مَنْ الخائن : عبيدة أم الحكومة ؟!
كاتب/محمد الشبيري
كاتب/محمد الشبيري

لستُ أدري ما إذا كان هنالك قانون \" استثنائي \" يمنح رئيس الجمهورية الحقَ في استباق التحقيقات في أي قضية ما منظورة لدى القضاء، بل وشكّل الرئيس نفسه لجنة لتقصي الحقائق فيها، كقضية مقتل الشبواني.

كلام رئيس الجمهورية حول ملابسات مقتل أمين عام المجلس المحلي بمحافظة مارب جابر الشبواني أسخط الجميع، لا سيما قبيلة عبيدة، فليس من المعقول أن يتهمك رئيسك بالخيانة في قضية قتل أحد ابنائك.

فجابر الشبواني (ابن عبيدة وابن مأرب) قبل أن يكون مسئولاً محلياً أو حتى أمنياً، ولا يستساغ كلاماً كهذا الذي قاله الرئيس من أنّ أطرافاً في عبيدة امتدت أياديها إلى الشبواني، إلا إذا كان الهدف من ذلك اشعال فتيل حرب بين القبائل ومن ثمَّ التمويه على القضية ونجاة المجرم الحقيقي... واستبعد أن يكون هذا هو مغزى حديث الرئيس !

النتائج التي اتحفنا بها الرئيس غاية في الخطورة إذ باتت قبيلة عبيدة التي ينتمي إليها الشبواني \" خائنة \" في نظر الرئيس، خائنة هكذا مرّة واحدة، وهي تهمة كبيرة توازي تهمة القتل، وربما أكبر .

وقال صراحة \" هذا الشهيد البطل كان من خيرة الشباب المناضلين الذين يقارعون الإرهاب ولكن يد الخيانة أمتدت، والتحقيقات جارية حول ملابسات استشهاد المناضل الكبير جابر الشبواني بضربة جوية نتيجة خيانة واضحة من داخل وادي عبيدة\". إذاً ما دامت التحقيقات جارية فلماذا تكيل التهم للآخرين .

ولمن لا يعرف عبيدة فهي قبيلة مثل غيرها من قبائل اليمن، لا تمتلك طائرات حتى يتهمها الرئيس بانها ضربت الشبواني من الجو أو حتى خانته !

الوضع الطبيعي أن تتهم عبيدة \" مثلاً \" سلاح الجو اليمني الذي يقوده الأخ غير الشقيق للرئيس (محمد صالح الأحمر) بانتهاك كرامة ابنائها وقتلهم عمداً بالطائرات.. لكن القبيلة كانت اعقل من الدولة، وهي في انتظار نتائج لجنة تقصي الحقائق، رغم استغلال البعض لأجواء الفوضى والاقدام على تخريب بعض المنشئات وهي اعمال لا يقرها شرع ولا عرف قبلي مهما كانت المبررات .

هذه الاتهامات وإن بدت للبعض كلاماً عابراً للرئيس لدغدغة مشاعر \" ذوي القتيل \" بدعوى الاهتمام بقضاياهم، لكنها بالنسبة لنا تمثّل انتهاكاً صارخاً لحقوقنا وكرامتنا، وليس من حقنا السكوت عليها أو تجاهلها .

كان الأحرى بالرئيس أن ينتظر التحقيقات، إنْ كانت ثمّة تحقيقات جديّة في الموضوع، وألا يوزع تهمه يميناً وشمالاً على أبناء وطنه مشهّراً بالجميع أمام وسائل الاعلام وكأن الأمر مجرد مزحة عابرة !

من حق الرئيس أنه يقول انه \" سينتقم من قتلة الشبواني \" كما هو حق للشبواني أيضاً كمواطن يمني. ومن حق الرئيس ألا ينام _ كما قال _ إلا \" بعد أن يأخذ بثأر المناضلين \"، ليسهر الرئيس كيفما يشاء، فهذا واجبه تجاه مواطنيه، وليقتص من الجناة اينما كانوا، لكننا لا نرضى أن يتهمنا جزافاً بالخيانة هكذا على روؤس الملأ.

هل يريد الرئيس أن يقول أن عبيدة خائنة لانها ارسلت طائرة بدون طيّار لقتل الشبواني ؟ أم أن عبيدة خانت لأنها سمحت لطيران الجو الأمريكي بالتحليق في الأجواء اليمنية وقتل المواطنين ؟ هل تمتلك عبيدة شرائح إلكترونية يتسنى للطائرات تحديد مواقع المطلوبين من خلالها ومن ثمَّ ضربهم ؟ وهل يُراد من عبيدة أن تحل محل الدولة وتراقب الأجواء اليمنية ؟ فالمنطق يقول ان مقتل الشبواني لا يحتمل سوى سيناريوهين اثنين فقط أما الحكومة اليمنية أو امريكا، وفي كلا الحالتين هناك خيانة رسميّة، \" خيانة عظمى \" من قبل من جعلوا الشبواني وسيطاً بينهم وبين القاعدة وبالتالي طعماً لهم، أو أن هنالك \" خيانة عظمى أكبر\" هي في التواطؤ في استباحة الأجواء اليمنية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية دون رقيب أو حسيب، وفي الحالتين يكون الخائن الحكومة ... وليست قبيلة عبيدة !

أخيراً : يعلم الله كم كنتُ اتحاشى الكتابة في مواضيع كهذه لا لشيء، إلا لأنها قد تُفهم من قبل البعض \" مناطقية وقبلية \" وهي ما لم تكن في حساباتي، لكن لم يكن أمامي إلا خياراً واحداً وضعته بين ايديكم .

shubiri@yahoo.com


في الجمعة 04 يونيو-حزيران 2010 08:39:36 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=7262