اليمن دولة مانحة في مؤتمر الرياض....2
مجدي منصور
مجدي منصور

يجب قراءة الجزء الأول لتكتمل الصورة!

يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة تقدم مساعدات مالية سنويا إلى الجمهورية اليمنية والحقيقة أن الجمهورية اليمنية هي من تقدم مساعدات مالية سنويا إلى الولايات المتحدة. وهذه ليست مزحة ولكن حقيقة مبكية! ستتضح بالتفصيل في الفقرات القادمة!

يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة هي من تقدم مساعدات إلى المملكة الأردنية الهاشمية، والحقيقة أن المملكة الأردنية، رغم شحة مواردها، هي من تقدم مساعدات مالية سنويا إلى الولايات المتحدة.

يعتقد الكثيرون أن جمهورية مصر العربية تتلقى ثاني أكبر مساعدة مالية من الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والحقيقة أن مصر هي من تقدم مساعدات مالية إلى الولايات المتحدة، بينما الشعب المصري أولى بهذه المساعدات!

عندما تفكر الإدارة الأمريكية، بمشاريع أمنية أوعسكرية أو اقتصادية أو غيرها من المشاريع التي تخدم مصالح إسرائيل في الشرق الأوسط، فإنها تضع تقديرا لميزانية هذه المشاريع، وبذكاء صهيوني بارع تستطيع أن تفرض على أكثر من دولة عربية المشاركة في دفع هذه التكاليف، ودون أن يشعر أحدا بذلك!

وهذه الإدارة لا تقوم بجمع الأموال فقط من دول الخليج، بل إنها أيضا تفرض على أكثر الدول العربية فقرا رسوم، ولو بشق تمرة!

تبدأ الولايات المتحدة بالانفاق على مشاريعها في الشرق الأوسط، وتقوم بتسمية هذه النفقات مساعدات مالية تنموية وعسكرية وأمنية إلى الدول العربية، ثم تقوم الدول العربية بدفع الجزء المتبقي المفروض عليها، ومن أجل أن يتم ذلك بسلام ودون معارضة داخلية عربية فإن هذه الدول العربية تتبنى هذه المشاريع الأمريكية بإصباغها بالصبغة الوطنية، وبالضرورة الأمنية، أو الحاجات التنموية! ثم تعلن في الصحف الحكومية عن شكرها وامتنانها للمساعدات الأمريكية الممنوحة لهذه المشاريع الوطنية!

ونجد بأن الصحافة الرسمية لبعض الدول العربية سريعا ما تقوم بتوصيف المشاريع الأمريكية المباشرة أو غير المباشرة على أنها مشاريع وطنية محضة، تخدم الوطن والشعب، وتقع أولا في صالح تلك البلدان! ولذلك فإنها تستحق كل هذه النفقات المخصصة من ميزانية الدولة!

وهنا مثال بسيط جدا:

 إنه ما يعرف بالمساعدات الأمنية والعسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، فالأمن الأردني وكما اتضح أخيرا في حادثة أفغانسان الشهيرة، يقوم بمهام خاصة لل CIA ، وبالتالي فإن الأدرن بالرواتب التي يصرفها لأولئك الضباط الأردنيين وبهذه الميزانية الكبيرة التي يخصصها من إيرادات الدولة لصالح المجال الأمني، يكون في الحقيقة قد قدم مساعدة مالية أردنية إلى الولايات المتحدة، فبدلا من أن تذهب إلى مجالات التعليم والصحة في الأردن، ذهبت لتخفف الأعباء المالية للمخابرات الأمريكية في مشاريع لا دخل لمصلحة الأدرن بها، بل تقع في غير صالحه على المدى البعيد والمتوسط! 

وها نحن نجد في الأردن قلة قليلة مصرة أن ما قامت به المخابرات الأردنية في أفغانسان هي مصلحة أردنية، وحماية للأمن القومي الأردني، وكل هذا الإصرار المفضوح، هو من أجل أن تستمر المساعدات المالية الأردنية إلى الولايات المتحدة ويعتقد العالم أن هناك مساعدات أمريكية إلى المملكة الأردنية!

 

وما يبكي هنا أن ما تشفطه ال cia من مخصصات التعليم والصحة في ميزانية المملكة الأردنية الهاشمية، عندما تجبر الأدرن على تقليل النفقات في تلك المجالات لصالح المجال الأمني، فإنها تقوم أمام العالم وأمام الرأي العالمي بإرجاع جزء بسيط منه وتسميه مساعدات مالية أمريكية تنموية إلى الأردن! 

المثال الآخر هو الجدار الذي تبنيه الحكومة المصرية:

لا يوجد شخص في الحكومة المصرية يريد تجويع أهل غزة، ولا يريد أي مسؤول مصري بأن يشوه صورة النظام المصري أمام الرأي العام المصري أو العربي!

ولكن اللوبي الصهيوني قرر وحسم، وأمر ببناء الجدار، وتكلفة الجدار باهظة، ولن تدفعها الولايات المتحدة كاملة، فهناك جزء من تكاليف الجدار ستدفعها الحكومة المصرية رغم أنفها، سواء من رواتب للمهندسين أو العمال، أو غيرها من النفقات الجانبية، ولكن كي يظهر دوما بأن الولايات المتحدة هي من تنفق وهي من تقدم مساعدات مالية، فسارعت أبواق حكومية لتعلن أن الجدار مصلحة مصرية بحتة!!!! وحماية للأمن القومي المصري!!! وقرار مصري 100%، ووصل الأمر والمهزلة إلى أن تظهر مببرات مثل أن الجدار سيحمي مصر من المخدرات! وبهذا الجدار ستنتهي مأساة المدمنين في مصر!! ولذا فإنه من غير المستبعد أن تفرض الولايات المتحدة على مصر أن تأخذ من المخصصات الصحية الخاصة بمكافحة المخدارت، وتخصصها لبناء الجدار!

وهكذا تكون الحكومة المصرية، قد قدمت مساعدات مالية إلى الولايات المتحدة، بدفع بعض نفقات الجدار، ولكن أمريكا في الصورة أمام العالم هي من تقدم مساعدات مالية لمشروع مصري يحمي الأمن الوطني المصري!!! 

 علما بأن هذه أمثلة بسيطة وسطحية! وإلا فهناك أمثلة أكثر تعقيدا، وتكون فيها بعض الحكومات العربية مخدوعة، وأحسب اليمن واحدة منها!

و علينا أن نفهم أنه عندما اعلنت الولايات المتحدة أنها رفعت مساعداتها السنوية إلى اليمن إلى 110 مليون دولار، علينا أن ندرك أن ما سيحصل في الحقيقة هو أن اليمن سترفع من مساعداتها السنوية إلى الولايات المتحدة، فهناك مشروعا أمريكيا جديدا في الجمهورية اليمنية ستدفع الولايات المتحدة 110 مليون دولار فيه فقط، وتدفع اليمن المتبقي! 

   
في الأحد 21 مارس - آذار 2010 12:31:25 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=6709