'الجزيرة' و'العربية' تتباينان من جديد في اسلوب تغطية احداث غزة.. والمشاهد الحكم

الجمعة 09 يناير-كانون الثاني 2009 الساعة 06 صباحاً / مأرب برس - ف ب
عدد القراءات 8568


 هيمنت الاحداث الدامية في قطاع غزة على الاعلام العربي لاسيما على الفضائيتين الاخباريتين الاساسيتين 'الجزيرة' و'العربية'، الا ان الحرب الدائرة تظهر التباين بين القناتين حول اسلوب ومعايير التغطية.

واختارت قناة 'الجزيرة' القطرية التي مقرها الدوحة عنوان 'غزة تحت النار' لتغطيتها احداث القطاع الدامية على مدار الساعة.

وقد جيشت 'الجزيرة' مراسليها لتغطية التحركات الاحتجاجية ضد الحرب الاسرائيلية على غزة عبر العالم، وفتحت منبرا على موقعها الالكتروني ليعبر المتصفحون عن دعمهم للغزاويين، وذلك عبر ابواب عديدة تحمل عناوين مثل 'قصائد الى غزة' و'اطفال غزة: بأي ذنب قتلوا'.

ضحايا الحرب في غزة شهداء في'الجزيرة' وقتلى في 'العربية'

ويرى البعض ان قناة 'الجزيرة' تبرز بشكل واضح ميولها المتعاطفة مع الفلسطينيين خصوصا عبر تسمية ضحايا القصف الاسرائيلي 'شهداء'، الا ان رئيس تحرير القناة احمد الشيخ لا يرى في ذلك انتقاصا من موضوعية 'الجزيرة'.

وقال الشيخ لوكالة 'فرانس برس'، 'بدل ان تسألوا لماذا نسميهم شهداء، نقول اوقفوا قتلهم فلا يكون هناك شهداء. من يريد تغيير الكلمة فليوقف القتل'.

الا انه اصر على موضوعية القناة التي تترك فسحة للمسؤولين الاسرائيليين على الهواء من اجل اعلان وجهة النظر الاسرائيلية.

وذكر الشيخ في هذا السياق ان 'الكاميرا تنقل القصف (الاسرائيلي لغزة) والضحايا (الفلسطينيين) لكننا نقابل المسؤولين الاسرائيليين وننقل تصريحاتهم ولو لم نكن موضوعيين لما سمحنا لهم بالظهور على شاشتنا'.

حتى ان الشيخ اشار الى ان بعض الجمهور 'يتهمنا بالتواطؤ' بسبب نقل تصريحات المسؤولين الاسرائيليين.

وكانت 'الجزيرة' التي انطلقت عام 1996 حظيت بشهرة عالمية بسبب تغطيتها الحصرية للغزو الامريكي لافغانستان في نهاية 2001، وايضا بسبب بثها لمقابلات مع زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن.

وتسبب ذلك باثارة غضب واشنطن وبعض حلفائها في العالم العربي، ووجهت للقناة اتهامات بانها تؤمن منبرا للمتطرفين.

وقال الشيخ 'نحن لا نغطي الحرب باعتبارنا عربا او مسلمين بل لاننا صحافيون (..) نحن زعماء الموضوعية. كيف تكون الموضوعية اذا لم تكن نقل ما يجري على الارض'.

وخلص المسؤول في 'الجزيرة' الى القول بان 'كل الوكالات والتلفزيونات العالمية لا تغطي مثلنا لأنهم يخافون من اسرائيل (..) الحرب وجهها قبيح واذا اخفيت قبح الحرب فأنت تساهم في استعارها. لو لم تكن المشاهد منقولة لكانت الحرب الاسرائيلية على غزة افظع'.

وعلى الجهة التي الاخرى، تبدو قناة 'العربية' مقرها دبي وتعمل بتمويل سعودي، وكأنها تعتمد لغة اقل حدة في تعاملها مع الحرب على غزة، وهي تضع تغطيتها تحت عنوان 'اجتياح غزة'.

ولا تستخدم القناة تعبير 'شهداء' حتى ولو ان مراسليها على الارض يستخدمون هذه العبارة في بعض الاحيان.

وقال مدير الاخبار في القناة نخلة الحاج 'ليست وظيفة الاعلام ان يعطي وصف شهيد او غير شهيد. نحن نستخدم التسمية المهنية، قتلى او ضحايا، لاسباب مهنية بحتة'.

واضاف في حديث مع وكالة فرانس برس ان 'السياسة العامة (في القناة هي) استخدام تعابير قتلى وضحايا. ولكن في بعض الاوقات يواجه المراسل على الارض بعض الضغوط'.

واشار الحاج الى ان رفض 'العربية' لاستخدام مصطلح شهيد يثير انتقادات حادة من قبل بعض الجهات.

وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انتقد القنوات 'العربية' التي ترفض تسمية ضحايا غزة بالشهداء.

وقال نخلة 'كل الجهات السياسية لديها هدف سياسي. السياسيون يحاولون مصادرة الاعلام لكن عملنا هو خدمة المشاهد'.

وتختلف سياسة القناتين ايضا حيال مسألة بث صور القتلى والمشاهد الدامية التي قد يعتبرها البعض مسيئة لاحساس المشاهد، فقناة 'الجزيرة' تبث صور الجثث لاسيما جثث الاطفال، وصور الجرحى الذين يعانون من اصابات قوية.

وقال احمد الشيخ في هذا السياق ان 'كاميرا التلفزيون تلتقط صورا لاطفال مقتولين ونحن ننقل نقلا مباشرا. نحن لا نتلاعب بالصورة'.

اما 'العربية' فتبدو اكثر تحفظا من 'الجزيرة' في ما يتعلق ببث الصور الاكثر قساوة.

وقال نخلة ان 'القاعدة هي عدم نقل الصور التي تسيء الى احساس المشاهد بشكل قوي'.

واضاف 'نحن واجبنا كصحافيين ان نراها (المشاهد) حتى نتمكن من وصفها، لكن لا يجوز لنا ان نلزم المشاهد برؤيتها'.

والتباين في اسلوب التغطية ليس جديدا بين القناتين، فقد ظهر ذلك جليا في مناسبات سابقة بما في ذلك على سبيل المثال الحرب الاسرائيلية على لبنان عام 2006 والعمليات العسكرية الاسرائيلية المتكررة في الاراضي الفلسطينية.

الصحافيون يناورون لنقل الاحداث

يناور الصحافيون الاجانب الذين حظر عليهم دخول قطاع غزة، يوميا عند الحدود الاسرائيلية مع قطاع غزة للافلات من رقابة الدولة العبرية الساعية للسيطرة بشكل محكم على التغطية الاعلامية لهجومها العسكري.

ومع طلوع فجر جديد على العملية الاسرائيلية ضد قطاع غزة، تغادر سيارات جيب ملطخة بالوحل الطريق الرئيسية لتعبر اراضي وعرة بحثا عن تحركات جنود يمكن تصويرها.

وبعد السير لمسافة، يتوقف بعض المصورين على مقربة من مدفعين اسرائيليين في انتظار اللحظة التي ستطلق فيها النار على غزة.

والصحافيون الذين ترصدهم الشرطة العسكرية الاسرائيلية المنتشرة بكثافة في المنطقة يتم اعتقالهم وتصادر منهم آلات التصوير، واذ يتم اتلاف صور البعض، يقول البعض الاخر ان الشرطيين يصوبون سلاحهم اليهم.

لعبة القط والفأر مع الرقيب الاسرائيلي

وقال مصور طلب عدم كشف اسمه 'انها لعبة القط والفأر. الشرطة العسكرية في كل مكان، ومن المستحيل العمل في وضع كهذا'.

وكان منع الصحافيين الاجانب من الدخول الى قطاع غزة من ابرز الاجراءات التي اتخذتها السلطات الاسرائيلية بهدف ضبط التغطية الاعلامية لاعنف نزاع تخوضه اسرائيل منذ حربها مع حزب الله في لبنان خلال صيف 2006.

ومع اقتراب شن الهجوم البري السبت صادر الجيش الهواتف النقالة من الاف الجنود.

وبالرغم من صدور قرار عن المحكمة العليا امر بالسماح لمراسلين اجانب بدخول قطاع غزة، قررت الدولة العبرية الابقاء على حظرها.

ومن الجانب الفلسطيني، فان حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة تمنع المدنيين بمن فيهم المصورون من دخول المناطق حيث تدور اشتباكات بين مقاتليها والقوات الاسرائيلية.

والنتيجة ان المشاهد الوحيدة المتوافرة للهجوم العسكري الضاري على قطاع غزة هي الصور الليلية لجنود يعبرون الحدود وصور اعمدة من الدخان تتصاعد فوق غزة وصور اعداد من القتلى والمصابين. ويتباين هذا مع الوضع القائم خلال المعارك بين القوات الاسرائيلية ومقاتلي حزب الله الشيعي في جنوب لبنان.

وقال مصور اسرائيلي جالسا في مقهى في كيبوتز ياد مردخاي 'تغير كل شيء بسبب لبنان'.

وكان في وسع الجنود العائدين من الجبهة خلال الحرب في لبنان التحدث بحرية الى الصحافيين وقد تمكن المصورون من التقاط صور جريئة للنزاع. اما اليوم، فلا يحق للجنود التحدث الى الصحافيين فيما يبقى المصابون بعيدا عن وسائل الاعلام.

وقال مصور فرنسي 'ان الجيش الاسرائيلي بحاجة لتغيير صورته بعدما دمرت بشكل تام خلال الحرب في لبنان حيث التقطت صور لجنود ممددين ارضا ينزفون. لم يعد من الممكن عرض مثل هذه المشاهد'. واقرت المتحدثة باسم الجيش افيتال ليبوفيتش بان التجربة اللبنانية حملت الجيش على اعتماد استراتيجية جديدة.

وقالت 'في لبنان كان الصحافيون في كل مكان الى جانب قواتنا. احيانا كان الصحافيون يبثون تغطيتهم على خلفية مشاهد لجنود يستعدون لدخول قرى لبنانية. هذا يطرح مشكلات امنية وقد يؤدي الى مقتل جنود. لا يمكننا ان نكشف عملياتنا بشكل علني'.

وتنفي وزارة الخارجية الاسرائيلية اي سعي متعمد لمنع دخول الصحافيين. وقال المتحدث يغال بالمور 'ثمة قصف على المعابر. حماس تقصف هذه الممرات والجيش لا يريد تحمل مسؤولية مخاطر يتكبدها مدنيون'. غير ان داني سيمان رئيس المكتب الاعلامي في الحكومة قال 'لا يسمح لاي صحافي' بالدخول الى قطاع غزة لان 'الجنود لن يضحوا بحياتهم لحمايتهم