رسالة العزّ من (براغلة) إب وتعز!
أ د فؤاد البنا
أ د فؤاد البنا

نحن شباب اليمن في ساحة الحرية بتعز وفي سرت الحرية بإب نرسل هذه الرسالة إلى من يمارسون الفرعنة السياسية ، ويوزعون صكوك الوطنية ، ويقترفون خطيئة تمزيق الوطن ، بإحياء العصبيات القبلية والجهوية والمذهبية ، نقول لهم: إن انحداركم هذا لن يزيدنا إلا علواً ، ونحذركم من غضبة شعبية تقتلع إفككم من الجذور ، إن كنتم لا تتقون الله .

لا يغرنكم ما كان من تعز وإب ، فقد كان الناس يظنون بكم الخير ، أما اليوم فقد بانت أنيابكم ومخالبكم ، وأظهرت رياح الحرية عوراتكم المهترئة بعد أن مزَّقت أوراق التوت .

 إن (تعز) تعزُّ على الفساد ، و (إب) تأبى الاستبداد ، لقد تعلم الشباب في تعز الشموخ من جبل صبر ، واستمد شباب إب الثبات من جبل بعدان .

فإذا أردت أيها الحاكم أن يعود الشباب إلى بيوتهم ، فالطريق واضحة بينة وهي أن تعود إلى بيتك ، وبدون ذلك لا تطمع في أي تزحزح إلا بقدر طمعك بتزحزح جبل نقم من صنعاء ، وإلا فأزل جبل صبر من مكانه ، واقتلع جبل بعدان من جذوره!.

مهما بلغت الاستفزازات فلن نتخلى عن أخلاقنا وما جُبلنا عليه من طبائع جبالنا ، إذ سنظل رابطي الجأش كجبل صبر ، جميلي المنظر والمخبر كجبل بعدان ، لا نحمل لكل إخواننا شمالاً وجنوباً إلا خضرة الخير والعطاء ، خضرة الجمال والبهاء ، خضرة المودة والسلام .

لا ندري ما الذي دهاك حتى نسيت أن تعز وإب يشكلان مضغة الجسم اليمني الذي بصلاحها يصلح وبفسادها يفسد .

إن تعز هي عقل اليمن وإب هي قلبه النابض ، وكلاهما يصنعان مقياس (ريختر) لقياس عافية اليمن وقوة النظام الحاكم ، إنهما يشبهان مصر والشام بالنسبة للوطن العربي ، ومادامتا قد استيقظتا فما عليك إلا الرحيل حتى تجسد الحكمة اليمنية ولو في هذا الوقت بدل الضائع .

لا شك أنك تعرف أن بعض أبناء إب وتعز هم من نسجوا لك ثياب الديمقراطية ، وفصَّلوا لك دستوراً مرناً يناسب مقاسك ومزاجك ، وسوَّقوك عند بقية أبناء الشعب ، وبعد أن فاض الكيل فإن هؤلاء هم من سيعيد الأمور إلى نصابها والمياه إلى مجاريها والحقوق إلى أصحابها .

أو لم تدخل إلى بيت السلطة من باب تعز؟.. فكذلك أنت خارج منه ، ولكن أنت من سيقرر بأي تكلفة ، وأنت صاحب المصلحة في الاحتفاظ بما بقي معك من رصيد منحتك إياه الأقدار والحظوظ عندما كنت أول رئيس لدولة الوحدة .

 تعز هي التي منحتك أحمد الأصحبي وإب هي التي أهدتك عبدالسلام العنسي وهما من أسسا لك المؤتمر الشعبي وذللا لك سبل الأحزاب ، وقد كافأتهما بأن أدخلتهما في بيات شتوي وهما مازالا في ربيع أعمارهما وأفكارهما ، هل لأنهما لم يطيقا تجمير المباخر؟.. ومهما يكن الأمر فقد حان الوقت لتبيت حيث باتا .

سيدفع أهالي إب وتعز كفارة خطيئة الانحياز إليك ، فهاهم أبناء تعز يدفعون ثمن استكانة عبدالعزيز عبدالغني ، ومهانة سلطان البركاني الذي دعا الله أن يسقيه من حوضك ، وتزوير عبده محمد الجندي وياسين عبده سعيد اللذين باعا لك المعارضة ومنحاك (شيكاً) مفتوحاً بدون رصيد لتسجل فيه ما تريد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية .

ولن يتردد أهالي إب في دفع ثمن مكر عبدالكريم الإرياني في خدمتك ، وتفاني صادق أبو رأس في ترضيتك ، وتهافت المشائخ للولوج في بابك .

إن إب اليوم تنتصر لآبائها ورموز إبائها ، مثل: الشيخ حسن الدعيس فيلسوف الثورة الدستورية سنة1948م ، والقائد علي عبدالمغني مؤسس تنظيم الضباط الأحرار ومفجر الثورة السبتمبرية سنة 1962م ، والقاضي عبدالرحمن الإرياني أحد آباء الثورة اليمنية والرئيس الجمهوري الثاني ، ورائد الثقافة المعاصرة د. عبدالعزيز المقالح ، ورائد العمل التعاوني الشيخ محمد حسن دماج ، ورائدي اللقاء المشترك: الشهيد جار الله عمر والاستاذ محمد قحطان .

وتعز على موعد مع أعلام عزها ، حيث انحازت لقيم الشرف والبطولة والتضحية ، متجسدة في الشيخ أحمد محمد نعمان الذي عَدَّهُ الزبيري أباً للثورة اليمنية برمتها ، والشيخ محمد علي عثمان أحد رموز الشرف والشهادة ، إضافة إلى مؤسسي الحركات السياسية التي أوجدت الحراك والتدافع الذي أوصلنا إلى هذا القدر من الوعي ، وعلى رأسهم مؤسس حركة الإخوان المسلمين عبده محمد المخلافي ومؤسس الحزب الاشتراكي عبدالفتاح اسماعيل .

 إن تعز وإب هما صاحبتا القدح المعلى في معارك الوعي والثقافة ، وحروب الحقوق والحريات ، فلا ميدان من ميادين الثقافة إلا ولهما فيه نصيب الأسد .

ونضرب المثل بالقصة اليمنية ، فرائداها من تعز وإب وهما محمد عبدالولي وزيد مطيع دماج ، أفلا يحق لأهاليهما اليوم أن يكتبوا نهاية قصة الاستبداد وخاتمة الفرعنة والفساد؟

إننا نكفِّر اليوم عما فاتنا ، وعما فعله السفهاء منا ، فها نحن نعفِّر وجوهنا بتراب ساحات الحرية ، لنكفر عما جنيناه في حق تراب هذا الوطن الذي منحنا خيره ومنحته سلطتنا شرها ، ونحن صامتون..

إننا نرفع أصواتنا بالهتاف لهذا الوطن حتى تبح ، لأننا صمتنا عن مظالم السلطة الغاشمة ضد هذا الوطن ، بل ومنا من أدمن الهتاف للمستبد: بالروح بالدم... نعرق تحت أشعة الشمس لأننا لم نعانق أشعة شموس الحرية ولم نشْتَم عبقها ، نكابد البيات في ليالي الساحات المفتوحة ، لأننا قبلنا العيش في ظلمات العبودية .

بدمائنا (الحمراء) الفانية سيزول نظام قرية (بيت الأحمر) ، وهي الدماء التي سالت في محاريب المظاهرات السلمية ، وقبلها على صلبان التحريش بين الأحزاب والقبائل والمناطق ، وكذلك في معارك استيلاء الوحدة التي يكاد الاستبداد أن يئدها ، وأخيراً في معارك الدفاع عن أراضينا التي يغير عليها رموز الفساد من النكرات التي صارت أعلاماً ، والأقزام التي تعملقت ، والقطط التي سمنت من المال العام حتى تنمرت ، بعد أن ركبت على خيول النظام واستقوت بسطوة السلطة .

وأقبح دمائنا التي سالت وتحتاج إلى تطهير ، الدماء التي أريقت في إب بسبب التزاحم على حملتك الانتخابية في الاستاد الرياضي ، والتي سقطت عند طوابير الاستقبال لمواكبك في تعز ، فلا تظنن أن الناس سيضنون بدمائهم للتطهر من أدرانهم ، فإذا كانوا دفعوها مقابل قضية بخسة أفلا يدفعونها من أجل أمور جليلة تتصل بالسعادة الدنيوية والفوز الأخروي؟

وأخيراً نطلب منك أيها الرئيس أن لا تمنَّ علينا بالطوب الذي زعمت أنك بنيت به الوطن ، ونتمنى منك أن لا تصدق المنافقين الذين فرعنوك وأوردوك المهالك ، مثل ذلك الأفَّاك الذي ألَّهك ، فلم نكن قبلك عدماً ، ولن نكون بعدك ندماً ، ولأن الصورة لا تنافق ، نتمنى أن تعود إلى إرشيف الصور لترى كيف كنت قبل جلوسك على الكرسي وكيف صرت ، أما نحن فنعرف كيف كنا وكيف صرنا بعد ثلاثة عقود عجاف من حكمك النكد!.

*رئيس منتدى الفكر الإسلامي ..أستاذ الفكر الإسلامي السياسي بجامعة تعز..


في الإثنين 07 مارس - آذار 2011 04:10:22 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=9365