ربما يكون الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح قد نجح ولو مؤقتاً في حشد جموع كبيرة حسبما يتردد في الإعلام الرسمي ليثبت لنفسه قبل غيره بأن هذه الجموع قد جائت لدعمه. وربما يكون الأفندم علي قد نجح بأن يقنع تلك الجموع بأن تهتف بإسمه و بإسمه فقط دون أن تهتف لليمن كوطن يتسع للمعارضة ومؤيدي الرئيس ولجميع اليمنيين بما في ذلك الرئيس نفسه. وقد يكون النظام قد نجح بأن يأتي بتلك الجموع من مختلف المحافظات لتهتف بإسمه فاتحاً باب الخزينة العامة على مصراعيها دون رقيب ولا حسيب.
وقد يكون النظام الفاسد قد نجح بشراء الذمم لمشائخ ووجاهات في تلك المحافظات مقابل التنازل عن حقوقهم و حقوق أبنائهم وعن سلامة الوطن وتقدموا لإقناع أبناء مناطقهم في تأييد الرئيس ولو لمدة لاتتجاوز ساعة كاملة في ميدان السبعين. وقد يكون النظام قد نجح في إقناع مؤيديه بأن الطرف الآخر الذي يقود التغييرهم عبارة عن حوثيين و حراكيين و تجار مخدرات- إستقى هذه العبارة من سفاح ليبيا المجنون القذافي- على حد تعبيره ولثوان قليلة مستخدما نفس الأسلوب القذافي في بداية الثورة الليبية. وقد يكون النظام للحظة قد نجح للحظة في شد انتباه البعض فقط من هذه الجموع الغفيرة والمغلوب على أمرها بأن شباب التغيير يملكون أسلحة و قناصة بما فيها أسلحة الدمار الشامل في خيامهم التي تؤرق أمريكا و الغرب في ساحة التغيير و بالطبع بعد النشوة التي أعترته عندما رأى هذه المجاميع وكان بإمكانه في هذه الحالة الهستيرية التي سيطرت عليه أن يعلن بأن الثورة المضادة قد نجحت ليعلن نفسه من جديد ملكاً على اليمن ويلقي بسيل المبادرات التي تقدم بها وحطم بها جميع الأرقام القياسية الى سلَة المهملات كعادته. وقد يكون الرئيس قد نجح ولو لليلتين وهي جمعتين أن ينام قرير العين ليعيد ذلك المشهد الجميل أو الذي يعتقد بأنه جميل و كبير ومؤقت قبل نومه ليقنع نفسه بأن ما قام بفعله كان الصواب حتى لو كلَفه ذلك إعلان إفلاس الدولة قبل رحيله وعجز الدولة في دفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والأمنيين الذين شاركوا في قتل المعتصمين والمتظاهرين لأن ماهو أكيد في خضم هذه الأحداث بأنه سوف يقف عاجزاً أمامهم بدفع هذه الرواتب من ماله الخاص الذي جمعه على جثث ضحاياه الميتة والحية معاً. وكم من مليارات إضافية هو بحاجتها حتى يحقق لنفسه الرضا حتى يحشد في كل جمعة هذا الكم الهائل من البشر المغرًر بهم. ألا تدرك هذه الجموع الغفيرة بأن ماتأخذه باليد اليمنى اليوم سوف تقوم بدفعه أضعافا مضاعفة في القريب العاجل وستتمنى لوأنها ماأقدمت على هذا العمل الأرعن. وقد يكون النظام قد نجح على مدى شهر كامل في عرقلة حركة المرور بعد ان سمع بخبر الزحف الى غرفة نومه و قام بإغلاق ميدان السبعين من الجنوب والشمال والشرق و الغرب و قام بتحريك الدبابات والمدرعات لتعزيز اجرائاته الأمنية لحمايته وحماية أبنائه وأقربائه وقام بتعطيل حركة المرور و مصالح العامة و أدخل الناس في زحام لا مناص منه. وقد يكون النظام قد نجح في بث بذور الشقاق ليضرب الشعب بالشعب مقابل حمايته من المتظاهرين وهو الذي وعد ببذل الغالي والنفيس في سبيل هذا الشعب و \\\"بالروح والدم\\\" وهذا مافعله بالضبط.
والسؤال الأهم في هذا كله مالذي تبقى له بأن يضحي به ليحافظ على عرشه وماهو الثمن الذي سيدفعه هذا الشعب أكثر مما دفعه حتى الآن بعد أكثر من ثلاثين عاماً. ألا يكفي كل هذه التضحيات التي تحملها هذا الشعب الفقير الجائع من أجل حفنة من الفاسدين القتلة الذين لا يعبؤا ولا يكترثوا لأحواله.
ألا يكفي بأن هذا الشعب الذي تجرع غصباً مرارة الحكم طوال هذه الفترة وعانى الأمرين أن تنفرج أزمته أم أن هذا المطلب أصبح كبيراً عليه. أما آن لهذا الشعب الذي رزح ومازال يرزح تحت نيران الحكم المتسلط الإستبدادي أن يتنفس الحرية ويختار منهجاً لحياته والتي فقد منها الكثير ليوفرًها لأبنائه ومن بعدهم الأجيال القادمة أم أن هذا أيضاً أصبح كثيراً عليهم. أما آن لهذا الشعب أيضاً أن ينعتق من العبودية التي مورست ضده من قبل هذا النظام وازلامه حتى أصبح يستجدي لقمة عيشه من أركان هذا النظام الفاسد تارةً بالنفاق و تارةً أخرى بمد يده ليغدق عليه من أمواله التي هي في ألأساس أموال هذا الشعب المقهور. أما آن لهذا الشعب أيضاً أن ينعم بالأمن والأمان الحقيقيين وليس أمن الحاكم و نظامه الذي سخر مقدرات البلد في حفظ أمنه و أمانه و ليعود ويعمًمهما على جميع افراد المجتمع اليمني. اما آن لهذا الشعب أيضاً أن ينعم بخيرات بلده الكامنة في باطن الارض وماعليها و عاليها و في بحرها و برًها بدلاً من أن يبحث عنها خارج هذا البلد الطيب في شتات الغربة و الإغتراب. أما آن أيضاً لهذا الشعب أن يحافظ على هويته الأصيلة بعيداً عن كيل النظام له الإتهامات بمختلف مفردات الشقاق التي ظل يتغنى بها طوال هذه الفترة.
أما آن لهذا الشعب أيضاً أن يمارس ديمقراطيته التي إرتضاها لنفسه ويدخل الإنتخابات شامخاً مفتخراً بأن رأيه سيسهم في دفع عجلة التغيير دون أن يقوم الحاكم و نظامه بمصادرة صوته إما بالترغيب او بالترهيب طالما الشعوب لم تجد أية منهج حكم آخر سوى الديمقراطية التي فرضت على الأمة العربية والإسلامية و بسبب الحكًام أيضاً. أما آن لهذا الشعب أيضاً أن يفتخر بأن لديه إعلام هادف يعمل على تقديم الحقيقة المجرَدة بحلاوتها و مرارتها دون زيف أو نفاق و دون وصاية. أما آن أيضاً لهذا الشعب أن يعيش المنجزات التي تحققت بإسمه ويستمتع بها دون ان تكون مجرد كلمات على الصحف أو صوتيات و مرئيات في الإذاعة والتلفاز. واخيراً و ليس بآخر, أما آن لهذا الشعب أن يقول كلمته بملئ الفم للحاكم والنظام أن يرحـل و يلقى الإستجابة!!!
في الثلاثاء 05 إبريل-نيسان 2011 05:12:04 م