرية من مختلف أنحاء العالم، وفيه قسم كبير للحضارات الشرقية بشكل عام والحضارة المصرية القديمة بشكل خاص حيث لها الحصة الأكبر.

وفي داخل هذا القسم توجد مقتنيات أثرية من مختلف البلدان كسورية ولبنان مثلاً، ولا توجد من اليمن قطع أثرية كثيرة حيث تم تهريبها وبيعها وباتت حضارة اليمن مندثرة للأسف.

أستاذ عاصم ماذا قدمت في جولة اليوم؟
الملتقى يقود الزوار، كما حدث في الجولة الإرشادية اليوم، عبر أقسام المتحف المختلفة، ونختار موضوعاً محدداً نتحدث به، وأنا كصحفي تحدثت عن الإعلام في اليمن، وباعتبار أن الزوار ليس لهم اهتمام كبير بالإعلام، تحدثت أيضاً عن الحضارة اليمنية القديمة والوضع الحالي والحرب وما أنتجته من كوارث وأزمات، كالنازحين واللاجئين والمشردين وأطفال قتلوا، ونساء وأسر لا تجد ما تأكل وغير ذلك.

وهل من خطة سنوية تلتزمون بها؟
يتم تحديد خطة عمل (الملتقى) في بداية كل سنة، لكنها لم تكتمل بسبب كورونا، وكان موضوع اليمن مقترحي أنا لأن المشاركين يسهمون في تقديم عناوين الملتقيات لبلدهم الأصلي، وكنا في المجموعة الثانية خمسة مشاركين، وكل واحد يتحدث عن منطقته وحضارة بلده، وبعد أن أغلق المتحف لأكثر من ستة أشهر وأعيد فتحه مؤخراً، تم استئناف نشاطات الملتقى.

ماذا عن متحف برن.. وكيف يمكن لزواره متابعة الملتقى؟
أن كل مقتنيات العالم موجودة في المتحف التاريخي في برن، وهو من أكبر المتاحف في أوروبا، ويأتي الزوار لمشاهدتها بشكل رئيسي، إضافة لمتابعة المعارض والفعاليات الدائمة والكثيرة التي تقام في المتحف، وهناك من الزوار من يهتم بتلك المعارض الموازية.. وبالمقابل هناك من يهتم بفعاليات (الملتقى) كموضوع اللاجئين والاستماع لحديث عن شيء آخر وعن بلد بعيد وحضارة عريقة..

ما علاقة المتحف بأهداف الملتقى؟
عملنا كمرشدين في المتحف هو جزء من التعاون بين منظمة (الملتقى) في ألمانيا والتي لديها فرع في سويسرا، وبين متحف برن التاريخي كنوع من الالتزام الإنساني والأخلاقي اتجاه اللاجئين، هذه الفئة التي تعيش في سويسرا، وكنوع أيضاً من دمج هذه الفئة في المجتمع.

وللملتقى هدفين الأول مساعدة اللاجئين في الاندماج كحوار ثقافي، والهدف الثاني أن المرشد أيضاً يتعلم من الزوار ويسمع منهم، ويوضح لهم ويجيب عن أسئلتهم حول مختلف القضايا التي تتمحور حول ثقافة بلده الأصلي.

أنتم المشاركون في منظمة (الملتقى) في سويسرا كيف تعملون كمرشدين؟
كما تعلمون هناك قسم الوسطاء، وهم من يتوسط بين الزوار والمتحف، ونحن جزء بسيط داخل هذا القسم، الذي يضم ما بين 30 على 40 مرشد سياحي، فهناك موظفون دائمون وآخرون لبرامج محددة بينها خطة لتدريب لاجئين جدد ناشطين ولديهم تواصل مع الآخرين.

وكيف تقيم تجربتك كصحفي ولاجئ على ضوء مثل هذه التجربة ؟
أعتقد أنني كنت محظوظاً في العيش في هذا البلد، الذي يقدم الشيء الجميل للناس ويمنحهم فرص التعلم والتدرب، وأنا أمضي في هذا الطريق وأتعلم اللغة والإرشاد الثقافي، وأحاول الاندماج أكثر وأكثر، مع أني لم ولن أنسى ثقافتي وبلدي، ولها فضل علي، واعتبر أن هذا الجزء من النشاط الذي أقوم به، هو رد الجميل للبلد الذي تركناه جميعاً للأسف مضطرين.

جسر الصحافة واللجوء

ماذا عن تجربتك في الاعلام وقصة اللجوء؟
أنا صحفي عملت في صحف يمنية منذ 2006 في صنعاء وكنت أراسل صحف ووكالات أجنبية، وجاءت الحرب واضطررنا إلى مغادرة البلد للأسف، وبوابتنا الوحيدة كانت السعودية، وبعد عناء طويل لم أستطع العيش فيها، لأنني كصحفي حر مستقل أبحث عن بيئة ملائمة لعملي ولهذا لم يدم تواجدي في السعودية سوى أربعة أشهر، وتمكنت من الخروج عندما شاركت كصحفي بمؤتمر في سويسرا وبقيت فيها، بعد أن صار الوضع خطيراً.

كيف؟
كما تعلمون في اليمن أو أي دولة عربية فيها حروب لا توجد صحافة مستقلة، فإما أن تكون مع هذا الطرف أو ذاك، والحرب أفرزت هذا الانشقاق، وأنا قلت في الجولة الارشادية اليوم لزوار المتحف: أن الصحافة المستقلة انتهت بسبب الحرب ولم يعد يوجد صحفي مستقل، ومن فضل البقاء في المنزل قد يموت من الجوع.

الإعلاميون العرب إمكانياتهم كبيرة

إذن برأيك: الاعلام في اليمن يتشابه مع الإعلام العربي؟
نعم.. اليمن هو صورة مصغرة لما يحدث في باقي البلدان العربية، وضمن منظومة الإعلام العربي لا يوجد إعلام مستقل، لأنه للأسف هناك تجاذبات إما أن تكون مع هذا الطرف أو ذاك…!

وماذا عن الإعلاميين في المهجر؟
رغم كل ما يحدث بعد ما يسمى بالربيع العربي وهجرة الإعلاميين، أجد ومن خلال متابعتي للصحفيين السويسريين أو غيرهم، أن للصحفي العربي إمكانيات كبيرة في المغترب وحتى ممن لم يهاجروا، ولكنهم للأسف لم يجدوا البيئة المناسبة لعملهم.

وأنا شخصياً أريد أن أستمر في هذا الاتجاه كصحفي مستقل، ولن أعمل في أي مجال غير مهنتي التي أحب، وهذا بالنسبة لي كالهواء الذي أتنفسه..

ولماذا انقطعت عن الصحافة؟
هذه الفترة انقطعت نوعا ما عن العمل الصحفي، لأنني أبني ذاتي هنا في تعلم اللغة الألمانية وفي عمل علاقات عامة مع الناس، وكذلك التواصل مع الصحفيين السويسريين وأحثهم على الكتابة عما يدور في اليمن، لأنه شبه منسي في الصحافة الأوربية بشكل عام، وإن تم التطرق له يتم الحديث بخجل أو لمآرب أخرى سياسية، وهناك صحف لها مواقفها كما حكوماتها من السعودية فهي تحاول ابتزازها عند الحديث عن اليمن وكذلك مع إيران وغيرها من دول العالم.

وهل من كلمة أخيرة؟
شكراً لموقع (سويسرا والعرب) النافذة المتميزة التي يطل العرب منها على سويسرا والعكس ، وأتمنى لهذا الموقع المزيد من التطور، وأن يكون بعدة لغات لنراه ضمن أهم المواقع العربية في أوروبا.