ماذا يريد الغرب من إيران؟!
د. محمد معافى المهدلي
د. محمد معافى المهدلي

عكّرت دولة إيران على الغرب وأميركا على وجه أخص حب السيطرة والتسلط وهناء العيش وطيب الحياة، وباتت إيران تشكل همّا وقلقاً أميركيا، وكابوساً مزعجاً للسياسة وللساسة الأميركان والحلفاء، بشكل لا يخفى على أحد.

ما يهمنا في هذا المقام هو الحديث عن مستقبل العلاقة الإيرانية الغربية ، ومدى هي نقاط الاختلاف والافتراق بين المشروع الأميركي والإيراني ؟!

وما محل المنطقة العربية والإسلامية والشرق الأوسط بشكل أخص من علامات الإعراب الأميركي والإيراني على حد سواء ، في ظل التصارع بين قوى المعسكرين الإيراني والأميركي؟.

يمكننا ابتداءً أنْ نفهم بشكل جلي أن سر العلاقة المتوترة على الدوام بين دولة إيران والغرب يرجع في مجملها إلى ما يأتي:

1) أنّ دولة إيران ليست دولة عربية ، بمعنى أنّ إيران دولة حرة تتمتع بكامل سيادتها ، وليست على ذات النسق الأميركي ، وهي مع ذلك ذات مشروع في المنطقة لا تخفى على أحد أهم معالمه وحدوده .

2) إيران دولة ديمقراطية شاذة في المنطقة العربية ، فالمنطقة العربية برمتها لا تكاد تجد فيها دولة تحترم الحريات أو الكرامات لشعوبها ، أو تقوم على أساس الاختيار الحر للحكام ، بل نعلم جميعا أن معظم الزعماء العرب يخوضون الانتخابات الرئاسية بلا منافس ، وإن وجد هذا المنافس فهو لا يُسمح له بالمنافسة إلا بشرط أن يردّد في كل مهرجاناته أنّ الأفضل للوطن والمواطن هو اختيار الرمز الوطني فخامة الرئيس ، أو في بعض الأحيان تجرى الانتخابات \"الحرة والنزيهة\" في أجواء من السرية التامة ، أو يمنع المواطنون من الإدلاء بأصواتهم ، بشكل أو بآخر ، كما جرى في دولة عربية ديمقراطية كبرى ، ثم تعلن عبر وسائل الإعلام بعد بضع ساعات أنه أجريت انتخابات وفاز صاحب الفخامة بالرقم الذهبي المعروف 99.99% .

هذه الصورة البائسة جدا للديمقراطية العربية للأسف ليست موجودة في إيران ، بل رأينا التنافس الرئاسي على أشده بين نجاد وموسوي ، ورغم التنافس الشديد بين الرجلين إلا أننا لم نسمع مثلا أن موسوي سُجن أو اعتقل ، كما جرى مثلا لأيمن نور الرجل الذي سولت له نفسه منافسة الرئيس حسني مبارك فلم يستيقظ إلا وهو في السجن ، حيث لبث في السجن بضع سنين ، وربما يعود الآن إلى سجنه مرة أخرى ، فور بدء الانتخابات الرئاسية المصرية ، كأنموذج فريد من نوعه للديمقراطية العربية !!!.

3) إيران ليست بلد المسرح والسينما وبيع الفساد المقنن ، كما هو الشأن في عموم المنطقة العربية ، بل رأينا دولة إيران تشد السير قدماً نحو السلاح النووي ، (وبالطبع للأغراض السلمية ) وكل يوم نسمع عن تطور ما للسلاح الإيراني ، وكلما أطلقت إيران صاروخا متطوراً أطلق العرب بدورهم نجماً لامعاً من نجوم الفن والهراء والتخدير، وبالطبع فإنّ الصواريخ الإيرانية تزعج أميركا وإسرائيل بخلاف النجوم العربية ، فالفرق لا يحتاج إلى شرح أو بيان وإيضاح.

4) إيران ذات مشروع يزاحم المشروع الأميركي في المنطقة ، سواء في العراق أو لبنان أو غيرها من البلدان العربية ، فيما العرب السائمة لا مشروع لهم ، إلا اللهم مشروع القمع والمصادرة للحريات والسير في ركب المشروع الأميركي في المنطقة ، وبالتالي فلا بد أن ينشأ الصراع بين المشروعين أعني المشروع الأميركي والإيراني ، أما العرب فلا مشروع لهم أصلا ، ولك أن تتساءل - أيها الحليم – ببراءة متناهية : ما ملامح المشروع العربي في العراق أو فلسطين أو الصومال أو اليمن ، أو أفغانستان أو غيرها من البلدان العربية والإسلامية ، ستجد أنه يرتد إليك البصر خاسئا وهو حسير!!!.

5) أضف إلى كل ما سبق وقوف دولة إيران إلى جانب القضية الفلسطينية واللبنانية بوجه من الوجوه، وهو ما لا يسر اللاعب الأميركي والغربي ، وما فعله الإيرانيون مع المقاومة الأصيلة، لم يفعله النظام العربي الذي أسلم - متبرعاً - المقاومة إلى عدوها ، بل وقدّم الأموال الباهضة والدعم المتعدد والمختلف الأشكال في سبيل إجهاض المقاومة ووأدها .

إذن في هذا الإطار يمكننا أن نفهم سر العلاقة غير الحميمة بين الإيران والغرب ، فلكلٍ وجهة هو موليها .

إنّ أميركا وإيران مثلهما كمثل أسدان يتصارعان على صحفة ملأى ، كل يريد أن يظفر منها بقدر أكبر من الأنصار والأتباع ومن الخيرات والبترول والثروات العربية ، التي للأسف لم يتمكن العرب من الاستفادة منها أو استثمارها ، نتيجة غياب أو تغييب القرار السياسي العربي الذي يقبع في فنادق الغرب ويترنح لدى أنديته وحدائقه ، إلى أجل غير معلوم .

 

إنّ القيادة الإيرانية الحالية بشقيها ، السلطة والمعارضة ، أتوقع أن تتمكن من الانتصار على خلافاتها الداخلية وأن تحسم أمرها ، فجميع الإيرانيين يدركون أن الخطر الخارجي بات يهددهم جميعاً ، كما أتوقع أن تتمكن القيادة الإيرانية من احتواء أزمة الديمقراطية ، كما أنّ الغرب لن يتمكن من شق الصف الإيراني أياً ما يكن الأمر ، ذلك أن الإيرانيين يفقهون جيدا الثمار المرة من التنازع والاختلاف ، وأن الفشل الذريع سيكون النتيجة الحتمية في حال ما إذا تمكن الشقاق والاحتراب والصراع من الجسد الإيراني .

ختاماً : نحب لإيران القوة والصمود ووحدة الصف وجمع الكلمة ، ونحب لها أن تعود إلى فضاء أمتها الرحب والواسع الذي يسع كل أبناء الأمة بمختلف طوائفهم وتوجهاتهم ، و نحب أن تكون إيران لبنة خير وبناء في جسد الأمة الإسلامية ، يصلح ولا يفسد ويبني ولا يهدم ، ونتمنى أن تراجع دولة إيران مشروعاتها وطموحاتها السياسية في التوسع والسيطرة ، وأن تكون في صف أمتها ودينها وتراثها ، وهو الأمل المنتظر ، والله المستعان ،،، والسلام ،،

Moafa12@hotmail.com

 
في السبت 04 يوليو-تموز 2009 07:51:13 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=5521