إتفاق المشترك والحوثيون هل سيعزز السلام
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

يدرك الجميع الثمن الباهض للحرب في صعدة من إزهاق أرواح عشرات الآلاف من أبناء اليمن ، إزهاق الروح الواحدة منها هو قتل للناس جميعاً وجرم يهون أمامه هدم الكعبة بيت الله حجراً حجراً كما أن تشريد الآمنين من منازلهم وتدمير المنازل والممتلكات وحرق مزارع الرمان والعنب هو مأساة ووصمة عار سيسجلها التاريخ في صفحاته السوداء وسينصب لصناعها محكمة قاسية فالتاريخ لا يرحم كما لم يفلتوا ممن محكمة العدالة الإلهية في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون فهناك الحاكم العادل رفعت الأقلام وجفت الصحف كم من أسر كانت عزيزة آمنة في بيوتها تبدل حالها ذلاً بعد عز وتشرداً بعد استقرار وخوفاً بعد أمان ؟!

وكم من أطفال في عمر الزهور وشباب في ريعان شبابهم قتلوا ؟!

إنها الحرب قهر الرجال وذل النساء ومقبرة الطموحات ومدفن الأحلام والآمال.

حملت ست مرات سفاحاً وتمخض حملها مولوداً مشوهاً مخيفاً حول مدينة السلام ولبنان اليمن إلى أطلال ومتارس وقبور وجعل في كل منطقة شهيداً وفي كل قلب جرح .

كما أن الحرب تبقي البلد في حالة من الفوضى والخوف والقلق وتعرضها لكل الاحتمالات والتدخلات الأجنبية والمشاريع الصغيرة وتعطي الحكومة المبررات والذرائع التي تعفيها من القيام بواجباتها تجاه الوطن وأبنائه .

· لماذا هذا السلام الهش المنقوص ؟!

رحبنا بقرار إيقاف الحرب وفرحنا من أعماق قلوبنا به لكن السلام في صعدة مازال هشاً وعرضة للانهيار ومازالت جهود لجنة السلام تسير بخطى بطيئة جداً إن تكن قد توقفت نهائياً ومازلنا نسمع عن انتهاكات وخروقات ومواجهات متقطعة في محور سفيان وتعنت من قبل الحوثيين في تسليم السلاح والنزول من المواقع واستكمال نزع الألغام فلماذا يبقى السلام هشاً ومنقوصاً إلى هذه الدرجة رغم أن الحوثيين قبلوا بالشروط بل والتقى الرئيس بقيادات منهم فماذا وراء الأكمه ؟!

وحسب مصادر مطلعة فقد كان للحوثيين شروط سرية قبل بها الجانب الحكومي بشكل سري ولم ينفذها لهم حتى الآن وتتخوف السلطة من ردة الفعل المحلية والدولية من إعلان هذه الشروط خاصة وأن الحوثيين قبلوا بالشروط وأوقفوا إطلاق النار بناءاً على ضمانات قطرية حيث ناقش أمير قطر مع الرئيس علي عبد الله صالح سبل تنفيذها والوفاء بها خلال زيارة الأخير للدوحة مؤخراً ولا يعتقد الكاتب أن هذا الأمر يحتاج إلى كثير من الدهاء السياسي والقرب من المصادر المقربة من صانعي القرار أو ضرب الرمل وفتح "المندل" و"شمس المعارف" ليدرك حقيقة كهذه فقد سبق وأن أشار الكاتب في تحليل نشرته صحيفة "السبيل" الأردنية إلى أن قرار وقف الحرب جاء مفاجئاً في وقت صمد فيه الحوثيون وكانت كل التصريحات الرسمية تؤكد على الحسم العسكري واستئصال المتمردين وتطهير الوطن منهم واستحالة الحوار معهم إلى آخر تلك المفردات التي تبخرت عقب قرار وقف الحرب الذي جاء مفاجئاً وغامضاً وحوله الصحفيون والمحللين في ظل غياب المعلومات والحقائق وحضور الغموض والشائعات

· أسباب تعثر جهود السلام 

هناك جملة من الأسباب والعوامل التي أدت إلى تعثر جهود السلام في صعدة أهمها من وجهة نظر الكاتب :

1- غياب الإرادة السياسية الفاعلة في إحلال السلام وغياب الحوار الجاد بين السلطة ومختلف الأطياف السياسية وانفراد السلطة في الإمساك بزمام ملف صعدة وغياب الإجماع الوطني في مناقشة القضية وكشف كل أوراقها للشعب كطرف أساسي في الحرب والسلام جرى تغييبه وحجب المعلومات عنه وإشغاله بهمه اليومي بعد إقصاء المعارضة الفاعلة من الشراكة السياسية ومواقع التأثير ومنابر الإعلام .

2- وجود اتفاقات سرية بين السلطة والحوثيين جعلت الأمور تسير في قنوات سرية تصفو وتتعكر بحسب ما يدور وراء الكواليس .

3- وجود تجار للحروب يعملون على تخريب جهود السلام وعرقلتها بشتى السبل والوسائل .

4- انتهاج السلطة لسياسة إدارة البلد بالأزمات بغية إعفائها من القيام بواجباتها تجاه الوطن وضرب القوى المعارضة الفاعلة وكسب الدعم الخارجي وتهيئة الأجواء للتوريث .

5- وجود عناصر حوثية كثيرة طافحة بتعبئة عقائدية وقد ألفت جو الحرب وتنظر للسلام على أنه يفوت عليهم الفرصة لقتل أعداء الإسلام وعملاء اليهود والأمريكان من أبناء الجيش ومناصريهم .

· اتفاق المشترك الحوثيين هل سيعزز السلام ؟

وأنا في هذا المقام مع تواصل المشترك مع الحوثيين والإتفاق الذي تم مؤخراً بين الطرفين إذا كان هذا الإتفاق سيؤدي فعلاً إلى تعزيز جهود السلام ومنع عودة الحرب في صعدة والعمل على تسريع وتيرة إعمارها وعودة أبنائها المشردين أما أن يكون هدف هذا الإتفاق هو مجرد إيصال رسالة لأطراف بعينها أولها السلطة فهذا أمر لا يتجاوز كونه مناورات سياسية ورسائل مشفرة بين السلطة والمعارضة وندعو قيادات المشترك إلى ترجمة تصريحاتها في هذا الصدد إلى واقع عملي حيث نطلب منها النزول الميداني إلى صعدة والإشراف على تنفيذ الحوثيين للنقاط الست والتنسيق بين الجهات الرسمية الحوثيين كطرف محايد ومراقب واستكمال خطوات السلام ولعل الأيام القادمة ستفصح عن أهداف هذا الإتفاق ومقاصده وكنت أتمنى على الإعلام الرسمي أن لا يبادر إلى مهاجمة هذه الخطوات قبل أن يختبر جدية المشترك وجهوده في أرض الواقع. 

· لنقطع الطريق على تجار الحروب:

أدعوا في هذا المقام كل أبناء الوطن المخلصين والشرفاء لبذل أقصى الجهد للحيلولة دون حرب سابعة فالوطن لم يعد يتحمل حروباً فقد كبرت المشاكل وتفاقمت الأزمات وأصبحنا كيمنيين في وضع لا نحسد عليه وأجمعت التقارير والدراسات الغربية والشرقية والجنوبية والشمالية على خطورة الوضع باليمن مما يتوجب على السلطة في المقام الأول أن تتخلى عن عنادها وتعترف بالمشاكل والأزمات وتدعو الجميع إلى حوار وطني جاد بإرادة سياسية فاعلة وتهيئ الأجواء لهذا الحوار وتكف عن بث خطاب التخوين والكراهية والاتهامات والشتائم في إعلامها الرسمي الممول من ثروات الشعب وتضع قضية صعدة أمام إجماع وطني وتحقق العدالة والمواطنة المتساوية وتكفل للمواطن حرية التعبير والعيش الكريم وتعمل على إزالة المظالم وتخفيف منابع الفساد ورد الحقوق والأراضي المنهوبة والوظائف المصادرة إلى أهلها حتى يتوقف النزيف وتستقر الأوضاع ويعود المشردون وتبدأ معركة البناء وإزالة آثار الحرب وإعمار صعدة وتضميد جروح أبناء الوطن وفتح صفحة جديدة قبل أن تموت الأحلام وتغلق نافذة الأمل.

Amrany22@hotmail.com

 
في الأربعاء 21 إبريل-نيسان 2010 07:57:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=6941