مع طبيب يمني وكورونا: هذه منافع ومضار نبات الصَّبِر
عبدالفتاح الحكيمي
عبدالفتاح الحكيمي
 

يوجد أِعتقاد طبي خاطئ شائع بين الناس في اليمن والبلاد العربية هو : أن الأعشاب والنباتات إذا لم تفيدك فإنها لن تضرك) وهذه مقولة خاطئة مليون % وتسببت في مخاطر عديدة للكثيرين, فالعشبة التي تفيد أحدهم قد تضر غيره, بما فيها تلك النباتات التي تعتبر غير سامة ونتعاطاها في المطابخ كبهارات او نتداوى بها, لأن الضرر أو السُّمِّية لاتعني الموت أو ظهور الأضرار في الحال مباشرة .. فعشبة القرفة غير سامة بالجرعات المعقولة, لكنها أيضا قد تسبب الإغماء لمريض نقص سكر الدم, بينما لا تضر غير المصابين بذلك, والثوم كذلك قد يضر تناوله المصاب بهبوط الضغط الشرياني والسكر, وبذور الكَمُّون تضر مرضى الكلى أيضا .

 ومع ظاهرة وباء كورونا والحميات المنتشرة في اليمن تزايد الإهتمام الشعبي بالتداوي بالأعشاب والنباتات الطبية بدون ضوابط, وتعددت تجارب الشفاء الشخصية وتداولها .. ومنها اخيراً تجربة إضافة عصارة نبات الصَّبِر إلى مضادات الالتهاب الرئوي في حالات مرض كورونا كوفيد ١٩ الحادة ألتي أشار إليها ألطبيب اليمني الشاب وهاج المقطري الذي يعتبر أكثر زملائه تفاعلا مع وباء كورونا في وسائل التواصل الاجتماعي, عدا أنه من قلائل الاطباء المواكبين لآخر مستجدات الابحاث والدراسات الطبية حول الفيروس وغيره, على عكس ركود ماكنة اهتمامات أغلب الأطباء اليمنيين ولا مبالاتهم بالمواكبة.. فما هي منافع ومضار هذا النبات وطريقة استعماله ..؟

وكباحث في النباتات الطبية (مضارها ومنافعها) قرابة ٢٥ عاما لست مع الدكتور وهاج فيما ذهب إليه دون قصد في توجيه الناس لتعاطي نبات الصبر Aloe Perry المسمى أيضا في اليمن صبَّار طَيْف, عِبْلي, صَقل وغيرها .. وإذا كان لابد من ذلك فبوجود ضوابط للأستعمال والإشراف الطبي لخصوصية مكونات هذه العشبة وتأثيراتها العضوية.

ويذكر داوود الأنطاكي في كتاب التذكرة إن الملك الاسكندر المقدوني استجلب نبات الصبر من جزيرة سقطرى لزراعته في مصر, وأمره مُعَلّمه أن لا يقيم على حراساتها غير اليونان, لأن الناس لا تعرف قيمتها).

صحيح جداً ما ذكره الدكتور المقطري حول خصائص عصارة نبات الصبر وأهميتها للجهاز المناعي, وكمضاد للالتهابات البكتيرية والأورام وغيرها وذلك بنظري لاحتوائها مضاد حيوي نباتي هام هو الالويكتين aloectin B, وكذلك مواد انثراكوينينية anthraquinones منها ألألوين, ألأيمودين, يعود لها التأثير المسهل laxative للنبات وحموض التانيك المطهرة والمضادة للبكتيريا والفيروسات وسكريات متعددة وغيرها.. كما أن دراسات معتبرة أشارت إلى فائدة الصبر(العبلي) في علاج بعض السرطانات والتخفيف من حدة مرض نقص المناعة المكتسبة(الإيدز).

إلا أن تعميم استعمال نبات الصبر عشوائياً لتخفيف مظاهر التهابات الجهاز التنفسي في حالات الإصابة بكورونا دون اشراف طبي له مخاطره, حيث يراعى استعمال عصارة الصبر الطرية أو المجففة كل حالة مرضية على حدة, والتاريخ المرضي والتفاعلات الدوائية والاطِّراح والجرعة اليومية وغيرها.

* فوائد ومضار الصَّبِر*

ومن الأهمية التنبيه إلى أبرز الملاحظات الضرورية لتجنب بعض الإضرار الناجمة عن الاستعمال لتقنين ذلك وأهمها:

 قد يتسبب الصَّبِر للبعض بحساسية, ولذلك يتم تجربته قبل تناوله بوضع نقطتين من العصارة أو المسحوق المجفف خلف الأذن أو باطن الإبط للتأكد من ظهور آثار حكة أو احمرار.

 إن الصبر بطبيعته ملين معتدل, ويمكن أن يتحول إلى مسهل عنيف بجرعات كبيرة تفقد سوائل جسم المريض.

 والصبر خافض لسكر الدم, يراعى عند استعماله مستوى الجلوكوز عند المرضى.

 تبقى آثار عصارته ٧ أيام في طبقات المعدة والدم للجرعة الواحدة, ويتسبب تناول النبات العشوائي بجرعات زائدة بتراكمية مؤثرة على أعضاء وأنسجة الجسم.

 الجرعة للكبار: لا تزيد عن 2 إلى ٤ جرامات كمسهل معتدل وملين, أو ما يعادل حبة فول نيئة دفعة واحدة, أو مقسمة بحسب خصوصية كل مريض للحالات الأخرى .. ويتم اذابة العصارة المجففة بالماء جيداً لتسهيل امتصاصها.. وتناولها بعد الوجبات أو وسطها.. ويفضل ذلك ليلا قبل النوم.

 لا يعطى الصبر مع عقاقير خافضات سكر الدم .. رغم أنه علاج اسعافي جيد في حالات ارتفاع نسبة السكر الحادة ولبضعة جرعات متقطعة فقط.

 لا يُعطى الصبر مع أدوية الضخامة القلبية والقصور القلبي المزمن والاسخيميا وغيرها, على الرغم أنه يفيد في تقليل الاحتقان والاحتشاء بجرعات لا تتجاوز ١جرام على الأكثر ليس بالتزامن not associated مع الأدوية القلبية.

 يمتنع مرضى الفشل والضمور الكلوي والالتهاب الكبيبي عن تناول الصبر في كل الاحوال.

** يتسبب الصبر بأِجهاد كلوي في كل الأحوال ويتم تعاطيه بالجرعات المذكورة مرة كل يومين فقط( يوم ويوم لا) ولمدة لا تتجاوز أسبوعين على الأكثر, ويراعي الطبيب تقنين الجرعات المناسبة لمرضى القلب والسكر والكلى والكبد, فيستعمل للضرورة فقط لهذه الحالات.

 يتسبب إستعمال نبات الصبر الطويل أو العشوائي بسرطان المستقيم.

 لا يعطى الصبر لمرضى البواسير من الداخل, بل من الخارج فقط كمرهم أو مسحوق مع الفاسلين أو الزبدة(تحميلة).

 لا يعطى الصبر مع المضادات الحيوية التقليدية التي يستعمل بعض الأطباء بعضها(خطأ) لعلاج الالتهاب الرئوي في حالات مرض كورونا كوفيد ١٩ المستجد خصوصا لمرضى القلب والشرايين,مثل الاستريبتومايسين, جنتاميسين, فالمرض فيروسي وليس بكتيريا, وتنشأ البكتيريا بالتزامن جراء تلف الشعيرات وموت خلايا الدم, أو قبل ذلك في أمراض السل الرئوي والنامونيا(ذات الجنب) وغيرها.

 ومادام الدكتور وهاج المقطري قد لاحظ أكلينيكياً تحسن بعض الحالات التي تناولت الصبر فانني كذلك لا أنصح بتعاطي الصبر مع الهيدروكسي كلوريكوين hydroxichloriquin بأي حال من الأحوال لتسبب تعاطيهما المتزامن وغير المتزامن بمتاعب كلوية خصوصا مع حاجة مريض كورونا في المرحلة المتأخرة وقبلها أيضا إلى إمداد دموي سَلِس وتعويض نقص الحديد وقلة الاوكسيجين .. فوظيفة الكلى هنا حيوية ٢٥% في ذلك وحفاظا على الجهد الكبيبي أيضاً , وربما احتاج المريض قبل تعاطي الصبر إلى تحليل نسبة الكرياتينين وكفاءة الكبيبات .. ويفضل استعمال عصارة نبات الصبر أو مسحوقها المجفف بعد تعاطي المريض كورس الملاريا وكورونا بأيام بإشراف طبي وليس عشوائياً.

* تجارب مباشرة *

لاحظت من خلال ١٥ حالة قادمة من الارياف تعاطت عصارة الصبر (العبلي, السقل, الطيف) شبه يوميا وبكميات عالية لمدة شهر مظاهر أعراض آلام في الجنب الأيمن أو الأيسر للكلى .. لاشخاص بين عمر ٢٥-٤٠ عاما وكذلك ميل لون البشرة إلى الصفرة, بينما من يتعاطون عصارة الصبر أو مسحوق ومهروس الصمغة المجففة كمسهل أسبوعي لمدة ٦ أشهر أو كعلاج متقطع لارتفاع سكر الدم بجرعات معقولة إلى ٢ جرام كل يومين لا تظهر عليهم آلام جنب كلوية مشابهة إلا الناجمة عن مرض السكري نفسه.

وتتجاوز أهمية عصارة النبات أو مسحوق صمغ الصبر المجفف كمضاد حيوي فعال سريع ومضمون المفعول إلى علاج الغرغرينا( تآكل القدم السكري) الناجم عن مرض السكري المستعصي , وتسرع كذلك بشفاء جروح مرضى السكر بطيئة الشفاء بالمضادات الحيوية الصيدلانية.. حيث يطلى بعصارة الصبر الطري كمرهم أو مسحوق الصمغ ذروراً على موضع الإصابة, ويلف بشاش نظيف أو حتى بدونه مرة واحدة كل يومين.  

هذه فقط بعض التنبيهات المهمة حول تعاطي نبات الصبر عشوائيا في علاج مرض كورونا وغيره من الأمراض, حتى لا يقع الناس في المحاذير الخطيرة نفسها التي أدت إليها الأخطاء الطبية القاتلة بعد تعميم وصفة(بروتوكول) الهيدروكسي كلوريكوين على كل الحالات المرضية دون معايير مما تسبب بوفيات للعديد من مرضى القلب وضغط الدم الشرياني وغيرها ومن المصابين حتى بالملاريا والمكرفس( الشيكونغونيا) كما حدث في بعض مستشفيات عدن مؤخراً أو في الخارج.

وأشيد هنا بشكل خاص بالدكتور الشاب وهاج المقطري الذي أفادت نصائحه العلمية المتواصلة كثيرا في التوعية الشعبية بمخاطر كورونا وجائحة الحميات .. وقد تدارك في أحد منشوراته الطبية قبل يومين بالتنبيه غير المباشر إلى مخاطر استعمال عقار علاج الملاريا المذكور من المصابين بأمراض القلب لعلاج كورونا, وذلك عند اشارته إلى أنه كطبيب استشاري عناية مركزة وطوارىء يتناول جرعة وقائية صغيرة أسبوعية من هيدروكسي كلوريكوين لعدم إصابته بمرض القلب والشرايين .. وأرجو أن يتوسع في الموضوع لتناول مخاطر هذا العقار وبعض المضادات الحيوية أيضا على مرضى القلب والسكر وضغط الدم الشرياني والكلى والكبد, وكذلك محاذير تناول الأدوية العشوائي من الاصحاء غير المصابين بهذه الامراض وبدون وصفة طبية وأين تقف حدود العلاج الذاتي للمصابين Self therapy.

كل التوفيق للجيش الأبيض من الأطباء و المساعدين والممرضين والفنيين اليمنيين وغيرهم, وكل من يضحي في مواجهة الأوبئة في اليمن .. الرحمة والمغفرة لمن لقي ربه منهم والشفاء للمصابين

وفق الله الجميع لمرضاته..

بيده الخير .. إنه على كل شيء قدير


في الأحد 31 مايو 2020 06:28:34 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=44960