كشف تفاصيل محيرة.. كيف يتواصل صحافيو غزة مع العالم في ظل انقطاع الانترنت

الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 الساعة 06 مساءً / مأرب برس_ وكالات
عدد القراءات 1708

 

مع تكرار عمليات قطع الاتصالات والإنترنت في غزة نتيجة نقص الوقود أو فصل إسرائيل مقاسم مزودي الخدمة، وجد الصحافيون وعاملو الإغاثة والطواقم الطبية في الشرائح الإلكترونية "eSIM" وسيلة وحيدة تساعدهم على البقاء متصلين بالإنترنت فقط من دون إجراء مكالمات.

وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات فإن شريحة "eSIM" عبارة عن رقاقة إلكترونية مضمنة داخل الجهاز، تقدم نفس مزايا شريحة الاتصال التقليدية، وتتبع شركة اتصالات من البلد الصادرة عنها، لكنها بطاقة رقمية تتألف من رمز يتم إدخاله في إعدادات الهاتف الذكي.

وسيلة التواصل الوحيدة ومن خلال "eSIM" يمكن الاتصال بمزود أي شبكة في العالم عن طريق تفعيل التجوال الدولي، والوصول إلى الإنترنت عن طريق تنشيط خطة البيانات الخليوية لشبكة الهاتف المحمول، لكن هذه الخدمة لا تدعمها جميع الهواتف الذكية، بل فقط الهواتف حديثة الإصدار من شركة "آيفون" و"سامسونغ".

ويقول وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطيني إسحاق سدر، "من الصعب الحصول على هذه الشريحة في القطاع، وعادة ما توفرها المؤسسات الدولية للعاملين معها هناك، وتعد هذه الوسيلة الوحيدة للتواصل بين المدينة التي تشهد حرباً والعالم، وهي الأمل الوحيد في إيصال صوت غزة إلى الخارج".

في بداية أزمة الاتصالات والإنترنت، وفرت المؤسسات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، شرائح "eSIM" لموظفيها، بعد ذلك عملت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية على توفيرها للصحافيين العاملين معها في غزة، ولاحقاً انتشرت بين الطواقم الطبية، وما زال وجودها بأيدي المواطنين محدود للغاية.

تجوال على الشبكات الإسرائيلية وعلى رغم الحصول على شرائح "eSIM"، إلا أن استخدامها مقيد جداً، ويضيف الوزير سدر أن "شركات دولية توفر هذه البطاقة وعادة ما تكون مخصصة للإنترنت فقط، ولا يمكن لمعظمها إجراء مكالمات، وحصل جزء قليل جداً من سكان غزة عليها".

وتحتاج "eSIM" لتفعّل إلى تسجيل الدخول في تغطية شبكات مزودي خدمة الاتصالات، وبما أن سكان غزة يلجأون إليها في أوقات إيقاف شبكاتهم المحلية، فإن هذا يعني أنه يجب أن ينشطوا خيار التجوال الدولي وتسجيل الشريحة في إحدى الشبكات الإسرائيلية أو المصرية.ب

العادة، تصل تغطية الشبكات الإسرائيلية إلى جميع مناطق شرق قطاع غزة القريبة من الحدود، وتتلاشى تدريجاً في غرب القطاع وكذلك الأمر بالنسبة إلى مزودي الخدمة في مصر.

ويشرح سدر ذلك، قائلاً "لاحظنا أن معظم المستفيدين من ’eSIM‘ تسلقوا عمارات سكنية عالية الارتفاع، أو كانوا قريبين من الحدود الإسرائيلية والمصرية، ومعظمهم من الصحافيين وعاملي الإغاثة، ولم يتسنَّ للطواقم الطبية ذلك لأن عملهم ميداني أو في المستشفيات، ولا تصل تغطية هذه الشبكات إلى شوارع ومباني غزة".

إنترنت فقط ويلفت إلى أن هذه الشرائح لم تحل الأزمة نتيجة انقطاع شبكات الاتصالات العاملة في القطاع، إذ وفرت إنترنت من دون مكالمات، وهذا ليس مطلوباً لأن التحدث عبر الهاتف هو المهم حتى يتسنى للسكان الاتصال بفرق الإسعاف والإغاثة والنجدة.

فعلى رغم حصول المؤسسات الدولية والطواقم الطبية على "eSIM"، إلا أن الهلال الأحمر الفلسطيني أعلن فقدان الاتصال بغرفة عملياته المركزية، وذكرت منظمة "أطباء بلا حدود" أنها فقدت الاتصال مع عدد من أعضائها، وانقطعت منظمة الصحة العالمية عن فريقها في غزة، ومثلها منظمة الأمم المتحدة للطفولة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.

الصحافيون المستفيد الأبرز لكن "eSIM" مكنت عدداً محدوداً من الصحافيين من الوصول إلى الإنترنت ونقل الأحداث من غزة لوسائل الإعلام الدولية التي يعملون معها على رغم قطع الاتصالات والإنترنت عن القطاع، فهؤلاء أكبر المستفيدين من هذه البطاقات في القطاع.

ويقول نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين تحسين الأسطل، "أثبتت شرائح ’eSIM‘ أهمية ربط الفلسطينيين بالعالم، بعد 30 عاماً سيرغب الناس في معرفة ماذا حدث في غزة وهذا جزء من التاريخ الذي نعيشه الآن، ومن حق الجميع توثيق ما يحصل، ومن دون الاتصالات لن نتمكن من إنجاز ذلك".

ويضيف أن "الصحافيين الذين حصلوا على تلك الشرائح يعلمون الآن أن لديهم خياراً حتى لو تم قطع الإنترنت عن غزة، ويستطيعون الاستمرار في عملية التغطية، وهذا إنجاز عظيم على رغم الأخطار الكبيرة عندما يقترب المراسلون من الحدود أو يصعدون إلى بنايات عالية الارتفاع".

 يعد الصحافيون المستفيد الأبرز من بطاقات "eSIM" (مريم أبو دقة) ومن خلال "eSIM" تمكن الصحافي محمد الزعنون وهو مراسل لوكالات أجنبية من الاتصال بالإنترنت عن طريق التجول على الشبكات الإسرائيلية وتمتع للمرة الأولى بتقنية وسرعة 4G التي لا تتوافر في غزة، إذ لا تزال الشبكات المحلية تعمل على الجيل الثاني.

ويقول "كنت أصور تقريري وأجهز النص وأجري المقابلات، ثم أتسلق درجاً للهرب في مستشفى ناصر بخان يونس لأتصل بالإنترنت وأرسل المواد الإعلامية إلى مؤسستي، هذه الشريحة مكنتني من الاستمرار في نقل مجريات أحداث الحرب من دون انقطاع".

وعندما نشط الصحافيون في التجوال على الشبكات الإسرائيلية، سارعت تل أبيب إلى التشويش على تغطية مزودي الخدمة الذين يصل إرسالهم إلى غزة لتقليل استفادة الصحافيين من الإنترنت.

ويقول وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي، "ندرس جميع سبل قطع خدمة الإنترنت عن قطاع غزة، ولا نتردد في اللجوء إلى جميع الوسائل لمنع استخدام الشبكات الإسرائيلية من قبل الفلسطينيين".