لا تلعن الظلام
ريان الغزالي
ريان الغزالي

لن تجد شعبا من الشعوب راضيا عن الحياة التي تحيط به من حوله , سواء كانت اجتماعية او سياسية او ثقافية , وكثيرا ما تكون التبرُّمات والانتقادات سواء من وضعٍ هنا او فسادٍ هناك و هذا لا يكاد يخلو منه بلد عموما وبلد عربي خصوصا .

ولكن يكاد يكون من النادر أن نسمع شخصا يرسم طريق الخلاص ويرمي بطوق النجاة للآخرين متجرداً عن أي نزوات نفسية او مطامع دنيوية , حتى غاب من بيننا \" او كاد أن يغيب \" ذلك الصوت الصادق المحب المشفق الخالي من أي شائبة لا هدف له سوى نجاة أمته او شعبة والوصول إلى بر الأمان بوطنه .

إن إرادة التغيير مفعمة في قلب كل إنسان , لكن هذا الإنسان يتلفت حوله فيرى المثبطات كثيرة والقاعدون كثير والمُؤثِرون الدعة والسلامة أكثر والمتزلَّفون لا يحصى لهم عدد , فتفتر نفسه وربما يسير مع القوم حيث ساروا وهنا يموت الحق في مهده وتسقط القيم قبل قيامها ولن يقوم لها قائمة وكيف تقوم والقائمون بها أموات ؟ !.

لا بد لهذا التغيير من رجال يحركونه وقادة يدفعونه ويضحون من أجله ويستعدون لما يلاقون في سبيله , وهدفهم نبيلٌ عظيم إن دل على شيء فإنه يدل على سمو نفوسهم وقوه إرادتهم ورغبتهم بالموت أحرارا على أن يعيشوا عبيدا أموات الضمير والإحساس .

أقولها بملء فمي وقد يخالفني الكثير أن مشكلتنا ليست في حُكامنها وسياستهم \" وإن كان هذا جزاء كبيرا من المشكلة \" , ولكن مشكلتنا هي أنت أيه الإنسان عندما تفقد تلك المعاني التي جعلها الله تعلى في نفسك ورفعك بها - معاني العزة والعيش بكرامة والعيش للآخرين ونصرة قضاياهم والصبر على الأذى في سبيل مبدأ سامٍ في الحياة .

كم هم أولائك الذين يرون الوضع المزري في اليمن وغيره وربما يملكن قوله كلمة حق او عمل جريء يظهرون به صوت الاعتراض عن فساد في أي مكان , ولكن قد يؤثرون السلامه والبقاء في عالم الصمت القاتل لمشاعرهم وإرادتهم , ليتخذهم الكثير قدوة فتموت تلك المبادئ دون أن ترى النور وتبقى مواقف الأبطال وقصص الرجال العظماء الذين أعطوا دون أن ينتظرا الأخذ ستضل حبيسة التاريخ في قصص مؤثرة ومواقف بطوليه يرويها لنا القصَّاصون نرى أبطالها يُقدمون حياتهم في سبيل غاية يريدونها ثم إذا انتهت هذه القصة طوينا الكتاب \" أموات غير أحياء ..\"

كم حصدنا من نتائج لا تذكر جرَّاء سب وشتم الحكام العرب وشتم سياساتهم , حتى نسينا أن نصنع هذا الإنسان ونوقض المارد العظيم في نفسه ليبدأ هو التغيير ووضع المناسب في مكانه المناسب , \" نحن اليوم نشتكي من سياسات الحكومات ونغضُّ الطرف عن صناعة إرادة شعب هو الذي صنع هذه الحكومات ؟؟ ! \" .

لقد رأيت أناس يلعنون الظلام ولكنهم يحجبون النور بأيديهم ؟! لقد رأيت أناس يبكون من سياط الجلاد لكنهم هم الذين يصنعون لهم السياط !! لقد رأيت من يمسح دموع اليتامى وهو الذي كان سببا في يتمهم ؟! فإلى متى ؟؟ !

إن الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم ويؤثرون سلامتهم على أي شيء أخر هم أعداء أي تقدم وأعداء أي حضارة وأعداء أي رقي .

لو تربى الناس على التظحية في سبيل المبادئ وشاهد الناس قدوات يرونهم أمامهم واقعا لوجدت أبطالا يغيرون الأمة ويسيرون بها نحو التقدم والحضارة الحقيقية .

لقد شاهدنا في اليمن أبطالا ورجالاً صنعوا لليمن ثورته العظيمة حين لم يكن للواحد منهم سوى هم واحد يعيشه لأمته لا لنفسه فلو فكر الثُوَّار أن بعد ثورتهم دُم يسيل او رؤؤس تتطاير لما تحركوا ولكنهم حملو قلوبهم على اكفهم ونسجوا أكفانهم بأيديهم , وخاضوا بحر التضحيات وهم يعلمون الثمن انه غالي وليس رخيص لم يعيشوا لأطماع شخصية ولا نزوات فردية , فكان النصر والظفر والتمكين حليفا لهم فصنعوا ثورة وغيروا دوله وقادوا ركب التغيير في اليمن بمبادئ هم الذين صنعوها وقادوها بأنفسهم وقدموا في سبيلها التضحيات والدم والشهداء الذين لا عدد لهم .

ولنا أن نسأله هل وصل حالنا اليوم كذلك الحال قبل الثورة ؟! ولكن هل فينا رجال ثورة على الفساد وعلى المحسوبيات وو .

اسمح لي أيه لقارئ الكريم أن أقولها لك بكل صراحة انطلاقا من المثل القائل \" ما حك ظهرك غير ظفرك \"

لن تتغير اليمن وتثور في وجه الفساد والظلم إلا برجال يقودون زمام التغيير بكل تجرد ولول كانوا لوحدهم , يكون شعارهم لتذهب الوظيفة وتذهب القبيلة ويذهب الحزب بعيدا وتبقى مصلحة شعب بأكمله هي الإرادة التي نريدها في كل من يحمل هم التغيير في اليمن وبغير هذا لن نرى التغيير في اليمن .

أخيرا أقول :

إن للإرادة قوة ترهق ظلم المتجبرين ..

وإن للصمت سطوه يزيد ظلم الظالمين ..

وإن للكرامة ثمنا ..إلا يدفعه المؤمنون بها ..

لا تلعن الظلام ,, ولكن اوقد شمعة لتنهي الظلام بيدك ..

*صحفي – متخصص في الشؤون اليمنية

Gol1977@hotmail.com


في الإثنين 15 يونيو-حزيران 2009 07:36:33 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=5461