الحدود اليمنية السعودية: تصعيد حوثي لتخفيف الضغط

الثلاثاء 19 فبراير-شباط 2019 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس- متابعات
عدد القراءات 2539


تشهد الحدود اليمنية - السعودية، منذ أيام تصعيداً لافتاً في توقيته السياسي والعسكري لا سيما أنه يتزامن مع إعلان الأمم المتحدة عن موافقة جميع الأطراف المشاركة في الحرب اليمنية، أي الحوثيين والشرعية على المرحلة الأولى من الانسحاب المتبادل للقوات من مدينة الحديدة، ومع المعارك المشتعلة في مناطق حجور، والتي يواجه فيها الحوثيون مقاومة شديدة من مسلحي القبائل. 
وبحسب ما أعلنته قناة المسيرة التابعة للحوثيين، أمس الاثنين، سيطر مقاتلو الجماعة من لجان شعبية وآخرين منضوين في الجيش الذي تسيطر عليه "على عدد من المواقع جنوب جبل النار قبالة جازان بعد تطهيرها". كما نقلت عن مصدر عسكري محسوب على الجماعة قوله إنه تم شن عملية هجومية على مواقع للجيش السعودي قبالة جبل قيس ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من عناصره. وفي إطار التصعيد أيضاً، أطلق الحوثيون صاروخاً من نوع "زلزال 1"، على تجمع للجيش السعودي قبالة نجران، وهذا النوع أقرب إلى كاتيوشا منه إلى صاروخ باليستي. 

وأعلن الجيش اليمني، أمس الإثنين، سيطرة قواته على عدة قرى في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين، شمالي البلاد. وذكر موقع "سبتمبر نت" التابع للجيش، أنه "تم تحرير قرى السلام، وأم عقال، والمنعيرة، والجلاح، وصولاً إلى واديي المنزالة وليه، ومعسكر الكامب البريطاني، عقب مواجهات مع الحوثيين في جبهة مران بمحافظة صعدة". وأضاف أن "المواجهات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الحوثيين، وتدمير عدد من الآليات التابعة لهم". وأشار الموقع إلى أن "الفرق الهندسية التابعة للجيش، طهرت وادي المشابيح، في جبهة صعدة، من الألغام والعبوات التي زرعها الحوثيون قبل فرارهم منه". 

وتتعدد التفسيرات للتطورات الميدانية، إلا أن مسؤولين عسكريين في صفوف الشرعية تواصلت معهم "العربي الجديد" ربطوا بين محاولة الحوثيين عبر تصعيد المعركة في المناطق اليمنية الحدودية مع السعودية وبين سعيهم لمنع تقطيع أوصال المناطق التي يسيطرون عليها، وذلك بعد انضمام القبائل إلى المعارك ضدهم. 
وتعتبر المعارك في المناطق الحدودية مهمة لكل الأطراف المشاركة في الحرب اليمنية. ويحاول الحوثيون، الذين دشّنوا جبهة جديدة في الأجزاء الجنوبية لمديرية كشر في محافظة حجة الحدودية، وتحديداً في منطقتي بني رسام وبني شرية، وشنوا هجوماً عنيفاً لاقتحام مناطق حجور، التي يواجهون فيها مقاومة شديدة من مسلحي القبائل، منع تقطيع أوصال المناطق التي يسيطرون عليها. في المقابل تهدف القوات التابعة للشرعية إلى فصل صعدة عن حجة وفصل حجة عن الحديدة ثم فصل صعدة عن عمران وفصل حجة والحديدة عن صنعاء. كما أن إشراك القبائل في معارك الأودية والجبال يسهل من عملية مواجهة الحوثيين، إذ إن مقاتلي القبائل يعرفون المنطقة جيداً. 
في موازاة ذلك، يتحدث العسكريون أنفسهم عن محاولة الحوثيين العودة إلى ميدي كمنفذ بحري في محافظة حجة، بعد أن تم الاتفاق على سحب جميع القوات من الحديدة، ما قد يؤدي إلى خسارتهم مرفأ مهماً، كما أنهم يحاولون العودة إلى حدود السعودية لزيادة الضغط على الرياض، وإفشال فصل الحديدة عن حجة وصعدة. 
كما أن استهدافهم السريع للقبائل في منطقة حجور يأتي في إطار تصاعد مخاوفهم من انضمام قبائل أخرى إلى المعركة ضدهم، فيما تحاول الشرعية والتحالف الاستفادة من محاصرة مقاتلي جماعة "أنصار الله" لهذه المناطق لاتهام الحوثيين بارتكاب جرائم حرب عبر فرض حصار على حجور، فضلا عن محاولات تجييش الرأي العام ودفع القبائل إلى مساندة بعضها بعضا لفك الحصار عن هذه المناطق. 
وكانت أزمة الحوثيين في مناطق القبائل شمالاً، قد امتدت أخيراً إلى منطقة قفلة عذر، التابعة إدارياً لمحافظة عمران، حيث أفادت مصادر حكومية وأخرى محلية، بأنّ رجال القبائل بقيادة الشيخ صالح بن سودة، قطعوا الأربعاء الماضي خطوط الإمداد الخاصة بالحوثيين نحو حجور في محافظة حجة، من جهة عمران المحاذية لها، والواقعة على بعد ما يقرب من 50 كيلومتراً شمال صنعاء. 
الجدير بالذكر، أنّ الحوثيين ومنذ بدء التصعيد في حجور، لجأوا لوساطات واجتماعات متكررة مع شيوخ ووجهاء موالين لهم في حجة، وأعلنوا النفير لحشد المقاتلين لمواجهة من يتهمونهم بمحاولة "زعزعة الاستقرار"، وذلك في إطار سعي الجماعة لإخضاع أي قبائل تقف بوجه سلطتها، وخصوصاً في منطقة على درجة عالية من الأهمية بين محافظات حجة وعمران وصعدة، حيث معاقل نفوذ الحوثيين ومعاركهم التقليدية مع القبائل. 

ولا يمكن في نظر مراقبين للمشهد اليمني العسكري فصل التطورات الأخيرة على الحدود عما يجري في الحديدة، فيما اختتم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، أمس الاثنين، زيارة إلى صنعاء استمرت 24 ساعة، التقى خلالها قيادات الحوثيين، بما في ذلك، زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وجاءت مغادرة غريفيث بعدما أعلنت الأمم المتحدة، ليل الأحد - الاثنين، أن طرفي الحرب في اليمن وافقا على البدء في سحب القوات من ميناء الحديدة الرئيسي بموجب اتفاق برعاية المنظمة الدولية، وذلك في أعقاب جهود دبلوماسية على مدى أسابيع لإنقاذ الاتفاق المتعثر بخصوص من يجب أن تؤول له السيطرة على مدينة الحديدة. 
وكان الحوثيون والحكومة الشرعية اتفقا خلال محادثات في ديسمبر/كانون الأول الماضي على سحب القوات بحلول السابع من يناير/كانون الثاني من الحديدة بموجب اتفاق هدنة استهدف الحيلولة دون شن هجوم شامل على الميناء وتمهيد الطريق للمفاوضات بغية إنهاء الحرب المستمرة منذ أربع سنوات. وجاء في بيان أصدره مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة إن "الطرفين توصلا إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من إعادة الانتشار المتبادل للقوات". ولم يذكر البيان تفاصيل بشأن ما جرى الاتفاق عليه. وتنص المرحلة الأولى على انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى يقابله انسحاب لقوات التحالف من الضواحي الشرقية للمدينة، حيث احتدمت المعارك قبل سريان وقف لإطلاق النار في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي. 
ويسيطر الحوثيون على الحديدة، نقطة الدخول الرئيسية لمعظم المساعدات إلى اليمن ووارداته التجارية، بينما تحتشد القوات اليمنية الأخرى التي يساندها تحالف تقوده السعودية على أطرافها. وقال بيان الأمم المتحدة إن الجانبين اتفقا أيضاً "من حيث المبدأ" على المرحلة الثانية والتي تتطلب إعادة انتشار كامل لقوات الطرفين في محافظة الحديدة. وقال مصدران مشاركان في المفاوضات إن الجانبين لم يتفقا بعد على جدول زمني للانسحاب أو على آلية لتولي القوات المحلية مسؤولية الأمن في الموانئ والمدينة. وقال مصدر لوكالة "رويترز" إن "الأمم المتحدة لا تزال تبحث كيفية تقليص الفجوة بين الجانبين بشأن آلية اختيار القوات التي ستسيطر على المدينة"، فيما أشار الآخر إلى أنه أمام الطرفين سبعة إلى عشرة أيام لاتخاذ قرار بشأن أماكن إعادة انتشار قواتهما، مضيفا أن المقاتلين الحوثيين قد ينسحبون لمسافة تصل إلى 20 كيلومترا من الميناء. 
وقال مصدر في الأمم المتحدة إن الجانبين اتفقا خلال المرحلة الأولى على إعادة فتح الطرق الرئيسية التي تربط الحديدة بالعاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون وفي تعز، ثالث أكبر مدينة يمنية. كما اتفقا على إتاحة الوصول إلى شركة مطاحن البحر الأحمر، التي يوجد بها نحو 50 ألف طن حبوب من برنامج الأغذية العالمي تكفي لإطعام 3.7 ملايين شخص لمدة شهر. 
إلى ذلك، أصدرت جماعة أنصار الله قراراً بتعيين اللواء فواز حسين قائد نشوان رئيساً لجهاز الأمن القومي. وجاء تعيين الرئيس الجديد للجهاز، خلفاً للواء عبد الرب جرفان المعروف بـ"أبو طه"، والذي يترأس "الأمن القومي" منذ سيطرة الجماعة على صنعاء في عام 2014.

*العربي الجديد