|
تاريخياً – ربما هكذا- أن الشعب اليمني شمالاً و جنوباً لم يتوحد منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر التي هي فعلاً ثورتين وليست ثورة واحدة كما يسوّق لذلك أصحاب "واحدية الثورة"، خلف هدفاً واحداً كما توحدوا خلف شعار " تحقيق الوحدة" وان كانت الغلبة في ذلك لأبناء الجنوب.
ومنذ إعلان الوحدة وليست تحقيقها عام 90، وهي التي "ذبحها" علي عبد الله صالح دون قبلة بخطابه العدائي تجاه الجنوب وإعلانه الحرب من منصة ميدان السبعين في 27 ابريل 94م، وحصوله على فتوى شرعنت له حربه ممن يتسابقون اليوم لتغيير جلودهم والظهور بمظهر البريء الحريص على الشعب، منذ ذلك اليوم لم يتوحد اليمنيون شمالاً وجنوباً على هدفاً واحد، حيث ذهب الشمال خلف شعار حق أريد به باطل "الوحدة أو الموت"، بينما تفرغ الجنوب للملمة جراحه وترتيب صفوفه وعبّر عن قضيته التي كان ينظر إليها غالبية الشمال – كون التعميم في الأحكام دائماً ظالم- على أنها رجس من عمل شيطان الانفصال، وان كان لهم من مطالب فهي حقوقية لا تتجاوز إزالة الآثار السلبية للحرب، ليرتفع سقف غالبية أبناء الجنوب عالياً حد المطالبة باستعادة دولتهم التي التهمها الشقيق الأقل مساحة والأقل ثروة والأكثر كثافة سكانية وحولهم إلى رقم هامشي لا شركاء ضحوا بدولتهم من اجل حلمهم الجميل الذي تحول إلى كابوس قض مضاجعهم وما زال.
اليوم ومع اتساع رقعة ثورات الشباب العربية على أنغام "الشعب يريد إسقاط النظام"، يبدو المشهد اليمني شمالاً وجنوباً موحداً ومتناغماً اتجاه المطالبة بإسقاط النظام الذي يحمّلونه كل مآسيهم و أوجاعهم، تسامى الجميع فوق خلافاتهم وهتفوا بصوتاً واحداً، حتى الحراك السلمي الجنوبي وجد نفسه يهتف بذات الصوت ويطالب بذات الهدف، وان لم يكن تخلى عن أهدافه، إلا أن المرحلة تتطلب توحيد الجهود وتضافرها للخلاص من هذا النظام الذي قتل الوحدة وأحالها إلى مشروع احتلال مشوّه، والأدهى من ذلك اجتهدت دوائره ومازالت للوقيعة بين أبناء اليمن شمالاً وجنوباً والزج بهم في أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر هو المستفيد الوحيد منها، لكن العمل على تفويت الفرصة – أكان مخططاً له أم لا- كان بمثابة انتصاراً للعقل وللحكمة.
إسقاط النظام لا يعني إسقاط صالح وأسرته فقط، بل يجب أن يشمل كل من ارتبط معه وشارك وساهم وقدم الاستشارة خلال سنوات حكمه، حتى أولئك الذين كانوا شركاءه في حربه على الجنوب وأصحاب الفتوى الدينية التي قتلت الوحدة وأباحت قتل أبناء الجنوب واحتلال أرضهم يجب أن يكون لهم من "الإسقاط" نصيب حتى وان تسابقوا على ساحات الحرية والتغيير ورقصوا على صوت "ايوب طارش" والتقطوا الصور التذكارية بجانب صور "جيفارا" التي تزين تلك الساحات، وإلا فما فمعنى لثورة الشباب التي تعمل كثير من القوى التقليدية على الالتفاف عليها وتجييرها لمصلحتها ولمصلحة مشاريعها التي لا تقل خطورة عن نظام صالح بل أنها ستكون نسخة مشوّهة منه.
مرحلة ما بعد إسقاط النظام تكاد تكون هي الأخطر، وبعيداً عن التحليل والتنبوء بما ستحملها من مشاريع كون الشارع شمالاً وجنوباً هو صاحب الحق في تقرير مصيره، أجدني مضطراً لتنبيه الجميع وبالذات إخواننا في الحراك السلمي الجنوبي اتجاه ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لتلك المرحلة فيما يتعلق بحماية المصالح العامة والخاصة و منها ممتلكات ومصالح إخواننا أبناء المحافظات الشمالية التي ينظر إليها البعض كمطمع يجب الظفر به بمجرد سقوط النظام، كما أن هذا النظام لن يعدم أي وسيلة لاستخدامها ومنها الاعتداء على مصالح المواطنين للوقيعة بينهم وبين إخوانهم، لذا حتى لا تتحول المدن لساحات لعبث العابثين وفوضى الطامعين وبما من شانه حماية مصالح المواطنين الذين لا علاقة لهم بالنظام ولا ذنب لهم يجب الإسراع بتشكيل لجان شعبية من أبناء الأحياء السكنية والمدن والقرى التي توجد بها مصالح لهؤلاء لحمايتهم وحماية مصالحهم من أي اعتداء قد يطالها في زمن انعدمت فيه المروءة كما هي الرجولة عند بعض ضعاف النفوس الذين لا يحملون أي قضية وليس لهم هدف سوى النهب والفيد كقيمة اكتسبوها من نظام صالح!!.
لا تحزنوا على صالح:
كتب سفاح الثورة الفرنسية (روبسبير)على قبره ما يلي:أيها المار من هنا, لا تحزن على موتي, لأني لو كنت حيا لكنت أنت الميت.
في الجمعة 11 مارس - آذار 2011 07:21:29 م