الثلاثون من نوفمبر.. هل تحتاج الى قراءة جديدة؟
كاتب صحفي/حسين الصادر
كاتب صحفي/حسين الصادر
 

 ثلاثة وخمسون عام على رحيل المستعمر البريطاني من الجنوب اليمني. 

 

هناك حقائق هامة يجب ادراكها. 

-المستعمر قرر الرحيل منذ اواخر الخمسينات بعد حرب السويس، وبدأ في اعداد خليفه له وهو ما اطلق عليه اتحاد الجنوب العربي والذي يضم المحميات الغربية فقط بينما ظلت حضرموت والمهرة خارج فكرة الحكومة الاتحادية، ولم تلتحق بالوحدة السياسية للدولة الا بعد الاستقلال. 

 

كانت الاشكالية الكبرى بالنسبة للبريطانيين هي الكيفية التي سوف يخرجون بها من الجنوب. 

 

بعد حرب السويس تلاشت آمال البريطانيين في البقاء في الشرق الأوسط، وبدأت حكومة 10داوننغ استريت في التفكير جدياً في مستعمرات ما وراء البحار وبدأ العد التنازلي لغروب شمس بريطانيا العظمى. 

 

لكن مستعمرة عدن كانت تتمتع بأهمية خاصة فقد تم نقل شركة الزيت بي بي من ايران الى عدن بعد ثورة مصدقي وكانت اضخم منشأة في الشرق الأوسط لتكرير النفط، كم تم في الوقت نفسه توسيع القاعدة البحرية البريطانية في بداية الستينات وتم استثمار 19 مليون جنيه استرليني في البنية العسكرية البحرية. 

 

وهناك مؤشرات اخرى عديدة 

كلها تشير الى ان البريطانيين كانوا متمسكين بالبقاء في الجنوب .

 

بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والتواجد العسكري المصري لمساندة الثورة في صنعاء ارتبكت حساب المستعمر. 

 

وجاء الرد البريطاني سريعاً في الا نتشار العسكري على حدود المحميات مثل بيحان ومكيراس وكرش الحدود الشطرية المعروفة. 

 

ونجح البريطانيون بمساعدة الجيش المحلي (جيش الجنوب العربي الذي تم توسيعه واضافة اليه كتائب من الحرس (الاتحادي الثاني) وكذلك مسلحين قبليين من كسب اول معركة ضد ضباط الثورة الشباب في شرق، شمال، اليمن. 

 

اربكت الثورة في الشمال والمساندة العسكرية المصرية حسابات البريطانيين، خاصة وان الكفاح المسلح ضد الوجود البريطاني أمتد جنوباً فيما اصبح يعرف بثورة 14 اكتوبر. 

 

وبدأ البريطانيون في البحث عن خط آمن للخروج من مستعمرة عدن والمحميات الجنوبية. 

 

هناك ثلاثة تيارات يمكن ان تقود استقلال الجنوب. 

 

1- الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل 

2-جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل 

 

3- حكومة اتحاد الجنوب العربي 

 

كانت جبهة التحرير بقيادة الأصنج ومكاوي وباسندوه قريبة من المجنمع العدني المدني. 

 

بينما تغلغلت الجبهة القومية في الريف وحازت على رضى التيارات القبلية. 

 

و اصيبت حكومة الاتحاد بحالة من الانفصام وضعفت سيطرت الشيوخ والامراء على اراضيهم ،وأستطاع الثوار تهريب الأسلحة الى عدن عبر السلطنات. 

 

 

على عجل وفي دهاليز السياسة الدولية أقتضى الأمر رحيل الأنجليز والمصريين في توقيت متزامن .

 

فتش البريطانيون عن سلطة محلية تقود استقلال البلاد، ولا احد يعرف بالضبط لماذا وقع الاختيار على الجبهة القومية لأستلام الاستقلال،، يقول الانجليز انهم لم يجدوا زعامة مقتدرة كما هو الحال في الهند او غانا مثل غاندي او نكروما .

 

لكن الحقيقية التاريخية ان الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل استطاعت اسقاط معظم السلطنات والمشيخات خارج عدن وحصلت على نفوذ واسع في اوساط القبائل. 

 

ساعد جيش الجنوب العربي بكتائبه العشر وشرطة الجنوب العربي وشرطة عدن الحربية مكونات الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل على حسم الصراع خارج العاصمة عدن، اما السلاح الأكثر فعالية فهو سلاح الجو الملكي البريطاني الذي ازاح كل العقبات امام تمدد الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل. 

 

جأ الاستقلال الجنوبي عبر عملية قيصرية وغابت الديمقراطية وحضر السلاح .

 

قادت الجبهة القومية عملية تحول كبرى داخل المجتمع والجغرافيا الجنوبية، غير ان التجربة سرعان ما ترنحت بعد 19 وكأنها نبته صحراوية اصيبت بالعطش وظهر على ازهارها الذبول، فقد عادت أورام التقليد المتعفن بشكله القبيح لينهش التجربة برمتها بشكله البدائي المتخلف. 

.


في الإثنين 30 نوفمبر-تشرين الثاني 2020 05:48:23 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=45217