|
من اليقين أن مليشيات إيران الحوثية قادمة إلى زوال، ونهايتها محتومة، وذلك أمر قدري بإرادة الله، ثم بإرادة الشعب. كل معطيات الواقع والأرض تؤكد هذا اليقين، فلا يمكن لجماعة باتت نهايتها تمثّل إجماعًا في الوعي الجمعي لليمنيين، وفي مقدمتهم أولئك الذين يرزحون تحت سطوتها في مناطق سيطرتها.
فالبنية العقائدية للجماعة الحوثية الإرهابية لا تؤمن أصلًا بمفهوم الشراكة في الحكم، إذ إن من يعتقد أن السلطة "حق إلهي" لا يمكن أن يقبل بالشراكة أو التنازل عنها. لذلك فهي تعمل على تصفية كل شركائها، وهذه التصفية التي يراها البعض خيانة أو طعنة غدر، تراها الجماعة "تصحيحًا لمسار الحكم" الذي تزعم أن الله خصّ به قيادتها.
الشراكة، في نظر هذه الجماعة، ليست أكثر من منحة مؤقتة تُعطى للآخرين فقط ليقوموا بخدمة مشروعها وتعزيز سلطتها. وما جرى مع المؤتمر الشعبي العام وقياداته، وما يتعرضون له اليوم، وما ينتظرهم من عواقب، لم يكن أمرًا مفاجئًا أو بعيدًا عن طبيعة هذه الجماعة.
إنها جماعة قائمة على وهم "الوصية الإلهية"، تؤمن أن الإسلام ملكية خاصة لذرية تدّعي نسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتتجاهل أن الإسلام أنزله الله رحمة للعالمين لا أداة استعباد للبشر. بل تؤمن أن القتال والموت في صفوفها فريضة وجودية تعزّز بقاءها وتمكّنها من استعباد الإنسان في الأرض.
ومع كل ذلك، ما زال بعض المغفلين ـ أو المستغفلين ـ يتحدثون عن إمكانية الشراكة مع هذه الجماعة. والحقيقة أن المؤتمر الشعبي العام وقياداته في الداخل لا ينظر إليهم الحوثي إلا كعبيد يقدمون خدمات مجانية لتعزيز حكمه في ميدان السياسة.
الواقعية تفرض أن التعاطي مع هذه الجماعة لا بد أن ينطلق من يقين راسخ بأن عقيدتها كفر وانحراف عن منهج الإسلام، وأن مواجهتها يجب أن تكون شاملة: عقائدية، فكرية، سياسية، عسكرية، ثقافية واجتماعية. ومن دون هذا اليقين، لن يكون النصر إلا بعيدًا.
وفي سياق المواجهة الحاسمة مع هذه الجماعة، يظل دور المؤتمر الشعبي العام محوريًا، لكن على قيادته أن تدرك أنهم في معركة وجودية، وأن استمرارهم في الخداع أو الوهم لن يقودهم إلا إلى ذات المصير الذي انتهى إليه الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح.
لا مكان لحياة كريمة في ظل سطوة الحوثيين، حتى ولو قبل البعض أن يعيشوا عبيدًا في خدمتها، فالعبيد عبيد، لا كرامة لهم ولا قرار لمصيرهم.
- • مقارنة تاريخية: خيانة الحلفاء ونهاية العملاء
التاريخ مليء بالدروس والعِبَر التي تكشف مصير كل من تحالف مع قوى الخراب ضد أوطانهم. ففي أوروبا مثلاً، خلال الحرب العالمية الثانية، سقط حلفاء النازيين في فرنسا وإيطاليا والبلقان سقوطًا مذلاً، إذ لم يتعامل معهم التاريخ إلا كخونةٍ باعوا شرفهم لوهم القوة. كثير منهم أُعدم علنًا، وآخرون عاشوا منبوذين لا يذكرهم التاريخ إلا بسواد الخيانة.
وفي عالمنا العربي، حين ارتمى بعض العملاء في أحضان الاستعمار البريطاني والفرنسي، ظنوا أنهم شركاء في السلطة والقرار، لكن ما إن انتهت مصالح المستعمر حتى لفظهم كما يُلفظ الأدوات البالية، بل سلّمهم لأقدارهم، بين قتل ونفي وتهميش.
اليوم، يُعيد الحوثيون إنتاج نفس المشهد مع المؤتمر الشعبي العام وبقية القوى التي تنخدع بدعاوى "الشراكة". ومثلما لفظ النازيون والعملاء الاستعماريون شركاءهم، فإن الحوثي لن يتردد في تصفية كل من ظنّ يومًا أنه حليف أو شريك. فهذه هي سنة التاريخ، و"من لا يعتبر بالتاريخ يعيد مآسيه بأبشع الصور".
لقد آن الأوان أن يُدرك اليمنيون جميعًا أن لا مستقبل لوطنهم في ظل أوهام الشراكة مع جماعة ترى نفسها وصية على الناس باسم الله. إن حتمية المواجهة مع الحوثيين ليست خيارًا سياسيًا، بل قدرًا عقائديا ووطنيًا وأخلاقيًا لحماية الهوية والكرامة والسيادة. وما على المؤتمر الشعبي العام، وسائر القوى الوطنية، إلا أن يختاروا بوعي: إما الانخراط في صف المواجهة بصدق، أو أن ينتهي بهم المطاف في قوائم العبيد الذين لا يُذكر لهم أثر، سوى أنهم كانوا أدوات عابرة في خدمة مشروع الاستعباد والاختلال والخراب الجديد باسم الطائفية والحق الإلهيّ في الحكم .. انه الفكر الشيطاني ان كنتم تعقلون !!
في الخميس 21 أغسطس-آب 2025 05:38:31 م
