تقرير رسمي يكشف عن عصابات منظمة لاستغلال الأطفال للتهريب الحدودي مع السعودية

السبت 25 مارس - آذار 2006 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس
عدد القراءات 3914

كشف تقرير رسمي يمني أن عصابات منظمة علي الحدود تستغل أعدادا كبيرة من الأطفال اليمنيين في محافظة حجة للقيام بعمليات تهريب للبضائع علي الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية مقابل اجر زهيد.

وأوضح أنه يجري استغلال الأطفال في عمليات تهريب مادة دقيق القمح عبر الحدود المشتركة بين السعودية واليمن، نتيجة حالة الفقر المدقع والظروف المعيشية الصعبة لبعض الأسر التي تضطر للدفع بأطفالها للقيام بهذه الأعمال الخطيرة. وقال التقرير الذي أعده فريق مشترك من المختصين في عدد من الجهات الرسمية في اليمن تبين وجود العديد من الأشخاص الذين يعمدون إلي استغلال حالة الفقر والظروف المعيشية لبعض الأسر وإغرائها كي تدفع بأطفالها للعمل معهم في عمليات التهريب نظير أجور زهيدة وفي ظروف تتنافي مع أبسط قواعد الحقوق الإنسانية . هذا التقرير الذي صدر عقب زيارة ميدانية قام بها فريق مشترك إلي محافظة حجة، يضم مندوبين من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وزارة الأوقاف والإرشاد والسلطة المحلية بمحافظة حجة، بالإضافة إلي ممثل عن البرنامج العالمي لمكافحة عمالة الأطفال أكد أن عمليات التهريب التي يقوم بها الأطفال اليمنيين العاملين في عمليات التهريب وبالذات لأكياس مادة الدقيق من الأراضي السعودية إلي اليمن تتم تحت جنح الظلام وتستمر طوال الليل بواسطة الحمير . وأشار التقرير إلي خطورة الطريق الذي يسلكه هؤلاء الأطفال العاملون في هذه العمليات ولمسافات طويلة.

وأوضح أن العاملين في مجال التهريب والمتخصصين بتشغيل هؤلاء الأطفال رفضوا الإدلاء بأية معلومات لفريق العمل الميداني الذي أعد هذا التقرير، في حين استجاب عدد من الأطفال لأسئلة الفريق وتبين أن الأشخاص الذين يقومون باستغلال الأطفال وتشغيلهم بعملية التهريب يقومون بشراء كيس الدقيق بسعر 13 ريالا سعوديا (ما يعادل 676 ريالا يمنيا) ويقومون ببيعه في مدينة حرض الحدودية اليمنية بما يعادل 2000 ريال يمني ويعطي كل طفل 100 ريال يمني فقط عن كل كيس يتم نقله وهو ما يشجع الطفل علي نقل اكبر كمية من الدقيق للحصول علي اكبر عائد مادي والعمل حتي ساعات الفجر الأولي من صباح اليوم التالي . وكانت دراسة خاصة عن تهريب الأطفال اليمنيين إلي السعودية نفذتها منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف) عام 2004 ذكرت أن حوالي 74% من الأطفال اليمنيين يجدون مكان شغل بمجرد وصولهم إلي السعودية وأن %35 فقط منهم يعثرون علي سقف يحتمون به، بينما تعيش البقية أي حوالي 65% في الشوارع. وقالت إن الأطفال اليمنيين الذين يقعون في أيدي حرس الحدود السعودي ومعاونيهم... يتعرضون للابتزاز حتي من بعض أعوان حرس الحدود وأن من يسقط منهم بين أيدي قوات الأمن السعودي فيتعرض بدوره إلي مختلف أنواع الضرب وسوء المعاملة كما يُحرم البعض منهم من الحصول علي العلاج الضروري  ويحاكم حاليا 18 متهما يمنيا في محاكم الجنايات بمحافظة حجة بتهمة تهريب المخدرات إلي الأراضي السعودية. الي ذلك كانت السعودية رحّلت خلال العام الماضي أكثر من 153 ألف مواطن يمني بينهم 9815 طفلا، بذريعة دخولهم الأراضي السعودية بطريقة غير شرعية، فيما تم التوصل إلي اتفاق يمني سعودي يقضي بوقف السعودية لبناء عازل حدودي علي شريطها الحدودي مع اليمن مكون من أنبوب خرساني ضخم، محشو بالاسمنت في أجزاء منه وساتر رملي في أجزاء أخري، وذلك للحيلولة دون إمكانية الحركة البشرية بين جانبي الحدود، والذي كانت الرياض شرعت في بناء جزء كبير منه من جهة الحدود اليمنية الشمالية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004، وجاء اتفاق إيقاف بناء هذا الجدار الحديدي العازل الذي يمتد لنحو 75 كيلو مترا مقابل اتفاق يتضمن تنسيق الجهود الثنائية والأنشطة المشتركة لمراقبة الحدود بغرض منع التهريب بين الجانبين كذلك عمليات التسلل.

ووقع وزيرا داخلية اليمن والسعودية حينها علي محضر يهدف إلي رفع آليات التنسيق في الجوانب الأمنية علي الحدود والعمل المشترك لضمان سلامة وامن واستقرار البلدين، وتعزيز السيطرة المشتركة علي الحدود بينهما. وذكر موقع (نيوز يمن) الإخباري المستقل أن المعاهدة الحدودية التي وقعتها صنعاء والرياض عام 2000 تقضي بقيام منطقة منزوعة السلاح علي جانبي الحدود يتراوح عمقها بين خمسة كيلومترات و20 كيلومترا تترك كأرض رعي، غير أن السلطات السعودية تشتكي من استمرار عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والعمالة غير القانونية من الجانب اليمني. وأوضح أنه علي الرغم من الإعلان الدائم عن زيارات أمنية بين البلدين الجارين، وبالذات عقب فرار 23 معتقلا من عناصر تنظيم (القاعدة) الرئيسيين في اليمن مطلع الشهر الماضي، إلا أن الإعلام الرسمي لا يذكر أي تفاصيل عن وضع علاقات البلدين الأمنية، ويكتفي علي الدوام بالإشارة إلي تبادل رسائل تؤكد عمق العلاقات بين البلدين، في حين تعطي العديد من المؤشرات أن هناك (أزمة) علاقات غير معلنة بين صنعاء والرياض.

وتتخوف السعودية من إمكانية تسلل أعضاء تنظيم القاعدة الذين فروا من سجن الجهاز المركزي للأمن السياسي (المخابرات) بصنعاء إلي أراضيها، معلنة أن بينهم أشخاص خطرون كان الأمن السعودي سلمهم لليمن في إطار اتفاقات أمنية ، ولذلك قام الجانبان اليمني والسعودي بمضاعفة التنسيق الأمني بينهما بهدف الحيلولة دون هروب هؤلاء الفارين من السجن اليمني نحو الأراضي السعودية في ظل عجز الجانبين عن السيطرة علي الشريط الحدودي الطويل بينهما الذي يمتد لأكثر من 1300 كيلو متر.  وأشارت إلي أن العديد من الأطفال اليمنيين الذين يتم تهريبهم إلي السعودية لغرض التسول والبحث عن عمل يتعرضون أثناء عملية التهريب إلي الاستغلال الجنسي.

ونظمت منظمة الهجرة الدولية في جنيف دورة تدريبية بمساهمة اليونيسيف، شارك فيها حوالي 40 من الرسميين اليمنيين المعنيين بمراقبة الحدود، لتدريبهم علي آليات عملية الرقابة الحدودية.

 

 

القدس العربي