السلام من اجل اليمن
د: ناجي الحاج
د: ناجي الحاج

حين نتحدث عن السلام بلا شك فإننا نتحدث عن الشجاعة والثقه و ان صُناع السلام تختلف عن صُناع الموت ولذلك يجب ان نعرف من هو صانع السلام الحقيقي ومن يريد الاستمرار فى إزهاق الارواح وحتى لانذهب بعيداً وتحديداً فى بداية العام الجديد حين دعاء فخامة الاخ الرئيس على عبدالله صالح إلى الحوار وتغليب مصلحة الوطن والاحتكام إلى العقل وذلك ما افتتح به فخامة الاخ الرئيس فى الاول من يناير 2010م فى صحيفة الثورة قائلاً ( كنا نتطلع أن يكون العام الجديد بإذن الله بداية للصفح وفتح صفحة جديدة تتسم بالرشد والتسامح بين الجميع وان تستجيب فيها العناصر المتمردة في محافظة صعدة وبعض المديريات لصوت العقل في الجنوح للسلم والتخلي عن العنف وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة والالتزام بالشروط الستة التي وضعتها الدولة لإيقاف نزيف الدم والتي سبق إعلانها وهي :

- الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات وإنهاء التمترس في المواقع وجوانب الطرق .

- الانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شئون السلطة المحلية .

- إعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية .

- إطلاق المحتجزين لديها من المدنيين والعسكريين .

- الالتزام بالدستور والنظام والقانون .

- الالتزام بعدم الاعتداء على أراضي المملكة العربية السعودية .

والمتابع لقضية صعدة يلاحظ ان الدولة قد مدت يدها مراراً وتكراراً للسلام بالرغم من ان جميع اليمنيين يدركون ان هذه الشروط التى اعلنتها الدولة منذ بداية الحرب السادسه هى شروط أقل ما توصف بإنها مخففه وغير منصفةً مقارنه بالجرائم التى طالت البشر والشجر والحجر على ايدي المتمردين وما تبين لاحقاً من قصص يندي لها الجبين من بعض تلك الاحداث المأساوية والتى عانى منها ابناء صعدة قبل غيرهم ومع ذلك فقد كان حرص الدولة اكبر من تعنت الحركة الحوثية .

  لقد اشار كاتب المقال بداية الحرب السادسة فى مقال سابق إلى ما تتمتع به القيادة الساسية الحكيمة من بعد نظر وحرص على حقن دماء المواطنين من أبناء محافظة صعدة قوبلت بصلف وتعنت ورفض لتلك المبادرات السلمية حتى بعد بروز تلك الجرائم المروعه والقتل فى اوساط أبناء صعدة الذين رفضواالالتحاق بالتمرد لدرجة انة لم تستثنى الطفوله البريئة والتى حرص الحوثيون للحصول علىيها كوقود لحروبهم بتلك الارواح البريئة من الاطفال الذين كانوا يحلمون بحمل الحقائب المدرسية بدل الكلاشنكوف والاقلام بدل الرصاص والمساطر بدل الخناجر والسكاكين .

إلا ان الحوثيون كانوا يراهنون على انهم سيكسبون هذه الحرب مهما طال الزمن ضاربين بشروط الدولة عرض الحائط وبالشرائع السماوية الداعية إلى عدم الاسراف فى القتل واهلاك الحرث والنسل .

الرفض المتكرر لنداء السلام عبر شروط الدولة والتى لاتتضمن شرطاً واحداً يطالب بتسليم المقاتلين الحوثيين لسلاحهم الثقيل او المتوسط او تسليم انفسهم ليحاكموا محاكمة عادلة وانهم مواطنون من الجمهورية اليمنية ترك الناس فى حيرة وشك من عودة الحرب مجدداً .

مالجديد اذاً؟

الجديد فى الامر ان الحوثيون وبعد دخولهم واعتدائهم على اراضى المملكة العربية السعودية وما تكبدوا من خسائر فادحة فى الافراد والعتاد والحصار الذى اطبق عليهم وعدم تحقيق اهدافهم الخفية عن سر الاعتداء على الاشقاء والذى فسره كثير من الكتاب والمحللين بإن التمرد اراد فرض واقع جديد تخوض فيه المملكة تفاوض مباشر مع الحوثيون كقوة يجب الاعتراف بها وبنفس الوقت الهدف الاخر هو تأليب مواطنى الشعب اليمنى ضد جيرانهم فى العقيدة والجوار والمصير المشترك وبعضهم ذهب إلى ان الحوثيون يرديون تدويل قضيتهم وان اطرافاً اقليمية ستتدخل فى الوقت المناسب إلا ان ذلك كلة ذهب هباء منثورا .

لقد كان الاعتداء على الاشقاء فى المملكة العربية السعودية والذي فسره كثير من الكتاب والمحللين فى القنوات الفضائية بإنهم خطوة تدل على جهل بما تمر به المنطقة من ترتيبات ستساعد على تقوية اواصر العلاقة بين الشعبين العربيين المسلمين والذين خرجوا من هذه الحرب اكثر ايماناً ويقيناً من ان أمن المملكة واليمن كل لايتجزء وان اتحادهما معاً سيشكل جبهة صلبه ضد اخطار تهدد السلم العالمي برمتة .

وحقيقة لانلوم من يقول لو كانت سلطنة عمان قريبة من صعدة لنالها حظاً من العدوان الحوثي .

بعد الانسحاب من الاراضى السعودية كماقيل من اعلام الحوثيين وما نقضة تصريحات الامير خالد بن سلطان عن دحر التسلل اعلن الحوثيون قبولهم بشروط الدولة منقوصة وكان جل خطابهم يقول ان المتحدث دولة لها شروطها واجندتها ثم ضغطت الدولة بضرورة التسليم بالشروط كاملة وتم ذلك مؤخراً .

هنا فقط يجب ان يلتف الشعب اليمنى قاطبة تأييداً لحقن الدماء واعتقد ان الدولة قد استفادت من حروبها السابقة مع الحوثيون وانها لن تقع فى نفس الأخطاء السابقة خاصة ان هناك آليات تحدد سقفاً زمنيا لتنفيذ الشروط وبالتالي فلا داعي للخوف .

ويكفي ان نسأل من الله العلي القدير ان يهدي الحوثي واتباعه إلى المساهمة فى حقن الدماء والعودة إلى جادة الصواب فلا اظن من الحكمة ان يحارب المرء لمجرد انه يريد التخلص من اتباعه فيوردهم المهالك دون هدف منشود ولا غاية معروفة .

لن اكون هنا متشائما من ايقاف الحرب يقينا بإن الحرب السادسة قد خلفت الكثير من المآسي من ايتام و آرامل وثكالي فى كل جزء من الجمهورية اليمنية بينما تحولت صعدة إلى خرابة شرد اهلها ومن لم يحالفه الحظ بالهروب كان درعاً بشريا يحتمى به الحوثيون .

ان الحرب وإن كانت هدف لتصحيح الاعوجاج إلا انها آخر الوسائل وكما يقولون آخر العلاج الكي ولن اتسأئل عن مصير شعار الحوثي لانه بلا شك كان كالصرخة الخطأء فى المكان الخطاء ولن اقول ان الحرب التى شنها الحوثيون كانت بإيعاز من الخارج او حربا بالوكالة فلم يتحقق لهم شيئا سوى الخراب والدمار وصدق شعارهم المبتدئ بالموت .

وهنا يجب ان لاننسى ان نقدم اسمي عبارات الشكر والعرفان إلى اؤلئك الشجعان من ابطال القوات المسلحة والامن فى كل مواقع البطولة والفداء فى السهول والجبال والوديان الساهرين على حماية هذا الوطن وهى خاصة للمرابطين فى هذه الحرب التى اختلفت كليا عن الحروب السابقة من حيث التكتيك القتالي واعادت إلى الاذهان التأكيد بإنهم صخرة صلبه تتحطم عليها كل المؤامرات والدسائس التى تحاك بالوطن فلا عجب ان يبادلهم الشعب الوفاء والحب بإرسال سلسلة القوافل الشعبية محملة بإنواع شتى من الدعم و التى مثلت كل ابناء الجمهورية اليمنية وهى تصل إلى المقاتلين الابطال فى مواقع الشرف وإلى النازحين فى معسكرات الايواء فى صعدة وعمران وحرض .

ونوجة النداء فى الختام للحوثيون إلى استغلال نداء السلام وان يتطلع الجميع بإن الانتصار الحقيقي هو للوطن ولقيم الخير والعدل والتسامح بعيداً عن التمترس والتخندق وراء المواقف المتعصبة والمتشنجه وبلا شك فإن هناك قواسم ونقاط يجتمع الجميع حولها .

واذا ما آمن الجميع بالجمهورية اليمنية والحفاظ على النظام والدستور والوحدة فإن بقية القضايا ستكون قابلة للطرح والنقاش والخروج بحلول فهناك الكثير مما يمكن ان يجتمع حولة جميع الفرقاء فى الساحة السياسية على ان يكون الوطن أولاً وثانيا وأخيراً .

 * أستاذ مساعد بجامعة صنعاء. باحث فى التقنية الحيوية وتقنية النانو


في الجمعة 12 فبراير-شباط 2010 07:27:32 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=6502